مباحثات عسكرية يمنية دولية.. ما طبيعتها وكيف يمكن أن تؤثر على ميزان القتال؟ (تقرير خاص)

[ رئيس هيئة الأركان العامة الفريق صغير بن عزيز خلال لقاءه قائد قوات البحرية الأمريكية الوسطى في 20 نوفمبر 2021 ]

أثارت المباحثات العسكرية التي أُجريت مؤخرًا بين رئاسة هيئة أركان الجيش الوطني، مع ملحقين ومسؤولين عسكريين في التحالف العربي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تساؤلات بشأن أهميتها ودلالة توقيتها لا سيما وأنها تأتي بالتزامن مع تصعيد عسكري غير مسبوق في اليمن.
 
خلال الفترة من 15 – 20 نوفمبر الجاري، أُجرى ستة لقاءات منفصلة بين رئيس هيئة الأركان بالجيش الفريق الركن صغير بن عزيز مع كل من قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي ورئيس هيئة الأركان السعودي الفريق فياض الرويلي، إلى جانب قائد قوات البحرية الأمريكية الوسطى قائد الأسطول الخامس الفريق بحري براد كوبر والملحقين العسكريين في سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومصر لدى اليمن.
 
ناقشت تلك اللقاءات سير العمليات العسكرية في مختلف الجبهات ضد مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وسُبل تأمين طرق التجارة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ووفق المصادر الرسمية "فإن الملحقين العسكريين وقائد الأسطول الخامس أكدوا دعم بلادهم لقوات الجيش الوطني في معركة استعادة الدولة وتأمين طرق الملاحة الدولية".
 
تلك المباحثات كانت لافته حيث يراها مراقبون بأنها تعكس وجود بوادر دولية لدعم الجيش الوطني ضد مليشيات الحوثي وخاصة مع التحركات العسكرية الأخيرة سواء الميدانية أو الغارات الجوية، في حين اعتبرها آخرين بأنها مجرد تفاهمات روتينية لا تتجاوز مستوى التعاون العسكري التقليدي بين البلدين.
 
وخلال الأيام الماضية كان هناك تطور لافت أيضا في عودة التحالف العربي لقصف مواقع الحوثيين في العاصمة صنعاء لأول مرة، منذ نحو ثلاثة أعوام والتي استهدفت مواقع للطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، بعد أن أطمئن الحوثيون ومعهم الخبراء الإيرانيين وحزب الله، والذين يعملون على التدريب والتخطيط للميلشيات.
 


ضغوط لتسليح الجيش
 
تأتي تلك المباحثات على وقع تصاعد القتال بين قوات الجيش الوطني ومليشيات الحوثي الانقلابية في محافظتي الحديدة الساحلية (غرب البلاد) ومأرب (شمال شرق)، بالتوازي مع عودة العمليات العسكرية الواسعة للتحالف العربي ضد مواقع عسكرية ومخازن أسلحة للحوثيين في صنعاء.
 
وشهدت الأيام الماضية، حراكًا مكثفًا للأمم المتحدة والولايات المتحدة عبر مبعوثيها إلى اليمن بشأن إقناع أطراف النزاع بالتهدئة، لكن تلك المساعي لم تنجح في وقف القتال خصوصًا هجوم مليشيات الحوثي على مدينة مأرب الغنية بالنفط.
 
ويرى مراقبون أن تصدر ملف دعم الجيش الوطني أجندة تلك المباحثات العسكرية، يأتي ضمن تحركات وزارة الدفاع وهيئة الأركان لتعزيز قدرات الجيش الوطني لا سيما بعد أن تزايدت الدعوات والمطالبات السياسية والبرلمانية على الحكومة الشرعية بدعم الجيش وتسليحه بمعدات تحوله من وضعيه الدفاع - كما هو الحال في معظم الجبهات - إلى الهجوم.
 
ومطلع نوفمبر الجاري، طالب 25 عضوا في البرلمان اليمني (من أصل 301)، رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، بضرورة التحرك العاجل لتوفير سلاح وعتاد للجيش الوطني "من أية جهة كانت".
 
واستغرب الأعضاء حينها في بيان لهم "هذه اللامبالاة تجاه المعركة من قبل الحكومة، وعجزها عن تلبية احتياجات الجيش الوطني من العتاد والسلاح والمرتبات"، وخلال سنوات الحرب والمواجهة مع ميلشيات الحوثي قدرات الجيش الوطني في التسليح مازالت تحكم بسياسية التحالف ويديرها بشكل مطلق.
 



لقاءات روتينية

الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب، يرى أن لقاءات رئيس هيئة الأركان بالملحقين العسكريين "أنها تندرج في إطار العلاقات الثنائية العسكرية بين البلدين وهذه العلاقات لا تتجاوز علاقة التعاون العسكري التقليدي".
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت" أن التباحث قد يكون ركز "حول التعاون في مجال التدريب والتأهيل وإعداد الكوادر أو تفاهمات بشأن تحديث أسلحة وأنظمة الجيش"، وأشار: "حتى الان نستطيع أن نقول بأنها تفاهمات لم تصل إلى مرحلة التنفيذ لأن مثل هذه القضايا تبدأ بمفاوضات ثم وفود مشتركة".
 
وبحسب الذهب فإن "الملحق العسكري لا يقضي بشيء في حينه ولكنه يتلقى العروض أو الطلبان من الدولة المستضيفة ثم يعرضها على قيادة دولته ثم يأتي بالرد".
 
أما فيما يتعلق بالتسليح، يقول إنه "لا يزال هناك قيود مفروضة على الحكومة الشرعية في إطار أنها واقعة تحت الفصل السابع ولا يمكن أن تخطو خطوات جبارة كي تكون إرادتها وقرارها العسكري وتسليحها يجعلها تدير عملياتها بمعزل عن التحالف".
 
ويصف الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية تلك اللقاءات بأنها "روتينية تخدم قضايا معينة كالتدريب والتأهيل والتنسيق المعلوماتي في أطر محددة".
 


غياب قرار الجيش

بدوره، يعتبر الصحفي هشام سلطان المباحثات التي أجراها رئيس هيئة الأركان بأنها "مجرد مباحثات شكلية"، مضيفًا في حديثه لـ"يمن شباب نت"، أنه في حال كانت "هناك ترتيبات لمرحلة قادمة نوقشت خلال المباحثات فإن قيادة الجيش والشرعية لن يكون لهما قرار في منعها أو ابداء ملاحظات عليها، وسيقتصر الأمر على إطلاع طرف الشرعية بالأمر والنقاط التي ستوكل اليه تنفيذها".
 
ومن وجهة نظر سلطان فإن "المرحلة القادمة ستشهد تغيرات عسكرية وفي كل الأحوال ليست لصالح الشرعية وسيجد الجيش نفسه مرغمًا على القبول بها لأنها رغبة التحالف والدول الكبرى التي وراءه".
 
ووفق سلطان فإنه "الملف العسكري في اليمن تتحكم به السعودية، وبالتالي لا يسمح للجيش باتخاذ أي قرار بدون موافقتها، بل إن معظم القرارات تتخذها السعودية دون الرجوع للجيش أو لقيادة الشرعية".
وبناء على ذلك يرى أن "مباحثات كهذه إن ناقشت فعلًا دعم الجيش فلن تخرج بأي نتائج يحصل من خلالها الجيش على دعم حقيقي، وإن حصل على دعم فلن يكون إلا دعمًا بسيطًا ومحدودًا كبعض الأسلحة العادية أو ذخائر أو دعم مالي أو تغذية".
 
وفي 20 نوفمبر/ تشرين ثاني 2021، نقلت صحيفة "وول ستريت" الأمريكية، عن مسؤولين مطلعين "إن المملكة العربية السعودية أطلقت إعادة تقييم داخلية لاستراتيجيتها في اليمن والتي يتوقع أن تستكمل في وقت لاحق من هذا الشهر"، وقالت "أن المسؤولين السعوديين طلبوا من إدارة بايدن تقديم دعم استخباراتي وعسكري لاستهداف المواقع التي يستخدمها الحوثيون لإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على مدن سعودية".


والمعطيات الحالية على الأرض في المواجهات العسكرية الواسعة، ومن ضمنها القصف الجوي المتواصل التي تشنه مقاتلات التحالف على مواقع استراتيجية لميلشيات الحوثي، تعطي انطباع عام عن توجه نحو التصعيد العسكري ضد الحوثيين، لكن لا يعرف الى أي مدي يمكن أن يصل، فهو إما عملية ردع لوقف تصعيدهم في مأرب وعلى الأراضي السعودية، أو إجبار الحوثيين على الخضوع للتفاوض ضمن حسابات إقليمية ودولية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر