"يمن شباب نت" يقدم رصدا خاصا وسيناريوهات مستقبلية لسيطرة الانفصالين ومصير شرعية المجلس الرئاسي

  في السابع من أبريل/ نيسان الماضي، نقل الرئيس اليمني الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي سلطاته الرئاسية إلى "مجلس قيادة رئاسي" من ثمانية أعضاء، بينهم رئيس وسبعة نواب، بهدف استكمال مهام المرحلة الانتقالية، التي كان يفترض تنفيذها قبل فبراير/ شباط 2014.
 
ومنذ تشكيله، وحتى الآن، لم ينجز المجلس الرئاسي أبرز المهام المناطة به، في طريق الدفاع عن الجمهورية والوحدة، وتعزيز أواصر الأخوة وتوحيد الصف الوطني وإزالة التوترات السياسية والعسكرية والأمنية، وإشراك الجهات الفاعلة في قيادة الدولة في المرحلة الانتقالية...، الخ.
 
وبدلا من ذلك، بدى وكأن المجلس الرئاسي- بحد ذاته- قد تحول ليكون مشكلة داخلية كبرى بين بعض مكوناته الرئيسة، وعقبة كأداء أمام إزالة التوترات السياسية والعسكرية الداخلية، ومجانبة تحقيق مبدأ التوافق الذي نشأ المجلس على أساسه (نص التفويض الرئاسي على ضرورة التزام أعضاء المجلس الرئاسي مبدأ المسئولية الجماعية والالتزام بأعلى درجات التوافق فيما بينهم)..!!
 

أهم المبادئ والأسس العامة للتفويض الرئاسي

  وفقا لما تضمنه نص الإعلان الرئاسي، الذي ألقاه الرئيس هادي من العاصمة السعودية (الرياض) في 7 أبريل/ نيسان الماضي؛ استند إعلان نقل السلطة إلى مجموعة من المبادئ والأسس الوطنية، أهمها وأبرزها: الدفاع عن الجمهورية والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدة أراضيه...، والعمل على إزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً...، والمحافظة على النسيج الاجتماعي ووقف نزيف الدماء، وتضميداً للجراح...، وللمحافظة على وحدة الشعب في دولة مدنية تحقق الشراكة الواسعة والتوزيع العادل للثروات، وتحمي الجميع...؛ وفقا لما جاء في ديباجة الإعلان الرئاسي، والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من مبادئ وأهداف التفويض الرئاسي بنقل السلطة للمجلس.
 
 أما في جانب المهام الرئيسية، فقد حددت الفقرة (و) من المادة الأولى من إعلان التفويض الرئاسي، ستة مهام واختصاصات رئيسية للمجلس الرئاسي، هي: 1) إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية؛ 2) اعتماد سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة وبنائها على أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة بما يحفظ سيادة الدولة وأمنها وحدودها؛ 3) تيسير ممارسة الحكومة لاختصاصاتها بكامل صلاحياتها طوال المرحلة الانتقالية؛ 4) اعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية؛
 
وفي الشقيّن العسكري والأمني؛ نص البند (5) من هذه الفقرة أيضا، على أن من اختصاصات مجلس القيادة الرئاسي: "تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار، من خلال اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الجمهورية، وتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، وأي مهام يراها المجلس لتعزيز الاستقرار والأمن".
 
بينما نص البند السادس والأخير من الصلاحيات على: "تعزيز المساواة بين المواطنين في كافة الحقوق والواجبات وتحقيق الشراكة الواسعة".
 

 أبرز مواطن الانتكاسات والفشل

 إذا ما بحثنا عن إنجازات المجلس الرئاسي، منذ تشكيله وحتى الآن، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ مهامه وفقا لاختصاصاته المنصوصة بالإعلان الرئاسي، سنجد أن معظم ما قام به المجلس، بعد مرور قرابة خمسة أشهر من تشكيله، تنحصر في بضعة أمور جانبية لا تكاد تذكر مقارنة بالمهام والاختصاصات والأهداف الرئيسية الكبرى التي جاء لأجل تحقيقها، بموجب ديباجة ونصوص الإعلان الرئاسي المختلفة..!! ناهيك عن أن معظمها تشذ عن/ ولا تنسجم مع/ المبادئ والقواعد الأساسية التي حددها إعلان نقل السلطة، بديباجيته ومواده.
 
وبمراجعة البنود الستة السابقة (الفقرة "و" / من المادة الأولى)، ومقارنتها بقرارات المجلس الصادرة، وإجراءاته المنفذة على أرض الواقع، حتى الآن، لن نجد شيئا مهما، واضحا، يصب في اتجاه تحقيق أو تعزيز تلك الأهداف الكبرى التي يفترض أن المجلس جاء لتحقيقها..!!
     
وحتى تلك المهام التي أنجزها، على قلتها؛ سنجد أن بعضها لم تتعدى مجرد الإعلان عنها، كما حدث مع تشكيل لجنة القوات المسلحة والأمن المشتركة (البند "5"/ الفقرة "و"/ المادة الأولى)، التي أعلن المجلس عن تشكيلها نهاية شهر مايو/ أيار الماضي (أي بعد مرور قرابة شهرين على تشكيل المجلس).

ومع أن هذه اللجنة، المكونة من 59 عضوا برئاسة اللواء الركن هيثم قاسم طاهر (انتقالي)؛ تعد من أهم اللجان المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار، الأمر الذي يصب بدوره في إطار تمكين المجلس الرئاسي من تحقيق أحد أبرز مهامه الرئيسة، والمتمثل بـ "إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية" (البند "1"/ الفقرة "و"/ المادة الأولى من الإعلان الرئاسي)؛ إلا أنه لم يترتب على تشكيلها أية قرارات حتى الآن، رغم مرور أكثر من شهرين ونصف على تشكيلها. حيث أكدت مصادر مطلعة لـ "يمن شباب نت" أن اللجنة فشلت، مع مجلس القيادة الرئاسي، في تحقيق أي تقدم يذكر، حتى في تحديد نوعية اللباس العسكري المطلوب..!!
 
وفي حين كان يفترض بهذه اللجنة أن تمارس مهامها وصلاحياتها الممنوحة بموجب الإعلان الرئاسي، في: "اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الجمهورية.."، "وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة،..."؛ إلا أنها لم تقم بذلك. حيث ظلت التوترات العسكرية والأمنية تتفاقم بمحافظة شبوة، منذ منتصف شهر يوليو/ تموز الفائت، أمام سمع وبصر اللجنة التي لم تحرك ساكنا، حتى أنفجر الوضع العسكري ونشبت أحدث وأقوى المعارك المسلحة بين القوات العسكرية والأمنية التابعة للحكومة الشرعية بالمحافظة، وبين الميليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعومة من دولة الإمارات.   
 

بانوراما الانقسامات العليا
 
 أدت تلك المعارك الطاحنة، التي نشبت في محافظة شبوة، نهاية الأسبوع الأول من شهر أغسطس/ آب الجاري، إلى حدوث خلافات عميقة وتشققات عليا في إطار المجلس الرئاسي. حيث تسربت أنباء عن تقديم الدكتور عبد الله العليمي، ابن محافظة شبوة، استقالته من المجلس الرئاسي احتجاجا على عدم التزام المجلس بمبدأ التوافق في اتخاذ قراراته، وتحيزه الواضح لمصلحة طرف بعينه في الأزمة..!!
 
وخلقت تلك التسريبات، التي لم يتم تأكيدها بشكل رسمي معلن حتى الآن، تساؤلات حول شرعية المجلس الرئاسي في حال تقدم أحد الأعضاء باستقالته، خصوصا وأن الإعلان الرئاسي لم يحدد الإجراءات الكفيلة بحل مثل هذه الإشكالية، وأحال الأمر إلى ما أطلق عليها "مسودة القواعد المنظمة" لأعمال المجلس، وبقية اللجان والهيئات الأخرى المشكلة بموجب الإعلان الرئاسي، والتي يفترض أن يعدها الفريق القانوني (المشكل بموجبه أيضا)، في غضون 45 يوما من تشكيل المجلس (الفقرة "أ"/ المادة "3" من الإعلان الرئاسي).  
 
 عمليا، أكمل الفريق القانوني عمله في صياغة تلك المسودة القانونية في الموعد المحدد له، حيث قام بتسليمها رسميا لرئيس المجلس بتاريخ 31 مايو/ أيار الماضي؛ إلا أن المجلس ما زال يرفض اعتمادها حتى الآن، رغم مرور أكثر من شهرين ونصف على استلامها رسميا من الفريق القانوني، مع أن الإعلان الرئاسي يفرض على المجلس اعتمادها خلال (15) يوماً فقط من تاريخ رفع توصية الفريق القانوني بها، وإصدارها بقانون. (الفقرة "م"/ المادة الأولى من الإعلان الرئاسي).

ويشاع أن السبب في هذا التأخير، المخالف لنص الإعلان الرئاسي؛ يعود إلى وجود خلافات بين أعضاء المجلس حول بعض المواد التي تضمنتها المسودة. ومع أنه لم يعلن بعد عن محتواها بشكل رسمي، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي سربت بعض موادها، وأهمها التأكيد على ضرورة ألا يكون لأي عضو من أعضاء المجلس أية مناصب أو مواقع أخرى يشغلونها إلى جانب عضويتهم في المجلس، سواء كانت عامة أو خاصة.
 
وتتوائم هذه المادة، حال صحت التسريبات، مع روح البند (5)/ الفقرة (و)/ المادة الأولى/ من الإعلان الرئاسي، والتي أشرنا إليها سابقا بخصوص ضرورة التزام المجلس بتحقيق الأمن والاستقرار، ومنع حدوث أي مواجهات مسلحة، وتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة..
 
حيث وأن عدد من أعضاء المجلس الرئاسي يتولون مناصب قيادية عسكرية أخرى، على رأس تشكيلات مسلحة تعمل خارج إطار السلطات الشرعية المعترف بها دوليا، وأبرزها: ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عضو المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي، وقوات العمالقة بقيادة عضو المجلس الرئاسي أبو زرعة المحرمي، وقوات حراس الجمهورية (أو المقاومة الوطنية) بقيادة عضو المجلس الرئاسي طارق صالح..
 
ومن المهم الإشارة، هنا، إلى أن التشكيلات التابعة للانتقالي والعمالقة، المدعومة من الإمارات، استخدمت في المعارك الأخيرة التي هزت محافظة شبوة. 
 

انكشاف المجلس وتفككه لصالح أهداف غير معلنة

 أكد الإعلان الرئاسي أيضاً، على أن أحد أهداف نقل السلطة هذا، يتمثل بالانتقال باليمن من حالة الصراع ضد الانقلاب الحوثي إلى حالة التفاوض. حيث نصت المادة الثامنة (قبل الأخيرة من الإعلان) على أن: "تنتهي ولاية مجلس القيادة الرئاسي وفقاً للحل السياسي الشامل، وإقرار السلام الكامل في كافة أنحاء الجمهورية، والذي يتضمن تحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها، أو عند إجراء الانتخابات العامة وفقاً للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد".
 
 ومن المفارقات المثيرة في هذا الجانب، أنه عند الإعلان عن تشكيلة المجلس الرئاسي هذه، انقسمت معظم تحليلات المراقبين، بشأن محاولة تحديد الهوية العامة لهذا المجلس الجديد، لتتأرجح بين خياري الحرب والسلام مع ميليشيات الحوثي الانقلابية؟! إلا أن التعديلات الحكومية التي أتخذها المجلس مؤخرا، وما لحقها من تعامله مع أحداث شبوة الأخيرة، كشفت عن وجود ما يمكن أن يمثل مسارا آخرا لدى دولتي التحالف العربي من وراء تشكيل هذا المجلس الرئاسي وفقا لتشكيلته المختارة تلك..!!
 
وينظر إلى سلسلة القرارات والتعديلات الأخيرة، التي أصدرها رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي، وشملت أربع وزارات هامة بينها وزارتي الدفاع والنفط، وتغيير محافظي حضرموت وسوقطرى الهامتين، وإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا بالمخالفة الصريحة لقوانين السلطة القضائية؛ على أنها جاءت لتلبية أهداف المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، في سبيل تحقيق طموحاته المعلنة بالانفصال..
 
  ومع الأحداث المسلحة الأخيرة التي استهدفت محافظة شبوة، فإنه يمكن النظر إليها- من دائرة أوسع- على أنها تأتي تلبية لرغبة دولة الإمارات في إضعاف ما تبقى من قوة للحكومة الشرعية، مقابل تقوية حلفائها في المجلس الانتقالي وألوية العمالقة وإخلاء الساحة العسكرية والسياسية والإدارية لهم في جنوب اليمن بالكامل، ما سيمكنها (أي الإمارات) من بلوغ مصالحها ومطامعها الاقتصادية والجيو- سياسية في اليمن والمنطقة، بكل سهولة، والتي عجزت عن بلوغها طوال السنوات السبع الماضية في ظل رئاسة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وممانعة حليفه الداخلي الأقوى المتمثل بحزب الإصلاح.
 
وفي مجملها، تعارضت تلك القرارات بشكل صريح مع مبدأ التوافق بين مكونات المجلس الرئاسي. حيث نصت الفقرة (هـ)، من المادة الأولى للإعلان الرئاسي، على أن: "يلتزم رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم".
 

كيف رجحت السيطرة على شبوة نفوذ الانتقالي على جنوب البلاد؟
 
بالسيطرة على عتق، مركز محافظة شبوة، من قبل عدد من المليشيات الانفصالية؛ مثل قوات دفاع شبوة وبعض ألوية العمالقة، بمساندة الطيران الحربي الإماراتي، تحول الثقل العسكري والتأثير الأهم على مستقبل البلاد في الصراع بين مكونات الحكومة اليمنية.
 
 وحاليا؛ أصبح المجلس الانتقالي، عبر ميليشياته المتنوعة، يسيطر على مقاليد الأمور في كل من: عدن ولحج والضالع، وشرق محافظة أبين، وساحل حضرموت، وأرخبيل سوقطرى، ومؤخرا على عاصمة محافظة شبوة (عتق)، وميناء بلحاف الغازي.
 
وما زال الانفصاليون يتوعدون بمواصلة السيطرة العسكرية على كل ريف شبوة ومديرياتها، بما فيها المديريات النفطية في شمال شرق شبوة، وفي وادي حضرموت، والمهرة، وصولا إلى الحدود السعودية.
 
 إداريا وماليا؛ فإلى جانب تعيين أنصاره في معظم مفاصل السلطة القضائية، أصدر رئيس المجلس الرئاسي قبل أيام قرارا بتعيين عيدروس الزبيدي- رئيس المجلس الانتقالي- رئيسا لجنة الموارد الحكومية، ما يزيد من إضعاف حكومة معين عبد الملك ويفقدها المزيد من نفوذها الإداري والمالي. كما يتوقع أن يتنازل مجلس النواب عن بعض مهامه التشريعية لهيئة التشاور والمصالحة التي يرأسها قيادي في الانتقالي.
 
وفي السياق؛ تواصل وسائل الإعلام التابعة للانتقالي الجنوبي، ومؤتمر طارق صالح، وقنوات التحالف العربي (الإماراتي – السعودي) شنها هجوما إعلاميا منظما ضد الجيش الوطني في مأرب، القاعدة الرئيسية للقتال ضد الحوثي. فيما يرى مراقبون أن ذلك يأتي في إطار مخطط مرسوم يهدف إلى تسريح وتصفية قوات الجيش والمقاومة بالكامل، تمهيدا للوصول إلى تسليم كامل شمال اليمن للحوثي، مقابل انفصال جنوبه للانتقالي.
  
 في هذه الأثناء، يستمر مجلس الرئاسة في تقديم تنازلاته لتمديد الهدنة مع الحوثي رغم تعثر فتح الطرقات ورفع الحصار الحوثي عن تعز والمحافظات الأخرى خلال فترتي الهدنة السابقتين (أربعة أشهر). كما يبدي المجلس استعداده لمواصلة تجديد الهدنة، التي تجرى النقاشات حاليا حول تمديدها لفترة ثالثة تستمر ستة أشهر، مع وجود معلومات تؤكد على انفتاح التحالف العربي مبدئيا على مطالب الحوثيين بتقاسم دفع مرتبات الموظفين لديهم من الموارد المالية في المحافظات المحررة، على شحتها.
 
وتشكل استمرارية الهدنة، بين المجلس الرئاسي والحوثي، خلال الأشهر القادمة، أولوية شديدة بالنسبة للولايات المتحدة، التي أعربت عن قلقها من الاشتباكات في شبوة بين الانفصاليين المدعومين من التحالف وبين قوات الجيش الوطني. وأكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، ليندركينغ، أنه ناقش مع المسؤولين الإماراتيين، في زيارته الأخيرة، الصراع في شبوة.
 
 
سيناريوهات مستقبلية

تتميز السيطرة العسكرية على المحافظات المحررة بالتقلب الدائم. فمنذ سنوات والحرب بين القوات الحكومية والانفصاليين في سجال مستمر، مع ترجيح الكفة غالبا لمصلحة الانفصالين بمساعدة دولة الإمارات التي ترمي بثقلها إلى جانبهم.
 
في محافظتي شبوة وأبين، الوضع العسكري فيها منقسم أو سجال متغير بوتيرة سريعة إلى حد ما. بينما تنقسم حضرموت، بين الوادي الموالي للحكومة والساحل الموالي للانتقالي ومن ورائه الإمارات. وفيما نجح الانتقالي، بدعم من التحالف العربي، في فرض سيطرته على أرخبيل سوقطرى، بقيت المهرة خارج الصراع العسكري حتى الآن، وسط تهديدات ومحاولات متواضعة لإثارة التوترات من قبل أنصار الانتقالي غير المؤثرين في المحافظة.
 
وفي حال بقي التحالف على مواقفه الراهنة في عملياته الدائبة لتفكيك قوى الحكومة الشرعية، واستمرت الهدنة أكثر؛ فمن المتوقع أن تتعزز سيطرة الانتقالي على مفاصل الحكومة اليمنية بشكل أكبر وصولا إلى فرض سيطرته الكاملة عليها في ظرف أشهر قليلة.
 
 لكن؛ في المقابل، لا يتوقع أن تنحسر القوى العسكرية والسياسية المناهضة للانفصال جنوبا بسهولة، ومن المرجح أكثر أن يعيدوا لملمة صفوفهم، مستغلين غياب الإطار الهيكلي الواحد لقوى الانفصال، مع غياب التنظيم الاجتماعي الأيديولوجي للانفصاليين. وقد يضعف الوضع الاقتصادي والغلاء والتضخم المجلس الانتقالي الجنوبي كسلطة حاكمة، ويفقده الكثير من أنصاره ونقاط القوة. ومن المؤكد أن يساعد في ذلك بقاء مكامن التوترات العسكرية والسياسية والشعبية في المحافظات الجنوبية، إلى جانب ما تبقى من المحافظات المحررة شمالا.  
 
هدد حزب الإصلاح أقوى الأحزاب السياسية اليمنية بالانسحاب من كل المؤسسات الحكومية، إن لم يتم إقالة محافظ شبوة عوض الوزير، وتلبية بعض المطالب الأخرى ووقف الحرب على القوات الحكومية.
 
وسيؤدي انسحاب الإصلاح إلى تغييب كامل لتأثير القوى السياسية اليمنية العريقة، لصالح التشكيلات العسكرية المتعددة التي يدعمها التحالف، وستفتقد بالتالي إلى حاضنة شعبية كبيرة ومؤثرة قد تؤدي إلى انهيار الحكومة.
 
أما في حال استجاب مجلس الرئاسة لمطالب الإصلاح، وهذا مستبعد حتى الآن، فقد يحافظ المجلس على وجود هش مكبل بصراعات داخلية يضعفه في مفاوضاته مع الحوثي.
 

نهايات خائبة
 
 بالنظر إلى كل ما سبق، من: فشل في تحقيق أهداف تشكيله، وعجز عن تنفيذ مهامه الرئيسة، فضلا عن مخالفته مبادئ وأسس عمله المنصوصة في إعلان نقل السلطة؛ فإن مجلس القيادة- وفقا لمراقبين- يكون بذلك قد ابتعد كثيرا عن مقتضيات الإعلان الرئاسي؛ المصدر القانوني الوحيد الذي منح بموجبه شرعية تشكيله وممارسة عمله.
 
يأتي ذلك، في الوقت الذي وضع فيه المجلس نفسه موضع الشكوك في إمكانية الحفاظ على ما تبقى له من شرعية شعبية (بديلة)، خصوصا بعد تواتر انحرافاته المخزية للمبادئ والأسس العامة للدولة المنصوص عليها في الدستور، والعمل لتحقيق مصالح دول أجنبية على حساب مصالح الوطن والشعب العليا..!! بما في ذلك عدم إعلان رفضه وتجريمه قصف الطيران الإماراتي قوات الجيش والأمن اليمنيين في شبوة..!!  
 
ومما يزيد الطين بلة؛ سفر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، قبل أيام، إلى أبو ظبي، في زيارة مبهمة، وصفتها وكالة الأخبار الحكومية (سبأ) أنها زيارة "غير رسمية" تستمر لعدة أيام. الأمر الذي بدوره رفع من منسوب الاحتقان المتصاعد بين المجلس الرئاسي ومناهضيه الذين يعتبرون هذه الزيارة استفزازا لليمنيين الذين تعرض جيشهم مؤخرا لقصف الطيران الإماراتي..!!
 
ولم تعلق السعودية على أحداث شبوة الأخيرة، بشكل رسمي حتى الآن. وسط ما يتردد- على نطاق واسع- أن الرياض استدعت عضو مجلس الرئاسة عبد الله العليمي في محاولة منها- كما يقال- لثنيه عن تقديم استقالته في سبيل تفادي إضعاف شرعية المجلس الرئاسي.
 
ومع أن هذه المعلومة أيضا لم تؤكد رسميا، إلا أن المعلومات تفيد أن العليمي، الذي وصل الأردن قبل أيام لتلقي العلاج، من المقرر له أن يتوجه من هناك إلى الرياض مباشرة لمناقشة أسباب استقالته التي لم تتأكد هي الأخرى بعد.

وعلى أية حال؛ أن امتلاك الرياض لقراءة صحيحة لهذه المألات المهددة لكل جهودها خلال السنوات الثمان من الحرب، وآخرها تشكيل المجلس الرئاسي، الذي رمت فيه كل ثقلها السياسي أمام العالم؛ فمن المرجح أن تعمل على إيقاف هذا الانهيار المتواصل بكل قوتها، بالطريقة التي تعيد إلى المجلس الرئاسي، ليس فقط شرعيته الشعبية؛ بل وقوته أيضا، حيث سيساعدها ذلك على تحقيق رغبتها في إنهاء هذه الحرب اللعينة، قبل فوات الأوان، وفقدان سيطرتها على زمام المبادرة كليا.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر