كيف تدفع العوامل الخارجية مليشيات الحوثي إلى جبهات الحرب مرة أخرى؟ (تقرير خاص)

 منذ انتهاء الهدنة الأممية بين الحكومة المدعومة من التحالف والحوثي المدعوم من إيران في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لم تشهد الجبهات معارك ضارية، على غرار المعارك التي خاضها الطرفان قبل أول هدنة في الثاني من أبريل الماضي، لكن ذلك لا يعني بأي حال أن خطر اندلاع معارك واسعة قد تلاشى.
 
ومع أن مليشيات الحوثي الإيرانية هي التي رفضت تمديد الهدنة في آخر أيام مفاوضات التمديد مطلع الشهر الجاري، وفق مسؤولين في الأمم المتحدة والولايات المتحدة بسبب طلباتها المتكررة والمتطرفة حد وصف أولئك المسؤولين إلا أنها لم تشن أي هجمات في جبهات الداخل اليمني أو الجبهات العابرة للحدود، لكن مسؤوليها هددوا عدة مرات بهجمات كبيرة جوا وبرا وبحرا على السعودية والإمارات.
 
وفي الداخل اليمني فشل الهجوم الحوثي على الضباب غربي مدينة تعز نهاية أغسطس الماضي، إلا أنه مؤشر بالنسبة للكثيرين على أن يكون مسرحا لمعركة مقبلة إن فشلت جهود التهدئة، بالإضافة إلى جبهات مأرب والجوف، وجبهة يافع في لحج وحرض في حجة والتي تتخللها الاشتباكات منذ أيام.
 
هل يستفيد الحوثي من الهدنة؟
 
تنحصر معظم المواقف عن أهمية الهدنة التي امتدت ستة أشهر الفوائد الإنسانية التي ترتبت على المدنيين خاصة في مناطق سيطرة الحوثي مثل رحلات مطار صنعاء، وشحنات الوقود التي تدفقت إلى موانئ الحديدة، وانخفاض نسبة القتلى بين المدنيين في الفترة الماضية بنسبة 60% مقارنة بما قبلها.
 
ونظرا لطبيعة الحوثي الدينية والمذهبية والوظيفية فإنه لا يعد هذه الأشياء أمورا مهمة تمنحه الشرعية، ولذلك رفض إنهاء الحصار الذي تفرضه مليشياته على مدينة تعز منذ 8 سنوات، رغم أن هذه القضية تشكل أولوية إنسانية تلامس حياة أكثر من 4 مليون نسمة.  
 
وبينما تؤيد الحكومة أولويات الحلول السلمية منذ ما قبل سقوط الجمهورية وصنعاء 2014 فإن موقفها لم يتغير بل ترسخ تماما ببيان تشكيل مجلس الرئاسة بعد الهدنة الأولى بأسبوع واحد في السابع من أبريل/ نيسان الماضي الذي نص على أن مهمة مجلس الرئاسة التفاوض مع الحوثيين.
 
ومنذ البدء لم يكن قرار الحرب مرتبطا بتوجه الحكومة بل بالحوثيين الذين اتهمهم مسؤولو الحكومة وسفراء الدول الكبرى والخليج ومجلس الأمن والأمم المتحدة بإفشال تمديد الهدنة.
 
ويرى المحلل السياسي عبد الهادي العزعزي، أن هناك عوامل عدة وراء رفض مليشيات الحوثي تمديد الهدنة، أهمها "أنها جماعة دينية تقليدية تمارس السياسة بالعنف، وأن السلام مقلق لها أكثر من أي حرب".

ويشير في حديث لـ"يمن شباب نت"، إلى تحديات كثيرة تواجهها مليشيات الحوثي، في حال استمرار الهدنة وقتا طويلا تشمل انقسامات حادة في أوساطها، وصراعات مع الشعب في ظل تصاعد السخط والرفض لممارستها مع ارتفاع الأصوات المطالبة بالحقوق كالرواتب وغيرها.
 
ويؤكد العزعزي أيضا أن "مليشيات الحوثي لا تستطيع التبشير بفكرها (الطائفي السلالي) ونشره في حالة السلم والوضع الطبيعي، لضعف تلك الأفكار وعدم وجود بيئة لها مع حالة الوعي الجمعي، مقارنة بالأفكار المناهضة لها".
 
ويشير محمد العلائي الكاتب الصحفي في صنعاء إلى موقف الطرفين من تمديد الهدنة بالقول :"طرف مستعد لقبول الهدنة دون شروط وبلا ثمن، لأنه إذا لم يكسب من الهدنة فلن يخسر الكثير منها"، في إشارة إلى الحكومة.
 
وأضاف العلائي -في منشور على صفحته بالفيسبوك- :"طرف آخر تبدو الهدنة المجانية بالنسبة له مقلقة وجودياً مثلها مثل الحرب" أي الحوثي. ويفسر هذا الموقف بأسباب كثيرة "منها أنه أقحم نفسه منذ البداية في وعود وتوقعات مرتفعة وشعارات أكبر من خبرته وأكبر من خبرة الزمان والمكان". ويختم قائلا: "بين الواقع والتوقُّع مسافات فاضحة!".
 
الموقف الأمريكي والإيراني
 
بينما يربط معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تحليل له عن "الاضطرابات الإيرانية"؛ رفض الحوثي تمديد الهدنة في اليمن مرة أخرى إلى إيران ويقول:"من غير الواضح ما إذا كانت طهران تعتقد فعلاً أن الحكومات الأجنبية تقف وراء الاحتجاجات أم أنها تستخدم فقط مثل هذا الخطاب لتحويل الأنظار عن الاضطرابات التي تشهدها".

ويشير إلى أن المحاولة الإيرانية لن تقتصر على مهاجمة الأكراد الإيرانيين في شمالي العراق، بل سيشمل الهجوم على دول الخليج خاصة السعودية والإمارات.
 
ويقول معد التقرير في المعهد فريز نعيمي في هذا السياق : "وربما ليس من قبيل الصدفة أن يكون شركاء إيران من ميليشيات الحوثي في اليمن قد أعلنوا في 2 تشرين الأول/أكتوبر أنهم لن يجددوا الهدنة مع التحالف بقيادة السعودية".
 
وبعد أن حذروا شركات النفط والشحن الأجنبية لمغادرة المنطقة، هددوا باستئناف الهجمات على المطارات والمرافئ ومنشآت الطاقة. وكما حدث في الماضي، فإن احتمال شن ضربات مماثلة يمنح طهران فرصة كبيرة إما لشن ضربات من داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو إنكار تنفيذها بشكل معقول إذا شنتها من داخل إيران أو أي منطقة أخرى"، لكنه يضيف أن تلك الهجمات إذا حدثت ستكون مصممة للاستعراض بغض النظر عن مصدرها.
 
ويعتقد الباحث العراقي فراس الياس في تقرير له عن المعضلة الإيرانية في العراق إلى أن طهران قد تلجأ أيضاً إلى الفوضى السياسية في العراق في مواجهة الولايات المتحدة، بما يؤدي إلى وقف التدفق النفطي قبيل الانتخابات النصفية الأمريكية.
 
ومن جهة أخرى قررت منظمة أوبك بلس الأربعاء الماضي خفض الإنتاج النفطي مليوني برميل يوميا ابتداء من نوفمبر المقبل في أكبر خفض منذ جائحة كورونا، الأمر الذي اعتبره مسؤولو إدارة بايدن الأمريكية عملا عدائيا ضد الولايات المتحدة، وخاصة ضد الإدارة الديمقراطية.
 
وللرد على هذا القرار دعا بيرني سانديرس زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي إلى معاقبة السعودية بسحب القوات الأمريكية منها بما فيها أنظمة الباتريوت، ومن الإمارات أيضا، وذهب أكثر من ذلك بالقول إن على السعودية أن تلجأ إلى روسيا لحماية نظامها من السقوط، لكن وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن قال إن العلاقة بين واشنطن والرياض تشمل ملفات أهمها العلاقات الثنائية مع إسرائيل واليمن والهدنة في اليمن.
 
إذن ترتبط محفزات العمل العسكري الحوثي مجددا بعوامل خارجية أكثر منها داخلية، بالنسبة لإيران فالتظاهرات هناك تستهدف إنهاء النظام الإيراني وولاية الفقيه، وكذلك ملفها النووي الإيراني يحتاج إلى توظيف أوراق الوقود في مواجهة واشنطن، بينما استنفر المسؤولون الأمريكيون من الحزبين ومن الديمقراطيين خصوصا بعد قرار أوبك بلس على خفض الإنتاج النفطي ضد السعودية، وخاصة في الجانب الأمني.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر