بالتزامن مع تصعيد القتال.. لماذا كثفت إيران مساعيها الدبلوماسية لوقف حرب اليمن؟ (تقرير خاص)

كثفت إيران، مؤخرًا، تحركاتها الدبلوماسية بشأن اليمن، بعد أسبوعين من إعلانها عن مبادرة لوقف كامل للحرب في البلد الذي يشهد للعام السابع على التوالي حربا عنيفة بين قوات الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي المدعومة من طهران.
 
خلال الفترة من 28 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 2 فبراير/شباط الجاري، أجرى مسؤولون إيرانيون مباحثات دبلوماسية مع مسؤولين أمميين وآخر إماراتي، حول التصعيد الأخير في اليمن وأهمية الحل السياسي لإنهاء الحرب.
 
وقاد معظم تلك المباحثات وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان، إذ طالب خلال مباحثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بأداء دور أكبر في رفع الحصار الإنساني وضع حد للغارات واسعة النطاق على المناطق المدنية في اليمن".
 
وكثّف التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثيين، غاراته الجوية على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وذلك عقب إطلاق المليشيات صواريخ بالستية في اتجاه أبو ظبي ومناطق سعودية
 
وفي الرابع من فبراير/شباط الجاري، طلب علي أصغر خاجي، كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني، من هانز جروندبرج، المبعوث الأممي إلى اليمن، تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنهاء الحرب، لافتًا إلى أن بلاده "ستواصل الجهود للمساعدة في إحلال سلام عادل في اليمن".
 
وبينما يقول الإعلام الإيراني إن المساعي الدبلوماسية لطهران تأتي ضمن إطار مشاوراتها من أجل إنهاء ما وصفها بـ"الكارثة الإنسانية" في اليمن، لكن مراقبون يرون أن إيران تحاول من خلال مساعيها إنقاذ مليشيات الحوثي التي خسرت محافظة شبوة (جنوب شرق) وفقدت السيطرة على عدة مناطق في مأرب (شمال شرق) وتعز (جنوب غرب) وأخيرًا في حجة (شمال غرب).
 


مبادرة إيرانية

مع تحرير مديريات عسيلان وعين وبيحان في محافظة شبوة مطلع يناير/كانون الثاني الماضي من قبضة الحوثيين وتوغل القوات الحكومية في مديرية حريب جنوب مأرب منتصف الشهر ذاته، بدأت وسائل إعلام حوثية وإيرانية الترويج لمبادرة لحل الصراع في اليمن.
 
وتتضمن المبادرة الإيرانية، وقفاً كاملاً للمواجهات، وفتح المعابر البرية والبحرية والجوية، والبدء بمفاوضات سياسية للاتفاق على المرحلة الانتقالية لما بعد الحرب، على أن تفضي إلى تشكيل حكومة يمنية توافقية لإدارة الوضع العام مع تقديم الدعم الاقتصادي لها.
 
وتشترط المبادرة اتفاقًا إقليميًا بين السعودية والإمارات وإيران، ودوليًا أمريكا وبريطانيا بمشاركة روسيا بتنسيق أممي، لتنفيذ مضامينها.
 
بدورها قالت مليشيات الحوثي على لسان وزير خارجية حكومتها غير المعترف بها دولياً، هشام شرف، إنها وضعت المبادرة الايرانية في إطار البحث أو التعديل البسيط سيكون هو المدخل الرئيس لحل ما يدور في اليمن.
 
وأضاف شرف في تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (فارس) أن المجتمع الدولي تجاهل المبادرة الإيرانية منذ طرحها. داعيًا إلى مناقشة المبادرة الإيرانية التي تُعَدُّ "مفتاح الحل" حد تعبيره، ولم تعلّق الحكومة الشرعية أو التحالف العربي الداعم لها عن المبادرة الإيرانية.
 
وجاءت المبادرة بالتزامن مع تعثر المفاوضات على البرنامج النووي الإيراني والتي تجري في فينا، بين واشنطن وطهران، والذي يشهد تعثر وعدم الحسم في ملفات العودة للاتفاق.


لماذا البحث عن تسوية الان؟
 
في هذا الشأن، قال المحلل السياسي نبيل الشرجبي، إنه "ليس هناك مبادرة بالمعني الحقيقي إنما كانت هناك بعض الأفكار التي طُرحت أثناء تولي ولد الشيخ (المبعوث الأممي لليمن 2015- 2018) الملف اليمني وهي عبارة عن تنبي لأغلب مطالب الحوثيين ومنها وقف الحرب ورفع الحصار وفتح المطار والموانئ ثم إجراء حوار من غير أي مرجعيات".
 


وباعتقاد الشرجبي، فإن سبب طرح المبادرة في هذا التوقيت "له ارتباط بما يجرى في فيينا من مفاوضات حول الملف النووي وقد طرح مسالة المليشيات التابعة لإيران وضبط سلوكياتها، وهو ما ترفضه إيران حتى اللحظة" لافتًا إلى أن "مسؤول الحرس الثوري الإيراني خرج بتصريح يؤكد أن الجماعات التابعة لإيران هي خط أحمر".
 
بدوره، يرى الصحفي هشام سلطان أن "المبادرة الايرانية لم تأت بجديد، وأنها قدمت ذات المطالب التي يطرحها الحوثيون باستمرار".
 
وقال لـ"يمن شباب نت"، إن الحوثيون "يريدون إيقاف ما يسمونه بالعدوان أي عمليات التحالف باليمن ورفع القيود عن الموانئ والمطارات ثم الدخول بعملية سياسية".
 
وأضاف: "الواقع أن هذه المبادرة ليست بجديدة فقد طرحت عدة مرات منذ 2015 لم تحض بأي قبول سواء من الشرعية أو التحالف".
 

مبادرات سابقة

منذ عام 2015، طُرحت عدة مبادرات لوقف الحرب إلا أنها لم تفلح في ذلك، حتى الاتفاقات التي توصلت لها الحكومة والحوثيين بإشراف الأمم المتحدة هي الأخرى لا تزال مُتعثرة.
 
وكانت إيران قدمت في أبريل/نيسان2015 مبادرة تضمنت وقف فوري لإطلاق النار في البلاد، والبدء في خطة للمساعدات الإنسانية، والشروع في حوار يمني يفضي الى تشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة لإنهاء الصراع، لكن لم يُكتب لها النجاح.
 
وفي مطلع مارس/آذار 2021، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، عن طرح خطة جديدة على الحوثيين لوقف إطلاق النار في البلاد، تشمل عناصر من شأنها معالجة الوضع الإنساني المتردي بشكل مباشر، لكن الأخيرين رفضوا الخطة واعتبروها "مؤامرة لوضع البلد في مرحلة أخطر"، وفق متحدث الحوثيين محمد عبد السلام.
 
السعودية هي الأخرى أعلنت في ذات الشهر عن مبادرة لـ"حل الأزمة اليمينة"، تضمنت وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية للسفن والمشتقات النفطية من ميناء الحديدة (غربي اليمن) بالبنك المركزي وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء مشاورات بين الأطراف المختلفة برعاية الأمم المتحدة.
 


بينما غرد متحدث الحوثيين محمد عبد السلام، عبر حسابه على تويتر، قائلا إن "‏أي مواقف أو مبادرات لا تلحظ أن اليمن يتعرض لعدوان وحصار منذ 6 سنوات فهي غير جادة ولا جديد فيها"، دون إعلان موقف صريح تجاه مبادرة المملكة.
 
لكن الحوثيين سارعوا إلى رفض المبادرة، وقابلوها بالتصعيد على السعودية من خلال هجماتهم عبر الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وكثفوا أيضًا هجماتهم على محافظة مأرب.
 
في أبريل/ نيسان من العام ذاته، طرحت الأمم المتحدة، خطة إنسانية لتسوية الأزمة اليمنية، تضمنت "وقفا شاملا لإطلاق النار، وفتح الطرق الرئيسية بين الشمال والجنوب، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية والمحلية".
 
وشملت الخطة أيضًا "ضمان التدفق المنتظم للوقود وغيره من السلع التجارية عبر ميناء الحديدة (غرب) وتوجيه إيرادات دخول سفن الوقود لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية"، ورغم قيام المبعوث الأممي السابق إلى اليمن مارتن غريفيث، بالترويج للخطة وقيامه برحلات مكوكية لإقناع الأطراف اليمنية بها لكن تلك المساعي وصلت بالنهاية إلى طريق مسدود.
 
وتتمسك الحكومة الشرعية بثلاث مرجعيات تعتبرها مرتكزات لأي حل سياسي مع الحوثيين، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216.
 
والمبادرة الخليجية، اتفاق رعته دول الخليج في العام 2011 وحلت محل الدستور اليمني، وتنص على أن هادي هو الرئيس الشرعي للبلاد حتى اجراء انتخابات رئاسية جديدة.
 
ومؤتمر الحوار الوطني الشامل انعقد خلال الفترة من مارس/آذار 2013 حتى يناير/كانون ثان 2014 ونص على تقسيم اليمن إلى دولة اتحادية من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب.
 
وعام 2015 تبنى مجلس الأمن الدولي، استنادا إلى مشروع عربي القرار رقم 2216 الذي يحظر توريد الأسلحة لمليشيات الحوثي ويؤكد دعم المجلس للرئيس عبد ربه منصور هادي ولجهود مجلس التعاون الخليجي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر