كاتب أمريكي: سعي الحوثيين للسيطرة على مأرب يجعل من الطريق العسكري "المسار الأوحد" للتعامل معهم (ترجمة)

قال كاتب أمريكي بارز إن مسعى الحوثيين لانتزاع مأرب، المدينة الواقعة في شمال اليمن من حكومة هادي، يهدد بتعريض أي فرصة لحل الحرب الأهلية في البلاد دبلوماسياً للخطر، بالإضافة إلى إرسال رسالة مفادها أن الطريق العسكري سيكون "المسار الأوحد " للتعامل مع الجماعة.

 
وأضاف جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لمعهد تحليلات الخليج بواشنطن، في مقال – ترجمة "يمن شباب نت" – "إن اشتداد القتال في مأرب يهدد أمن ما يقرب من مليوني يمني، ومنذ أوائل العام الماضي، يقاتل الحوثيون للسيطرة على مأرب، الأمر الذي سيغير قواعد اللعبة في الصراع اليمني".

 
وذكر بأن مأرب مدينة غنية بالغاز والنفط تقع بالقرب من الحدود السعودية، وقد كانت مأرب لبعض الوقت آخر معقل للحكومة المعترف بها، ولفت "ومن وجهة نظر تطوير البنية التحتية والنمو الاقتصادي وخدمات الدولة، كانت مأرب تعمل جيدًا لنفسها، لا سيما مقارنة بالعديد من الأجزاء الأخرى في اليمن التي مزقتها الحرب".
 


في عام 2018، وصف آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مأرب بأنها "منارة للاستقرار النسبي" بقيت "مزدهرة" على الرغم من الوضع العام في اليمن. كما كانت المدينة "ملاذًا يوفر الأمل في خضم الحرب ... " كما قالت إليزابيث كيندال، خبيرة اليمن البارزة في جامعة أكسفورد.
 

ويعتقد الكاتب بأنه إذا نجح الحوثيون في السيطرة على مأرب، فلن تسيطر حكومة الرئيس هادي على أي مناطق رئيسية في شمال اليمن، حيث من المؤكد أن احتلال هذه المدينة سيعزز بشكل كبير نفوذ الحوثيين في المحادثات بمجرد استئنافها، بينما سيفعل الكثير للتأكيد على مدى ضعف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

 
وقال: "يبدو أن هذا هو سبب تقدم الحوثيين بقوة في خططهم للسيطرة على مأرب، لكن بقيامهم بذلك، فإن الحوثيين يرتكبون خطأً كبيراً".

 
يقول نبيل خوري من المجلس الأطلسي، والذي عمل سابقًا كدبلوماسي أمريكي في صنعاء، إن هذا الضغط الحوثي على مأرب "قد يدفع إدارة بايدن بعيدًا بدلاً من التفكير في أنها ستكون دائمًا على اتصال بهم".

 
وأضاف بأن "إدارة بايدن قيد الانطلاق حاليًا، ويمكن للحوثيين التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر مع حكومة الولايات المتحدة الآن.  لكنهم سيفوتون الفرصة إذا اعتقدوا أن بإمكانهم المضي قدمًا بأقصى سرعة في مأرب".

 
ووفق كافييرو، فلن يكون للجهود الحوثية المستمرة للظفر في معركة مأرب آثار سلبية من حيث كيفية رد فعل إدارة بايدن فحسب، بل إن ذلك قد يعزز العزم المناهض للحوثيين على الأرض في اليمن.
 


وكما أوضح خوري، يخاطر الحوثيون بتنشيط وتوحيد خصومهم من التحالف الموالي لهادي ومختلف القبائل. وعلى الرغم من افتقار هؤلاء الفاعلين للوحدة في الماضي، فإن استمرار قتال الحوثيين لاحتلال مأرب قد يوحدهم وراء جهد عسكري مناهض للحوثيين.

 
ويحذر خوري من أن "الصراع من مأرب يمكن أن يستمر في جميع أنحاء اليمن لفترة طويلة إذا لم ينته على الفور".

 
يثير احتمال سيطرة الحوثيين على مأرب قلقًا من الناحية الإنسانية.  فعلى حد تعبير مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن فرار مئات الآلاف من اليمنيين من مأرب سيؤدي إلى "عواقب إنسانية لا يمكن تصورها".

 
لا يمكن إنكار أن الحوثيين كانوا متوحشين في حكمهم، وهناك كل الأسباب لافتراض أن أنصار الله سيرتكبون المزيد من الجرائم في مأرب عند التعامل مع السكان المحليين الذين يُعتبرون متحالفين مع أعداء الحوثيين.

 
ونظرًا لأن هذه المدينة كانت ملاذًا آمنًا للعديد من اليمنيين الذين فروا من العاصمة وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في وقت سابق من الحرب الأهلية، فإن سقوط مأرب في أيدي الحوثيين سيترك العديد من اليمنيين النازحين داخليًا في وضع أكثر هشاشة.
 


 ماهو الطريق أمامنا؟
 
بالنسبة لجميع الأطراف المهتمة بالحل السلمي للأزمة اليمنية، فإن منع المزيد من إراقة الدماء في مأرب أمر بالغ الأهمية، اليوم ومع سعي إدارة الرئيس جو بايدن لإيجاد حل دبلوماسي لهذا الصراع، يجب على القيادة الأمريكية الاعتراف بالمظالم والمخاوف المشروعة من جانب كل من حكومة هادي والحوثيين - بالإضافة إلى الجهات الفاعلة الأخرى في البلاد مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.
 

ونظرًا لأن الهزيمة العسكرية لمتمردي الحوثيين لم تحدث ومن غير المرجح أن تنجح (خاصة بالنظر إلى قرار إدارة بايدن بقطع الدعم الأمريكي عن العمليات العسكرية "الهجومية" للتحالف بقيادة السعودية في اليمن)، فمن المهم التعامل مع الحوثيون كجهة فاعلة لها مركز قوتها في الدولة التي مزقتها الحرب.
 

ومن أجل الحفاظ على أي أمل في حل النزاع في اليمن والحفاظ على وحدة أراضي الدولة القومية، يجب على الأطراف المختلفة، بما في ذلك الحوثيون، الحضور إلى الطاولة المستديرة بحسن نية للتفاوض على تسوية.

 
على الرغم من صعوبة تخيل حدوث ذلك بسهولة أو بسرعة أو بسلاسة، فإن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يقبله كل من الحوثيين والقوات الموالية لهادي سيكون نقطة الانطلاق الأولى نحو تحقيق هذا الهدف.
 

إن الحوثيين، الذين يشعرون بقلق مبرر من أن يتعرضوا للمجازر على يد أعدائهم السعوديين واليمنيين إذا ما نزعوا أسلحتهم قبل الآخرين، يريدون إحكام قبضتهم على الأرض الواقعة تحت سيطرتهم والتوسع للسيطرة على مأرب.

 
لكن سعي المتمردين المدعومين من إيران للاستيلاء على هذه المدينة الغنية بالنفط والغاز يمكن أن يقوض بسهولة الفرص الحالية لإحراز تقدم فيما يتعلق بتسوية الحرب الأهلية، يتمثل أحد المخاوف الرئيسية في أن الإجراءات الحوثية المستمرة تجاه مأرب ستبلغ رواية مفادها أنه لا يمكن التعامل مع الحوثيين إلا عسكريًا.

 
سيكون من المأساوي أن تقبل إدارة بايدن بهذه الحجة وتتخلى تدريجياً عن التزامها بلعب دور دبلوماسي في حل الصراع اليمني، وهو ما سيكون عكس ما يحتاجه اليمن ويستحقه.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر