سكان مدينة تعز.. بين جحيم الصيف ومقصلة شركات الكهرباء التجارية (تقرير خاص)

 يدفع الأربعيني عبدالله الشرعبي، مبلغ يتجاوز الـ 30 ألفا في الشهر الواحد قيمة فاتورة الكهرباء التجارية المشترك فيها، برغم أنه لا يمتلك الكثير من الأدوات الكهربائية باستثناء شاشة ومروحة تخفف عنه وعن أسرته عناء حرارة الصيف إلا أنه يتفاجأ بارتفاع تكلفة فاتورة الكهرباء كل شهر.
 
ويقول الشرعبي لـ"يمن شباب نت"، " كل مرة تأتي فاتورة الكهرباء أكثر من الشهر السابق، برغم أني لا أملك أدوات كهربائية كثيرة ونقوم باستراتيجية الترشيد".
 
ويضيف " إذا تم سؤال مندوب الشركة عن أسباب ارتفاع الفاتورة، يعلل السبب بالاستهلاك فقط، وارتفاع قيمة المشتقات النفطية من الديزل".
 
في سياق متصل تقول (أم محمد 30 عاما)، إن الكهرباء أصبحت كثيرة الانقطاع في الفترة الأخيرة، كما أن فترة الانقطاع أحيانا تطول إلى ساعتين أو ساعتين ونصف.
 
وأوضحت في سياق حديثها ليمن شباب نت، أن الفاتورة دائما تكون في ارتفاع مستمر، وأصبحت فترة السداد مطلوبة كل  عشرة أيام، مالم سيتم قطع التيار الكهربائي عن المنزل.
 
وأشارت إلى أن "ارتفاع درجة الحرارة نتيجة دخول فصل الصيف جعلنا تحت رحمه الشركات التجارية ، في ظل انعدام الكهرباء التجارية العمومية التي اختفت منذ بداية الحرب".
 
واعتبرت أن "قرار محافظ محافظة تعز، نبيل شمسان، بتخفيض سعر الكيلو وات الى 610 بدلا من 960، لم يتم تنفيذها في الواقع".
 
يتكبد المواطنون في محافظة تعز (جنوب البلاد) إلى جانب متطلبات الحياة المعيشية القاسية، دفع فواتير الكهرباء التجارية التي تمتلكها شركات خاصة، عقب انقطاع التيار الكهربائي العمومي الذي تعرض للتدمير، جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي، في 2015، والذي جعل المواطنون يعيشون تحت مقصلة الشركات الخاصة والتي تجاوز سعر قيمة الكيلو الوات الواحد فيها الى 960 ريالا كأكبر قيمة على مستوى اليمن ككل.
 
وبات الحصول على عداد كهربائي حلم للكثيرين في المدينة القابعة تحت وطأة حصار مليشيا الحوثي، منذ نحو ثمانية أعوام، لاسيما في ظل ارتفاع درجة الحرارة والتي تتجاوز أحيانا 35درجة مئوية، وبات الحصول عليها حكرًا على الميسورين والمحال والمؤسسات التجارية والصناعية المختلفة.
 

توجيهات دون تنفيذ
 
وجه محافظ المحافظة نبيل شمسان خلال اجتماع مع مدير مؤسسة الكهرباء بالمحافظة مطلع الشهر الحالي، إلغاء رسوم الاشتراكات التي تفرضها الشركات التجارية للكهرباء وأية رسوم أخرى تحت أي مسميات.
 
كما وجه شمسان باعتماد سعر الكيلو الكهرباء وفقاً للمعايير التي حددتها اللجنة المكلفة والمقترحات المقدمة من مؤسسة الكهرباء ووفقًا لمتغيرات أسعار المحروقات في السوق المحلية.
 
وأكد المحافظ خلال الاجتماع إلى أن السلطة المحلية ستعمل على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية للوقوف أمام التلاعب بأسعار الكهرباء وتحميل المواطن أعباء إضافية وتكاليف لا تستند إلى أية معايير فنية وقانونية. حد قولة.
 
من جهتها، أعلنت مؤسسة الكهرباء تحديد سعر الكيلو وات في الدورة الأولى من شهر يونيو الى 611  ريال يمني، بيد أن  سعر التعرفة لم يتغير رغم الإجراءات المتخذة من قبل السلطة المحلية في المحافظة ومؤسسة الكهرباء العامة، حيث وصلت فواتير الاستهلاك للنصف الأول من الشهر الجاري بتعرف960  للكيلو وات، بحسب مواطنون.
 
وطالب سكان محليون السلطة المحلية بالإيفاء بوعودها فيما يتعلق بخفض تعرفة الكيلو وات بالإضافة إلى إلغاء الاشتراكات الشهرية، وتنفيذ حملات إغلاق للشركات التي لم تلتزم بتوجيهات المحافظ.
 

حلول مؤقتة
 
واعتبر المحامي عمر الحميري، أن جهود المحافظ شمسان، بالإضافة إلى مدير مديرية القاهرة سمير عبدالاله، بالقيام بحملة ميدانية لضبط المخالفين من أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة في تعز، تبقى حلول مؤقتة ودون المستوى المطلوب، كون القضية تتطلب حلول جذرية وحقيقة لحل قضية هامة، حيث تعتبر الكهرباء من أساسيات الحياة التي لا غنى عنه.
 
وأكد أن ضبط المخالفين من مالكي شركات الكهرباء الخاصة، والذين يقومون برفع تسعيرة الكيلو وات، ليس حلاً، إنما الحل بالاستغناء عنها وتوفير الكهرباء العمومية لجميع المواطنين.
 
وطالب الحميري، في تصريح لـ"يمن شباب نت"، المحافظ والسلطة المحلية الى سرعة إعادة الكهرباء العمومي، وتكليف شخصيات ذو كفاءة لمتابعة التوجيهات الرئاسية السابقة لعبد ربه هادي، والتي منحت تعز 30 ميجا وات بصورة عاجلة.
 
وأضاف، مشكلة ارتفاع تسعيرة الكهرباء تزداد كل يوم في محافظة تعز، إذ تعتبر من أكثر المحافظات تدميرا للبنية التحتية، نجد محافظات أخرى تطالب بزيادة ساعات العمل بالكهرباء العمومي دون انقطاع، بينما نحن نتمنى أن تمر الكهرباء العمومي على المدينة ولو مرورا عابرا وتذهب.
 
وأشار إلى أن "المؤسسة العامة للكهرباء قامت بالتعاقد - خلافا للقانون - مع شركات تجارية تمتلك مولدات صغيرة، وقامت ببيع مربّعات سكينة في مناطق معيّنة من المدينة وتقسيمها بين الشركات الخاصة، في استثمار واضح للشبكة العامة للكهرباء".
 
وأضاف، "تقوم هذه الشركات باستخدام الشبكة العامة للكهرباء، وتشغليها عبر مولدات صغيرة، وبيع الخدمة للمواطنين بأسعار باهظة".
 
حرب مليشيا الحوثي، منذ قرابة سبعة أعوام على البلاد، أدت إلى تضرر البنية التحتية للطاقة الكهربائية بالإضافة إلى تعرضها للنهب فيما يتعلق بالكابلات والمحولات، ويوجد ما يقارب 10لشبكات كهرباء خاصة تتبع تجار تنتشر على مربعات مختلفة في المدينة، تنتج قرابة 8 ميجا وات، تقوم بتزويد المدينة بالطاقة الكهربائية، في ظل انقطاع كلي للكهرباء التجاري التي عملت مليشيا الحوثي على تدميرها.
 
ويتهم الجهاز المركزي مدير الكهرباء السابق في تعز عارف عبدالحميد بمخالفة قانون الكهرباء رقم 1 لسنة 2009 والذي ينص صراحة على أن وزير الكهرباء ومجلس تنظيم الطاقة هو الوحيد المخول قانونا منح التراخيص وصلاحيات تنظيم نشاط توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية.
 
وقال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في تقرير له العام الماضي 2021، إن وزارة الكهرباء لم تطلع على هذه العقود، ولا تعرف شيئا عنها، وأشار التقرير أن قدرة المولدات المستخدمة صغيرة ولا تلبي الاحتياج المستقبلي، وأن خدمة محطات الشركات رديئة ولديها ربط عشوائي، بالإضافة الى عدم توفر مواقع جغرافية مناسبة لمحطات التوليد، او شروط السلامة والامن العامة.
 
وذكر التقرير أيضا أن بعض الشركات تمارس نشاطها من داخل أحواش المؤسسات الحكومية بدون ترخيص.
 
وطالبت تقرير الجهاز المركزي للرقابة تفسيرا عن خفض عائد المؤسسة العامة للكهرباء من صافي أرباح الشركات من 10% إلى أقل من 5.9 ريال للكيلو وات الواحد، وهي نسبة تخفيض تزيد عن 50% وفق التقرير.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر