"مهمة صعبة في صراع معقد".. كيف تناولت الصحافة الأمريكية أولى قرارات بايدن بشأن حرب اليمن؟

بعد فترة قصيرة فقط من توليه منصبه في البيت الابيض، بادر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بالإعلان عن إنهاء دعم الولايات المتحدة للسعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى تعيينه مبعوثا خاصا لليمن، في خطوتين لاقت اهتماما كبيرا وحفاوة واسعة من قبل الصحافة الأمريكية التي دأب غالبيتها على انتقاد دور بلادها في حرب اليمن منذ تدخل التحالف بقيادة السعودية، والذي شهد دعما كبيرا من قبل إدارتي أوباما وترامب.
 

"يمن شباب نت" رصد أبرز ما نشرته الصحف والمواقع الامريكية البارزة حول خطوات بايدن تلك، والتي جاءت على النحو التالي:
 
صحيفة نيويورك تايمز «The New York Times»، عنونت في تقرير لها بالقول "بايدن ينهي المساعدة العسكرية للحرب السعودية في اليمن. لكن إنهاء الحرب أصعب".

 
حيث تعتقد الصحيفة بأنه ولمجموعة من الأسباب الأخرى، فمن غير المرجح أن ينذر قرار بايدن بوقف صارخ للحرب، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ أن الولايات المتحدة كانت خفضت بالفعل الكثير من المساعدات العسكرية التي كانت تقدمها للتحالف الذي تقوده السعودية.
 

ومع ذلك، رأى بعض الخبراء مؤشرات في نهج السيد بايدن للحرب بأنها مشجعة، بما في ذلك تعيينه تيموثي ليندركنغ مبعوثا خاصا لليمن.

 
ونقلت الصحيفة عن بيتر سالزبوري، محلل شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، قوله "بأن التركيز على الدبلوماسية، الذي غاب إلى حد كبير بين كبار قادة إدارة ترامب، أمر مرحب به، وقد يؤدي تقليل دعم الأسلحة إلى جعل الولايات المتحدة أكثر قدرة على الدفع باتجاه تسوية".

 
وأضاف بأن الولايات المتحدة "من خلال إخراج نفسها من الصراع، ستكون أكثر قدرة على وضع نفسها كقوة دبلوماسية تسعى بمصداقية إلى إنهاء الصراع"، لكن الصعوبة تكمن في إيجاد حل وسط تعتقد غالبية الفصائل المسلحة والسياسية في اليمن أنه مقبول.

 
"لقد تركت الحرب التي طال أمدها اليمن منقسمة بعمق بطريقة يمكن أن تحبط جهود صنع السلام الأكثر تضافرًا".

 
وبحسب سالزبوري فإنه "قد يكون من الممكن إنهاء الحرب الكبيرة في اليمن، ولكن من الصعب للغاية إنهاء الحروب الصغيرة وهي التي تشكل الصراع بالفعل".

 
وبحسب تقرير النيويورك تايمز، تظل القضية المزعجة بشكل خاص هي كيفية إنهاء سيطرة الحوثيين على صنعاء، حيث أسسوا إدارتهم الخاصة بهم ويديرون دولة بوليسية افتراضية، يقومون فيها باعتقال منتقديهم وفرض ضرائب على المساعدات والسلع الأخرى لتمويل أنفسهم. كما تتلقى الجماعة دعما عسكريا وسياسيا من إيران واستخدمت سيطرتها على الشمال لإطلاق صواريخ عشوائية عبر الحدود على السعودية، مما أدى في بعض الأحيان إلى مقتل مدنيين.
 
 
تبقي الجزء الأصعب من حل الصراع المعقد
 
بدورها علقت الواشنطن بوست «Washington Post»، على قرارات بايدن حول اليمن بالقول بأنه وفي يوم واحد من هذا الأسبوع، تغير دور الولايات المتحدة في حرب اليمن الكارثية التي استمرت ست سنوات مع إنهاء الرئيس بايدن، يوم الخميس، الدعم الامريكي للعمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية في الصراع، وتعهده باستخدام الدبلوماسية لوقف القتال، بالإضافة لتعيينه مبعوثا خاصا جديدا يحظى بتقدير كبير إلى البلاد.

 
وتتفق الصحيفة، في تقرير لها، مع ما ذهبت إليه النيويورك تايمز من أن تلك القرارات كانت المسألة الاسهل، أما الآن فيأتي الجزء الصعب فعليا. إذ تقول بأنه ومنذ عام 2015، عندما دخل التحالف الإقليمي المدعوم من الولايات المتحدة بقيادة المملكة العربية السعودية الحرب ودفعها إلى حالة من التسارع، أصبح اليمن مسرحًا لصراع معقد ومستعص أودى بحياة عشرات الآلاف ودفع الملايين إلى شفا المجاعة.

 
واليوم، أصبحت البلاد ساحة لصراعات متعددة ومتداخلة على السلطة والنفوذ والأيديولوجية، يغذيها لاعبون إقليميون يسعون إلى تعزيز مصالحهم الاستراتيجية والأمنية.

 
ويضيف التقرير بأنه وحتى في الوقت الذي تصارع فيه أزمة إنسانية حادة، فإن أفقر دولة في الشرق الأوسط باتت أكثر انقسامًا من أي وقت مضى على أسس سياسية وقبلية وإقليمية ودينية، كما أنها لا تزال ملاذاً لفرع القاعدة الذي استهدف الولايات المتحدة وأوروبا عدة مرات واستفاد من حالة عدم الاستقرار الناتجة عن الصراع.

 
وأشار التقرير "في خضم كل ما سبق، هناك حرب مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أو القاعدة في جزيرة العرب، كما يُعرف الفرع، ووجود تنظيم الدولة الإسلامية أصغر"، ولفت "تساعد الإمارات والوكلاء المحليون البنتاغون، لكنهم متورطون أيضًا في صراعات محلية أخرى، مما يجعل الأمر أكثر إرباكًا، هو أن الحوثيين يقاتلون أيضًا القاعدة والدولة الإسلامية".

 
وتابع التقرير بالقول "هناك أيضا انقسامات عميقة داخل التحالف، حيث أدت الخلافات بين الانفصاليين الجنوبيين، المدعومين من الإمارات، والقوات الموالية للحكومة اليمنية، المدعومة من السعودية، إلى اشتباكات عنيفة على مدى السنوات القليلة الماضية".

 
وفشلت جهود دبلوماسية عديدة من قبل الأمم المتحدة والقوى الإقليمية، بما في ذلك محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت عام 2016. ومنذ ذلك الحين، ظهرت المزيد من الجماعات المسلحة وعزز الحوثيون قوتهم في الشمال، حيث يعيش حوالي 30 مليون يمني.
 
 
انقسام عميق

وقال جريجوري جونسن، المحقق السابق للأمم المتحدة، في تغريدة الخميس: "اليمن لم يعد يعمل كدولة واحدة"، "اليمن أضحت شذر مذر وليس من الواضح على الإطلاق أنه يمكن إعادة تجميعها مرة أخرى".

 
جونسن، وهو أيضًا مؤلف كتاب "الملاذ الأخير: اليمن والقاعدة وحرب أمريكا في الجزيرة العربية"، أضاف بالقول "لا توجد جماعة مسلحة في اليمن لديها ما يكفي من الرجال أو الأسلحة لفرض إرادتها على بقية البلاد، ولكن تقريبا كل جماعة مسلحة لديها ما يكفي من الاثنين لتكون بمثابة مفسد إذا كانت تعتقد أن رغباتها لم تتحقق".
 
 
وبالنسبة للواشنطن بوست، يبقى السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الأطراف المتحاربة في اليمن ستقبل التحول الحاد في سياسة الولايات المتحدة وستنظر إلى واشنطن على أنها وسيط دبلوماسي محايد وجدير بالثقة.

 
وأشارت إلى أنه وبالإضافة إلى تصريحات الخميس، أوقفت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة للسعودية. ومع ذلك، ستظل منخرطة في عمليات مكافحة الإرهاب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الأمر الذي من المرجح أن يعمق المشاعر المعادية لأمريكا في أوساط العديد من اليمنيين.

 
يقول المحللون إن القضية الكبرى تتمثل في مدى قطع الولايات المتحدة لدعم المملكة العربية السعودية. حيث من المفترض أن تستمر إدارة بايدن في مساعدة السعوديين بأنظمتهم الدفاعية الحدودية على طول الحدود اليمنية والدفاعات الجوية ضد هجمات الحوثيين بصواريخ وطائرات بدون طيار، حسبما قال جيرالد فيرستاين، سفير الولايات المتحدة السابق في اليمن.

 
وقال فيرستاين في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن تأثير القرار في الحقيقة من حيث الموقف والإشارات الأمريكية أكثر مما هو عليه من حيث إعاقة القدرات السعودية في اليمن". وتابع بالقول "سيوضح الرئيس أن الولايات المتحدة ستؤكد على استراتيجية سياسية لإنهاء الصراع وتريد دعمًا سعوديًا لتحقيق ذلك".
 

وأضاف: "من وجهة نظري، يدعم السعوديون أيضًا إنهاء الصراع، طالما أن القرار يعكس متطلباتهم الأمنية الأساسية".
 
 
نهج أمريكي أكثر نشاطاً

من جانبها اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" «WSJ»، بأن إعلان بايدن يشير إلى نهج أمريكي أكثر نشاطًا لإنهاء الحرب وبأن واشنطن تقدم نفسها على أنها طرف محايد. حيث عملت إدارة ترامب أيضًا على محاولة إحلال السلام في اليمن، لكنها دعمت بشكل عام المملكة العربية السعودية، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، في الصراع. 

 
وقالت الصحيفة "لقد ابتعدت إدارة بايدن بالفعل عن نهج إدارة ترامب، فبالإضافة إلى إنهاء الدعم للعمليات الهجومية، يقوم وزير الخارجية أنتوني بلينكين أيضًا بمراجعة ما إذا كان سيتم إلغاء تصنيف إدارة ترامب للحوثيين المتحالفين مع طهران كمجموعة إرهابية أجنبية"، حيث كشف مسؤول أمريكي رفيع مطلع على القضية عن أنه من المرجح أن يتم التراجع عن إجراء الرئيس السابق دونالد ترامب.

 
وقال المسؤول الرفيع في الإدارة إن فكرة وجود شخصية أمريكية تعمل بدوام كامل في اليمن نشأت من الدبلوماسية الهادئة التي أجرتها إدارة بايدن في أيامها الأولى مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث وآخرين، ومن المتوقع أن يعمل السيد ليندركينغ عن كثب مع السيد غريفيث، وكذلك سفير الولايات المتحدة في اليمن كريستوفر هينزل، الذي يعمل من السفارة الأمريكية في الرياض.

 
وبرغم ثقة المسؤول الرفيع في أن ليندركنج يعرف كل من له علاقة بالصراع اليمني، تستدرك "الوول ستريت" بالقول بأنه سيواجه - برغم ذلك -، ما يقول مسؤولون ومحللون أمريكيون "إنه تحدٍ حاد في المساعدة على إنهاء الحرب، حيث لم تكن هناك محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة منذ عدة سنوات، ورفض الحوثيون العام الماضي هدنة أحادية الجانب التزم بها السعوديون وطالبوا بمزيد من التنازلات".

 
"ستكون الحرب في اليمن تحديًا هائلاً لأي مبعوث جديد"، بحسب ما قالته للصحيفة إيلانا ديلوزي، المتخصصة في شؤون اليمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في إشارة إلى حكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا، وتابعت بالقول "اليمن لا يفسح المجال للتعلم السريع أثناء العمل، لذا فإن وجود شخص يعرف بالفعل خصوصيات وعموميات مزيج النزاعات المعقدة هناك أمر ضروري".

 
موقع "ذا انترسبت" «The Intercept»، الشهير لفت في تقرير بعنون "في تحول سياسي دراماتيكي، بايدن يسحب الدعم الأمريكي "للعمليات الهجومية" السعودية في اليمن"، إلى أن هذا الإعلان يحد من مبيعات أسلحة معينة إضافة إلى أنه يأتي مع دفعات دبلوماسية متجددة.

 
 ويتفق الموقع مع ما ذكرته بقية الصُحف الأمريكية، "أن الرئيس جو بايدن بإعلانه إنهاء الدعم الأمريكي لـ "العمليات الهجومية" التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن، في أول خطاب رئيسي له حول السياسة الخارجية، يكون قد أوفى بالوعد الذي قطعه خلال حملته الانتخابية في عام 2019.

 
ووفق الموقع، أشارت هذه الخطوة إلى تحول جذري في دعم الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية، وهي خطوة طالما حث عليها النشطاء التقدميون. حيث في عهد الرئيس دونالد ترامب، أصدر الكونجرس قرارات تحظر مبيعات أسلحة معينة وتوجه الولايات المتحدة إلى إنهاء دورها في الأعمال العدائية، لكن ترامب اعترض عليها.
 
 
 
هل سينهي اعلان بايدن إنهاء دعم السعودية الحرب في اليمن؟
 
ورجح تقرير نشرته وكالة اسوشيتد برس الامريكية «AP»، أن إعلان الرئيس جو بايدن عن أن الولايات المتحدة ستنهي سيزيد من الضغط على المملكة لإنهاء حملتها هناك، ومع ذلك، فإن التوصل إلى سلام دائم لأفقر دولة في العالم العربي لا يزال محل تساؤل.

 
وأشار بالقول: "لا يزال المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران راسخين بقوة في شمال البلاد ويسيطرون على عاصمتها صنعاء، فيما تعيش بقية البلاد من خلال تحالفات قبلية وإقليمية وسياسية متنافسة، مدعومة بشكل عام من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والذي يقاتل هناك منذ عام 2015".

 
ووفق التقرير، ستكون كيفية استجابة تلك القوى المنقسمة أمرًا أساسيًا بينما تحاول الأمم المتحدة والغرب والدول الإقليمية إيجاد ترتيب سياسي لتقاسم السلطة يوافق عليه جميع الأطراف. حيث يشير تاريخ اليمن الحديث المضطرب منذ فترة طويلة إلى أنه سيكون من الصعب الوصول إلى أي صفقة وربما يكون الالتزام بها أكثر صعوبة.

 
وتابع بالقول بأنه يبدو أن إعلان بايدن يهدف إلى ممارسة ضغط جديد على المملكة العربية السعودية لإنهاء حملة التحالف هناك، حيث سحبت الإمارات قواتها البرية في عام 2019 وتحث على تسوية تفاوضية للحرب، كتب الأمير السعودي خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع ونجل الملك سلمان، على تويتر أن المملكة تريد العمل من أجل "تنفيذ تسوية سياسية مستدامة" في اليمن، كانت الحرب مأزقًا دمويًا مكلفًا لوالده، وكذلك شقيقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 
ومع ذلك الجهود السابقة التي قادتها الأمم المتحدة لم تنهِ الصراع بعد، ففي غضون ذلك، خاض الانفصاليون المتحالفون مع الإمارات العربية المتحدة معارك علنية ضد القوات الأخرى المتحالفة مع التحالف، وبالتالي قد يؤدي أي سلام بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين إلى تقسيم البلاد مرة أخرى في المستقبل، وفق الوكالة الأمريكية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر