بلا رواتب وتحت وطأة ارتفاع الأسعار.. كيف تزداد معاناة الموظفين الحكوميين في اليمن خلال رمضان؟

[ تتفاقم معاناة اليمنيين بشكل مستمر نتيجة انقطاع الرواتب وارتفاع الاسعار (يمن شباب نت) ]

بعد ست سنوات على انقطاع رواتبهم، فقد أكثر من نصف مليون موظف حكومي في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثي بهجة أيام الشهر الفضيل، ومن استطاع منهم توفير الاحتياجات الأساسية لعائلته فهو من ضمن المحظوظين.
 
محمد حسن (47 عاماً)، موظف حكومي في التربية والتعليم في صنعاء، واحداً منهم، استقبل رمضان هذا العام وسط ظروف معيشية قاسية، إذ لم يتمكن من شراء كافة الاحتياجات الرمضانية الأساسية لأفراد أسرته بسبب ارتفاع أسعار السلع، والخدمات الاستهلاكية وانقطاع راتبه الحكومي منذ سبتمبر/ أيلول 2016 وحتى اللحظة.

وعلى وقع أزمة إنسانية، وظروف اقتصادية قاسية، يصوم اليمنيين رمضان هذا العام وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي بدورها انعكست سلباً على حياة المواطنين وتسببت بحرمانهم من بهجة الشهر الفضيل الذي لطالما كانوا ينتظرون قدومه بتوفير الخدمات الرمضانية قبل وصوله بعدة أيام.
 
ويعيش ما يقارب نصف مليون موظف حكومي في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين من دون رواتب منذ سبتمبر 2016، حيث يعيشون ظروف قاسية على غرار مئات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر وسط ظروف قاسية فرضتها الحرب المدمرة التي تعصف بالبلاد منذ سبع.
 

 
جيوب فارغة
 
يقول حسن: "ظروفنا قاسية، وبالكاد نتمكن شراء من الأشياء الضرورية، بلا رواتب جيوبنا فارغة من فين عاد الموظف المغلوب على أمره يعيش، نحن بضيق لا يعلم به إلا الحي القيوم".
 
 يكتفي حسن في مائدة الإفطار بوجبة، الشقوة، والعصيدة، والزبادي، ونادرا يقوم بشراء الأرز لافتاً إلى أن انقطاع راتبه الحكومي أجبره على التقشف، والتخلي عن شراء الأشياء الكمالية، مثل اللحوم بمختلف أنواعها، وغالبا يُحرم من شراء الكثير من أنواع الفواكه والخضروات رغم توفرها بأسعار اقل مقارنة بالسلع الاستيرادية.
 
توافقه في الرأي رئيسة قسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة صنعاء، الدكتورة سامية الاغبري تقول:" نعيش في رمضان هذا العام حالة من التخبط، قابعين في البيوت لا نستطيع الذهاب إلى المولات، والسوبر ماركات خشية أن نصطدم ونحن لا نملك حتى تكاليف المواصلات".
 
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت"، "نحن صائمون طوال العام فلا نفكر إلا بالحصول على أسطوانة الغاز المنزلي والضروريات دون متطلبات رمضان التي تقلصت إلى الصفر وتم تعطيل الدراسة في رمضان حياتنا أصبحت نوم بلا نوم عمل حقيقي وأسعار مرتفعة ونصف راتب للموظف لا يسمن ولا يغني من جوع".
 
وحمّلت الأستاذة الجامعية "الأغبري" جميع أطراف النزاع في البلاد مسؤولية انقطاع الرواتب الحكومية، وعدم المصالحة الوطنية ومحاولة الفاسدين من كل الأطراف الذين ثبت سوء إدارتهم وفسادهم أن يستمروا في محاولة تقاسم السلطة والثروة ويظل المواطنين مهمشين ومستعبدين.
 
وفي خضم معاناة الموظفين الحكوميين المنقطعة رواتبهم، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر: "من انضمام مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين الذين كانوا طبقة وسطى إلى رصيف الفقر وهي مشكلة بحد ذاتها".
 
وحمل نصر في تصريح لـ "يمن شباب نت"، سلطات الحوثيين مسؤولية انقطاع رواتب الموظفين بالدرجة الأولى باعتبارها المسيطرين على تلك المناطق التي يتحصلون على مواردها وجبايات أخرى، لافتاً إلى أنه "من دون صرف الرواتب عليهم القول بأنهم غير قادرين على إدارة السلطة".
 



أسعار مرتفعة
 
خلال الأسابيع الماضية شهدت أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في مناطق سيطرة الحوثيين، ارتفاعا غير مسبوق مقارنة مع الأشهر الماضية وعلى وجه الخصوص الاحتياجات الأكثر استخداما خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى ارتفاع السلع الأساسية القمح، والدقيق، والسكر والزيوت والتي ارتفعت أسعارها بنسبة كبيرة مقارنة مع السنوات الماضية وذلك انعكس سلبا على حياة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر بفعل انقطاع الرواتب الحكومية وانعدام فرص العمل نتيجة استمرار الحرب.
 
وقال مصطفى نصر إن: "ارتفاع الأسعار في رمضان يعود لعدة أسباب سبب موسمي وهو زيادة الطلب على المواد الغذائية في رمضان لكن هذه المرة هنالك سبب إضافي متعلق بالحرب الروسية الأوكرانية".
 
وأضاف نصر لـ يمن شباب نت: "هناك اسباب داخلية تتعلق بتراجع سعر العملة المحلية، بالإضافة زيادة تكاليف النقل ما بين المدن والمحافظات اليمنية وكذلك الجبايات الحوثية على التجار في مناطق سيطرتهم".
 
يشكو "حمود صالح" موظف حكومي في التربية والتعليم في مدينة إب الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية التي تشهد ارتفاعًا بنسبة كبيرة وغير مسبوقة.
 
يقول حمود (42 عاماً): "أسعار المواد الغذائية في إب تضاعفت بشكل كبير"، موضحًا لـ "يمن شباب نت " أن سعر الدقيق 50 كيلوغرامًا وصل إلى نحو 24 ألف ريال يمني أي ما يعادل نحو 40 دولار أمريكي، بينما وصل سعر السكر 10 كيلو إلى 5 ألف ريال يمني أي ما يعادل 10 دولار أمريكي".
 
ويتساءل هاشم عن انخفاض الدولار وعدم انعكاساته على الأسعار، لافتا إلى أن القيمة الشكلية للدولار 600، لكن القيمة الحقيقية عند الشراء هي 1300".
 
يوافقه في الرأي الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي قائلًا لـ "يمن شباب نت": "رغم انخفاض أسعار العملات الأجنبية أمام الريال اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين إلا ان أسعار السلع والخدمات لم تنخفض إلى الحد الذي يتناسب مع سعر صرف العملة العملات الأجنبية، لافتاً إلى أن حصول الموظف الحكومي على نصف راتب لا يكفي لشراء أبسط الأشياء الضرورية".
 
 
معاناة مضاعفة
 
بعد ثمان سنوات على اندلاع الحرب في اليمن، تحول شهر رمضان إلى عبء على الموظفين الحكوميين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن توفير أبسط الاحتياجات الضرورية وعلى وجه الخصوص الاحتياجات الرمضانية التي غيبتها الحرب عن اليمنيين خلال السنوات الماضية.
 
"نادية قاسم" (37 عاما) أم لثلاثة أطفال وزوجها موظف حكومي محافظة إب (وسط اليمن) تكافح لمساندة زوجها في رمضان إذ تسابق شروق الشمس بحثا عن المياه نظرا لارتفاع أسعار المياه، بسبب أزمة المشتقات النفطية، ثم تعود وتقطع مسافات بعيدة تحت أشعة الشمس الحارقة وهي صائمة بحثا عن الحطب نتيجة عجز زوجها عن شراء الغاز المنزلي.
 
وقالت قاسم لـ "يمن شباب نت"، "إن رمضان هذا العام أصعب من الأعوام الماضية مشيرة إلى أن الظروف المعيشية المتدنية اجبرتها على القيام بممارسة الأعمال الشاقة لكنها تكافح لتأمين الغذاء لأطفالها والوقوف إلى جانب زوجها الذي لجأ إلى العمل في إحدى المحلات التجارية لتوفير لقمة العيش في ظل ظروف قاسية".

 
بالنسبة لنادية:" انقطاع الرواتب، وارتفاع أسعار السلع تسبب بغياب كافة المأكولات والأطباق المتنوعة عن مائدة الإفطار اليومية الخاصة بها خلال شهر رمضان".
 
وتسببت الحرب في البلاد بحرمان نادية ونساء الآلاف من الموظفين الحكوميين من بهجة الشهر الفضيل كما تسببت بحرمانهم، من الحصول على الحلويات الرمضانية مثل حلويات الرواني، وبنت الصحن والمحلبية، والكراميل وغيرها من المأكولات والمشروبات التي كانت تزين المائدة الرمضانية للموظفين قبل انقاع رواتبهم.

 
وقال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح إن: "أوضاع الموظفين الحكوميين المنقطعة رواتبهم في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ست سنوات بأنها أصبحت مزرية للغاية، نتيجة توقف مصادر دخلهم الوحيد، وتدهور الأوضاع المعيشية، وانعدام فرص العمل في القطاع الخاص، والتدهور المستمر في الاقتصاد الوطني بشكل عام".
 
 
وأضاف في تصريح لـ "يمن شباب نت":" الموظفين الحكوميين والسكان بشكل عام مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، استقبلوا شهر رمضان المبارك، على وقع موجات غلاء طاحنة، وأزمات معيشية خانقة، أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية المتدهورة للمواطنين".
 


أزمات مستمرة
 
تعيش العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين أزمة خانقة في المشتقات النفطية، والغاز المنزلي منذ فترة طويلة لكنها تضاعفت بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية وسط انتشار للأسواق السوداء في شوارع صنعاء وبقية المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
 
وفي إطار التضييق على المواطنين وحرمانهم من بهجة الشهر الفضيل فرضت ميليشيا الحوثي أواخر مارس الماضي جرعة سعرية قاتلة في الغاز المنزلي في صنعاء ومناطق سيطرتها.
 
وبحسب وثيقة صادرة عن شركة الغاز الحوثية في صنعاء فقد أقرت الشركة رفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى نحو 8350 ريال يمني (14 دولار أمريكي) وكان قبل أسبوعين بـ 5900 ريال، وقبل شهر 4700 ريال وسط أزمة خانقة تشهدها مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
 
وتتعمد ميليشيا الحوثي افتعال الأزمات المتتالية في الغاز المنزلي والمشتقات النفطية، في الوقت الذي يعاني فيه غالبية المواطنين في العاصمة صنعاء من أوضاع اقتصادية صعبة، جراء انقطاع المرتبات وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق خصوصا مع خلال شهر رمضان المبارك.
 
وحل رمضان هذا العام على اليمنيين وهم يعيشون أسوأ أزمة إنسانية خانقة وغلاء فاحش، وجيوب فارغة، في رحلة صوم صعبة هذا العام يحكمها البحث عن وجبة الإفطار والمواد الغذائية الأساسية خاصة وأن تأمين وجبة الإفطار بالنسبة للكثير من اليمنيين لأن تكون مهمة سهلة إذ انها أصبحت مشقة مكلفة خصوصاً وأن أسعار مستلزمات الأطباق الرمضانية تطير في منحى تصاعدي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر