صنعاء.. كيف حول الحوثيون ذكرى المولد النبوي إلى كابوس يؤرق حياة اليمنيين (تقرير خاص)

  "هي أسوء أيامنا على الإطلاق".. بحسرة يتحدث المواطن أحمد الوصابي، مالك محل ملابس في العاصمة اليمنية صنعاء، عن ذكرى المولد النبوي الشريف، مضيفا لـ"يمن شباب نت": "أي ذكرى تلك التي تجعلنا نخاف على رزق أطفالنا من النهب والسطو والابتزاز تحت مسمى ’حق رسول الله’..".
 
فما إن تحل على اليمنيين ذكرى المولد النبوي، إلا ويحل معها الرعب في قلوب المواطنين بمناطق سيطرة الحوثيين، وخصوصا أصحاب المحلات التجارية، خوفا من سطو ميليشيا الحوثي ونهب أموالهم، بالإضافة إلى إجبارهم على طلاء محلاتهم باللون الأخضر وتعليق الأقمشة الخضراء، وتغير إنارة المحلات باضواء خضراء.. وكل ذلك يحدث تحت تهديد السلاح، والتهديد بفرض غرامات على المتخلفيّن.

"كابوس" سنوي مؤرِّق
 
 خلال السنوات الماضية، حوّل الحوثيون ذكرى المولد النبوي في مناطق سيطرتهم إلى كابوس يؤرق حياة المواطنين الذين يعيش معظمهم حياة القتامة والبؤس نتيجة انعدام فرص العمل وانقطاع رواتب الموظفين الحكوميين منذ أربع سنوات، في ظل تدهور الوضع الإقتصادي العام وأرتفاع الأسعار بشكل كبير،...، لينعكس كل ذلك بدوره سلبا علي حياتهم ويفاقم من معاناتهم اليومية.
 
فإلى جانب أن الحوثيين يستغلون المناسبة في التحشيد الفكري وترسيخ القيم والمفاهيم الشيعية وإبتداع أشياء دخيلة على اليمنيين لتعظيم آل البيت..، فإنهم أيضا يستغلون هكذا مناسبات للأثراء والحصول على أموال طائلة، فوق ما يحصلون عليه من مص دماء التجار ومحاربة المواطنين في ارزاقهم طوال العام..
 
ويقول مالك محل الملابس، أحمد الوصابي، إن "ابتزاز ميليشيا الحوثي لنا، تحت مسمى الاحتفال بالمولد النبوي، دائما ما يثقل كواهلنا، كل عام، ولم نعد نتحمل المزيد.."، مضيفا: "لقد أصبحنا نخشى على محلاتنا من الإفلاس".
 
وأضاف في حديث خاص لـ"يمن شباب نت": "على مدى خمس سنوات متواصلة ونحن نتعرض للابتزاز، وخلال الأيام الماضية تعرضنا للسطو والنهب، فتارة لدعم إحياء فعاليات المولد، وتارة باسم النظافة للمولد، ناهيك عن فرض عمل الأضواء وشراء القمشات الخضراء، وغيرها.. من الإجراءات التعسفية التي تمارسها الميليشيات الحوثية علينا خلال موسم الإحتفالات النبوية..".
 
 

 
 
فوائد اقتصادية متنوعة للحوثي
 
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي، إن ميليشيا الحوثي تستخدم ذريعة مناسبة المولد النبوي في ابتزاز وجباية الأموال من التجار، من كل نوع وكل مستوى، ولا يستثنون لا كبيراً ولا صغيراً من هذه الابتزازات..
 
وأضاف العوبلي، في حديثه لـ"يمن شباب نت"، كما أن "مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي من إضاءات وأقمشة، وغيرها...، التي يفرضها الحوثيون على أصحاب المحلات بالقوة، يتم شرائها من تجار حوثيين أصلا، وتصب جميعها لصالح خزائن الجماعة الانقلابية".
 
وأشار أيضا إلى أن "تكاليف هذه التجهيزات، وما يسبقها من إختلاق أزمات، كلها تصل إلى خزائن ميليشيا الحوثي، سواء بذريعة المولد النبوي، أم إجراءات العملة القديمة والعملة الجديدة.."، مؤكدا على أن "كل هذه الإيرادات- بخلاف إيرادات الدولة اليمنية- تقوي من وضع الحوثي إقتصادياً، وتمكنه من الاستمرار في تمويل حربه العبثية ضد اليمنيين".
 
وفي المقابل، يرى أن كل تلك الإجراءات "تؤدي إلى زيادة معاناة الشعب اليمني الغارق في المعاناة والجوع والعوز، في ظل إرتفاع الأسعار، ناهيك عن التشوية الحاصل للمدن اليمنية، وإدخال ثقافة شيعة إيران الغريبة، وإجبار الناس على الاعتياد على رؤية مظاهرها".
 
وهذا العام، وسّع الحوثيون من الدائرة، وحوّلوا ذكرى المولد النبوي إلى ماركة تجارية للكسب والثراء من أموال التجار وأصحاب المحلات التجارية الصغيرة والمتوسطة وصولا إلى الباعة المتجولين..؛ بل لم يقتصر الأمر عند هؤلاء فقط، فبحسب معلومات خاصة حصل عليها "يمن شباب نت"، فقد وسعت ميليشيا الحوثي من دائرة الابتزاز أكثر لتصل حتى إلى منازل المواطنين، وصالات الأعراس، ومجالس العزاء النسائية..!!
 
كما أفادت بعض المصادر المحلية، أن ميليشيا الحوثي، خلال الأيام الماضية كلّفّت الأمناء في ريف صنعاء بتسجيل أسماء من يصفونهم بـ"الميسرين"- في إشارة إلى أصحاب الأموال- بهدف ابتزازهم باسم المولد النبوي، بالإضافة إلى إجبارهم على المشاركة في فعالياتهم بشكل إجباري.
 
 


استياء وغضب واسع
 
واستطلع "يمن شباب نت" أراء عدد من المواطنيين في العاصمة صنعاء، حيث أعرب معظمهم عن استيائهم من تلك الاحتفالات، واستمرار ميليشيا الحوثي بإحياء المناسبات الطائفية التي ينفقون عليها  المليارات في الوقت الذي يعيش فيه سكان العاصمة صنعاء، وغيرها من مناطق سيطرة الحوثيين، تحت خط الفقر..
 
 وقال "توفيق ع."- من سكان العاصمة صنعاء- إن ميليشيا الحوثي، وبعد أن قطعت أرزاق اليمنيين، وفاقمت معاناتهم بافتعال المزيد من الأزمات، إذا بها لا تستحي من أن تحتفل بذكرى المولد النبوي من جيوب المواطنين، وكل ذلك بهدف الإحتفال، ولو على حساب حياة الناس..!
 
وأعتبر، خلال حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن احتفالات ميليشيا الحوثي بالمولد النبوي هو لإثبات سيطرتهم، لذلك يجبرون المواطنين على الخروج والمشاركة في الفعاليات الطائفية بالقوة والتهديدات..، لافتا إلى أن هذه التصرفات والأفعال، تثبت عكس ما يدعونه من حب للنبي صلى الله عليه وسلم..!!
 
من جانبه قال "نبيل الشراعي"- موظف  حكومي- إن الاحتفاء المبالغ فيه من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية بذكرى المولد النبوي، وما يرافق ذلك من قطع الشوارع، وابتزاز التجار والمواطنين طيلة هذه الأيام، إنما يثبت مدى استهتارهم بالمواطنين في مناطق سيطرتهم.
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": "لقد شاهدنا  خلال سنوات سيطرتهم على العاصمة صنعاء؛ كيف يستغل الحوثيون المناسبات الدينية بهدف استعطاف قلوب اليمنيين، ونهب أموالهم بإسم الدين، وهي لعبة أصبحت مكشوفة لدى الجميع"، مؤكدا على أن "من يشارك في احتفالات المليشيات بالحضور أو بالمال، ليس حبا، بل خوفا من تهديداتهم وبطشهم".
 

 

 أهداف طائفية وسياسية
 
تظهر ميليشيا الحوثي، من خلال إقامة الاحتفالات وإحياء المناسبات الدينية بتلك الطريقة، سعيها الحثيث إلى ترسيخ فكرها الطائفي السلالي في المجتمع.. محاولين إقناع الناس بأن هناك نصوصا فقهية تؤكد حقهم في الحكم، دون غيرهم..!!
 
‏وقال الكاتب والباحث اليمني الدكتور عادل دشيلة إن "استغلال المولد بهذه الطريقة، سياسيًا وماليًا، لا يمت إلى الدين الإسلامي بصلة".
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": "يستغل الحوثيون مثل هذه المناسبات الدينية لتثبيت فكرهم السلالي القائم على حصر الولاية في ما يُسمى بـ’آل البيت’، وإيصال رسالة للمجتمع بأن الحوثي وجماعته هم آل البيت، وعلى الناس الالتفاف حولهم"..! مؤكدا أن الحركة الحوثية من خلال ذلك "تحاول جرف الهُوية الثقافية للشعب اليمني، واستبدالها بهوية زيدية قائمة على الخرافات التي عفى عليها الزمن".
يستغل الحوثيون مثل هذه المناسبات الدينية لتثبيت فكرهم السلالي القائم على حصر الولاية في ما يُسمى بـ’آل البيت’ وتحاول الحركة الحوثية من خلال ذلك جرف الهُوية الثقافية للشعب اليمني، واستبدالها بهوية زيدية قائمة على الخرافات التي عفى عليها الزمن.
 
وإذ يلفت إلى أن المليشيات "تستفيد من هذه الاحتفالات، من خلال جمع التبرعات من المواطنين لإقامتها، لإيصال رسالة إلى الإقليم بأنّها تسيطر على الوضع، وأن لديها حاضنة شعبية..".
 
وعليه، يحذر الباحث اليمني، دشيلة، من أن "استمرار بقاء الحوثيين في صنعاء، سيكون له عواقب وخيمة على مستقبل البلاد السياسي والثقافي والاجتماعي، لذلك لا بد من إنهاء التمرد المسلح الحوثي بكل الوسائل التي كفلها دستور الجمهورية اليمينة". كما يقول.
 


 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر