ما وراء "قناة السويس".. كيف يمكن أن تعطل حرب اليمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر؟

إذا كان انسداد قناة السويس الأسبوع الماضي لم يكن سوى "مؤشر" فحسب، فإن اندلاع حريق كبير في اليمن سيكون قادرا على تهديد حرية الملاحة عبر البحر الأحمر، كما أن له تداعيات خطيرة على تمويل قناة السويس والتجارة العالمية على المدى الطويل.
 

وقالت مجلة «The National Interest» الامريكية، "بأن العاصفة التي دفعت 200 ألف طن من سفينة الحاويات "ايفر جيفن" إلى ضفاف قناة السويس، كلفت الأسواق العالمية خسائر بمليارات الدولارات.
 

وحذرت المجلة في مقال - ترجمة "يمن شباب نت" - من أن سنوات من الحسابات الخاطئة في اليمن والحرب الأهلية المستمرة لديها القدرة على تهديد الوصول إلى قناة السويس والتسبب في خسائر اقتصادية أكبر بكثير على مدى فترة زمنية أطول.

 
عند مصب مضيق باب المندب على البحر الأحمر، والذي يقع على بعد 1400 ميل جنوب "إيفر جيفن"، توجد البوابات الخارجية الفعالة لقناة السويس، حيث يبلغ عرض باب المندب ثمانية عشر ميلاً فقط عند أضيق نقطة فيه، وهو رابع أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم، ويربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر، وفق المجلة.

 

 
وقال آشر أوركابي، كاتب المقال والباحث المشارك بالمعهد عبر الإقليمي بجامعة برينستون "يمكن أن يكون الممر المائي الرئيسي نعمة كبيرة أو نقمة كبيرة ايضا حيث تتنافس القوى الأجنبية على الوصول والسيطرة، مما يمثل نبوءة ذاتية التحقق من عدم الاستقرار في اليمن، الذي يفتقر إلى القدرة على التغلب على المكائد العالمية والاستفادة من نقطة العبور المربحة التي يمر عبرها الكثير من التجارة والنفط في العالم".

 
وأضاف: "حيث أدت تلك الساحة (اليمن) التي تجمع القوى والمصالح المتنافسة إلى تقويض عقود من الحكم المركزي اليمني، مما أدى إلى تفتيت مقلق ونزاع مسلح مستمر وأزمة لاجئين تهدد بتقويض الاقتصاد العالمي".

 

عقب اندلاع الأعمال العدائية في عام 2014 واستيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، بدأ خبراء السياسة الخارجية في دق ناقوس الخطر بشأن احتمال قيام ميليشيات مدعومة من إيران بتعطيل حركة الملاحة البحرية من خلال استهداف سفن البحر الأحمر.  ولم تنجح الهجمات المتكررة على مستوى منخفض، وإطلاق الصواريخ المتجهة إلى البحر، والاستيلاء على السفن إلا في تفاقم هذه المخاوف.

 
وفي عام 2015، احتلت قوات الحوثي جزيرة بريم (ميون)، الواقعة وسط باب المندب، وأعلنت للعالم عزمها على ممارسة السيادة اليمنية على المضيق وجني فوائد سياسية واقتصادية لاحقة.

 
ووفق الكاتب، كان أحد الأهداف الأولى لقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أكتوبر 2015 هو جزيرة ميون بالفعل، مما حرم الحوثيين من أصول رمزية، إضافة لتأمينه طريقًا تجاريًا استراتيجيًا.
 

ولفت "أصبحت الجزيرة منذ ذلك الحين قاعدة عسكرية وجوية متقدمة للقوات المناهضة للحوثيين، تذكرنا بـ 150 عامًا من الاضطرابات التي ميزت جزيرة بريم (ميون) وعلاقة اليمن مع باب المندب".

 
وتابع بالقول: "منذ لحظة افتتاح قناة السويس في عام 1869، حددت السلطات الاستعمارية البريطانية في ميناء عدن جنوب اليمن بريم (ميون) كمنارة محسوسة وتصويرية تراقب البحر الأحمر وقناة السويس والطريق الذي يربط الموانئ البريطانية بالثروات الاستعمارية في الهند".

 

عندما حصل جنوب اليمن على استقلاله عن الإمبراطورية البريطانية في عام 1967، ليصبح الدولة الشيوعية الأولى والوحيدة في العالم العربي، تحولت جزيرة بريم إلى موقع عسكري استراتيجي تابع للاتحاد السوفيتي بين إفريقيا والجزيرة العربية.  خلال السبعينيات، كانت الجزيرة مصدرًا متكررًا لعدم الاستقرار في البحر الأحمر. 

 
ويعتقد الكاتب آشر أوركابي، أن الفوضى النسبية حول باب المندب خلال هذه الفترة، حدثت بسبب إغلاق قناة السويس من يونيو 1967 حتى يونيو 1975. ومع ذلك، لم يكن لإغلاق عام 1967 تأثير اقتصادي كبير، لأن خطط شركات الملاحة العالمية تم تغييرها بعد إغلاق أقصر بكثير لمدة ستة أشهر في أعقاب حرب سيناء عام 1956.



وقلل صانعو السياسة والمسؤولون التنفيذيون في مجال النفط من اعتمادهم على القناة، بدلاً من تطوير أساطيل أكبر وأكثر تنوعًا يمكنها نقل النفط والبضائع حول رأس الرجاء الصالح بتكلفة أقل من تكلفة سفينة أصغر تعبر قناة السويس.

 
وفي عام 1956، تم شحن 60 بالمائة من الإمدادات البريطانية عبر القناة، وبحلول عام 1966، انخفض هذا الرقم إلى 25 بالمائة، وفي أعقاب إغلاق القناة في يونيو 1967، دخل النقل البحري حقبة جديدة من الناقلات العملاقة، مما أدى إلى انخفاض التجارة البحرية الدولية المتدفقة عبر قناة السويس من 15 في المائة في عام 1967 إلى 8 في المائة في عام 2020، أعيد افتتاح قناة السويس في عام 1975، وكانت معظم ناقلات النفط أكبر من سعة قناة السويس.
 

وذهب المقال الى القول بأن ما وصفه بالتراجع النسبي لأهمية قناة السويس في العقود التي تلت ذلك، سمح بشكل افتراضي، بمستويات أكبر من الحكم الذاتي للحكومات اليمنية حيث لم يعد باب المندب يعتبر ضرورة استراتيجية من قبل القوى العالمية.  خلال هذه الفترة التي امتدت لعدة عقود، دخل شمال وجنوب اليمن في اتفاقية توحيد، شكلت الجمهورية اليمنية مع تدخل أجنبي ضئيل نسبيًا. 

 
لكن في عام 2014، افتتح رئيس هيئة قناة السويس، مشروع توسعة القناة الذي سيكتمل بعد عام واحد - حيث بشرط عدم عرقلتها بواسطة السفن الشاطئية -، يمكن للقناة الموسعة حديثًا استيعاب حركة مرور في اتجاهين وسفن أكبر وعددًا أكبر منها وزيادة سعة الحاويات، كانت أعمال البناء جارية في نفس الوقت بالضبط الذي كانت فيه مليشيات الحوثي تسيطر على جزيرة بريم (ميون) وتهدد باب المندب.
 

وختم اوركابي مقاله بالقول "بأن القناة الموسعة تلك رفعت من أهمية المضيق والوضع السياسي في اليمن، ودعت مرة أخرى إلى عهد جديد مما اسماه "التدخل الدولي" لتأمين البوابات اليمنية لقناة السويس".


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر