صحيفة أمريكية: محافظة "شبوة" استثناء في ظل سلسلة الكوارث الكئيبة في اليمن (ترجمة خاصة) 

أبدى صحفي أمريكي تفاجئه من التنمية التي تسير فيها محافظة شبوة (شرق اليمن)، رغم حالة الحرب التي تشهدها البلاد للعام السادس على التوالي بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الحكومية المسنودة من السعودية. 
 

الصحفي نبيه بولص «Nabih Bulos» مدير مكتب صحيفة لوس انجلوس الأمريكية بالشرق الاوسط، كان من ضمن وفد صحفي غربي زار محافظة شبوة مؤخراً، وفي تقرير للصحيفة قال متعجباً "حتى في المناسبات النادرة، عادة ما يظهر اسم اليمن في الأخبار، كأرض المجاعة والحرب، ومسرح أسوأ أزمة إنسانية في العالم". 
 

لكنه أضاف في التقرير الذي نشرته صحيفة «Los Angeles Times» - ترجمة "يمن شباب نت" - لذلك كانت مفاجأة في زيارة أخيرة لمحافظة شبوة الساحلية، ليس فقط العثور على شاطئ رملي أبيض يسيل له لعاب هواة التصوير، ولكن صفًا من الأكواخ قيد الإنشاء لاستقبالهم. 
 

الأكواخ هي جزء من منتجع مقترح اسمه شبوة برايد أو عروس شبوة، والذي يخضع للإشراف الشخصي لمحافظ المحافظة محمد صالح بن عديو. وهو واحد من العديد من المشاريع التي يشير إليها كدليل على أن شبوة تعد استثناء في ظل سلسلة الكوارث الكئيبة في اليمن، وفق الصحيفة الأمريكية. 


        بناء عقارات سياحية على شاطئ البحر شبوة على شاطئ بير علي في محافظة شبوة (مركز صنعاء) 
 

وقال بن عديو في مقابلة "سعينا لأن نجعل شبوة بصيص أمل ونموذج تتبعه المحافظات الأخرى". 

في معظم الأماكن الأخرى في اليمن، هناك شح في الأمل. إذ تسببت الحرب الأهلية المستمرة منذ خمس سنوات في البلاد - والتي اجتذبت أطرافًا خارجية مثل إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة والقاعدة - في مقتل ما لا يقل عن 100,000 شخص، من بينهم 12,000 مدني، وفقًا لتقرير صدر عام 2019. كما أدى الحصار الطويل الأمد وانهيار العملة إلى شل التجارة والتنمية، وحكم الدولة بات مفهوما نظريا إلى حد كبير. 
 

لكن ليس الأمر كذلك في شبوة، تبدو الأسواق مزدحمة، حتى لو بدا المشترون قليلون، في المحافظة الغنية بالنفط - ثالث أكبر محافظة في اليمن، وتعمل أطقم العمل على تمهيد الطرق السريعة، وتتدفق الاستثمارات، والقوات الأمنية الوحيدة في الشوارع هي تلك الموالية للحكومة. 
 

وقال بن عديو، "يمكننا القول إنها أول محافظة في اليمن تتحرر بالكامل من الميليشيات المسلحة، وهي تخضع للدولة وتتلقى توجيهاتها من الرئيس". 
 

ومع ذلك فإن الكثيرين يرجعون الفضل في صعود شبوة إلى وجود الحكومة اليمنية بقدر ما يرجع ذلك إلى غيابها. 
 

وقالت ندوى الدوسري، محللة الصراع اليمني في الشرق الأوسط، "إنه من دون استحواذ الحكومة المركزية على جميع أرباح النفط وعائدات الضرائب في شبوة، كان لدى القادة المحليين لأول مرة الحافز والوسائل لتطوير المحافظة على النحو الذي يرونه مناسبًا". 
 

وقالت الدوسري: "إن تطور الحكم الناجح نسبيًا في مناطق مثل شبوة ليس بسبب رؤية الحكومة المركزية أو [الرئيس عبد ربه منصور] هادي"، "إنه نتيجة ثانوية لانهيارها". 
 


ويقيم هادي في المملكة العربية السعودية منذ عام 2015 بدافع القلق على سلامته، ولم يكن له رأي يذكر في إدارة شؤون بلاده اليومية. يمكن القول إن أكبر تأثير له على اليمن كان مرسومه الصادر في 2018 بتخصيص 20٪ من مبيعات الغاز والنفط في شبوة للحكومة المحلية. 
 

وعلى الرغم من أن الحرب المستمرة قد خفضت إنتاج شبوة بأكثر من النصف إلى 7000 برميل يوميًا، اضافة لانخفاض أسعار النفط هذا العام، فقد جمع بن عديو 35 مليون دولار من الإيرادات منذ أن بدأت فترة ولايته كمحافظ في نوفمبر 2018، واستخدم الأموال في بناء المحافظة التي باتت بصورة أفضل من معظم أجزاء البلاد الأخرى. 
 

هذا جعلها ملاذًا لكل من اليمنيين الفارين من الحرب وكذلك المهاجرين الذين يستخدمون البلاد كمحطة طريق إلى المملكة العربية السعودية، مما أدى إلى تضخم عدد سكان المحافظة من حوالي 600 ألف شخص إلى أكثر من مليون، وفقًا لبعض التقديرات. 
 

ندى البرطي (16 عاما)، فرت إلى هنا من العاصمة اليمنية صنعاء بعد مقتل والديها في قتال الحكومة ضد المتمردين الحوثيين. 
 

تقول "كان علينا المغادرة، وطلب منا الناس الذهاب إلى شبوة". انتقلت مع شقيقها إلى عتق، عاصمة المحافظة، وتمكنت من بدء عمل تجاري لبيع مخبوزات المناسبات لدعم دخل الأسرة. 
 

رجال الأعمال، أيضًا، قد انجذبوا إلى هنا. 
 

في السابق، كان هناك انقسام، وهذا أوقف الاستثمار. بحسب ما قاله صالح خليفة، - مقاول يبلغ من العمر 35 عامًا- شارك مؤخرًا مع الحكومة المحلية في مشاريع الكهرباء والبنية التحتية الأخرى، مضيفا بالقول "لكن الآن بات لدينا بيئة آمنة".
 

لقد كان استقرار شبوة صعب المنال، حيث تمتد المحافظة، التي تبلغ مساحتها تقريبًا مساحة المسيسيبي، من وسط اليمن إلى ساحلها الجنوبي؛ وتشكل محورا لمن يرغب في السيطرة على المناطق الجنوبية من البلاد. وهذا جعلها مكسبا مهما بالنسبة لجميع الأطراف المتحاربة. 
 


بعد أن استولى الحوثيون المدعومون من إيران على صنعاء في أواخر عام 2014، مضوا نحو شبوة وأجزاء أخرى من الجنوب، مما دفع بصعود تحالف بقيادة السعودية والإمارات لوقفهم. لكن بعد أن أوقف التحالف تقدم الحوثيين بعد أكثر من عامين، انهار الحوثيين. 
 

كما شن الانفصاليون في مدينة عدن الساحلية (العاصمة المؤقتة) الذين يسعون لضم شبوة في دولة محتملة هجومهم الخاص على المحافظة، بمباركة من الإمارات، في صيف عام 2019. 
 

تقدموا بما يكفي ليحيطوا بمنزل بن عديو في عتق. لكن بحلول الأسبوع الثالث، انتهى الهجوم بسيطرة الحكومة اليمنية، تاركًا للقوات الإماراتية بعض القواعد في المحافظة، بما في ذلك مصنع بلحاف لتصدير الغاز، وهو أكبر استثمار أجنبي على الأراضي اليمنية. (رفضت السلطات الإماراتية السماح لمجموعة من الصحفيين الزائرين، بما في ذلك من صحيفة The Times، بزيارة بلحاف). 
 

في أعقاب ذلك، أصبح بن عديو هدفًا منتظمًا لوسائل الإعلام الموالية للإمارات، التي تتهمه بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك تتهمه بالسماح للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بالعمل بحرية في شبوة. في وقت سابق من هذا العام، نجا بن عديو من محاولة اغتيال يلقي باللوم فيها على الإمارات. 
 

وقال بن عديو: "نفذت الإمارات هجمات بالقناصة والسيارات المفخخة وغيرها ضدي، لأن لديهم مخططات متعلقة بالمحافظة واليمن بشكل عام". 
 

على الرغم من هذه التوترات المستمرة، فقد صمد الأمن بشبوة حتى الآن، على الرغم من أن البعض يتهم بن عديو باستخدام تكتيكات قاسية. 
 

وقال أحمد حقل، الناشط في حقوق الإنسان في المجلس الانتقالي الجنوبي، المجموعة الانفصالية المدعومة من الإمارات: "نحن نواجه ديكتاتورية من هذه الحكومة الحالية". 
 

وفي مقابلة، اتهم احمد السلطات المحلية باعتقالات عديدة لسكان محليين، بمن فيهم قاصرون، بتهم ملفقة. كما يزعم زملاء حقل أن بن عديو صرف العقود لأصدقائه واختلس الأموال العامة. 
 

يصر بن عديو على أن تلك الاتهامات لا أساس لها وأن مكتبه عمل مع مئات المقاولين.  وقال "نختار المقاول الجدير بالثقة والمؤهل".  مضيفا "أتابعهم كل أسبوع".
 


وقد حصل المحافظ على دعم محلي كبير، بما في ذلك من قبائل شبوة المنقسمة في كثير من الأحيان. وفي اجتماع قبلي أقيم أثناء تواجد الصحفيين الزائرين، أعرب الزعماء عن موافقتهم بل وسعادتهم لفترة عمل بن عديو. 
 

وقال الشيخ جربوع ناصي: "لدينا محافظ يقوم بأشياء تجعلنا نفهم ماهية الدولة"، مضيفًا أن بن عديو قلل من الجريمة أثناء توزيع المشاريع التنموية بشكل عادل. واصفا إياه قائلا "لقد وحد القبائل من ورائه". 
 

جلس الشيخ محمد حمامي بجانب الناصي، وهو يتفق مع الحكم الذاتي المتزايد لشبوة مؤخرًا بل وأشاد به. 
 

وتساءل "الحكومة المركزية مع من؟ السلطة في عدن، في صنعاء - مع من هي في هذه المرحلة؟" مضيفا بالقول "ما نراه هو أن المساواة تأتي في الفيدرالية، وأن الدولة المركزية لن تجدي نفعا". 
 

يتفق براء شيبان، الباحث والناشط السياسي اليمني المقيم في لندن، على أن شبوة يمكن أن تنور الطريق للأمة اليمنية ككل.
 

حيث قال "البلد كما كان قبل عام 2015 لم يعد نفسه من الناحية التشغيلية". واشار الى أن الفرصة الوحيدة أمام اليمنيين هي إعادة صياغة البلاد كدولة فيدرالية، "شبوة نموذج لما يمكن أن يكون عليه الحل لليمن". 
 

ويرى المستثمرون والعمال فرصًا اقتصادية في مشاريع سياحية مثل منتجع "عروس شبوة "، الذي انطلق قبل ثلاثة أشهر على شريط من الشاطئ النائي في بير علي، في الطرف الجنوبي لشبوة.
 

وقال رائد صبري مهندس الموقع، إنه حتى الآن، تم بناء أكثر من عشرين شاليهًا (مباني صغيرة بسقوف مائلة عادة ما تكون مغطاة بالقرميد) الشاطئ، بالإضافة إلى مطعم ومسجد. بعد اكتمال المرحلة الأولى من البناء في غضون ثلاثة أشهر، سيتم فتح ثلث المرافق أمام الناس. 
 

وقال صبري "هناك استقرار وأمن هنا ... وهذا مكان خاص يعرض شبوة واليمن". 
 

كما تم المضي قدمًا في مشاريع التنمية اليومية الأخرى، بما في ذلك رصف مئات الأميال من الطرق السريعة - وهو إنجاز في محافظة، كانت الى ما قبل عام 2015، لم تشهد سوى رصف 140 ميلًا فقط. 
 

وقال عزيز بحري، مستثمر في الفنادق ومشاريع أخرى، يبلغ من العمر 38 عامًا، "يقول الناس إن اليمن انتهى"، أما أنا فأقول "إن شبوة جوهرة ضائعة ستنقذ اليمن". نحن في موقف يمكن أن يكون الحل فيه حيثما تكمن المشكلة (الانهيار). 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر