ضغوط سعودية تلزم "العليمي" السماح بدخول سفن النفط الحوثية بدون تراخيص حكومية

[ رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي يستقبل الأمير خالد بن سلمان- نائب وزير الدفاع السعودي في الرياض ]

 كشف مصدر حكومي لـ "يمن شباب نت" أن ضغوطا سعودية عليا نجحت مؤخرا في اقناع رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي للموافقة على مطالب مليشيات الحوثي بدخول سفن مشتقات نفطية عبر ميناء الحديدة بدون الالتزام بالآلية الحكومية التي تفرض عليهم أخذ تصاريح مسبقة من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
 
 وفرضت الحكومة اليمنية، منذ العام 2019 آليات وإجراءات قانونية صارمة لضبط وتنظيم عملية دخول سفن المشتقات النفطية في كافة موانئ البلاد، بما في ذلك موانئ الحديدة الثلاثة التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي. ويوم الخميس فاجأت الحكومة الجميع بإعلان موافقتها بصورة "استثنائية" على ما قالت إنه "طلب الأمم المتحدة، السماح بدخول عدد من سفن الوقود ‘لى موانئ الحديدة" دون التزام بتلك الآلية الحكومية.
 
ونفى المصدر الحكومي، الذي تحدث لـ "يمن شباب نت" شريطة السرية، أن يكون للأمم المتحدة علاقة بمثل هذا الطلب، بل أكد أن تلك الموافقة الرئاسية والحكومية الأخيرة جاءت نتيجة ضغوط سعودية عليا.
 

الحوثي وراء الأزمة

  وأفاد مسؤول في وزارة النقل اليمنية، لـ "يمن شباب نت"، أن عملية استيراد وإدخال الوقود إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تتم وفق آلية حكومية يمنية أممية مشتركة تحت اسم "آلية التحقق والتفتيش الأممية" (UNVIM)، ومقرها في جيبوتي، والتي أنشأتها الأمم المتحدة بموجب طلب من الحكومة الشرعية اليمنية عام 2015 ويشارك فيها مندوبون من وزارة النقل اليمنية لضمان الامتثال لقرار مجلس الأمن رقم 2216، بالإضافة إلى "آلية حكومية يمنية سارية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019، ويحصل مستوردو النفط بموجبها على تصاريح سيادية من الحكومة الشرعية اليمنية".  
 
وأتهم مصدر أممي، تحدث في تصريحات خاصة لـ "يمن شباب نت" تحت شرط السرية أيضا، الحوثيين بالوقوف خلف أزمة المشتقات النفطية التي شهدتها المناطق الواقعة تحت سيطرتهم خلال الأيام الماضية. وأوضح أن قيادة الحوثي أقامت حظراً على دخول سفن الوقود القادمة إلى موانئ الحديدة غرب البلاد، من خلال إصرارها على تجاوز الآلية المعمول بها منذ ديسمبر 2019.
 
وكشف المصدر الأممي، أن حظر الحوثيون دخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، بدأ في 11 أغسطس/آب الماضي، حين قرروا بشكل مفاجئ اجبار الشركات والتجار المستوردين للمشتقات النفطية على مخالفة القوانين واللوائح الصادرة عن الحكومة المعترف بها دولياً. في إشارة إلى الألية الحكومية المتبعة والمعمول بها لاستيراد الوقود عبر جميع الموانئ اليمنية، بما فيها موانئ الحديدة الثلاثة (رأس عيسى، والصليف، وميناء الحديدة)، الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
 
وبحسب المصدر، فقد أدى ذلك إلى تكدس سفن المشتقات النفطية في البحر، والتي بلغت 13 سفينة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ونتج عن ذلك أزمة وقود جديدة، أعادت طوابير انتظار المركبات أمام المحطات في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم..
 
وقد بدأ الحوثيون بهذا الحظر المتعمد، بالتزامن مع إبلاغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن "هانس غروندبرغ"، مجلس الأمن الدولي، في إحاطته المقدمة للمجلس منتصف أغسطس/ آب الماضي، بسلاسة تدفق الوقود عبر موانئ الحديدة منذ بداية الهدنة المعلنة مطلع أبريل/ نيسان الماضي، والتي جرى تمديدها وساهمت في حل أزمة الوقود إلى حد كبير في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين؛ لكن الأزمة عادت منذ أسبوعين بفعل الحظر الذي اتخذته جماعة الحوثي على دخول سفن الوقود.
 

استجابة سعودية سريعة للابتزاز
 
  وبحسب المصدر الحكومي الخاص، الذي تحدث لـ "يمن شباب نت"، أوقفت ميليشيات الحوثي دخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، منذ منتصف شهر أغسطس الماضي، للضغط على الأمم المتحدة والتحالف من أجل تلبية مطالبها بإدخال سفن المشتقات النفطية دون تصاريح من الحكومة الشرعية، الأمر الذي تسبب بخلق أزمة في المشتقات النفطية في مناطق الميليشيات، مؤخرا.
 
وادعت الميليشيات في بيانات وتصريحات منسقة، ومتزامنة، لرئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" الحوثي مهدي المشاط، وشركة النفط التابعة للجماعة؛ أن التحالف العربي هو من يقف خلف أزمة الوقود التي شهدتها المناطق الواقعة تحت سيطرتهم خلال الأسبوعين الماضيين، متهمة إياه باحتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها إلى موانئ الحديدة.
 
وقال المصدر الحكومي إن ميليشيات الحوثي اختلقت تلك الأزمة، مستغلة رغبة المجتمع الدولي والتحالف العربي في استمرار الهدنة، بهدف الضغط على مبعوث الأمم المتحدة للضغط على دول التحالف العربي من أجل تنفيذ مطالبها تلك، والتي كانت طرحتها في وقت سابق على التحالف العربي والحكومة الشرعية، واشترطت تنفيذها والاستجابة لها في إطار الهدنة الأممية القائمة، بما في ذلك إلغاء العمل بالتصاريح الحكومية للسماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرتها.  
 
وأكد المصدر الحكومي أن الحكومة الشرعية تمسكت بموقفها الرافض طوال الأسابيع الماضية، وأبلغت المبعوث الأممي إلى اليمن رفضها القاطع لتجاوز الآلية المعمول بها منذ 2019 لاستيراد المشتقات النفطية، والتي ظلت نافذة خلال فترة الهدنة المعلنة منذ مطلع أبريل/ نيسان الماضي.
 
وقال إن الرئيس رشاد العليمي نفسه، أبلغ المبعوث الأممي وسفراء الاتحاد الأوروبي رفض الحكومة الشرعية للابتزاز الحوثي ومحاولات تجاوز الآلية المعمول بها باعتبارها حقا سياديا للدولة اليمنية الشرعية، ولا يمكن التنازل عنه بأي حال. ونوه المصدر إلى أن الحكومة دعت المجتمع الدولي، بدلا من ذلك، إلى ممارسة ضغوط جادة لإجبار الميليشيات الحوثية على رفع الحظر الذي فرضته بنفسها على دخول سفن الوقود عبر موانئ الحديدة.
 
وقبل أسبوع من الآن، أطلق رئيس مجلس الانقلاب الحوثي، المدعو مهدي المشاط، تهديداً لدول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي توعدها باتخاذ ردا مناسبا إذا لم تستجب لمطالبهم والسماح بدخول سفن الوقود وفق شروطهم هم، وليس بموجب شروط التحالف والحكومة.
 
وبحسب المعلومات، التي حصل عليها "يمن شباب نت"، فأن الضغوطات السعودية التي مورست على الرئيس رشاد العليمي وحكومته، جاءت عن طريق نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، ورئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان، الأمر الذي دفع العليمي للموافقة على التنازل عن حق سيادي للحكومة اليمنية، والسماح للمتمردين الحوثيين وشركاتهم النفطية باستيراد سفن الوقود وإدخالها بدون الحاجة لأخذ تصاريح حكومية.
 
وأعرب المصدر الحكومي عن استغرابه من تلك الاستجابة السعودية السريعة للابتزاز الذي مارسه الحوثيون عليها، وذلك بعد أيام قليلة من اتهامهم لقيادة التحالف العربي بالوقوف خلف أزمة الوقود في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، والتهديدات التي أطلقها رئيس مجلسهم الانقلابي مهدي المشاط، إلى جانب تهديدهم المتكرر بعدم الموافقة على تمديد الهدنة السارية، والتي تنتهي بعد قرابة عشرين يوم.
 

تحول فجائي في الموقف الحكومي

  قبلها بأيام، وتحديدا في الرابع من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، أصدرت وزارة الخارجية اليمنية (المعترف بها) بيانا شديد اللهجة، أوضحت فيه أن الميليشيات الحوثية، ومنذ العاشر من شهر أغسطس الماضي "تجبر الشركات وتجار المشتقات النفطية على مخالفة القوانين النافذة، والألية المعمول بها لاستيراد المشتقات النفطية عبر موانئ الحديدة منذ إعلان الهدنة في 2 أبريل 2022، ما يؤدي إلى عرقلة دخول سفن المشتقات النفطية بشكل منتظم وفقا لبنود الهدنة الجارية، وخلق أزمة مصطنعة في الوقود".
 
ولفتت الوزارة، ضمن بيانها، إلى أن هذه الإجراءات الحكومية، التي يطالب الحوثيون بإلغائها اليوم "هي ذاتها التي يجري التعامل بها منذ بداية الهدنة المعلنة في 2 أبريل 2022، وهي نفس الإجراءات تماما التي تطبق في بقية موانئ الجمهورية".
  
وأبلغت الوزارة في بيانها "المبعوث الأممي والدول الراعية للعملية السياسية، بخطورة محاولة المليشيات تجاوز الآلية المعمول بها.."، محذرة من أنها تهدف من وراء ذلك إلى "تسهيل استيراد النفط المهرب، وإدخال المواد المحظورة، وتمكين الشركات الخاصة التابعة للقيادات الحوثية من استيراد الوقود بشكل مباشر، بالإضافة إلى إعادة تشغيل السوق السوداء التي يجني من ورائها الحوثيون أموالا طائلة". كما جاء في البيان.
 
 ولم يكن قد مر أسبوعا كاملا على ذلك الموقف الحكومي المتشدد، والرافض للتنازل عن هذا الحق السيادي، حتى تفاجئ اليمنيون يوم أمس الأول (الخميس) بإصدار الحكومة اليمنية بيانها الجديد، الذي بموجبه أعلنت تراجعها عن موقفها السابق، رضوخا عند الضغوطات السعودية، وفقا لمصدرنا الحكومي..!!
 
وقالت الحكومة الشرعية، في بيانها الجديد المنشور عبر وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إنها "بادرت الى الموافقة الاستثنائية على طلب الأمم المتحدة، السماح بدخول عدد من سفن الوقود الى موانئ الحديدة، على أن يتم استكمال اجراءاتها القانونية في وقت متزامن بموجب الآلية الأممية".
 
   ومع تأكيدها على "التزامها ببنود الهدنة"، وصفت الحكومة موافقتها السماح بدخول سفن الوقود بدون تصاريح حكومية منها، بأنها "خطوة إنسانية إضافية"، محملة الميليشيات الحوثية "مسؤولية أي أزمات جديدة، أو رفع في أسعار المشتقات النفطية".
 

تأييد وترحيب سعودي وغربي

ووسط تلك التأكيدات، التي حصل عليها "يمن شباب نت"، بشأن رضوخ رئيس المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية للضغط السعودي الكبير؛ سارعت وزارة الخارجية السعودية للإعراب عن ترحيبها بالبيان الصادر من الحكومة الشرعية في اليمن بشأن هذه الموافقة الاستثنائية.. وفقا لبيان الخارجية السعودية الصادر أمس الجمعة.
 
 ومع أن بيان الحكومة الشرعية اليمنية لم يحدد المدة الزمنية المشمولة بهذا الاستثناء، أو ما إذا كانت هذه الموافقة مقتصرة فقط على دخول تلك السفن العالقة، والبالغة 13 سفينة، أم أن ذلك يشمل استمرارية دخول سفن أخرى أيضا؟! إلا أن بيان الخارجية السعودية تكفل بتحديد المدة الزمنية "حتى نهاية الهدنة". حيث أشار البيان السعودي بهذا الخصوص إلى تثمين المملكة "قرار الحكومة اليمنية الشرعية بإدخال السفن العالقة بسبب رفض الحوثيين، واستثناءها من الآلية المتبعة لإدخال السفن، حتى نهاية الهدنة"..!!
 
وبررت ذلك بأنه يأتي: "مراعاةً للوضع الإنساني، ولدعم جهود الأمم المتحدة، ومنح فرصة لتحقيق تقدم للمبعوث الأممي إلى اليمن، والتعاطي بإيجابية مع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلٍ سياسيٍ شامل للأزمة اليمنية".
 
وأكدت المملكة حرصها "على دعم إنجاح الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، ورفضها التام استغلال المليشيات الحوثية لحرص المجتمع الدولي والتحالف على السلام، من خلال تعنت المليشيات الحوثية ورفض تنفيذ التزاماتها".
 
واعتبرت الخارجية السعودية أن رفض الحوثيين "آلية دخول سفن المشتقات النفطية لموانئ الحديدة، المعمول بها منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف العودة للحرب وإفشال الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، والهروب من التزاماتها خصوصاً تلك المتعلقة بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها".
 
كما رحبت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بقرار الحكومة اليمنية الأخير، القاضي بتسهيل دخول سفن المشتقات النفطية الى ميناء الحديدة.
 
وأعتبر السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن، في بيان صحافي مساء أمس الجمعة، أن "هذا القرار الهام، يتعاطى مع التأخير الناتج عن منع الحوثيين للموردين من اتباع آلية جيدة تم وضعها بالتنسيق مع الأمم المتحدة والتي قد سهلت الدخول السلس لسفن المشتقات النفطية منذ بداية الهدنة في ابريل الماضي".
 
ومثله أعتبر السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صافا "أن هذه الخطوة المهمة، تأتي في الوقت الذي منع فيه الحوثيون المستوردين من الالتزام بالآلية المعمول بها، التي تٌدار من قبل الأمم المتحدة"، منوهاً إلى أن "تلك الآلية المتبعة تتيح بدخول الناقلات بسلاسة منذ بدء الهدنة في أبريل 2022م".
 
وفي الوقت الذي تشير فيه هذه التصريحات إلى أن المجتمع الدولي يدرك جيدا أن الحوثيين هم من افتعلوا تلك الأزمة، بمنعهم المستوردين من التزام الآلية المعمول بها تحت إدارة وإشراف الأمم المتحدة، فقد تضمنت أيضا إيحاء غير مباشر بإدانة مثل تلك التصرفات.

 
وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ "يمن شباب نت"، إن هذا الإصرار الحوثي، لا يمكن تفسيره سوى أنه يندرج ضمن مساعيهم المتواصلة لإضعاف سلطات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
 
وأضاف: كان يجب على حلفاء اليمن الخليجيين التنبه لهذا الأمر، فكلما ضعفت أدوات الحكومة الشرعية، كلما انعكس ذلك على موقعها في عملية السلام المنتظرة. الأمر الذي قد يعقد من هذه العملية أكثر من اللازم.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر