"ضياء الحق الأهدل".. وهج تعز المشرق الذي أطفأته خفافيش الظلام (تقرير)

[ ضياء الحق الأهدل القيادي في إصلاح ومقاومة تعز ]

خيّم الحزن على مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن) غداة اغتيال القيادي في المقاومة الشعبية وحزب الإصلاح في المحافظة "ضياء الحق الأهدل" على أيدي مجهولين أمس السبت.
 
فرغم الصباحات المفعمة بالأمل والحياة التي دأبت عليها تعز، إلاّ أن شوارعها بدت اليوم مكفهرة شاحبة بعد أن افتقدت خطوات "الأهدل" التي لم يغادرها قط في فرحٍ أو حزن، وذلك في وئامٍ متجانس بين الروح والمكان.
 
اغتيال ضياء الحق الأهدل، لم يقُصد به اغتيال الشخص بقد ما استهدف ضياء تعز ووهجها المشرق وحقها في الحياة والمقاومة والصمود، أمام كل عصابات الظلام وأيادي الغدر والإرهاب.
 
يُجمع كل المراقبين والمقربين في يوم الفقد الكبير لابن تعز وعنوان نضالها، أن تعز المستهدف الأول بهذا الاغتيال فالقيادي الذي يكبر بعض الكيانات مكانة وحضوراً كان شُعلة تعز في مواطن الثورة والمقاومة والنضال طوال أكثر من عقد من الزمن.
 
ناطق محور تعز العقيد عبدالباسط البحر، وصف الحادثة بأنها "اغتيال لتعز كلها تعز الثورة والمقاومة والنضال والفكر والثقافة..اغتيال للأمن والسلم المجتمعي بتعز، واغتيال للحرية والكرامة والرجولة والشرف والنزاهة.. اغتيال لكل المعاني الجميلة.. اغتيال الحياة والتعايش هو اغتيال لنا جميعا".
 
كان الشهيد الأهدل قريباً من تعز من أرضها من همومها من معاناتها، كان قريباً من ناسها يحتضن أحلامها وآمالها وآلامها في قلبه الكبير لايفرق بين قريب أو بعيد حاضر أو غائب، اقترب من الانسان حتى من عدوه الذي باشره بإطلاق رصاصات غادرة من مسافة صفر كما تقول بعض الروايات.
 
دماء ضياء التي روت أرض تعز، تجسيدٌ حي على حبه لها وارتباطه بها، ودليل دامغ على أن ابن الأرض منتصراً في كل المواجهات ولن تهزمه سوى رصاصة غادرة من خفافيش ظلام أخفت وجهها خلف أقنعة سوداء وفرت في زحام الفوضى العارمة.


 
جريمة مدفوعة بدعاية سوداء
 
على مدى سنوات طفحت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية الصفراء على الإنترنت، بحملات تشويه مموّلة ومنظّمة ضد الأهدل تشارك فيها خصوم سياسيين وأعداء وجلاوزة من بقايا النظام السابق، كل ذلك هيأ المسرح لارتكاب الجريمة السياسية بحق الأهدل بالأمس، وهي جزء من جريمة انطلقت قبل أعوام واستهدفت نُخب ومؤثرين وقيادات في المقاومة الشعبية وعددا كبيرا من قيادات وأفراد الجيش الوطني.
 
الحملات السوداء التي استهدفت (الأهدل) ضمن حملة كبيرة استهدفت الإصلاح، وأكبر من ذلك استهدفت تعز، وباندفاع مجنون يكشف حجم الوجع لدى تلك الأبواق ومموليها ألصقت كل مشاكل  المدينة بضياء الحق الاهدل، في مهمة لاغتياله إعلامياً وشعبياً تمهيداً للاغتيال الدموي.
 
لم تكتفي تلك المواقع الصفراء عند ذاك الحد بل استمرت في التحليلات الخرقاء حتى بعد موته، وبلغة مفضوحة بررت الجريمة وألصقت تهمتها بكيانات قالت إنها ضحت به تغطية على انتكاسات ميدانية في محافظات أخرى.
 


رجل استثنائي
 
تمتع "ضياء الحق الأهدل"، بكاريزما شاب استثنائي، وتحول على مدى أكثر من عقد من الزمن إلى مصدر إلهام وظاهرة مجتمعية شبابية قل نظيرها في وطن يرزح تحت المعاناة.
 
كان من أبرز القيادات السياسية في حزب التجمع اليمني للإصلاح بتعز، وبرز نجمه خلال الثورة الشبابية الشعبية عام 2011م، وتصدر صفوف مقاومة مليشيات الحوثي بعد الانقلاب، وكان يعمل نائباً لرئيس مجلس المقاومة الشعبية في تعز، ومسؤولا لملف الأسرى والمعتقلين بالمحافظة.
 
وصفه نائب رئيس إعلامية الاصلاح عدنان العديني بأنه "أحد وجوه تعز الجديدة التي تموضعت في مكان متقدم لمواجهة مشروع الهيمنة ورفضت الخضوع وتمسكت بحريتها".
 
أما الكاتب والمحلل السياسي اليمني نبيل البكيري فقال راثياً: "كان كبيرا بحجم تعز واليمن كلها عاش للناس ومنهم وإليهم بسيطا زاهدا متواضعا وهو في قمة العمل الوطني".
 
وأضاف: "الاستاذ والقيادي التربوي والسياسي ضياء الحق، كان علما من معالم اليمن وتعز تحديدا صديق الجميع و قاسم مشترك لكل تنوعات تعز وتفرعاتها، تعز مدينتها وريفها التي تعرف ضياء ويعرفها".
 
من جهته قال عنه الناشط بندر البكاري: "رجل الحوار ومهندس اتفاقات المصلحة العامة، شخصية جامعة، صاحب موقف صلب وثابت، صديق البسطاء ورفيق الشباب وعمود الخيمة الإنسانية في تعز"، مضيفاً: "ضياء الحق الأهدل اسم ستخلده تعز في ذاكرتها الجمعية والإنسانية، ولن يخفت الضياء بعملية اغتيال جبانة حيكت بالظلام ولن يزهق الحق أبداً".



فقدٌ كبير

منزل ضياء في المدينة كان سكن للطلاب القادمين من قرى سامع، تدخل بيته وهو مليان طلاب وعمال، ضياء كان واحد منهم وفيهم. أكثر من يفتقد ضياء هم الطلاب والمساجد، هكذا رثاه الصحفي هشام المسوري.
 
وأضاف: "ضياء ابن المدينة المقاومة، حبيب ناسها وصديق حاراتها ورفيق أبطالها، والد يتامى الشهداء وطبيب جرحاها، من المدينة المحاصرة والصابرة قاوم ضياء وعاش فيها ولها، تفتقدك تفاصيل الحارات القديمة وبوفية النعمان وشارع جمال وشعير المظفر واتحادات الطلبة وخطوط التماس وحوارات السياسة ومواقع المسؤولية".
 
وتابع المسوري: "يشتاق إليك أصحاب البلاد في مقيلك الكبير، سماحتك الطليقة جعلت رحيلك عنا أكثر إيلاما وحزنا".
 
أما الإعلامي عبدالله الشرعبي، فقد وصف اغتيال الأهدل بـ "الفاجعة الأليمة"، وقال: "لن يشعر بحجم خسارة الاستاذ ضياء إلا المحبين لتعز فقد تم اغتيال رجل التوافق والصلح والسلام  في تعز كان همه الكبير وحدة صف تعز .. انها فاجعة بكل المقاييس".
 
من جهته كتب الصحفي راكان الجبيحي: "إن الغصة تخنقنا، تسكن صدورنا، عيوننا مفتوحة على اتساع مآقيها، نعيش غاية الذهول ومنتهى الصدمة، ما زلنا دونما نوم أو هدوء، إن الخسائر أحجام، وخسارتك يا ضياء من النوع الثقيل".
 
وأضاف:: "لقد كانت روحه تنزف ألماً، ولحيته تغسلها الدّموع، وملامح الوجع واضحة على تجاعيد وجهه المنير، في كل لحظة استشهاد أو إصابة فردٍ أو قائدٍ أو رفيقٍ، في كل موقف إنساني، وحالة حرجة، ويُساهم في تخفيف هذه المعاناة، ويمد يد العون والعطاء بقدر ما يستطيع".


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر