صنعاء.. استقرار "وهمي" للدولار.. تقرير خاص يرصد أسباب الانخفاض ودوافع الميليشيات

[ صورة أرشيفية لأحد محلات الصرافة بصنعاء (خاص: يمن شباب نت) ]

 على الرغم من تباهي ميليشيات الحوثي بالمحافظة على استقرار قيمة صرف الدولار والعملات الأجنبية عند حدود منخفضة عما هي عليه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلا أن ذلك الإستقرار، بحسب خبراء اقتصاد، "وهميا" وغير حقيقي، بالنظر إلى أسعار السلع والخدمات الأساسية، مقارنة بنظيرتها في المناطق المحررة..
 
 وكان الريال اليمني شهد انهيارا غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية في المناطق المحررة. حيث وصل فيها سعر صرف الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له، متخطيا حاجز الـ900 ريال. بينما استخدمت ميليشيا الحوثي قبضتها الحديدية، بشكل أكبر، للضغط على القطاع المصرفي وشركات الصرافة في مناطق سيطرتها للإبقاء على سعر الدولار مستقرا عند حدود 620 ريال.
 
في هذا التقرير، يحاول "يمن شباب نت"، الوقوف على أهم الأسباب التي جعلت ميليشيات الحوثي الانقلابية تحافظ، بالقوة، على سعر صرف منخفض للعملات الأجنبية في مناطق سيطرتها، مع استعراض ما يؤكد على أن هذا الاستقرار ليس حقيقيا، بل "وهمي"..
 
 
قلة الطلب على الدولار
 
ساعد غياب طلب المستثمرين ورجال الأعمال على شراء الدولار في مناطق سيطرة الحوثيين على إبقاء سعر الصرف ثابتا عند حدود 620 ريال، للدولار الواحد، خلال الفترة الماضية، على الرغم من أن ثبوته عند هذه الحدود يعتبر وهميا وغير حقيقي على أرض الواقع، كما يؤكد خبراء وباحثون أقتصاديون..
 
ويؤكد الباحث في الشؤون الاقتصادية عبدالواحد العوبلي، على أنه لا يوجد طلب كبير على شراء الدولار في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، خصوصا وأن مستوردي المشتقات النفطية، الذين هم في الأصل تابعون للميليشات الحوثية، يذهبون إلى البنك المركزي في عدن لفتح إعتماداتهم المستندية هناك..
 
وأضاف العوبلي، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت": وبالتالي؛ لأن معظم الطلب على الدولار هو في مناطق الشرعية وليس في مناطق سيطرة الحوثيين، فمن الطبيعي أن يكون سعر الدولار أقل عند الحوثيين، عنه عند الحكومة الشرعية.
 
كما تحدث الخبير الإقتصادي عن دور القبضة الأمنية الحديدية، للميليشيات الحوثية، وفرض سيطرتهم التامة على الصرافين في مناطقهم، والذين يعتبر معظمهم تابعين للميليشات أصلا.
 
 

نهب تحويلات المغتربين
 
وثمة أسباب كامنة وراء إبقاء الميليشيات الانقلابية أسعار العملات الأجنبية منخفضة (ولو شكليا) في مناطق سيطرتهم، من أبرزها: عدم الإعتراف والتعامل بالعملة الوطنية الجديدة للدولة؛ الأمر الذي فرض على شركات الصرافة إضافة رسوم عمولات باهضة على التحويلات المالية الداخلية القادمة من المناطق المحررة إلى مناطق تحت سيطرة الميليشيات.
 
كما أن ذلك بدوره ساعدهم على نهب أموال المغتربين، من خلال مصارفة العملات الأجنبية الواردة من الخارج بأسعار متدنية، أقل من قيمتها الفعلية في السوق؛ بالإضافة إلى الإبتزاز الكبير الحاصل حاليا في رسوم عمولات التحويلات الداخلية الباهضة، والتي تعود نسبة منها إلى خزينة وجيوب المليشيات الحوثية.
 
وهو ما يذهب إليه الباحث الاقتصادي "العوبلي"، بتأكيده على أن ميليشيا الحوثي ضبطت أسعار صرف العملات وفقا لمصالحها الشخصية، لأن معظم الأموال- بالعملة الصعبة- تأتي عن طريق المغتربين، ويتم صرفها للناس المستفيدين منها بسعر أقل.
 
وأضاف: إلى جانب أن الميليشيات تحصل على مبالغ مالية كبيرة من فارق صرف تحويلات المغتربين، فإنها تحصل أيضا على مبالغ مالية كبيرة من تحويلات المواطنين القادمة من مناطق الشرعية، حيث وصلت مستويات خصم العمولات الداخلية إلى أكثر من خمسين في المئة خلال الأسابيع القليلة الماضية..!!
 
 
انخفاض "وهمي"

 مع ذلك، يصف خبراء ومراقبون اقتصاديون هذا الإنخفاض، في سعر صرف العملات الأجنبية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، على أنه إنخفاض "وهمي" وليس حقيقي. ويمكن إدراك ذلك من خلال ملاحظة عدم إنعكاسه كثيرا على أسعار معظم السلع والخدمات الأساسية في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، التي ما تزال مرتفعة، وبعضها مازالت تشهد ارتفاعات متواصلة.
 
وبالنظر إلى فارق أسعار السلع الغذائية والخدمات الأساسية في مناطق الميليشيات، ومقارنتها مع نظيرتها في المناطق المحررة، سنجد أنها متقاربة، ولا تعكس حقيقة الفارق الكبير بينهما في أسعار العملات الأجنبية..!!
 
وبهذا الصدد، يؤكد المواطن "أ. الوصابي" أن غالبية الأسعار، كالدقيق والسكر وغيرها من السلع الأساسية، لا تزال مرتفعة، وبنفس الأسعار التي كانت عليها عندما ارتفع الدولار إلى أكثر من 750 ريال، سابقا، ولم تنخفض حتى اللحظة، على الرغم من انخفاض الدولار إلى 620 ريال.
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": كما أن أسعار بعض السلع في العاصمة صنعاء، مازالت تشهد ارتفاعات متواصلة. وعلى سبيل المثال- يذكر الوصابي- أن الكيس الدقيق وصل اليوم إلى أكثر من 14,000 ريال، ناهيك عن صعوبة الحصول على أسطوانة غاز منزلي، التي وصل سعرها في السوق السوداء إلى 12,000 ريال، وغيرها من المواد الأساسية الأخرى..!!
 
أما المواطن "ر. البعداني"، فقد أبدى استغرابه من ترويج البعض أن ميليشيا الحوثي ضبطت أسعار صرف العملات الأجنبية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها..!!
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت" أن البعض يبتهج بانخفاض الدولار في صنعاء، وارتفاعه في عدن ومأرب ومناطق الشرعية، ولا يدرك أنه يشتري الدقيق- بسعره الحالي- بما يعادل سعر الصرف عند 800 ريال للدولار الواحد.. متسائلا: فأين انعكاسات الانخفاض على الأسعار؟!
 

 

إنخفاض بلا سيولة نقدية
 
"إذا، هو إنخفاض وهمي وليس حقيقي" كما يقول الباحث في الشؤون الاقتصادية، العوبلي، مضيفا: فلو كان هناك استقرارا حقيقيا لسعر صرف الدولار، لكانت أسعار السلع والخدمات مستقرة وغير مرتفعة..
 
وأرجع العوبلي السبب في عدم انخفاض أسعار السلع بمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، إلى أن التجار العاديين، غير الموالين للحوثيين، لا يحصلون على الدولار بالسعر المحدد والمثبت عند 620 ريال، وبالتالي يضطرون إلى شرائه من السوق السوداء بسعر مرتفع، هو أصلا سعر صرف السوق الحقيقي، وذلك بدوره يؤثر بشكل مباشر على قيمة أسعار السلع والمواد.
 
ويشكوا تجار ومواطنون بالعاصمة صنعاء، من عدم توفر سيولة نقدية أجنبية كافية لدى الصرافيين، الذين يكتفون بشرائها بالسعر الحالي (المنخفض)، لكن معظمهم يمتنع عن البيع بالسعر المحدد حاليا، وبدلا من ذلك يبيعونها بسعر مرتفع في السوق السوداء.  


 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر