امتحانات الثانوية بلا تحصيل علمي وتداعيات مقلقة على الطلاب من مستقبل مجهول (تقرير خاص) 

[ طالبات أثناء تأديتهن للامتحانات الوزارية النهائية في مدرسة رابعة العدوية بصنعاء (unicef) ]

منذ بداية العام الدراسي يذهب "معتصم أمين" إلى المدرسة في الصباح الباكر أملا في استدراك دروس المواد العلمية الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات لكن غياب أساتذة المواد، وتدهور التعليم في المدارس الحكومية في صنعاء شكل عائقا في تعليمة على غرار المئات من طلاب الشهادة الثانوية بمناطق سيطرة الحوثيين.
 
يقول "معتصم" (18عاماً) طالب في الثانوية العامة: "مع بدء الامتحانات يراودني الشعور بالخوف، والقلق خصوصا عندما يتعلق الأمر في امتحان المواد العملية فإن مخاوفي تتضاعف خشية السقوط وضياع مستقبلي".
 
وكانت وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين في صنعاء أعلنت عن بدء امتحانات الشهادتين الأساسية في مناطق سيطرتها ابتدأ من السبت الماضي، وسط حالة من الخوف والهلع بين أوساط الطلاب الذين يدخلون إلى قاعات الامتحانات على واقع مدارس مغلقة طول أيام العام الدراسي.
 


امتحانات بلا تحصيل علمي

وفقاً لوزارة التربية والتعليم التي يسيطر عليها الحوثيون، فإن نحو (٤٦٣ ألف و٧٨٥) طالب وطالبة في المرحلتين يشاركون في الامتحانات التي انطلقت السبت الماضي للحصول على الشهادة في المرحلتين الثانوية، والأساسية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين.
 
وقال طلاب في صنعاء لـ "يمن شباب نت" "عن أي امتحانات تتحدث الميليشيات الحوثية.. يتحدثون كما لو أنهم طول العام الدراسي حاضرين في المدراس لتعليمنا وأن المدارس مفتوحة أمامنا وجميع المعلمين حاضرين لتعليمنا.
 
يتساءل "معتصم أمين" عن مستقبله، ومستقبل بقية زملائه الطلاب الذين يدخلون إلى قاعات الامتحانات من دون أدنى تحصيل علمي على غرار مئات الآلاف من الطلاب في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين.
 
ويتحسر "معتصم" لعدم قدرته على التعليم بأحد المدارس الخاصة في صنعاء مثل بقية أصدقائه نتيجة عجزه عن توفير رسوم التسجيل الباهظة والتي يقول بأنها ارتفعت بشكل جنوني خلال الأعوام الماضية.
 
تماماً مثل "معتصم" يرى "نبيل قائد"  -طالب في المرحلة الثانوية - أن العام الدراسي  ضاع من دون أدنى تحصيل علمي يذكر.
 
يقول نبيل (21 عاماً) التعليم في المدارس الحكومية في صنعاء تحول كما لو أنه أشبه بحرب على الطلاب من أبناء الفقراء والمساكين وتدمير مستقبلهم.
 
يروي: نبيل لـ "يمن شباب نت "، عدد أيام الدراسة خلال العام الدراسي في المدرسة الحكومية التي يتلقى تعليمه الثانوي فيها قائلا "عام دراسي كامل أستطيع القول بأن عدد أيام الدراسة فيه لا تتعدى الشهر الواحد، لافتاً إلى أنها بمعدل ثلاث حصص في اليوم الواحد ومعظمها مواد أدبية فقط.
 
ويرى: المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين "يحيى اليناعي" أن الامتحانات في صنعاء وما حولها تقام لأهداف خاصة لا علاقة لها بتقييم التحصيل العلمي والكفاية المعرفية وقياس نسبة تحقق الأهداف التربوية.
 
وقال في حديث لـ "يمن شباب نت"، إن ميليشيا الحوثي بتسيس العلمية التعلمية في مناطق سيطرتها بما في ذلك امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية.
 
وأضاف: "الامتحانات تجرى لمنح أفضلية في الدرجات العلمية لعناصر وفئات معينة، ولمساومة الطلبة بالذهاب لجبهات القتال مقابل منحهم نسب نجاح عالية".
 


مخاوف من مستقبل مجهول

يشارك مئات الطلاب والطالبات في الامتحانات في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين على واقع تحصيل علمي هش وسط مخاوف الطلاب وأولياء أمورهم من تدمير مستقبلهم.
 
يخشى "محمد حسن" على مستقبل من تبقى من أبنائه في ضل تراجع العملية التعلمية وتدهور التعليم بشكل غير مسبوق في المدارس الحكومية في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين خلال السنوات الماضية.
 
يقول محمد (43عاماً) لم تشهد العلمية التعلمية تراجع، وانهيار مثل هذه المرحلة مطلقا ًمستقبل أبنائنا في خطر مضيفا ًليمن شباب نت" أبناؤنا بين خيار التجهيل، والتفخيخ في إشارة إلى التغييرات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي في المناهج الدراسية بمناطق سيطرتها.
 
وخلال السنوات الماضية شهدت العملية التعليمية تدهورا غير مسبوق في اليمن خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
 
ومطلع العام الحالي قالت منظمة سام للحقوق والحريات: إن العملية التعليمية في اليمن تشهد عجزًا وتراجعًا مستمرين بسبب الحرب وتصاعد حالة الاستقطاب السياسي والمذهبي.
 
وأكدت المنظمة بأنها رصدت أرقاما مقلقة خلال السنوات الماضية حول الانتهاكات التي طالت العملية التعليمة في اليمن، والتي كان لها التأثير في تردي جودة التعليم في كثير من المناطق، خاصة المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.
 
وأوضحت المنظمة بأنها "سجلت أكثر من 950 حالة انتهاك، كفرض جبايات مالية على الطلاب، ومداهمة واقتحام مدرسة، وتحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية، إضافة لنهب المدراس وإغلاقها وتغيير أسماء المدارس بأسماء رموز دينية لجماعة الحوثي.
 


"النجاح بدون امتحان" مقابل التجنيد مع الحوثيين
 
يقول المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي، "بأن الامتحانات في صنعاء باتت أحد روافد الحرب، من خلال استغلالها لتجنيد آلاف الفتيان في التعليم العام".
 
وسبق لوزير التربية والتعليم الحوثية يحيى الحوثي، أن منح عددا كبيرا من الطلاب شهادات إتمام المرحلة الأساسية والثانوية دون دخولهم قاعات الامتحانات وبدرجات عالية لأنهم وافقوا على الانخراط في صفوف مليشيات الحوثي وانخرطوا في القتال في صفوفها كما قام بمنح الطلبة المنتمين لسلالة الحوثي وما يعرف بالعناصر الإمامية أفضلية خاصة في الدرجات تضمن قبولهم في الجامعات بالخارج" وفقا لحديث اليناعي.
 
وكانت نقابة المعلمين اليمنيين نشرت قبل أيام قليلة وثيقة تكشف أن عدد الطلاب " في الصف التاسع والصف الثالث ثانوي" الذين أعفتهم جماعة الحوثي من الامتحانات وجندتهم خلال عام واحد "2015 م" واشتركوا في القتال مع مليشياتها بلغ 4840 طالب.
 
وقال "اليناعي" في تصريح لـ "يمن شباب نت" بأن هناك زيادة متصاعدة في نسبة من تم تجنديهم في صنعاء من قبل ميليشيا الحوثي من خلال تسييس الامتحانات كل عام.
 
وأضاف: "تعلم ميليشيا الحوثي أن إعفاء الطلبة من الامتحانات، هو ما سيقنع الآلاف منهم على اختيار الانضمام للميلشيات عوضا عن الذهاب إلى قاعات الامتحان وأن من شأن منح الطلاب معدلات نجاح عالية أن يحفز الكثير منهم للانخراط في صفوف المليشيات الحوثية".
 
وتابع "يمكن القول بأن للامتحانات في صنعاء تداعيات مقلقة على حياة الطلاب، تنعكس في شكل زيادة متصاعدة في نسبة تجنيدهم للحرب".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر