ما الذي تسعى إليه قوى الشرعية المناوئة للرئيس هادي؟ (تحليل خاص)

[ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (أرشيف) ]

 


 بحلول 30 يناير/ كانون الثاني 2021، تكون الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، قد طوت الشهر الأول من وصولها إلى عدن، بعد أدائها اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، في مقر إمامته المؤقتة بالعاصمة السعودية "الرياض"، غير أن حالة الوفاق والعمل بروح الفريق، لا تبدو حاضرة لدى هذه الحكومة، وذلك ما يكشفه أداؤها في مختلف المجالات، وبقاء الملحقين العسكري والأمني لاتفاق الرياض دون تنفيذ حقيقي، فضلا عن تعثر تنفيذ ما تبقى من الملحق السياسي والاقتصادي.
 
يُعبِّر غياب الوفاق في صفوف هذه الحكومة عن تضارب أجندات مكوناتها السياسية إزاء العديد من القضايا الاستراتيجية، ومن أبرزها عملية الانتقال إلى نظام الدولة الاتحادية المكونة من ستة أقاليم، وفقًا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013-2014)، وهذا التضارب قد يقوض الحكومة، وربما يقود إلى القضاء على القيادة العليا للسلطة الشرعية، التي كانت وراء وجود مشروع الدولة الاتحادية، وتعرضت، بسببه، لانقلاب جماعة الحوثي، وحليفها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في سبتمبر/ أيلول 2014.
 


نظريًا؛ يعد هذا التعارض عائقًا قويًا أمام المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، في تحقيق أجندته الرامية إلى فصل مناطق الجنوب عن الشمال؛ لأن معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة تؤيد مشروع نظام الدولة الاتحادية، ومن ذلك بعض القوى السياسية الجنوبية الصاعدة، مثل: الائتلاف الوطني الجنوبي، ومكوّن حضرموت الجامع، فضلا عن القوى الحزبية التقليدية، مثل: التجمع اليمني للإصلاح، وجناح من المؤتمر الشعبي العام المؤيد للرئيس هادي، والحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري..
 
بين هذا وذاك، يبرز فصيل آخر من حزب المؤتمر الشعبي العام، مدعوم إماراتيًا، يتزعمه أبناء وأقرباء الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ويقع تحت إرادته تشكيلات مسلحة، تمثل امتدادًا للحرس الجمهوري السابق، وتتمركز في مناطق من الساحل الغربي للبلاد. حيث يعارض هذا الفصيل مشروع الدولة الاتحادية والرئيس هادي، ويرفض، في الوقت ذاته، انفصال الجنوب، إلا أن فرصهُ في تحقيق ذلك ضئيلة في الوقت الراهن؛ لذلك فإن غاية ما يصبو إليه الحصول على مكاسب سياسية فاعلة، تمكنه من تزعُّم حزب المؤتمر الشعبي العام بكل أجنحته وفصائله، والمشاركة في المفاوضات النهائية التي قد تقود مختلف أطراف الصراع، في البلاد، إلى حل سياسي شامل.
 
إزاء هذا المشهد، فإنه لا انفصال، ولا دولة مركزية؛ وبذلك فإن النظام الاتحادي بات قدَرًا لا مناص منه، بل إنه ما يجري تعزيزه على الأرض، حاليًا، ولكن ليس وفقًا للتقسيم الجغرافي الذي أقره مؤتمر الحوار الوطني الشامل لعام 2013-2014؛ بالنظر إلى توزُّع السيطرة العسكرية والسياسية على الأرض بين مختلف أطراف الصراع، بما في ذلك جماعة الحوثي، وما يشير إليه التحول في موقف قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إزاء مسألة الانفصال؛ حيث سبق أن أشار رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، إلى أن خيار الانفصال غير قابل للتحقق في المدى القريب. وهنالك تقارب، بل اصطفاف، إعلامي ملحوظ، بين المجلس الانتقالي، وفصيل المؤتمر الشعبي، المدعوم إماراتيًا، يؤيده ويحث عليه، نائب رئيس المجلس هاني بن بريك. 
 


سياسيًا؛ لا يمتلك المجلس الانتقالي الجنوبي تمثيلًا في البرلمان، ولا في مجلس الشورى الذي شرع الرئيس هادي في إحياء دوره من جديد، لمواجهة نفوذ فصيل المؤتمر الشعبي العام، المدعوم إماراتيًا، في البرلمان..
 
 لذلك فإن المجلس الانتقالي يعتمد في فرض إرادته السياسية على التشكيلات المسلحة التي تدعمها الإمارات، أما تمثيله في الحكومة فيعد محدودًا؛ إذ يتقاسم تمثيل الجنوب مع مكونات سياسية أخرى، وذلك ما يفسر تقاربه مع فصيل المؤتمر الشعبي العام المدعوم إماراتيًا، لتحقيق تكامل سياسي وعسكري، بناء على حسابات تناسب المرحلة الراهنة.
 
ويبدو أن هذا التحالف قد يجر إليه مكونات سياسية أخرى، مثل الحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري، وإن كان هذا الأخير بدأ، فعلًا، في ذلك، من خلال اللقاء الذي جمع أمين عام الحزب عبد الله نعمان، بنائب أمين عام المجلس الانتقالي فضل الجعدي، في عدن، وما سبق ذلك من مواقف للحزب، كان من أبرزها منعه ممثله في الحكومة "وزير الإدارة المحلية" من أداء اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي في الرياض، واعتراضه على تعيين شاغلي مناصب الوزارات السيادية في الحكومة الجديدة، دون مشاورته، وأخيرًا اعتراضه، مع الحزب الاشتراكي، والمجلس الانتقالي، وفصيل المؤتمر الشعبي العام، المدعوم اماراتيًا، على قرارات الرئيس هادي، بشأن تعيين رئيس الحكومة السابق أحمد بن دغر، رئيسًا لمجلس الشورى، مع نائبين له، وكذا تعيين نائبٍ عام للبلاد.
 


هذه المؤشرات تقول إن تحالفًا ثلاثيًا، أو أكثر من ذلك، قد يواجه الرئيس هادي وحلفائه، في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي، على غرار ما قام به تحالف أحزاب اللقاء المشترك، الذي أسقط نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بثورة شعبية في فبراير/شباط عام 2011، وستلعب التشكيلات المسلحة، التي يتحكم فيها المجلس الانتقالي الجنوبي، وفصيل المؤتمر الشعبي العام، المدعوم اماراتيًا، دورًا فاعلًا في ذلك، مثلما قام به الجيش المؤيد لثورة فبراير/ شباط 2011، سيَّما أن هذه التشكلات لم تدمج، حتى الآن، في هياكل وزارتي الدفاع والداخلية، وما تشكله، في الوقت الراهن، من تعطيل لنفوذ الرئيس هادي وحلفائه في مناطق تمركزها.
 
ولعل ما يدفع في هذا الاتجاه، أن الممارسات الوظيفية الروتينية لقيادات الأجهزة الأمنية في عدن، تؤدَّى دون انقياد فعلي لقيادة وزارة الداخلية ومؤسسة الرئاسة، وبما يعزز نفوذ مناوئي الرئيس هادي، وكأن المرحلة محطة انتقالية لن يطول أمدها، وأن التالية لها ستكون الانقضاض على نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي، أو التحضير لمرحلة تقود إلى ذلك، والاستفادة مما قد تفرضه تحولات مواقف القوى الدولية الفاعلة إزاء الأزمة اليمنية برمتها، وما قد يتخذه التحالف من مواقف غير متوقعة تجاه الرئيس هادي ومستقبله السياسي. 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر