الصيف في اليمن.. ملاذ الشباب للعمل في مهن موسمية لتأمين معيشتهم 

[ شاب يعمل في إحدى مزارع العنب في ريف صنعاء ]

فصل الصيف بالنسبة للشباب اليمنيين ليس موسماً للسفر والترفيه كما في كل دول العالم، بل العكس تماماُ إنه فرصة للعمل أكثر لتأمين مصاريف أسرهم ومستلزماتهم الدراسية إن كانوا طلاباً، وهي مهمة شاقة لليمنيين في زمن الحرب في ظل توسع رقعة الفقر خلال السنوات الماضية. 
 

وفي الصيف يسعى الكثير من الشباب سواء كانوا طلاباً في الجامعة أو حتى في المدارس، لإيجاد فرصة عمل لتأمين مصاريفهم الخاصة ومساعدة عائلاتهم، استعداداً للعام الدراسي الجديد، وهذا بالنسبة للكثير منهم مهمة سنوية اعتيادية، إذا لم تكن إجبارية في معظم أحوال الشباب. 
 

تختلف المهن الموسمية التي يحصل عليها هؤلاء الشباب خلال فصل الصيف باختلاف العوامل الجغرافية ولاقتصادية والاجتماعية والطبيعية المختلفة في كل محافظة يمنية، كما يوجد متغيرات كثيرة تحدد نوع العمل، كالفئة العمرية او إذا ما كانوا يعيشون في الريف او المدينة.
 

لا يوجد إجازة صيفية

"أحمد حسن" (27 عاما) فشل في محاولات السفر والغربة خارج البلاد، للبحث عن فرصة عمل بعد تخرجه من الجامعة قبل ثلاثة أعوام، مع موسم الصيف يعمل في الأسواق والشوارع العامة في صنعاء، في بيع فاكهة التين الشوكي بهدف إعالة اسرته وتوفير رسوم الدراسة لإخوانه وحاجاتهم للعام الدراسي. 
 

من ساعات الصباح الباكر، يتحرك بعربته التي يدفعها يدويا ممتلئة بالتين الشوكي، وقال في حديث لـ"يمن شباب نت"، "لا يأتي نهاية النهار الى وقد فقدت صوتي الذي استخدمه من أجل لفت انتباه الزبائن للشراء واتنقل في كثير من الشوارع والأسواق من أجل بيع الكمية التي احددها بشكل يومي". 
 

في العادة تكون هذه الاجازة الصيفية للشاب أحمد وغيرة من اليمنيين، الذين حياتهم تختلف كلياً في الصيف عن العالم، حيث لا يوجد في قاموسهم إجازة وسفر وسياحة، إنها فرصة جديدة للعمل فقط والبحث عن لقمة العيش استغلالاً للموسم التي تتعدد فيه المهن. 
 

وقال احمد: "أعيش مع نفسي تحدي يومي لتحصيل مبلغ يومي اعتقد انه يمكن ان يساعد اسرتي ومصاريفي، وعندما انجز ذلك اعود الى المنزل بسعادة وارتياح واعطي امي بعض المال للاحتياجات الاساسية، لكن للأسف ليست كل الأيام متشابهة في الربح". 
 

ويمارس "أحمد" هذه المهنة ويشعر بالفخر بنفسه انه يعمل ومازال قادر على تحمل المسؤولية رغم سوء الظروف، وقال: "في فصل الصيف هناك خيارات متعدد للعمل أحيانا يبيع فواكه موسمية أخرى كالرمان والعنب وغيرها، لذا نحن نختلف كليا عن العالم الذي يعد الصيف موسم للتنزة والسفر والسياحة". 
 

أعمال موسمية 

هطول الأمطار واخضرار الطبيعة في معظم المحافظات اليمنية، يعد دافع للكثير من الأسر للخروج إلى المتنزهات والمناطق المفتوحة والمرتفعات الجبلية ومناطق الشلالات الموسمية، وكالعادة توفر هذه الأماكن الكثير من الفرص للمهن الصغيرة لتأمين احتياجهم. 
 

ففي جولة الى تلك الأماكن تجد العربات المتنقلة التي تبيع الوجبات الخفيفة، فأحدهم يبع البطاط المسلوقة وآخر يبيع البيض وغيرة يبع الشاي والماء البارد وآخر يعرض المثلجات وفي زاوية شخص آخر يبيع السجائر، تفاصيل كثيرة لحياة بتفاصيل صغيرة بمهام معيشية كبيرة، حتى من يهوى التصوير يحمل الكاميرا ليلتقط صوراً وابتسامات المتنزهين، ليوفر خبزاً لعائلته. 
 

لا يختلف الحال الكثير من الشباب في المناطق الريفية وخاصة المناطق الخصبة لزراعة، تتعدد المهن وتبرز حراثة الأرض وزراعتها من أبرز تلك الاعمال، إضافة لجني المحاصيل الزراعية من بقوليات وفواكه وغيرها، ويعد العمل في مزارع القات الأكثر من تحتاج للعمل المستمر بشكل يومي. 
 

ومع بدء موسم الصيف ينتقل "محمد جابر" الذي يدرس في كلية الهندسة بصنعاء إلى قريبة في محافظة إب (وسط اليمن) للعمل رغم أنه يواجه صعوبات كبيرة في العودة من جديد للدراسة وخاصة في البحث عن غرفة يستأجرها للسكن طوال فترة الدراسة، لكن توفير مصاريف العام الدراسي هي الأهم. 
 

وقال محمد في حديث لـ"يمن شباب نت"، مع حلول الصيف تستطيع إيجاد فرصة لتوفير المال اللازم لك لكن في بقية الفصول يكون ذلك صعب إذا لم تكن متعود على الاعمال المتوفرة بالمدينة مثل المطاعم وغيرها". 
 

وأضاف:" لدينا مزارع قات في قريتنا يعتمد على الامطار فقط، لذا يكون العمل في بيع القات مهنة تدخل ربح، لذا اعمل على شراء القات من مزارعي القرية ونقله إلى الأسواق في مدينة إب وأحيانا إلى مدينة تعز، وأشعر أنى مقتدر على هذا العمل لأننا مزارعين". 
 

فرصة لممارسة مهنة جديدة 

يعتقد غالبية الشباب اليمنيين أن الاعتماد على الحصول على وظيفة في مؤسسات خاصة بعد إكمال الجامعة، هي مهمة صعبة للغاية في ظل وضع البلاد والحرب الجارية للعام الثامن على التوالي، وهذا القلق يقودهم للبحث عن مهن أخرى سيحتاجونها على أي حال مستقبلاً للعيش، بعيداً عن مجال تخصصاتهم الجامعية ويكون الصيف هو الموسم السنوي للتجربة. 
 

في هذا السياق قال الطالب عبد المجيد الحوري - الذي يدرس في كلية الاعلام بجامعة صنعاء - "إن غالبية الطلاب من زملاءه يعملون بمهن متعددة ومهن يدوية وأعمال يومية سواء في الاجازة أو غيرها، رغم أنه من المفترض ان يكونوا يتدربون ليكونوا جاهزين للعمل بعد التخرج لكن ظروف المعيشية وحالة اليأس تجعلهم يبحثون عما يؤمن معيشتهم أولاً". 
 

وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، إن الكثير من الطلاب على قناعة بعدم حصولهم على وظيفة بعد التخرج بسبب ازمة البطالة وانعدام الوظائف ويرى أن الحرب التي دمرت اقتصاد البلاد عززت هذه القناعة لذا تظل المهن والمشاريع الصغيرة هي الوسيلة التي فيها ضمانة نسبية. 
 

وتابع بالقول: "أن العمل الموسمي خلال الصيف أو خلال شهر رمضان بات فرصة للتعلم أولا ومساعدة الأهل وكسب خبرة في أي مجال يؤمن مصاريف للدراسة وقد نضطر لمزاولة ذات العمل بعد التخرج بدلا من البطالة وانتظار الوظيفة والبقاء عالة على اسرتك بلا فائدة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر