بعد أسبوع من المحادثات المكثفة.. هل خرج الوفد العماني من صنعاء بـ"خفي حنين"؟ (تقرير خاص)

[ الوفد العماني أثناء مغادرته مطار صنعاء بعد أسبوع من اللقاءات غير المثمرة مع قيادات الحوثي ]

  بخفي حنين؛ عاد الوفد العماني إلى "مسقط"، بعد نحو أسبوع من زيارته العاصمة اليمنية صنعاء لإجراء مباحثات مكثفة مع قيادات مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، حول مبادرة وقف إطلاق النار الشامل في اليمن، وملحقاتها.
 
 واليوم الجمعة، غادر الوفد العماني مطار صنعاء الدولي رفقة قيادات في ميليشيات الحوثي، دون أن يدلي بأي تصريحات للصحفيين الذين تواجدوا في المطار، حول نتائج زيارته، ما أعتبره البعض مؤشرا على فشل مهمته.
 
وجاءت الزيارة في ظل حراكا دبلوماسيا وسياسيا مكثفا، في إطار مساع دولية وإقليمية لإحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، التي دخلت عامها السابع، وتسببت بأزمة إنسانية تقول الأمم المتحدة إنها الأكبر على مستوى العالم.
 

مهمة صعبة

ومع وصول الوفد العماني صنعاء، السبت الماضي (5 يونيو/ حزيران)، سادت التكهنات حول طبيعة مهمته. لكن، بحسب ما ترشح من الأخبار المتكررة، هدفت مهمة الوفد إلى إقناع ميليشيات الحوثي بالقبول بالمبادرة الأممية المطروحة لإنهاء الحرب وإحلال السلام، لا سيما بعد فشل المبعوثين؛ الأممي مارتن غريفيث؛ والأمريكي تيم ليندركينج، في تحقيق ذلك خلال عدة جولات من المحادثات.
 
وتتألف المبادرة الأممية من أربعة عناصر رئيسية، تمثلت في: "الوقف الشامل لإطلاق النار، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات، والسماح بتدفق السلع والوقود عبر ميناء الحديدة (طبقا لاتفاق السويد)، وإطلاق عملية سياسية شاملة للوصول إلى حل سياسي". وفقا لتصريحات سابقة متكررة للمبعوث الأممي غريفيث.
 
وسبق أن رحبت الحكومة اليمنية بهذه المقترحات، وألقت بالكرة في ملعب خصومها الحوثيين. حيث دعا وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، خلال زيارته الأخيرة إلى مسقط، المليشيا إلى اغتنام فرصة إحلال السلام، والتعاطي مع الموقف العماني، والمبادرات الأممية والاقليمية لإنهاء الحرب، والجلوس على طاولة المفاوضات.
 
لكن المليشيات، بدلا من ذلك، قابلت هذه التحركات بالمزيد من التصعيد العسكري؛ فقد ارتكبت مجزرتين في محافظة مأرب، في ظرف أسبوع واحد، يومي السبت (5 يونيو) والخميس (10 يونيو)، أسفرتا عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، استخدمت فيها الصواريخ الباليسيتية في قصف تجمعات مدنية خالية من أية أهداف عسكرية. كما واصلت استهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة المفخخة، وإن بشكل متقطع..
 
وكان من اللافت، والمستهجن في آن، حدوث هذا التصعيد، والمجازر البشعة في حق المدنيين، مع وصول الوفد العماني إلى العاصمة اليمنية صنعاء، الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية.
 



لا تقدم

عقب وصول الوفد العماني، أتجهت أنظار اليمنيين والعالم إلى صنعاء، حيث عوّل الكثيرون على نجاح الوفد في مهمته، نظرا للتقارب المعروف بين الحوثيين وسلطنة عمان، التي تحتضن قيادات حوثية عليا منذ بداية الانقلاب والحرب، في 2015، على رأسهم الناطق الرسمي للجماعة، ورئيس وفدها التفاوضي القيادي الحوثي محمد عبد السلام..
 
وعلى مدى أسبوع، أجرى وفد المكتب السلطاني العماني نقاشات مع زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، وقيادات حوثية أخرى، كما ذكرت التقارير المتداولة، حول النقاط الأساسية للمبادرة الأممية، غير أنه لم يتوصل إلى أي نتيجة إيجابية، ويعود السبب إلى تعنت المليشيات وتمسكها بموقفها الرافض للمبادرة، مع إصرارها على التصعيد العسكري.
 
ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر سياسي مقرب من الحوثيين، اليوم الجمعة، قوله إن "المباحثات المكثفة التي أجراها الوفد العماني، لم تحرز تقدما ملحوظا في سياق وقف إطلاق النار، أو ملف افتتاح مطار صنعاء".
 
وهو الأمر الذي أكده، ايضا، عضو مجلس النواب، الموالي للحوثيين، النائب "عبده بشر"، في منشور له على فيسبوك، أكد فيه أن الوفد العماني غادر صنعاء دون أن يصل إلى ما جاء من أجله..!!
 
واتهم النائب "بشر" ميليشيات الحوثي بعدم جديتها في التوصل إلى حل للأزمة. وقال إنه "يجب على الأطراف أن تتنازل وأن تظهر حسن نية ومصداقية"، مضيفا: "تلك الأطراف تفتقر إلى ذلك من أجل السلطة والثروة".
 
قبيل مغادرته مطار صنعاء، رفقة الوفد العماني، أدلى الناطق باسم الميليشيا "محمد عبد السلام" بتصريحات لقناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أشار فيها إلى أنهم "قدموا تصوراً لإنهاء العدوان ورفع الحصار ويركز على العملية الإنسانية".
 
ويشير طول مدة مكوث الوفد العماني في صنعاء، ومن ثم عودته إلى بلاده دون الإدلاء باية تصريحات توضيحية حول نتائج زيارته، إلى عدم إحرازه أي تقدم ملموس في المهمة الموكلة إليه دوليا. كما تؤكد ذلك أيضا تصريحات متحدث الحوثيين لقناة المسيرة، لدى مغادرته مع الوفد العماني، والتي أشار فيها إلى أنهم سيعودون الى سلطنة عمان "لاستكمال هذه النقاشات ودعم الجهود التي تبذلها"، مضيفا: "سنستكمل نقاشاتنا مع المجتمع الدولي للوصول إلى ما يمكن أن يؤدي إلى حل".
 

ذريعة الملف الإنساني
 
تتعامل ميليشيات الحوثي مع الملف الإنساني بازدواجية، وتحاول تضليل المجتمع الدولي بالحديث عن وجود حصار عليها، في مسعى واضح منها لفصل عملية وقف إطلاق النار، عن موضوع فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة- كعادتها في الالتفاف على المقترحات والاتفاقات..
 
خلال فترة وجود الوفد العماني في صنعاء، انتشرت على نطاق واسع أخبارا عن أن إعادة تشغيل مطار صنعاء بات وشيكا، وأن الاستعدادات والتجهيزات على وشك الإنتهاء منها. ويعتقد أن الميليشيات الحوثية هي من ضخت تلك الأخبار، وعملت على تضخيمها. ليتضح لاحقا أنها لم تكن صحيحة. وقبيل مغادرة الوفد العماني صنعاء، أتهمت وزارة الخارجية اليمنية، الميليشيات الحوثية، بأنها هي من "ترفض فتح مطار صنعاء، إلا بشروطها".

وأكدت الوزارة، في بيان لها أمس الخميس، أن الحكومة "قدمت تنازلات كافية، وضامنة للسفر الآمن لكافة المواطنين، وليس لتحويل هذا المطار لمنفذ خاص لتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية، واستقدام الخبراء". ما يوحي بوجود خلافات حول هذا البند، آرجأت عملية إعادة تشغيل المطار..

ويعتقد أن أبرز تلك الخلافات، تركزت حول الدول التي سيسمح لها- مبدئيا- باستخدام المطار لتسيير رحالاتها عبره. حيث تشترط الحكومة عددا محددا، ومعينا، بينما تصر الميليشيات على عدم استثناء أي دولة، على رأسها، وأهمها، دولة إيران، الداعمة للحوثيين والمتهمة دوليا بإمدادهم بالسلاح والمال. 
 
وفيما يتعلق بميناء الحديدة، أكد بيان الخارجية على أن الحكومة "لم تغلقه، بل علقت الآلية المتفق عليها (في اتفاق ستوكهولم)، بعد نهب الحوثي لكافة الايرادات"، مشددة على ضرورة "تأمين هذه الايرادات، وضمان وصولها للموظفين المدنيين".
 
كما أكدت الخارجية أن فتح الطرقات وضمان حرية الحركة للمواطنين ورفع الحصار عن المدن، وعلى رأسها مدينة تعز، يقع في قلب القضايا الإنسانية، وهو من القضايا الأساسية التي تضعها الحكومة في مقدمة أولوياتها.
  


وقف أطلاق النار أولاً
 
تتفق المواقف الأممية والدولية، مع موقف الحكومة اليمنية، الذي يشدد على أن الوقف الشامل لإطلاق النار هو الخطوة الأهم والأساسية لمعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد. وذلك بخلاف ما تراه الميليشيات الحوثية، التي تركز أولا على حل "الملف الإنساني"، والذي بحسب تعريفها له يتعلق بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة. 
 
وكان المبعوث الأممي مارتن غريفيث قد أعلن الأسبوع الماضي فشل مهمته، ضمنيا، مرجعا اللّوم في ذلك إلى الحوثيين. وقال، في لقاء عبر الانترنت مع صحفيين وإعلاميين يمنيين، إن خطته "قوبلت برفض عبد الملك الحوثي، الذي اشترط رفع الحصار أولاً".

من جهته، قال نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن صالح، خلال لقائه المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينغ، مطلع يونيو الجاري، إن "الحوثي يرى أن السماح له باستقدام الخبراء والأسلحة الفتاكة (...) جانباً إنسانياً بحتاً، فيما نهْب رواتب الناس ومصادرة حرياتهم ومعاشاتهم والهجوم على مدينة مأرب المكتظة بملايين النازحين واستهداف السعودية والأعيان المدنية أمراً عسكرياً لا يستطيع التوقف عنه".
 

عقوبات أمريكية جديدة 

وفي تحول جديد للإدارة الأمريكية تجاه الحوثيين، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس الخميس، فرض عقوبات على شبكة تضم كيانات وعدة أشخاص بينهم يمنيون وسوريون، لتورطها بجمع عشرات ملايين الدولارات للحوثيين من مبيعات سلع محظورة، منها النفط الإيراني.
 
وأكدت الخزانة الأمريكية في بيان، أن الدعم المالي لهذه الشبكة يمكّن هجمات الحوثيين المؤسفة التي تهدد البنية التحتية المدنية والحيوية في اليمن والمملكة العربية السعودية.
 
وقال أندريا جاكي، مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الخزانة الأمريكية إن "هذه الهجمات تقوض الجهود المبذولة لإنهاء الصراع، والأكثر مأساوية، وتجويع عشرات الملايين من المدنيين الأبرياء".
 
 وشدد على أن "استمرار معاناة ملايين اليمنيين هو مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة، وسنواصل محاسبة المسؤولين عن البؤس المنتشر وحرمانهم من الوصول إلى النظام المالي العالمي"، فيما أكدت الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة ستواصل ممارسة الضغط على الحوثيين، بما في ذلك العقوبات المستهدفة.

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي من الخلافات القائمة حول تراتبية بنود المبادرة المقترحة للحل، جددت الخارجية الأمريكية، في بيانها، التأكيد على أن "وقف إطلاق النار الشامل على الصعيد الوطني فقط، يمكن أن يجلب الإغاثة العاجلة التي يحتاجها اليمنيون، ولا يمكن حل الأزمة الإنسانية في اليمن إلا باتفاق سلام".
 
كما أكد البيان على أن "هجوم الحوثيين المستمر على مأرب يتعارض بشكل مباشر مع هذه الأهداف، ويشكل تهديدًا للوضع الإنساني المتردي بالفعل في اليمن، ويحتمل أن يؤدي إلى زيادة القتال في جميع أنحاء اليمن، مشددا على أنه "حان الوقت لأن يقبل الحوثيون وقف إطلاق النار وأن تستأنف جميع الأطراف المحادثات السياسية".


- ملاحظة: الصور مأخوذة من مواقع التواصل الإجتماعي
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر