قرار مجلس الأمن "2624" بشأن اليمن.. كيف سيوثر على الحوثيين وهل صنفهم "جماعة إرهابية"؟

[ رغم عقوبات مجلس الامن على الحوثيين مازالت واشنطن تدرس إعادة تصنيفهم كإرهابيين ]

في 28 فبراير/ شباط 2022، أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قراراُ جديداً بشأن اليمن، يقضي بحظر توريد الأسلحة لمليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن، ووصفها للمرة الأولى بأنها "جماعة إرهابية".
 
القرار حمل رقم "2624" ويندرج تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وينص على تجديد نظام العقوبات على اليمن، ويدين هجمات الحوثيين عبر الحدود على المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات، ويطالب الجماعة بالوقف الفوري للأعمال العدائية. كما يدرج القرار الحوثيين ككيان تحت حظر السلاح المستهدف.
 
ووسع القرار، الذي اقترحته الإمارات، حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على العديد من قادة الحوثيين "ليشمل كافة أعضائها" بلا استثناء، داعيًا الدول الأعضاء إلى زيادة الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة عبر الطرق البرية والبحرية، وحثها على احترام وتنفيذ التزاماتها لمنع عمليات النقل.
 
وأقر مجلس الأمن القرار خلال جلسة عقدها في 28 فبراير/شباط الماضي، بعد موافقة 11 صوتا عليه، وامتنعت أربع دول عن التصويت وهي إيرلندا والمكسيك والبرازيل والنرويج، وبررت امتناعها بالتداعيات الإنسانية "غير المقصودة" التي يمكن أن تنشأ عن القرار.
 
وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والسعودية والولايات المتحدة، طهران بدعم مليشيات الحوثي، وتزويدها بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي تستخدمها في استهداف السعودية والمدن اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
 
ومنذ بداية الحرب في اليمن عام 2015، عقب انقلاب الحوثيين على سلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، أصدر مجلس الأمن 16 قراراً بشأن اليمن، لكن معظمها لم تُحدث تأثيراً ملحوظ على إيقاف الحرب.
 


تفسيرات مختلفة

أثار القرار جدلًا سياسيًا بشأن تفسير مضمونه واللبس الحاصل في توصيف الخبر الذي نشره موقع الأمم المتحدة الناطق بالعربية. إذ قال إن القرار يصنف الحوثيين "جماعة إرهابية"، ولكنه قام لاحقًا باستبدال كلمة "يصنف" بكلمة "يصف".
 
بالعودة إلى مسودة القرار، تبين أنه لم يتطرق إلى أي تصنيف يتعلق بالحوثيين، وأنه فقط وصفهم فقط في إحدى فقراته بـ"جماعة إرهابية"، في الوقت الذي قالت الممثلة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة: "إن قرار مجلس 2624 كان "قرارا رائدا" تبنى تجديد العقوبات، وأخضع الحوثيين ككيان لحظر الأسلحة وصنفهم على أنهم جماعة إرهابية".
 
ومما ورد في القرار بشأن ذلك: "وإذ يتصرف (المجلس) بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. يدين بشدة الهجمات العابرة للحدود التي تشنها جماعة الحوثيين الإرهابية، ومنها الهجمات على الإمارات والسعودية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية، ويطالب بوقف تلك الهجمات فورا".
 
في هذا الجانب، يقول وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبوبكر القربي، في تغريدة له عبر تويتر، إن "قرار مجلس الأمن 2624 مبني على الغموض ويتيح لكل طرف تفسيره وفق أجنداته لذلك".
 
وطالب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بـ"توضيح الغموض" وتقديم خطته لإنهاء الحرب في اليمن "بما يحقق الحفاظ على سيادة اليمن ووحدته وحل سياسي يمني- يمني تشارك به جميع القوى وعلى اليمنيين الاصطفاف لإنقاذ اليمن من دمار الحرب".
 
وفشلت مساعي الأمم المتحدة والولايات المتحدة في إنهاء الحرب بين الحكومة الشرعية مسنودة بتحالف عسكري تقوده السعودية، ومليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
 
وأدت الحرب التي تدخل عامها الثامن في 26 مارس/ آذار الجاري، إلى مقتل 377 ألف شخص حتى نهاية العام 2021 وتسببت في أزمة إنسانية حادة إذ يعتمد 80 في المئة من سكان اليمن على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.

المحلل العسكري العميد محمد الكميم، اعتبر القرار بأنه "انتصار دبلوماسي سعودي إماراتي"، وأفاد في تغريدة على حسابه بموقع تويتر أن القرار ينهي آمال مليشيات الحوثي "بفرض نفسها سياسيا في المنظومة الدولية كسلطة أمر واقع".
 
ووفق الكميم فإن القرار "ستتبعه الانتصارات العسكرية الميدانية لإنهاء مشروع إيران في المنطقة وقطع ذراعها في اليمن".

 



كيف سيؤثر على الحوثيين؟

يرى المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، المحامي والحقوقي عبد الرحمن برمان، أن قرار مجلس الأمن "تأخر كثيرا. لكنه بمثابة صرخة للمجتمع الدولي في وجه الحوثيين بأن صبره قد نفد".
 
وقال لـ"يمن شباب نت": "بذلك رد (مجلس الأمن) بلهجة شديدة غير معتادة في القضية اليمنية. بعد أن تعامل المجتمع الدولي ببرود كبير جدًا مع انتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي".
 
وأضاف أنه "كان ينبغي من بداية الحرب أن يصدر قرار بمنع توريد الأسلحة للحوثيين ولأي جماعة أي جماعة مسلحة تنشأ خارج إطار الدولة اليمنية".
 
ولفت إلى أن لهذا القرار تبعات ستنعكس "أمام الدول التي ساهمت سابقًا في إيصال الأسلحة إلى اليمن ستكون أكثر إحراجًا وحرصًا على عدم التورط في مثل هذه الأعمال".

وقال برمان "هذا القرار مقدمة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة من قبل المجتمع الدولي تجاه الحرب في اليمن"، وبشأن وصف مجلس الأمن الحوثيين بـ"جماعة إرهابية"، قال إنها "رسالة قوية للحوثيين مفادها نفذ صبر المجتمع الدولي".
 
وأشار: "أن المرحلة القادمة قد تشهد عقوبات أكثر على الجماعة ووضعها وكافة أعضائها الذين ينتمون إليها في لائحة الإرهاب".


ترحيب دولي وعربي

حظي القرار 2624 بترحيب دولي وعربي، وسط دعوات بإنهاء الأزمة اليمنية عبر الحل السياسي، وآمال بأن يسهم القرار بوقف "الأعمال العدائية" للحوثيين.
 
الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، روزي دياز، قالت في تغريده لها: "ترحب المملكة المتحدة بقرار مجلس الأمن بشأن اليمن، والذي يشير لأول مرة إلى الحوثيين كإرهابيين ويدرج المجموعة بأكملها تحت حظر الأسلحة".
 
إلى ذلك تعهد مرشح الرئيس الأمريكي لمنصب سفير لدى اليمن ستيفن فايغن، بالعمل على تعزيز حظر الأسلحة في اليمن لوقف تدفق السلاح للحوثيين.
 
وقال فايغن خلال جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للمصادقة عليه في منصبه، إن "تدفق الأسلحة من إيران إلى الحوثيين سمح باستمرار اعتداء الجماعة على مأرب وعقّد من الجهود لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات". لافتًا إلى أن إعادة إدراج الحوثيين على لوائح الإرهاب هو قيد المراجعة حاليًا.
 
عربيًا، نال القرار ترحيب كلًأ من دول: الأردن ومصر والسعودية والإمارات والبحرين وجامعة الدول العربية ومنظمتا مجلس التعاون الخليجي والتعاون الإسلامي، واعتبرت الدول والمنظمات العربية والإسلامية في بيانات منفصلة، قرار "تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية بأنه خطوة مهمة لوقف هجماتهم العدائية".
 
بدورها، رحبت الحكومة اليمنية في بيان رسمي بهذا القرار، وقالت إن صدوره "يمثل خطوة إيجابية في سبيل الضغط على الميليشيات الحوثية للتخلي عن خيار الحرب والعودة إلى مسار السلام"، كما أشاد بالقرار الدولي كلُ من المجلس الانتقالي والتحالف الوطني للقوى والأحزاب السياسية اليمنية.

 



موقف الحوثيين وإيران

أما بالنسبة لموقف الحوثيين، فاعتبروا قرار مجلس الأمن بأنه "استفزازيًا ومخالفًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".

وقال ما يسمى بوزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، هشام شرف، إن "القرار لم يكن إجرائياً، ويخدم مصالح دول تحالف العدوان (إشارة إلى التحالف العربي)"، متهمًا مجلس الأمن بالخروج "عن الدور المنوط به في حفظ السلم والأمن الدوليين".
 
وزعم شرف في تصريح صحفي نشرته وسائل إعلام حوثية، أن "فقرات القرار تعد مخالفة صريحة لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على الحق الطبيعي للشعوب في الدفاع عن النفس"، داعيًا مجلس الأمن إلى "مراجعة حقيقة دوره الذي أنشأ من أجله في الحفاظ على السلم والأمن العالميين".
 
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في بيان، إن "قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة في اليمن والأدبيات المستخدمة فيه، ستكون له عواقب سلبية على عملية السلام وسيزيد من تباعد المواقف بين أطراف النزاع".
 
وباستمرار تتهم الحكومة الشرعية والسعودية إيران بدعم مليشيات الحوثي بالأسلحة، وسبق أن أعلنت البحرية الأمريكية أنها ضبطت عدة شحنات أسلحة في بحر العرب كانت في طريقها إلى الحوثيين، وكان فريق الخبراء الأممي بشأن اليمن، أبلغ مجلس الأمن أواخر يناير الماضي، أن الحوثيون يواصلون انتهاكاتهم للحظر الذي تفرضه المنظمة الدولية على الأسلحة.
 
وأوضح الخبراء أن الحوثيين يستخدمون شبكة معقدة من الوسطاء الدوليين للحصول على مكونات أساسية لأنظمة الأسلحة الخاصة بهم، وإن هناك أدلة على أن مكونات أسلحة ومعدات عسكرية أخرى "يستمر تزويدها براً إلى الحوثيين من خلال أفراد وكيانات مقرها في عُمان".
 
ورغم نفي إيران المستمرة بدعمها للحوثيين بالأسلحة، إلا أن قيادات عسكرية في الحرس الثوري الإيراني، اعترفوا في أكثر من مناسبة بدعم الحوثيين وتزويدهم بالأسلحة ومساعدتهم في تطويرها، بالإضافة إلى إحباط عدد من شحنات الأسلحة الإيرانية قبالة سواحل البحر الأحمر.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر