هل تدخل "حرب اليمن" مرحلة جديدة تشهد تحول التحالف الى طريقة مختلفة لمواصلة قتال الحوثيين؟

[ مقاتلون من قوات الجيش الوطني في جبهات محافظة مأرب (AFP) ]

قال موقع بريطاني "بعد ست سنوات من الصراع وعدم وجود نهاية تلوح في الأفق للمعركة على مدينة رئيسية، ربما يبحث التحالف الذي تقوده السعودية عن طريقة جديدة لمواصلة قتاله ضد المتمردين الحوثيين".
 
وما تزال نتيجة المعركة المستعرة في حرب اليمن المستمرة منذ سنوات غير مؤكدة، ووفقا لتقرير «Middle East Eye» - ترجمة "يمن شباب نت" - "فإنه مع استمرار المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في قتالهم من أجل مدينة مأرب، تشير إعادة التموضع عبر الخطوط الأمامية إلى أن البلاد ربما تنحدر بالفعل إلى مرحلة جديدة من الحرب".
 
منذ أشهر، يحاول المتمردون الحوثيون الاستيلاء على مدينة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وداعميها العسكريين بقيادة السعودية.
 
كان القتال دمويا من كلا الجانبين، لكن بالنسبة للحوثيين، الذين أرسلت قيادتهم موجات من المقاتلين - كثير منهم من الأطفال - عبر التضاريس المفتوحة للهجوم على المدينة المحصنة، وكانت خسائرهم كبيرة.
 
حيث قال مسؤولون من المتمردين الحوثيين في نوفمبر/ تشرين الثاني إن ما يقرب من 15 ألف مقاتل قتلوا على مدى خمسة أشهر فقط، وفي الآونة الأخيرة صعد التحالف العسكري بقيادة السعودية من غاراته الجوية على الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء التي سيطرت عليها الجماعة عام 2014.
 
ومع ذلك، قال مسؤول كبير في الحكومة الأمريكية لموقع «MEE» إنه على الرغم من الخسائر الهائلة في الأرواح، فإن الحوثيين "يركزون بشكل خاص على الاستيلاء على مأرب" ولا يظهرون "أي مؤشر" على وقف حملتهم العسكرية في حالة وقوع المدينة في أيديهم.
 
 لقد رفضوا عروض وقف إطلاق النار من المملكة العربية السعودية وردوا على الضربات الجوية للتحالف بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة الخليجية، ورغم افتقار الحوثيين إلى القوة الجوية التقليدية لم يمنعهم من تحقيق مكاسب.
 


فبعد أشهر من القتال، شقت الجماعة طريقها إلى مسافة كيلومترات قليلة من وسط المدينة وأسست موطئ قدم في ارتفاعات استراتيجية تطل على جائزتها الحضرية.
 
الحكومة اليمنية مصرة على قدرتها على صد الحوثيين، وفي مؤتمر أمني في البحرين يوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية إنه "واثق" من أن المدينة لن تسقط وحذر من أن مثل هذا الحدث سيكون بمثابة "نهاية لجهود السلام" في البلاد.
 
ومع ذلك، فإن حقيقة أن ما كان ذات يوم معقلًا للحكومة ومنارة للاستقرار في اليمن، أصبح مركزاً لصراع مرير من أجل البقاء، يشير إلى المدى الذي انهارت فيه طموحات التحالف الذي تقوده السعودية، وفقا للتقرير.

وقال مسؤول عسكري غربي كبير، تحدث إلى موقع «MEE» بشرط عدم الكشف عن هويته، إن عدم قدرة التحالف على كسر هجوم الحوثيين على الرغم من إلحاق إصابات كبيرة، يؤدي إلى "قبول على مضض" للجماعة.
 
وقال الشخص الذي لديه معرفة مباشرة بالقتال: "إنهم (التحالف الذي تقوده السعودية) لم يتخلوا عن المدينة، لكن هناك تفكير استراتيجي على المدى الطويل"، وتابع "الوضع في مأرب يجعلهم يخططون في أي تطورات تحدث مستقبلاً وكيف التعامل معها".
 
 
إعادة الانتشار أم الانسحاب؟
 
يقول مراقبون ومحللون إن هناك بالفعل مؤشرات على إجهاد الحرب داخل التحالف، في الشهر الماضي، انسحب الجيش السعودي من قاعدة في مدينة عدن الساحلية، وبالمثل كانت هناك تقارير عن انسحاب السعودية من منطقة المهرة شرقي اليمن، وخروج القوات الإماراتية من ساحة معركة رئيسية في الجنوب.
 
وقال محمد الباشا، كبير محللي شبه الجزيرة العربية في مجموعة نافانتي، لموقع «MEE»: "إن الإمارات تنفصل ببطء ولكن بثبات عن اليمن، كما قلص السعوديون من وجودهم العسكري داخل البلاد".
 
وشارك الباشا صور الأقمار الصناعية، التي ادعى أنها تظهر أن التحالف يقوم بإزالة المعدات العسكرية الثقيلة وإغلاق القواعد كدليل على أن كلا البلدين "يحاولان تخليص أنفسهما من الصراع الذي طال أمده".
 
ونفى التحالف عن مزاعم الانسحاب، قائلا إن تحركات القوات جزء من إعادة انتشار عسكرية مدروسة، ويقول المقاتلون اليمنيون على الخطوط الأمامية إن مؤيديهم الدوليين ما زالوا حاضرين.
 
وقال جندي في القوات المشتركة المدعومة من السعودية والإمارات: "لن يخيب التحالف آمالنا لأن اليمن والدول المجاورة ستتأثر بالحوثيين إذا استولوا على المزيد من الأراضي".
 


حتى لو لم ينسحب التحالف من اليمن، يقول المسؤولون إنه يعيد تمركز قواته في حالة سقوط مأرب، وقال المسؤول العسكري "إنهم بحاجة لتأمين ما لديهم (الأرض) من مكاسب".
 
وقد أدت هذه التحركات إلى تداعيات في جميع أنحاء البلاد، في وقت سابق من هذا الشهر، وحذر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن من "فصل جديد" في الحرب يبدو "أكثر تجزئة ودموية".
 
ونزح أكثر من 6000 شخص بسبب القتال في نوفمبر عندما انسحبت قوات التحالف فجأة من الأراضي الواقعة جنوب مدينة الحديدة الساحلية، مما مهد الطريق للمتمردين الحوثيين لسد الفجوة.
 
وقال التحالف إنه يحتفظ بموقف "مرن" لنشر الموارد حيث تكون هناك حاجة ماسة إليها، لكن الأمم المتحدة، التي لم يتم إبلاغها بالخطوة مسبقًا، قالت إنها تمثل "تحولًا كبيرًا" في الحرب.
 
لطالما انتقدت جهود التحالف بقيادة السعودية في اليمن من قبل المجتمع الدولي، في الولايات المتحدة، سعى المشرعون إلى منع مبيعات الأسلحة للرياض بسبب دورها في اليمن، وكانت إحدى الخطوات المميزة لإدارة بايدن عند توليها منصبه هي الإعلان عن إنهاء الدعم الهجومي الأمريكي لشركائها العرب.
 
لكن أي انسحاب الان من شأنه أن يحدث دون حدوث وقف إطلاق النار، وفي وقت ستكون فيه جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية قد انهارت تقريبًا، ويتفق معظمهم على أن القتال في اليمن لن ينتهي ببساطة إذا انسحب التحالف.
 
في حديثه في واشنطن الأسبوع الماضي، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات العربية المتحدة، إن اليمن يمكن أن ينزلق إلى "فراغ" مع تفكير الفاعلين المحليين "تكتيكيًا"، حيث يتصارعون في خريطة ساحة المعركة بدلاً من الانخراط في التفكير "الاستراتيجي" لحل الصراع.
 
في عام 2019، أعلنت الإمارات مشيخة الخليج، المحبطة من القتال في حرب لم ترَ أي فرصة للفوز بها، انسحاب قواتها من اليمن، وهذا لا يعني أنها ابتعدت، فبدلاً من الاعتماد على بصمة عسكرية ثقيلة، فضلت ممارسة النفوذ من خلال دعم مجموعة من الوكلاء الموجودين في الغالب على طول ساحل البحر الأحمر اليمني وخليج عدن.
 
 قد تكون المملكة العربية السعودية في طريقها لاتباع نموذج مماثل، وقال المسؤول العسكري إن "الدعم فوق وتحت الطاولة لتجمعات المعارضة" سيكون حجر الأساس لاستراتيجية التحالف.
 


تأمين الجنوب
 
يرى بعض المحللين أن مسار الحرب يعود إلى جغرافية اليمن القديمة، ففي وقت من الأوقات كانت البلاد مقسمة إلى دول شمالية وجنوبية مستقلة اليوم، أقام الحوثيون دولة بحكم الأمر الواقع في الشمال، بينما يسيطر مزيج متباين من قوات التحالف على الجنوب.
 
يعتقد جريجوري جونسون، المحلل في معهد دول الخليج العربية بواشنطن العاصمة، أن هذه الانقسامات ستستمر لبعض الوقت، حيث قال لموقع «MEE»: "من الصعب تصور سيناريو يُهزم فيه الحوثيون عسكريًا أو يُجبرون على تقاسم السلطة"، مضيفًا: "لا أعتقد أنه سيتم إعادة تشكيل اليمن كدولة واحدة في أي وقت قريب".
 
ويقول مسؤولون ومحللون إن تأمين الجنوب سيكون حاسما بالنسبة للتحالف إذا سيطر الحوثيون على مأرب لكن ليس بدون صعوبة، حيث تدعم الإمارات والسعودية المعسكرات المتنافسة في المنطقة، في بعض الأحيان يكونون عرضة للاشتباك مع بعضهم البعض مثلهم مثل قتال الحوثيين.
 
في عام 2019، خاض المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وهو حركة انفصالية تهدف إلى استعادة دولة مستقلة في جنوب اليمن، معركة ضارية مع الحكومة اليمنية للسيطرة على مدينة عدن الساحلية.

وقال باولو نابوليتانو، المحلل البارز في «Dragonfly Intelligence» الاستخبارية، إن السعودية تعمل على نزع فتيل التوترات بين الجانبين من أجل "إعطاء الأولوية للقتال ضد الحوثيين"، وذلك بهدف منع تقدم المتمردين.
 
واعترف المسؤول الأمريكي الكبير بالانقسامات بين المعسكرين السعودي والإماراتي، مضيفًا أن هناك مخاوف من أنها قد تقوض الوحدة ضد الحوثيين بينما تواصل الولايات المتحدة الضغط من أجل وقف إطلاق النار، وقال "نحن [الولايات المتحدة] نريد أن تتحدث جميع الأطراف في اليمن مع الالتزام بحل سياسي".
 
 قد يكون لعدم القدرة على تأمين الجنوب تداعيات على المنطقة الأوسع أيضًا، حيث تتمثل استراتيجية الإمارات في اليمن في استخدام وكلائها لتأمين الساحل الحيوي، بما في ذلك الأراضي الواقعة على جانب شبه الجزيرة العربية من باب المندب، وهو ممر مائي مهم في البحر الأحمر يمر عبره 10٪ من التجارة العالمية.
 
حتى مع استمرار الحوثيين في شن هجماتهم بالصواريخ والطائرات بدون طيار عبر الحدود على المناطق النائية للمملكة العربية السعودية، يقول المسؤول الأمريكي الكبير إن الحركة تتطلع إلى زيادة قدراتها البحرية بزوارق مفخخة وألغام.
 
ومع اندلاع القتال حول مدينة الحديدة الساحلية الشهر الماضي، أجرت الولايات المتحدة تدريبات بحرية منفصلة في البحر الأحمر مع حلفائها في الخليج، حيث أنه وعلى الرغم من أن التدريبات لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالحوثيين، إلا أنها أكدت أهمية الجوار اليمني من أجل حرية الملاحة وتدفق التجارة.
 
في وقت سابق من هذا الشهر، قال الأسطول الخامس الأمريكي إنه اختبر بنجاح إطلاق ليزر مسلح قبالة سواحل اليمن، والذي يمكن استخدامه ضد القوارب غير المأهولة المفخخة التي ينشرها الحوثيون.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر