مركز أمريكي: حرب اليمن تختبر "حياد عُمان" مع تركيز السعودية على موطئ قدم في المهرة (ترجمة خاصة)

قال مركز أبحاث أمريكي "إن الحرب المستمرة في اليمن تشكل تحديًا متزايدًا لسياسة عمان الخارجية المحايدة، ويرجع ذلك إلى طموحات السعودية في محافظة المهرة اليمنية المتاخمة لسلطنة عمان، ومع ذلك، فإن دور عمان كوسيط يعتبر مهما لإنهاء الحرب في اليمن". 
 

وقال تقرير لمؤسسة «The Jamestown»  - ترجمة "يمن شباب نت" - "أدى تورط قوى متعددة، بما في ذلك السعودية والإمارات وإيران، إلى جعل الحرب في اليمن مسرحا يتم فيه تصعيد التوترات الإقليمية بعنف، إذ يجري تشجيع جميع أطراف الحرب وتمويلها وتسليحها من قبل قوى خارجية، وقد يكون من الصعب على عُمان أن تظل محايدة". 
 

ويمثل الحياد أحد أعظم ركائز سلطنة عمان، حيث نجحت عمان بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد، في اجتياز سقوط الشاه في إيران، والحرب الباردة ونهايتها، والحرب التي قادتها الولايات المتحدة على الإرهاب، وكذا الربيع العربي، وفق التقرير. 
 


ومن خلال كل هذه الأحداث العالمية والإقليمية المتغيرة، حافظت عُمان على حيادها واستقلالها، فسلطنة عُمان، على سبيل المثال، تحافظ على علاقات طويلة الأمد مع الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، بينما تتمتع في نفس الوقت بعلاقات بناءة مع إيران.  
 

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من تحالف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ضد إيران وقطر وتركيا، فقد تمكنت عمان من العمل مع كل هذه الدول لمعالجة القضايا الإقليمية. 
 

أدت السياسة الخارجية التي رسمها السلطان الراحل قابوس، إلى أن تصبح عمان وسيطًا قيمًا بين الدول المتنافسة في الخليج والقوى العالمية ذات المصالح في الخليج، فمن خلال دورها كوسيط، سهلت عمان المفاوضات بين الأطراف المتحاربة، وضمنت إطلاق سراح السجناء المحتجزين في إيران، بما في ذلك ثلاثة سياح أمريكيين في 2010 و2011.  


استفادت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، من موقف عمان الموثوق به كمحاور لإجراء مفاوضات القناة الخلفية مع إيران وكذلك مع الفصائل السياسية والعسكرية مثل طالبان والحوثيين في اليمن. 

  

التحركات السعودية، والتحركات العمانية المضادة 

قبل أن تطلق المملكة العربية السعودية تدخلها العسكري في اليمن في مارس 2015، حذر السلطان قابوس وكبار مستشاريه مرارًا وتكرارًا كبار أعضاء آل سعود من المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا التدخل.
 

 لم يستجب السعوديون ولا الإماراتيون المتحالفون لهذه التحذيرات، وأكد كلا البلدين أن تدخلهما العسكري سيهزم الحوثيين بسرعة ويعيد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي. الآن، بعد ما يقرب من ست سنوات من الحرب بينهما، تسعى الإمارات والسعودية إلى وضع نهاية للصراع تحفظ ماء الوجه. 
 

إنهاء الحرب - أو بالأحرى الحروب المتداخلة - في اليمن بطريقة تحقق على الأقل بعض الأهداف الأمنية للمملكة العربية السعودية ليس بالمهمة السهلة. ومن المفارقات أن التدخل الذي تقوده السعودية والذي سعى إلى هزيمة الحوثيين والقضاء على التدخل الإيراني في اليمن قد عزز، بدلاً من ذلك، وضع الحوثيين وسمح لإيران بتعميق علاقتهم بهم. 

وتلعب عمان دورها لأنها تسهل مفاوضات الغير مباشرة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية. حيث لعبت الحكومة العمانية، بقيادة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، ابن عم السلطان الراحل، مؤخرًا دورًا محوريًا في التفاوض على تبادل الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
 

 كما حذر السلطان قابوس وكبار مستشاريه السعودية والإمارات من عدم وجود حل عسكري للحرب في اليمن لأنه لا يوجد طرف، بما في ذلك الحوثيون، لديه القدرة على هزيمة الأطراف الأخرى بشكل كامل، فبدون وقف التصعيد وإطار عملي وواقعي للسلام، تخاطر الحرب في اليمن بأن تصبح نزاعًا متوسطا إلى منخفض الكثافة يستمر لسنوات أو حتى عقود. 
 

أهمية محافظة المهرة

عمان، التي تشترك في حدود وعرة بطول 183 ميلًا مع اليمن، تدرك تمامًا أن الحرب في اليمن لن تبقى في اليمن إذا استمرت.  وقد تعاملت عُمان بالفعل مع آلاف اليمنيين النازحين الذين ينتقلون عبر حدود عمان، وزيادة التهريب، اضافة لتكاليف توفير كميات هائلة من المساعدات الإنسانية الحيوية. يأتي كل هذا في وقت تواجه فيه عمان أزمة مالية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، ومدفوعات الديون، والتداعيات الاقتصادية العالمية الناجمة عن الاستجابات لفيروس كورونا. 
 

كانت المهرة، المحافظة اليمنية التي تشترك في حدود عمان، معقلًا للاستقرار طوال فترة طويلة من الحرب. ويعزى هذا الاستقرار إلى حد كبير إلى تماسك وتقاليد القبائل في المهرة، التي تشمل أراضيها معظم المحافظة. السلطات العمانية في وضع جيد للتخفيف من حدة الصراع في المهرة لأنها تتمتع بعلاقات جيدة منذ فترة طويلة مع النخب القبلية، التي تمتد أراضيها إلى محافظة ظفار العمانية المجاورة.
 

إقر أيضاً..
«ACLED» يستعرض كيف أدى نشاط الإمارات والسعودية في سقطرى والمهرة إلى تدهور البيئة الأمنية؟ (ترجمة خاصة)


السيطرة على الحدود مع اليمن أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأمن عمان. ومع ذلك، فإن السيطرة على الحدود الطويلة، التي تعبر الجبال والصحاري، تمثل تحديًا حتى مع قوة الحدود العمانية المدربة والمجهزة جيدًا، وهي لواء مشاة ميكانيكي.  كما لا يزال التهريب على طول الحدود، الذي لطالما كان دعامة أساسية لاقتصاد المهريين، منتشرًا.
 

وبغية المساعدة في السيطرة على التهريب والحفاظ على الاستقرار والأمن، اعتمدت عُمان على علاقاتها الطويلة مع شيوخ قبائل المهرة، وكثير منهم يحملون الجنسية اليمنية - العمانية.  حيث تعتبر عمان المهرة حاجزًا مهمًا بينها وبين الفوضى التي اجتاحت معظم اليمن. 
 

الطموحات السعودية في المهرة باتت اليوم تهدد الاستقرار الذي كانت تتمتع به المحافظة من قبل، فعلى مدى العامين الماضيين، انخرطت المملكة العربية السعودية في السياسة القبلية للمحافظة وأقامت أيضًا وجودًا عسكريًا في عاصمة المحافظة، الغيظة، ويُزعم ايضا قيامها بذلك في منطقة حوف. 
 

فبالإضافة إلى القوة العسكرية، حاول السعوديون ممارسة القوة الناعمة من خلال إنشاء مدارس مستوحاة من السلفيين في المهرة، ومن خلال الاحتجاجات وبعض المواجهات المسلحة، يقاوم أهالي المهرة ما يعتبره الكثيرون استيلاءًا سعوديًا على المحافظة. 

تعتبر المملكة العربية السعودية المهرة من الأصول ذات القيمة، إذ ستسمح السيطرة على المهرة أو النفوذ فيها للسعوديين بالوصول إلى خليج عدن، ولطالما أرادت السعودية إنشاء خط أنابيب عبر اليمن من شأنه أن يسمح لها بتقليل اعتمادها على مضيق هرمز.   
 

كما ينظر السعوديون أيضًا إلى عملياتهم العسكرية ونفوذهم في المهرة على أنها وسيلة لممارسة الضغط على عمان في وقت يُنظر فيه إلى عمان على أنها ضعيفة بسبب ضعف اقتصادها ووفاة السلطان قابوس مؤخرًا في يناير، حيث تريد السعودية والإمارات إجبار عمان على الخروج مما يعتبرانه المدار الإيراني والقطري. 
 

مستقبل السعودية وسلطنة عمان في المهرة

من غير المرجح أن تنجح خطط المملكة العربية السعودية الخاصة بالمهرة، فالمجتمع القبلي في المهرة يناضل ضد النفوذ الأجنبي المستمر، في الوقت نفسه، من الضروري بالنسبة لسلطنة عمان أن تواصل بذل ما في وسعها لإدارة الوضع في المهرة من خلال علاقاتها الراسخة مع شيوخ القبائل والنخب الأخرى في المحافظة. 
 

في مرحلة ما، قد تضطر عمان للانحياز إلى طرف ما في الحرب في اليمن، على الأقل فيما يتعلق بتحركات السعودية في المهرة، وإذا ما انحازت إلى أي طرف، فإن عمان تخاطر بالمساس بدورها كوسيط محايد وموثوق.  مثل هذه الخطوة لن تضر بسلطنة عمان فحسب، بل ستلحق الضرر أيضًا بآفاق الاستقرار في المنطقة الأوسع. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر