احتجاجات وإضرابات تكسر سطوة القمع.. هل انْفَرَط عِقْد الخوف من الحوثيين في صنعاء؟

[ تتحرك الاحتجاجات ضد الحوثيين لتكسر حاجز الممنوع في سلطتهم القمعية ]

خلال الأشهر الماضية توسعت دائرة الرفض العلني ضد ميليشيا الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء وبعض المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرتهم، ودخلت مرحلة جديدة في كسر حاجز الصمت والاحتجاج والذي هو محظور في سلطة الأمر الواقع منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
 

وعلى مدى ثمان سنوات فرضت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران قيودا وإجراءات مشددة في كافة المناطق الخاضعة لسيطرتها، إذ كانت التظاهرات والاعتصامات والإضرابات من المحظورات، لكن حالة الغضب دفعت المواطنين مؤخراً إلى كسر المحظور والتظاهر ضد عصابات الحوثي الإرهابية لأول مرة منذ سنوات.
 

وبدا لافتاً أن الغضب الكامن ضد ميلشيات الحوثي بدأ يتفجر تدريجاً في توسع رقعة المحتجين على سلوك الاقصاء والفساد في المؤسسات الحكومية التي يديرها تابعون للميلشيات، لكن ومع الهدنة يحاول الحوثيين فرز الموالين لهم بشكل أوسع وإحلال بدلاً عنهم في تلك المؤسسات.
 

مع تفاقم الأوضاع المعيشية، ومواصلة ميليشيا الحوثي الإرهابية حربها على اليمنيين، واستمرار فرض الجبايات على المواطنين، وارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين في مناطق سيطرتها ينذر غضب  الشارع بثورة عارمة تتفجر في مؤسسات الجماعة ومناطق سطوتها، حيث تفاقمت حالة الانقسامات في صفوف قيادة الجماعة نفسها والموالين لها.
 


شعارات مناهضة

كانت بداية تلك الإحتجاجات في مارس /آذار من العام الجاري تفاجأت سلطات ميليشيا الحوثي الإرهابية في العاصمة صنعاء بانتشار عشرات الشعارات المناهضة لها في معظم جدران الأحياء والشوارع  الرئيسة أول تحد للهيمنة الحوثية وكسر قبضتها المفروضة على المدينة، وتصاعدت أكثر بإعلان القضاة الإضراب خلال الاسابيع الماضية على مقتل احد زملائهم على يد عصابة في صنعاء. 
 

" ارحل ياحوثي"، "الشعب اليمني ليس ملكا لإيران" تلك هي بعض الشعارات المناهضة للميليشيات الحوثية التي امتلأت بها جدران العاصمة صنعاء، عقب أزمة خانقة في المشتقات النفطية وموجة غلاء غير مسبوقة، وظروف معيشية قاسية، الأمر الذي أربك سلطات الحوثيين، وجعلتهم يشنون العديد من الحملات الأمنية المكثفة والقيام باختطاف الأبرياء من الشوراع وسط مخاوف من خروج ثورة شعبية عارمة. 
 

وعلى إثر ذلك كشفت ميليشيا الحوثي عن اختلالات في الجبهة الداخلية لأول مرة بعد سنوات من التغني بتماسك جبهتهم الداخلية، واستغلت الهدنة لاعادة نشر ميلشياتها في بعض المدن الرئيسة لمواجهة ما يسمونه الفتن واختلالات الجبهة الداخلية. 
 

ويطلق الحوثيين تهم العمالة على أي احتجاجات تطالب بحقوق مشروعة، ووفق خطاب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في 22 يونيو الماضي، على حالة من الاحتقان في الشارع نتيجة تردي الأوضاع المعيشية مع ارتفاع الأسعار، وقضايا الفساد للمسؤولين، إنه "ليست هناك أي أولوية تماثل أولوية التصدي للعدوان إذا أراد البعض جعل أي إشكال أو تقصير أولوية للتحريض وإثارة الفتنة في صنعاء فهو إما بوق للعدوان أو مغفل لا يملك الوعي تجاه الأولويات". 
 

كسر الحظر واحتجاج علني

في العاشر من يوليو/ تموز الماضي أقدم العشرات من سكان مدينة الحمدي السكنية بحي سعوان في العاصمة صنعاء على هدم أسواراً بناها القيادي الحوثي عبدالمجيد الحوثي للسيطرة عليها تحت مسمى أراضي الأوقاف، وذلك مادفع الأهالي لهدمها تعبيرا عن غضبهم والدفاع عن ممتلكاتهم من سطو الميليشيا.  
 


 

وفي منتصف مايو الماضي جلب القيادي الحوثي أكثر من خمسين عامل برفقة عناصر مسلحة، واطقم ومدرعات عسكرية وشرعوا في تشييد أسوار في المساحات الفارغة ومواقف السيارات في المدينة تمهيداً لمصادرتها تحت تهديد السلاح ومنعت الأهالي والسكان في الحي من الاقتراب منها عقب محاولة السكان عرقلة عناصر الميليشيات في السيطرة عليها لكن صمت الأهالي لم يدم طويلاً حتى قاموا بهدمها تحت جنح الظلام. 
 

وفي تحدى اخر للهيمنة الحوثية وكسر قبضتها أقدم تُجار وموردي البيض، وملاك مزارع الدواجن، اوائل سبتمبر الجاري على حرق كميات كبيرة من البيض، أمام مبنى وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء، الذي تديره مليشيا الحوثي، احتجاجاً على منعهم توريد البيض للمناطق المحررة.
 

ونظم العشرات، من مزارعي الدواجن، وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة التجارة والصناعة الحوثية في صنعاء للتنديد بسياسة فرض القيود على عملية البيع والتوزيع المحلي بين المحافظات اليمنية معتبرين بأن ذلك عرضهم  لخسائر فادحة وهو ما حفزهم للخروج رفضاً لجور الميليشيات ضدهم. 
 

وفي مطلع سبتمبر الجاري نظم العشرات من سائقي مركبات النقل وقفة احتجاجية في منطقة سعوان وسط العاصمة صنعاء رفضاً للاتاوات المفروضة عليهم من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية. 
 

وقالت مصادر مطلعة  لـ "يمن شباب نت" إن، :"الوقفة الاحتجاجية أتت عقب فرض ميليشيا الحوثي جبايات واتاوات غير قانونية على سائقي مركبات نقل المواد المستخدمة في البناء إذ أجبرتهم على دفع مبلغ 20 ألف ريال يمني لكل مركبة ، أي ما يعادل نحو 40 دولار أمريكي". 
 

وأوضحت المصادر بأن :"الوقفة تعرضت للاعتداء والتفريق من قبل اطقم عسكرية تابعة للمليشيات الحوثية، مشيرة إلى اختطاف العديد من سائقي مركبات النقل واقتيادهم إلى جهة مجهولة ولا يعرف حتى اللحظة مكان اختطافهم".
 


إضراب القضاة

وفي 3 سبتمبر/ أيلول الجاري، أعلن القضاة إضرابهم عن العمل في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين احتجاجاً على مقتل القاضي محمد حمران عضو المحكمة العليا، والمطالبة بتغيير مجلس القضاء الأعلى الذي يديره القيادي بالجماعة محمد على الحوثي، منذ نحو عامين ضمن هيئة حوثية جديدة بإسم "المنظومة العدلية".
 

وجاء اضراب القضاء الذي استمر اسبوعين، عقب اختطاف وقتل القاضي حمران في وسط صنعاء بعد حملة تحريض اعلامية واسعة لميلشيات الحوثي ضد القضاة، وتصدرت تلك الحملة قناة الهوية والتي يطالب القضاة اغلاقها لدورها التحريضي في الاعتداءات على القضاة. 
 

وعقب الاعلان عن الاضراب توقفت المحاكم والنيابات عن العمل في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، وامتنع القضاة عن الحضور إلى مقار أعمالهم، مما تسبّب بشلل في المحاكم، على الرغم من تهديدات مجلس القضاء الأعلى ودعوته الالتزام بالعمل، لكن الاضراب استمر لنحو أسبوعين دون الخضوع للتهديدات والابتزاز، وهذا يعد انجاز نتيجة للقمع المفروض من قبل الميلشيات.
 

وشكل إضراب القضاة خطرا كبيراً على الميليشيات الحوثية مماجعلهم يفاوضونهم لتحقيق مطالبهم من أجل العودة إلى اعمالهم، ورغم تهديدهم بإحلال بدلاء عن القضاة لكن ذلك ليس سهلا ويفشل خطتهم في الاحلال التدريجي، وأدى مطالبة القضاة بصرف رواتبهم لدفع قطاعات أخرى للمطالبة بصرف رواتبهم خصوصاً وأن غالبية القطاعات تعمل بلا رواتب منذ ست سنوات.
 

 ويشكو اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين من تعرضهم للبطش وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة الأساسية واستمرار الأزمات المتتالية في المشتقات النفطية ولدت حالة من الغضب عند الكثير من المواطنين بالتزامن تصاعد الخلافات الداخلية في صفوف قيادات الميليشيا واتساع دائرة الرفض الشعبي. 
 

ويرى مراقبون أن تشكل كتل احتجاجية عشوائية، هي تلقائية ولا علاقة لها بالحرب أو التدخل الخارجي في البلاد، بل نتيجة لتراكم القهر لدى الناس والحاجة في الوقت الذين يرون حالات الثراء تزداد لدى قيادات ميلشيات الحوثي، وهم يحرمون من أبسط مقومات الحياة، في ظل حالة بشعة من القمع ومنع معارضة أو احتجاج.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر