بلا أدنى مقومات الحياة.. أطفال يفترشون الرمل للتعلّم بمخيمات النزوح في اليمن (تقرير خاص)

[ "مخيم السُميَّا" للنازحين بمديرية الوادي في مأرب يضم قرابة 300 طالب وطالبة (يمن شباب نت) ]

بلهجة بدوية تتحدث الطفلة "قوتة" (10 سنوات) عن رغبتها في التعليم في ظل النزوح الإجباري للمرة الخامسة الذي فرضته عليهم ميلشيات الحوثي، بعد أن هجروا من منزلهم في مديرية صرواح (غربي مأرب)، بعد أت سيطرت الميلشيات على منطقتهم وتسببت في تهجير مئات الاسر منها.
 
ورغم الحالة القاسية التي يعاني منها النازحين في "مخيم السُميَّا" شرق مديرية الوادي بمحافظة مأرب (شمال شرق اليمن)، يواصلون بجهود ذاتية الاهتمام بالتعليم واستدراك مستقبل أبنائهم المهجرين جراء الحرب الدائرة، وبموجات نزوح مستمرة من مناطق مختلفة في عمق الصحاري القاحلة.
 
يفترش الطلاب الرمال لتلقي تعليمهم في خيام متهالكة ولا شيء يقيهم من حرارة الشمس، في حين يتطوع معلمون للتدريس في المخيم الذي يضم قرابة 300 طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية (1-6)، في محاولة لتعويض ما فاتهم من التعليم بعد تهجيرهم من مناطقهم.
 
وقالت الطفلة قوته لـ"يمن شباب نت"، طردنا الحوثي من بلادنا وبيتنا ومن يومها ندرس في الرملة (الأرض) وتحت حر الشمس مبهذلين لا ماء ولا كهرباء ولا سبورات ولا كتب ودفاتر، ولا نريد الا أن نرجع لبلادنا ونعيش مثل بقية الناس براحتنا".
 
وما بين صقيع برد الصحراء في الليل وحرارة الشمس في الظهيرة والرياح العاصفة، تتلخص معاناة المواطنين النازحين في المخيمات، فضلاً الرعب اليومي الذي يعيشونه جراء دوي قصف مليشيات الحوثي بصواريخها على المدينة الحاضنة لملايين من اليمنيين.
 


تطلع لتطوير تعليم النازحين
 
رغم انعدام الخدمات الأساسية في المخيم الذي تضاعف فيه النازحين منذ التصعيد العسكري لمليشيات الحوثي في سبتمبر 2021، وما تسبب من موجات نزوح اليه الا ان النازحين يسعون إلى تحسين وتطوير ولو جزء بسيط من العملية التعليمية.
 
تقول "أم علي" - معلمة ووكيلة مدرسة تعيش في المخيم كنازحة وتعمل كمتطوعة لتعليم النازحين - تقول "الأولوية الذي يحتاجونها في تعليم الطلاب في المخيم هي المناهج وقرطاسية وإيجاد فصول دراسية بديلاً عن الخيام".
 
وقالت لـ"يمن شباب نت"، لا يوجد خطة تعليمية في المخيم للعام الدراسي تواكب باقي مدارس المخيمات والمدينة بالإضافة إلى غياب اهتمام الجهة التعليمية في مارب ودون ايه حوافز للمتطوعين.
 
ولم تكتفي الحديث عن كونها معلمة متطوعة فقط في المخيم، بل أصرت على سرد نزوحها الثالث، حيث كانت وأسرتها قبل عام في "مخيم ذنة" غربي مديرية صرواح، ونزحت منه بعد ان اقتحمته مليشيات الحوثي أثناء تصعيدها العسكري مطلع مارس من العام الفائت.
 
وتطرقت للمعاناة التي يمروا بها حين يتهيؤون للنزوح في كل مرة دون مواصلات نقل وانعدام كلي للأساسيات بما في ذلك خزانات المياه حيث ليس بمقدورهم حملها من مخيم الآخر.
 
من جانبها قالت "أم طيف" - معلمة متطوعة – "يعيش الأطفال معاناة مضاعفة في ظل الحياة القاسية وفوات تعليمهم في ظل عجز الأسر عن تقديم بدائل لتعليم أطفالهم في حين أن النزوح المتكرر يجعلهم عرضة لضياع مزيد من سنوات التعليم.
 
وأضافت: "للأسف لا يوجد بالقرب من المخيم أي مركز صحي اذ يصاب كبار السن والأطفال باعتلال الصحة والمرض، ولا توجد أي رعاية للنساء الحوامل والمرضعات".


عمل محدود للمنظمات لا يوازي المأساة
 
وقال سيف مثنى مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب "إن الدور الإنساني لشركائهم من المنظمات الدولية والمحلية في تخفيف معاناة النازحين وبالأخص التعليم محدود، مقارنة بحجم النزوح الأخير أواخر 2021 من المناطق الجنوبية للمحافظة يقدرون بمئة ألف نازح ضمنهم 73 ألف طفل في سن التعليم".
 
وأشار إلى ان مخيم السُميَّا لازال بمقدوره استقبال نازحين إلى جانب ما هو عليه الان حيث يعيش فيه 18 ألف نازح، كثاني أكبر مخيم بعد مخيم الجفينة، وقال "أن النداءات المتكررة التي يطلقونها للمنظمات المعنية في التدخل العاجل لتوفير الاحتياجات لاسيما التعليم لا تلاقي استجابة سريعة".
 


وقال مثنى لـ"يمن شباب نت"، يوشك العام الدراسي الجاري ان ينتهي دون ان تستكمل منظمة اليونيسيف في بناء مدرسة بالمخيم منذ أشهر، للأسف سنوات تتسرب من حياة الطلاب ومستقبل تعليمي مجهول يؤرق أسرهم".
 
واتهم النازحين في مارب، المنظمات الأممية العاملة في صنعاء بعرقلة نقل حصصهم من المعونات من مديريات الجنوبية للمحافظة، بعد نزوحهم جراء اشتداد المعارك وسيطرة الحوثيين في سبتمبر من العام المنصرم.
 
لافتين إلى مطالبتهم المستمرة منذ أشهر الا ان ضغوطات الحوثيين تحول دون ذلك في نقل كشوفات المساعدات من ثلاث مديريات جنوبية وهي العبدية والجوبة وجبل مراد.
 
وقال مصدر إغاثي لـ"يمن شباب نت" ان بقاء المكاتب الرئيسية للمنظمات في صنعاء تسبب في ضغط هائل عليها من قبل الحوثيين، ما تجبرهم على تجاوزات تؤثر بشكل سلبي كبير على أكثر من مليوني نازح في مارب تعدهم الجماعة خصمها.
 

نزوح مستمر ومستقبل مجهول
 
مازالت الحرب مستمرة في عدد من الجبهات في محافظة مأرب، في ظل استمرار تصعيد ميلشيات الحوثي في محاولتها السيطرة على المحافظة، وهو ما يجعل النزوح حالة مستمرة بشكل يومي من المناطق التي تدور فيها معارك أو يتم استهدافها بالقصف اليومي.
 
وكشف التقرير السنوي للوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب، عن نزوح أكثر من 116 ألف شخص خلال العام 2021، من عدة مديريات في مأرب جراء تصعيد مليشيا، وغالبيتهم استقروا في مخيمات النزوح في مديريتي مدينة مأرب، ومأرب الوادي.
 
وحسب التقرير "فإن إجمالي أعداد النازحين في محافظة مأرب منذ العام 2015م وحتى نهاية العام الجاري بلغ (2.212.992) شخصاً متوزعين على 195 مخيماً في المحافظة"، لافتا "أن هناك احتياجات طارئة كبيرة لتلبية احتياجات النازحين في مختلف القطاعات".
 
ووفق تقرير منظمة" إنقاذ الطفولة" أن ما يربو على مليوني طفل يمني في سن الدراسة أصبحوا خارج المدارس بسبب الحرب والفقر وانعدام فرص التعليم، بينهم 500 ألف طفل يمني نازح لا يحصلون على تعليم رسمي، ومحرومون من أبسط عناصر المعيشة، ويمارسون أعمالا شاقة لا تتناسب مع أعمارهم.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر