إب تحت سيطرة الحوثي.. حضور واسع للجريمة وغياب للأمن وتضييق على المواطنين (تقرير)

تحولت محافظة إب (وسط اليمن)، بعد سبع سنوات من سيطرة مليشيا الحوثي الإنقلابية عليها بقوة السلاح، إلى مدينة فوضى وقتل، وساحة لمنطق الغاب والغلبة، وميدان للمواجهات المسلحة والانتهاكات الأمنية اليومية، في مشهدٍ مغاير على ماكانت عليه كمحافظة سياحية يتسم أبنائها بالسلم وتحتكم لمنطق القانون.
 
أكثر من سبع سنوات عمدت المليشيا خلالها، إلى تغيير الطابع السلمي المدني في المحافظة وتحويلها إلى مدينة يخضبها الدم ويكسوها الحزن، ولم تكتف بذلك بل ذهبت إلى هدفها الأساسي المتمثل بإحداث تغيرات بنيوية على مستوى الثقافة والمذهب وتشكيل الخارطة السياسية والجغرافيا.
 
لايكاد يمر يوم في إب، إلاّ وتشهد المحافظة جريمة قتل أو حادثة انتحار أو مواجهات مسلحة نتيجة الفوضى الامنية وانتشار السلاح، فضلاً عن الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها المليشيا بحق المواطنين وهي كثيرة ولا تكاد تعد ولاتحصى.
 
في الأيام الماضية قتل وأصيب نحو 20 شخصًا في حادثتين وهي معيار عن حجم الكارثة التي حلت في إب في ظل الفوضى الأمنية السائدة منذ انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
 

فوضى السلاح
 
في أحدث جريمة لفوضى السلاح السائدة في المحافظة، قتل وأصيب 14 شخصا، الأربعاء (22يونيو 2022م)، إثر انفجار قنبلة يدوية في مجلس مقيل في مديرية المخادر شمال محافظة إب.
 
وقال مصدر محلي لـ"يمن شباب نت"، إن "ثمانية أشخاص قتلوا وأصيب 6 أخرين بجروح جراء انفجار قنبلة يدوية وسط مجلس مقيل بمنطقة المحرث أسفل عزلة الدليل بمديرية المخادر".
 
وأوضح أن الضحايا كانوا في مجلس لمضغ القات، ودخل عليهم مسلح وفجر قنبلة يدوية، مشيرا إلى اثنين من الجرحى حالتهما خطيرة.
 
الحادثة جاءت بعد يومين فقط من سقوط ستة قتلى وجرحى في اشتباكات بين مسلحين قبليين غذتها مليشيا الحوثي الانقلابية في منطقة السحول شمال مدينة إب.
 
وقال سكان محليون إن ستة قتلى وجرحى سقطوا جراء اشتباكات بين مسلحين قبليين في قرى "الحيدان والسعدية والجبوب وبعسنة والمساجيد" بالسحول التابعة أجزاء منها لمديرية ريف إب، نتيجة ثأر قبلي بين الأسرتين في خلافات سابقة نجم عنها قتلى وجرحى من الطرفين.
 
وحسب الأهالي فإن الاشتباكات اندلعت بين مسلحين تابعين لأسرة بيت "دبوان" وبدعم ومساندة من أبناء الشيخ "عبدالرحمن سعيد حسن المقرعي"، وبين أسرة بيت "الهشمي" وبدعم ومساندة من أبناء الشيخ "أحمد سعيد حسن المقرعي" ومليشيا الحوثي.
 
وتأتي الحادثة امتداداً لحادثة مقتل ثلاثة أشخاص في أبريل الماضي بينهم اثنين من أسرة بيت الهشمي وثالث كان يرافقهم برصاص مسلحين من أسرة بيت "دبوان" على خلفية قضية ثأر منذ 8 سنوات.

 


559 جريمة خلال شهر
 
عداد الجرائم في المحافظة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران لايتوقف، فمواقع التواصل الإجتماعي في المحافظة تعج بأخبار القتل والنهب والاشتباكات وضحايا الصراعات المسلحة في المحافظة كل يوم وليلة، حيث لايكاد يمضي يوم إلاّ ويتم رصد حادثة هنا أو هناك، وهي كبيرة إلى الحد الذي لايمكن حصرها لأسباب كثيرة.
 
اللافت في الأمر أن إحصائية حديثة كشف عنها الإعلام الامني التابع للمليشيا وأوضحت أن المحافظة شهدت 559 جريمة خلال شوال (مايو الماضي)، تنوعت بين القتل والإصابة والسرقة والاعتداء والنهب وجرائم النصب وأخرى مختلفة، وهي إحصائية كبيرة تظهر جزء من حجم الجرائم المنتشرة، والوضع الأمني الهش للمليشيا في المحافظة.
 
ومن بين الجرائم التي جرى توثيقها مقتل وإصابة 46 شخصاً، و65جريمة سرقة (منازل ومحلات تجارية وسيارات ودراجات نارية وغيرها)، فضلا عن تسجيل 47 جريمة نصب واحتيال وخيانة للأمانة.
 
ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران وسيطرتها على المحافظة بالقوة، تشهد المحافظة ارتفاعاً مخيفاً للجريمة الجنائية وسط انتشار واسع للسلاح والفوضى الأمنية.
 

الانتحار.. ظاهرة تتصاعد
 
تتصدر محافظة إب قائمة المدن الخاضعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي من حيث تسجيل أعداد المنتحرين فيها طيلة الفترة الماضية.
 
وحسب راصدون محليون وإحصائيات لأخبار الضحايا فقد تم تسجيل 23 حادثة انتحار في المحافظة منذ مطلع العام الجاري، في حصيلة ثقيلة تكشف حجم تصاعد الظاهرة في المحافظة كامتداد للحرب والأزمة المعيشية والاقتصادية التي أنتجتها.


وتشير المعلومات الأولية إلى أن أسباب ودوافع حوادث الانتحار التي تشهدها المحافظة تأتي في مقدمتها الوضع المعيشي الصعب لدى الضحايا وتراكم الديون عليهم.


وفي وقت سابق من هذا العام دعت منظمة «رايتس رادار» لحقوق الإنسان، إلى ضرورة فتح تحقيق جاد للكشف عن ملابسات تزايد حالات الانتحار في محافظة إب.


التحشيد والتضييق على المواطن أولوية المليشيا
 
وعلى وقع هذا الارتفاع المخيف للجرائم التي تشهدها المحافظة وعجز المليشيا في ضبط الأمن فيها في ظل صراع أجنحة وإدارة ممنهجة للفوضى، أطاحت المليشيا منتصف الشهر الجاري بالقيادي "عبدالله الطاووس" من منصبه كمدير لإدارة أمن محافظة إب، وعينت المقرب من زعيم المليشيا (هادي الكحلاني) خلفاً له.
 
ويوم الثلاثاء 21 يونيو، جرى دور الاستلام والتسليم بين القيادي الطاووس والقيادي الكحلاني، بحضور قيادات حوثية في المحافظة.

 

ولا يبدو أن ضبط الأمن هو هاجس المليشيا الأول في هذه الفترة، فمن خلال تتبع نشاطات وقرارات الكحلاني الأولية، تُشير إلى أنه قدم إلى إب من أجل أهداف تتعلق في فرض مزيد من القيود والتضييق على المواطنين وفرض القبضة الأمنية للمليشيا على المواطنين، فضلاً عن مهمة التحشيد إلى الجبهات.
 
ففي اليوم التالي من استلام مهامه رسميًا حضر الكحلاني اجتماعًا رفيعًا بقيادة محافظ المحافظة المعين من الحوثيين "عبدالواحد صلاح" أقر برنامج مزمن للتحشيد والتعبئة العامة للمرحلة المقبلة.
 
وحسب الإعلام الأمني للمليشيا فقد استعرض الاجتماع ما تم تنفيذه وإنجازه من مهام تتعلق بالتحشيد خلال الفترة الماضية ومستوى الإعداد والتدريب والاستقبال للمجندين.
 
وأقر الاجتماع الاستمرار في تنفيذ خطة الحشد وفق الموجهات العامة والفترة الزمنية المحددة.
 
في الأثناء علم "يمن شباب نت" من مصادر مطلعة، أن مليشيات الحوثي وعبر مدير الأمن الجديد أصدرت توجيهات جديدة لعقال الحارات بجمع معلومات عن كل المواطنين الساكنين، بمدينة إب ومدنها الثانوية.
 
وبحسب المصادر فإن الإجراءات الحوثية تهدف إلى جمع المعلومات التفصيلية عن المواطنين وتشديد الرقابة على تحركاتهم.
 
وبين انتشار الجريمة واتساع رقعة القتل والفوضى، وأولويات المليشيا في التحشيد والتضييق على المواطنين وتحركاتهم، يرى مراقبون أن إب تذهب إلى أدارج رياح الفوضى في طريق لاعودة فيه.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر