"لاتزال واشنطن تتجاهل هذا التهديد".. كيف تعمل الإمارات على ترسيخ نفوذها الاستراتيجي في اليمن؟

قال كاتب بريطاني بأن الإمارات لاتزال تعمل على ترسيخ نفوذها الاستراتيجي في اليمن على الرغم من الادعاء بأنها انسحبت من الحرب، مشيرا إلى أن اهتمام أبو ظبي تحول إلى الجزر اليمنية ذات الموقع الاستراتيجي.
 
وكتب الصحافي البارز جوناثان فينتون-هارفي مقالا بموقع «The New Arabs» - ترجمة "يمن شباب نت" - قال فيه "بينما تواصل الولايات المتحدة عملية السلام في اليمن، لا تزال واشنطن تتجاهل التهديد الذي يتم تجاهله باستمرار للاستقرار في البلاد، والمتمثل بدور الإمارات هناك".
 
وأضاف: "بأن المملكة العربية السعودية ركزت اهتمامها على هجوم الحوثيين على محافظة مأرب، آخر معقل لحكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة من الرياض"، وأشار "بينما عزز الحوثيون نفوذهم في الشمال، كانت الرياض تراقب أيضًا محافظة المهرة الشرقية، والتي يُقال إنها تسعى من خلالها إلى مد خط أنابيب نفط، مما يمنحها خط نقل جديد إلى المحيط الهندي".
 
وقال الكاتب "على الرغم من الادعاء مرارًا وتكرارًا بأنها انسحبت من حرب اليمن، إلا أن الإمارات لا تزال تحتفظ بوجودها في اليمن من خلال دعم المجلس الانتقالي الجنوبي، وتسعى إلى إبراز القوة الإقليمية، والسيطرة على موانئ جنوب اليمن، والحفاظ على نفوذها على الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب".
 
فمؤخرا شوهدت قاعدة عسكرية جديدة مشبوهة في جزيرة ميون اليمنية، والتي بحسب الكاتب قد تستهدفها الإمارات أيضًا لمصالحها الجيوسياسية، حيث يقول بأنه على الرغم من أن أبو ظبي لم تعلن مسؤوليتها عن القاعدة، إلا أن المسؤولين اليمنيين يقولون إن هذه كانت، أحدث جهود الإمارات لتوسيع نفوذها في اليمن والسيطرة على خطوط الملاحة القريبة.

وفقا للتقارير الأولية، زعم موقع إخباري استقصائي إسرائيلي «Debkafile» الذي له علاقات مع وكالة المخابرات الإسرائيلية، أن الإمارات قامت ببناء قاعدة هليكوبتر هجومية في الجزيرة، "كوسيلة للسيطرة على ناقلة النفط والشحن التجاري عبر نقطة الاختناق الجنوبية للبحر الأحمر وحتى قناة السويس".
 


وذكر التقرير أنه "سيمنح الإمارات أيضا نقطة انطلاق لقوات الانتشار السريع للوصول إلى اليمن، رغم انسحابها من الصراع الأهلي هناك خلال الفترة 2019-2020".
 
وأضاف بأنه شوهدت سفن إماراتية محملة بمعدات هندسية ثقيلة ومواد بناء وقوات تتحرك إلى الجزيرة منذ مايو.
 
ووفق الكاتب، فعلى الرغم من أن موقع Debkafile لم يذكر مصادر تم التحقق منها، إلا أن الادعاءات تتناسب مع ما حاولت الإمارات تحقيقه في المنطقة المحيطة.
 
وقالت شيرين الأديمي، الأستاذة المساعدة في جامعة ولاية ميشيغان، لصحيفة The New Arab: "أعتقد أن الإجراءات الأخيرة للإمارات في اليمن تتحدث عن طبيعة وجودها هناك على مدى السنوات العديدة الماضية".
 
وأضافت بالقول "وهكذا فإن هذا التصعيد الأخير يسلط الضوء على رغباتها في الحصول على رؤية طويلة المدى للسيطرة أكثر من السعوديين".
 
ولاحظت بالقول "نحن نعلم أن الإمارات شاركت هناك بطرق لم يشارك فيها السعوديون على سبيل المثال، حملات الاغتيال، والسجون السرية، والاستيلاء على سقطرى".
 
ويتفق الكاتب البريطاني مع التقارير التي تتحدث عن بأن الإمارات تعيد توجيه استراتيجيتها في القرن الأفريقي، حيث واجهت تحديات في السنوات الأخيرة، وفي فبراير/ شباط أعلنت انسحابها من قاعدة عسكرية في إريتريا، استخدمتها كنقطة انطلاق لعمليات في اليمن.
 
وقال بأنه من المحتمل أن تكون المخاوف الأمنية في أعقاب الصراع الإثيوبي في إقليم تيغراي قد دفعت أبو ظبي إلى نقل منشآتها العسكرية إلى موقع أكثر استقرارًا.
 
لذلك، ورد أن الإمارات كثفت أنشطتها في جزيرة سقطرى أيضًا، منذ أن استولت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على الجزيرة في يونيو 2020، وفي مارس تم إقالة مدير ميناء سقطرى بعد أن زعم ​​أنه تم نقل شحنة أسلحة إماراتية إلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
 
وأشار الصحافي جوناثان بأنه وفي حين أن جزيرة سقطرى التاريخية ستمكّن الإمارات من إبراز قوتها العسكرية إقليمياً، فقد سعت أيضًا إلى استغلالها. حيث شوهد السياح الأجانب بشكل متزايد في الجزيرة، دون إذن من السلطات اليمنية، على الرغم من أن الجزيرة لا تزال معترف بها على أنها تحت سلطة الحكومة اليمنية.
 
 
وقال "في السنوات الأخيرة، نظمت الإمارات جولات إلى الجزيرة، والتي يصعب الوصول إليها عادة، كما اتهمت بعض المصادر المحلية ووكالات الأنباء الإمارات بالسماح للسياح الإسرائيليين بزيارة الجزيرة، بعد تأكيدات بأن الإمارات وإسرائيل تعاونتا للسيطرة على الجزيرة منذ اتفاقات أبراهام في سبتمبر 2020، على الرغم من عدم تأكيد ذلك في مكان آخر".
 
في 1 يونيو، ورد أن ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات اقتحمت وطردت الموظفين من مقر وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) في عدن، المقر المؤقت للحكومة اليمنية، على الرغم من أن المجلس الانتقالي الجنوبي يهيمن على المدينة منذ فترة طويلة.
 


تعليقا على ذلك، يقول الكاتب بأنه على الرغم من اتفاق الرياض الذي تم الانتهاء منه في ديسمبر الماضي، والذي وحد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وحكومة هادي المدعومة من الرياض، فإن هذا يشير إلى أن تهديدات الإمارات لوحدة اليمن لم تنته بعد.
 
من جانب آخر، بين المقال "بأن الامارات ومثل دول الشرق الأوسط الأخرى، تبنت نهجًا أكثر حذرًا بعد فوز جو بايدن الانتخابي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر الماضي".
 
ومع ذلك، على الرغم من تصعيد إجراءاتها في اليمن وجزره، تمكنت أبو ظبي من تجنب الانتقادات الأمريكية في النهاية، الهدف الرئيسي هو إبقاء واشنطن إلى جانبها، وقد نجح هذا على ما يبدو.
 
وأضاف بالقول بأنه وعلى الرغم من ضغوط الجماعات الحقوقية، مضت الولايات المتحدة بصفقة ضخمة لمبيعات الأسلحة في أبريل بقيمة 23 مليار دولار، والتي تشمل طائرات F-35 وطائرات بدون طيار ومعدات متطورة أخرى.
 
واعتبر الكاتب بأن هذا يتناقض مع تعهد بايدن في فبراير "بإنهاء كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة"، ومن المرجح أن يعزز الأعمال العسكرية الإماراتية في اليمن وأماكن أخرى على المستوى الإقليمي.
 
وقال "بصرف النظر عن دعم مبادرة السلام فشل بايدن إلى حد كبير في الابتعاد عن مخلفات إدارة دونالد ترامب في حرب اليمن، والتي قدمت دعمًا عسكريًا واسعًا للإمارات العربية المتحدة"، لافتا إلى أن الامارات ومع كونها داعماً رئيسياً للعمليات العسكرية السعودية ضد الحوثيين، فقد أشار النقاد إلى تمكينها الحاسم لمحاولات الإمارات لتوطيد نفوذها في جنوب اليمن.
 
وتابع: قبل كل شيء، تم توثيق أسلحة أمريكية، بما في ذلك المركبات المدرعة التي قدمتها الولايات المتحدة والمجهزة بالمدافع الرشاشة الثقيلة، بما في ذلك طرازات M-ATV وCaiman وMaxxPro، في أيدي الميليشيات المدعومة من الإمارات.
 
 
كما كشفت وثيقة للقيادة المركزية الأمريكية أن الولايات المتحدة دربت القوات والمقاتلات الجوية الإماراتية لـ "عمليات قتالية في اليمن"، في غضون ذلك، أفاد سجناء يمنيون في السجون التي تديرها الإمارات بوجود موظفين أمريكيين في مراكز استجواب، حيث قامت القوات المدعومة من الإمارات بتعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم.
 
 في محاولة للحد من العنف في اليمن، زار تيموثي ليندركينغ، المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، الرياض وعمان والأردن وأبو ظبي الأسبوع الماضي، ومع ذلك، أشاد ليندركينغ بأبو ظبي، حيث كتب حساب السفارة الأمريكية في اليمن على تويتر: "تظل الإمارات شريكًا مهمًا في حل النزاع في اليمن"، مما يشير إلى أن إفلات ابوظبي من العقاب سيستمر.
 
وبرغم القول بأنه من الطبيعي أن يكون التصدي للعنف بين الحوثيين والقوات المدعومة من السعودية مصدر قلق ملح، لأنه قد يغرق اليمنيين في مزيد من المعاناة الإنسانية، إلا أن كاتب المقال حذر واشنطن من التغاضي عن دور الإمارات في (عرقلة) محادثات السلام، مالم فإن هذا الدور يمكن أن يطيل أمد تفتيت اليمن ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر