السدود والبرك في اليمن.. مغارات موت تبتلع العشرات منذ بدء موسم الأمطار (تقرير خاص)

الطفل (ريان محمد حسن الحداد 9 سنوات)، آخر ضحية من ضمن العشرات، الذين قضوا غرقاً في سدود وحواجز وبرك مائية في اليمن منذ بدء موسم الأمطار الجديد، في ظل غياب أدوار أجهزة الدفاع المدني والتوعية المجتمعية لمخاطر تلك البرك والحواجز.
 
حادثة الطفل "ريان" الذي توفي غرقاً في حاجز مائي بسائلة "وادي الجنات" بمديرية ريف إب، أثناء السباحة، أمس الأثنين، جزء من مأساة تتكرر كل موسم أمطار في جميع أنحاء البلاد.
 
بحسب مختصون وعدة مصادر محلية فإن عدة أسباب تقف وراء تكرار هذه الحوادث، يأتي في أبرزها عدم إجادة الغرقى للسباحة إضافة إلى كثرة المياه عن المنسوب المعتاد وغياب فرق الانقاذ التابعة للدفاع المدني أو الأهالي، وغياب مساحات الترفيه، وأخرى تتعلق بعادات وتقاليد المجتمع.
 
وغالباً ما يزيد منسوب المياه في السدود والحواجز المائية في مواسم الأمطار التي يصادف هطولها أجواء الصيف الحارة، ما يدفع بالأطفال والشباب إلى السباحة في تلك المواقع هروباً من جحيم حر الصيف، دون الالتفات إلى التحذيرات بمنع السباحة في تلك الأماكن ما يجعلهم عرضة للموت.
 

45 ضحية
 
"يمن شباب نت" رصد وفاة 42 ضحية غالبيتهم من الأطفال (الأشقاء)، قضوا خلال الأشهر الماضية في عدد من محافظات الجمهورية، في برك الماء والحواجز والسدود المائية خلال الفترة من (أواخرمايو ـ أغسطس الجاري) وهي أقل بكثير من حوادث الوفيات التي شهدها اليمن جراء سيول الأمطار والصواعق الرعدية المصاحبة لها والمقدرة بالمئات.
 
وتشير الإحصاءات إلى أن شهر أغسطس الجاري شهد أكثر ضحايا الغرق حيث تم توثيق 28 حالة وفاة خلال هذا الشهر.
 
وبحسب الإحصاءات المتوفرة لدينا فإن محافظة إب شهدت (13) حالة غرق منذ بدء الموسم من بينهم 4 أطفال وامرأتين، تلتها محافظة مأرب بـ (12) ضحية، وصنعاء بـ (11) ضحية.
 
وجاءت محافظة البيضاء وفقاً للإحصائية التي جمعها "يمن شباب نت" في المرتبة الثالثة بـ (5) حالات وفاة لأطفال جميعهم من أسرة واحدة، و حالتي وفاة في الحديدة ومثلها في المحويت.


 

الفتيات من ضمن الضحايا
 
وبالعودة إلى الإحصائية السابقة 45 حالة ضحية نجد أن 20 من الضحايا كان من الفتيات والنساء، وتُشير معلومات ظروف غرقهن أن غالبيتهم راحوا ضحية السقوط في البرك المائية أثناء قيامهن بوظائف يومية كجلب المياه والرعي وغسل الملابس.. الخ، وفي أفضل الأحوال أثناء التنزه.
 
وبالرغم من اختلاف تفاصيل الحوادث إلاّ أن السبب الرئيسي الذي يربطهن جمعيا، وأودى بهن إلى الموت، هو عدم إجادتهن السباحة، ما جعلهن عرضة للموت.
 
وفي اليومين الماضيين توفت أربع فتيات في صنعاء غرقاً في برك الماء في الحيمتين وقبلها ثلاث شقيقات في مناخة وسبقتها فتاة في أرحب وغيرهن الكثير الذين وقعن فريسة للموت لأسباب تتعلق بظروف تلك البرك الغائرة وعدم إجادتهن للسباحة بسبب العادات والتقاليد التي ترى من تعلم الفتاة السباحة نوع من العيب.
 
يقول "محمد ابراهيم" وهو قريب لإحدى الضحايا، أن قريبته راحت بسبب الجهل وعدم إجادتها السباحة باعتبار أنهم من بيئة قبلية تحكمها الأعراف والتقاليد التي ترى في تعلم الفتاة السباحة عيباً.
 
وأضاف لـ "يمن شباب نت"، لو أن تلك الفتاة كانت تجيد السباحة لخرجت بسلام.. ولكن قدر الله وماشاء فعل".
 
وتمنى لو أن هناك مسابح ومختصات لتعليم الفتيات والنساء السباحة حتى يواجهن مخاطر الغرق وهن أكثر الضحايا بحكم طبيعة عملهن كمسؤولات عن جلب المياه والحطب وغسل الملابس والرعي.


 

غياب مساحات الترفيه

من خلال معرفة جغرافيا ضحايا الغرق في السدود والمسابح والحواجز المائية، نجد أن غالبيتهم ينحدرون من أرياف المحافظات الجبلية ذات الطابع القبلي وهي مناطق تفتقر للمسابح وأدوات الترفيه، وهي أسباب يُرجح أنها تدفع الشبان والفتيان إلى الحواجز والسدود للسباحة والترفيه، رغم التحذيرات من السباحة في تلك الأماكن.
 
وفي هذا السياق يرى الناشط "عبدالله الدميني"، أن الجهل وغياب المسابح وأدوات الترفيه سبب رئيسي وراء غرق كثير من الأطفال والفتيان في المسابح وبرك المياه.
 
ويقول لـ "يمن شباب نت": "لوعدت إلى غالبية الضحايا ستجدهم في مناطق نائية وجبلية في أرياف صنعاء وإب والبيضاء وغالبيتها تعاني من فقر حاد في المسابح  ومساحات الترفيه".
 
ويضيف: أن تقصير السلطات المتعاقبة في بناء مشاريع مياه وسدود لحفظ مياه الأمطار مع أدوات السلامة ونشر فرق الانقاذ فيها، فضلاً عن توفير مساحات الترفيه للمواطنين، دفع المدنيين إلى السباحة في تلك السدود رغم معرفتهم بخطورتها، فيما تروح الفتيات ضحايا الغرق أثناء جلبهن الماء أو غسلهن الملابس في بطون الأودية وشعاب الجبال.
 
وأكد "الدميني" على ضرورة اضطلاع السلطات بمسؤولياتها في توفير احتياجات الشعب الأساسية، والعمل على نشر فرق الانقاذ والدفاع المدني والتوعية في أماكن السدود والحواجز المائية التي تبتلع المئات سنوياً وبما يسهم من التقليل من الخسائر البشرية.



مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر