استعراضات عسكرية وهجمات في تعز.. ما دلالات انتهاك الحوثيين للهدنة والتلويح بالتصعيد؟

عاد التوتر العسكري بين الحكومة المعترف بها دوليًا ومليشيات الحوثي في اليمن من جديد إلى الواجهة بعد مضي نحو خمسة أشهر من الهدوء بفعل سريان هدنة أممية توافق عليها الطرفين.  

برز هذا التوتر في 28 أغسطس/آب الماضي عندما شن الحوثيون هجوما هو الأعنف منذ مطلع العام الجاري على مواقع قوات الجيش الوطني في مدينة تعز جنوبي غرب البلاد.  

الهجوم الذي استمر لقرابة عشر ساعات، استهدف التلال والمرتفعات الجبلية المطلة على الطريق الرئيس الذي يربط بين تعز وعدن، كما أسفر عن مقتل 23 حوثيا و10 من أفراد الجيش، وفق مصادر عسكرية أفادت يمن شباب نت.  

منذ ذلك الحين وحتى السادس من سبتمبر الجاري توالت هجمات الحوثيين على المنطقة ذاتها ومناطق أخرى في تعز مثل "ميلات وجبل هان ومعسكر الدفاع الجوي (غرب) وحيفان (جنوب)"، بحسب المصادر ذاتها.  

وقوبل هجوم الحوثيين بتنديدات أممية ودولية إذ وصفته بـ"الهجوم الدامي" واعتبرته انتهاكًا مباشرًا للهدنة الأممية. وكرد فعل على هذا الهجوم، أعلنت اللجنة العسكرية الحكومية تعليق مشاركتها في المحادثات المنعقدة مع ميليشيات الحوثي برعاية الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان "حتى إشعار آخر".  

وتسري هدنة أممية اتفق عليها الحكومة والحوثيين منذ مطلع أبريل الماضي وتم تمديدها مرتين. وتنتهي الهدنة السارية في الثاني من أكتوبر المقبل. 
 


تعزيزات واستعراضات

وفي مؤشر آخر على بوادر التصعيد وعودة العنف، أرسلت مليشيات الحوثي مزيد من التعزيزات البشرية وعتاد قتالي ولوجستيات إلى مختلف الجبهات "بشكل غير مسبوق"، وفقًا لقوات الجيش الوطني.   

منحت الهدنة الحوثيون مساحة آمنة إذ اتاحت لهم فرصة التحرك وحشد طاقاتهم العسكرية، كما بددت مخاوفهم من تعرض تعزيزاتهم أثناء تنقلها بين المدن والمحافظات للاستهداف من مقاتلات التحالف العربي. واستغل الحوثيون الهدنة أيضًا للقيام ـ مؤخرًاـ بتسيير مروحيات هليكوبتر حربية في محافظتي صنعاء وتعز للمرة الأولى منذ بداية الحرب وتنفيذ استعراضات عسكرية في محافظات عدة خاضعة لسيطرتهم وبحضور قيادات رفيعة بينهم رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لها، مهدي المشاط.  وعُرض خلال تلك الاستعراضات دبابات وصواريخ جوية وبحرية وألغام وطائرات مسيرة وعربات مختلفة.   

وأثار آخر استعراض لمليشيات الحوثي الذي أقيم في الأول من سبتمبر الجاري بمدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر قلق البعثة الأممية الذي اعتبرته خرقا لاتفاق ستوكهولم الموقع في ديسمبر/ كانون أول 2018، ويخل بأهم مبادئه والمتمثل في الحفاظ على المدينة خالية من كافة المظاهر العسكرية.  

واعتبرت الحكومة الشرعية الاستعراض الأخير للحوثيين "تحدي سافر للقوانين الدولية، وتأكيد على استمرار تدفق الأسلحة والخبراء الإيرانيين عبر موانئ الحديدة، واستخدام طهران للحوثيين أداة لتهديد حركة التجارة العالمية وأمن الطاقة والأمن والسلم الإقليمي والدولي".  

وقال وزير الإعلام معمر الإرياني إن: "الاستعراض والتحشيد العسكري الحوثي لأسلحة محرمة دوليا تصعيد خطير يأتي في ظل الهدنة الأممية، وانقلاب مكتمل الأركان على اتفاق السويد بخصوص الوضع في مدينة ومحافظة الحديدة".  

تأتي هذه التطورات على وقع مساع أممية لتوسيع الهدنة تمهيدا لبدء عملية سياسية شاملة لإنهاء النزاع في اليمن، لكن الحوثيون يضعون شروطا مقابل القبول بذلك، من بينها: صرف المرتبات ورفع القيود عن المطارات والموانئ.  
 


أبعاد داخلية وخارجية

يرى الباحث العسكري اليمني علي الذهب، أن الاستعراضات العسكرية للحوثيين في الوقت الراهن تؤخذ في أبعاد كثيرة على المستوى الداخل والخارج.  

ويقول لـ"يمن شباب نت" أن هذه الاستعراضات تأتي في ظل الهدنة التي يحاول الحوثيون أن يحققوا من ورائها مكاسب كثيرة تتعلق بدخول المزيد من شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة. وفتح وجهات جديدة للرحلات الجوية من و إلى اليمن الى جهات غير محددة وقد حقق جزء من ذلك من خلال فتح وجهة جيبوتي.  

ويشير إلى أن هناك رسائل يريد الحوثيون أن يثبتوها للجميع، من بينها "تحميل الحكومة اليمنية أعباء صرف المرتبات لموظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين والتملص من ذلك رغم أن هذا الالتزام كان على عاتق الحوثيين منذ 2018 ضمن اتفاق السويد".  

وكان الاتفاق الذي مضى على توقيعه أكثر من ثلاثة أعوام قضى بإيداع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في فرع البنك المركزي اليمني بالحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء البلاد.  

 كما يريد الحوثيون من خلال تصعيدهم الأخير واستعراضاتهم العسكرية بمختلف أنواع الأسلحة توجيه رسالة للحكومة المعترف بها دوليًا ومن ورائها التحالف بأنه "في وضع قوي وأن خيار الحرب معه، لم تعد الخيار المناسب وأن عليهم الانصياع لعملية السلام التي يحاول أن يضع معالمها هو (الحوثي) في ظل التوجه الحالي لتطوير الهدنة لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار"، حد قوله.  

ويضيف الذهب أن "خيار السلام سيكون مع الحوثيين وفق خيار هم يحددون مساراته واتجاهاته بما يحقق مصالحهم، لأنهم سيفرطون في الحرب التي لا يعيشون إلا عليها".  

وبحسب الباحث العسكري فإنه "في حال أُجبر الحوثيون على الدخول في عملية سلام وهذا ما يريده المجتمع الدولي ويحاول الدفع به في هذا الاتجاه فإنهم يحاولون أن يبتزوا المجتمع الدولي للحصول على مكاسب سياسية يكونون فيها الرابح الأكبر بين مختلف القوى الموجودة في الساحة".  
 


إيران والهدنة في اليمن

بدا لافتا خلال الأشهر الماضية اهتماما لافتا بشكل علني من قبل السلطات الايرانية، حيث تلقى رئيس المجلس السياسي للحوثيين بصنعاء اتصال هاتفي من رئيس إيران رئيسي، ويعد هذا أول اتصال رسمي معلن، في محاولة إيرانية استعراض النفوذ الكبير على جماعة الحوثي، والتي كانت تدعمها بشكل سري بالأسلحة وشحنات النفط خلال السنوات الماضي.  

وعقب فشل المبعوث الاممي الى اليمن بإقناع الحوثيين بتطبيق بنود الهدنة فيما يخص فتح الطرقات في تعز زار طهران الداعمة للحوثيين، حيث تسببت عرقلة الحوثيين بتوقف السير بالمفاوضات قدماً نحو توسيع الهدنة، أعلن هانس غروندبرغ  مبعوث الأمم المتحدة الاثنين 5 سبتمبر، أنه زار إيران والتقى بوزير الخارجية الإيراني وكبار المسؤولين لمناقشة الجهود المبذولة لتمديد وتوسيع الهدنة في اليمن، وبالتزامن مع ذلك التقى رئيس وفد ميلشيات الحوثي محمد عبد السلام، مستشار الخميني في طهران. 

ويرى الباحث الذهب أن "من ضمن أبعاد الاستعراض العسكري الأخير للحوثيين، هو تخادمهم مع إيران فيما يخص مفاوضات الاتفاق النووي والتحركات البحرية التي تنشط فيها إيران جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، ولعل هنالك ما يشير إلى هذا الشيء حالة الاعتراضات المتبادلة بين السفن الأمريكية والإيرانية". 

وأضاف: "بمعنى أن الحوثي يثير الشواغل اليمنية في البحر ولديه أذرع عنيفة في الجزء القاري من الجزيرة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط تكمل هذه الشواغل وهذا التناغم الحاصل بين هذه الشواغل تجسد العلاقة بين الحوثيين وإيران وأنهما يسيران في اتجاه واحد".  

وأشار بالقول "يحاول الايرانيون أن يقولوا من خلال الاستعراض العسكري أن طهران ليست وحدها وأن الحوثيين أقوى حلفائها في المنطقة". 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر