فوارق الحوالات النقدية.. نصب يطال المواطن.. ومورد مالي كبير للمليشيا في مناطق الشرعية

[ تمارس ميليشيات الحوثي- بمساعدة شركات الصرافة والتحويلات المالية- عمليات نصب على المواطنيين بذريعة فارق العملة المحلية.. في حين تبدو الحكومة غير مكترثة- أو عاجزة على الأرجح- عن اتخاذ إجراءات حازمة، رغم ما بيدها من أوراق كثيرة ]

 
 بضع مئات من الريالات، هي ما كانت تستقطعه شركات الصرافة من عملائها، مقابل خدمة ‏التحويلات النقدية المتداولة بالعملة المحلية في مختلف المحافظات اليمنية؛ إذ لم تكن نسبة العمولة التي تستقطعها تلك الشركات تتجاوز الـ 1% تقريبا، من إجمالي مبلغ ‏الحوالة، كما هو حال كافة الشركات المشابهة على مستوى العالم.
 
وبلغة الأرقام، على سبيل المثال: كان تحويل مبلغ قدره 100,000 (مائة الف ريال يمني)، لا تتجاوز عمولة الشركة منه مبلغ 700 ريال فقط.‏ أما اليوم، ومنذ قرار مليشيا الحوثي، بداية هذا العام، بحظر تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية داخل مناطق ‏سيطرتها، باتت شركات ومحال الصرافة تستقطع ما نسبته 30% من قيمة مبلغ الحوالة ‏النقدية؛ مايعني أن شركات التحويل أصبحت تأخذ 30 ألف ريال كرسوم حوالة عن كل مائة الف ريال يتم تحويلها من مناطق سيطرة الشرعية نحو مناطق سيطرة الحوثيين.‏.!!
 

 
وأثار هذا السلوك، المتعارض مع المصلحة الوطنية، حفيظة معظم اليمنيين، من مواطنين وتجار، كونه يمس حياتهم المعيشية مباشرة، في وقت تقف الحكومة الشرعية عاجزة- حتى الأن- عن إتخاذ أية إجراءات لازمة لمواجهة هذه السرقة التي تمارسها ميليشيات الحوثي عبر شركات الصرافة والتحويلات.
 
"يمن شباب نت" قابل العديد من المواطنين والتجار في مدينة التربة- ثاني أكبر مدينة في محافظة ‏تعز- كما أجرينا مقابلات عبر الهاتف مع مواطنين وموظفين يعيشون في مناطق الحوثيين، ممن تطالهم هذه السرقات، إضافة إلى رصد تفاعلات الصحفيين والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي، للوقوف على انعكاسات هذه العملية، الجائرة، على معيشة المواطنيين وتأثيرها على أوضاعهم المعيشية.
 

[للمزيد.. أقرأ: رسوم الحوالات تلتهم ثلث أموال اليمنيين القادمة من مناطق سيطرة الحكومة]

 
سعر الصرف.. وفارق العملة‏
 
شهدت أسعار السلع الغذائية في مناطق سيطرة الشرعية إرتفاعاً كبيراً خلال الأشهر الماضية. ‏وفي الوقت الذي عزى فيه مراقبون السبب الرئيس، في تلك الزيادة، إلى ارتفاع أسعار الصرف للعملات الاجنبية ‏مقابل الريال اليمني؛ أرجع آخرون الأمر إلى ارتفاع رسوم التحويلات النقدية بين المناطق المحررة وغير المحررة، لاسيما وأن معظم السلع الغذائية، كالخضروات والفواكه وغيرها..، ‏تأتي من مناطق خاصعة لسيطرة الحوثيين.
 
فالتعاملات التجارية، بين مناطق الشرعية ومناطق الحوثيين، تقوم معظمها على ‏التحويلات النقدية عبر شركات الصرافة والتحويل. في حين تمكنت مليشيا الحوثي، خلال أشهر قليلة بعد قرارها ذاك، من سحب ‏الطبعة القديمة من العملة الوطنية من مناطق الشرعية نحو مناطقهم، عبر سماسرة السوق السوداء للعملة، مارفع من قيمة العملة القديمة تدريجيا، حتى وصلت مؤخرا إلى 35% زيادة مقابل العملة الجديدة.‏.!!
 

 
 الأمر الذي أنعكس بدوره على أرتفاع أسعار كافة المواد المشتراة من مناطق الانقلابيين الحوثيين إلى مناطق الشرعية، في الوقت الذي فرضت الميليشيات على الصرافيين زيادة هذا الفارق على كافة الحوالات النقدية القادمة من المناطق المحررة.  
‏ ‏
ويؤكد المواطن "حبيب محمد"، من أهالي مدينة التربة، أن "أسعار الخضروات، وبقية السلع، ارتفعت ‏بشكل لافت داخل مدينة التربة مؤخراً، والتي وصلت- في بعض الأحيان- إلى ‏‏40%، عن ما كانت عليه قبل أشهر".‏
 
يضيف حبيب لـ"يمن شباب نت": وحينما نسأل تجار الخضروات عن سبب إرتفاع الأسعار، يرجعون ذلك- بكل سهولة- إلى ‏ارتفاع عمولة الحوالات النقدية..!! حيث يقوم التاجر بإضافة هذا الفارق تلقائياً إلى سعر السلعة.‏
 
ويعتقد حبيب أن كثير من المواطنيين هنا، ربما "يجهلون أنهم حين يشترون كيلو طماطم أو بطاط، أو غيره، بسعر مرتفع، أن الثلث- تقريبا- من هذه القيمة يذهب لشركات الصرافة، التي تتم عبرها إجراءات التعاملات النقدية بين التاجر في تعز، وبين المورد في ذمار أو صنعاء أو إب، مثلا".
 
 وهذا الفارق هو بالأساس ناجم عن فارق قيمة العملة، المفروض من قبل مليشيات الحوثي ‏الإنقلابية نتيجة قرارها إلغاء التعامل في مناطقها بالطبعة الجديدة من العملة النقدية المحلية، وجعلت عمليات ‏البيع والشراء بين مناطقنا ومناطقهم عبر الحوالات النقدية. بحسب المواطن حبيب، الذي يجزم أن جزءً كبيرا من هذا الفارق، الذي يأخذه الصرافون، يذهب أصلا إلى خزينة الميليشيات.  
 
 
هل صاروا شركاء فيما نملك؟


 
قبل أسابيع، أضطر "أحمد سعيد" إلى بيع قطعة من أرضهم في عزلة "العزاعز" بمدينة التربة، بحسب طلب والده، وذلك لمساعدة شقيقه في تغطية نفقات حفل زفافه في صنعاء، حيث يعيش والده مع باقي أفراد الأسرة..
 
يقول أحمد لـ"يمن شباب نت"، إنه باع قطعة الأرض تلك، بمبلغ إثنين ‏مليون ريال، وحين ذهب إلى أحد محال الصرافة بمدينة التربة لتحويل المبلغ إلى والده في صنعاء، صُعِق عندما طلب منه العامل مايقارب 500,000 ريال (خمسمائة الف ريال) كعمولة تحويل..!!‏
 
‏ "ماهذا الجنون الذي تمارسه شركات الصرافة ضد المواطنين؟!"، يتسائل أحمد بحنق شديد، مضيفا- بالنبرة ذاتها: "‏ومن الذي أعطاها الحق في ممارسة هذا الابتزاز ضدنا، ونهب مايقارب ربع مبلغ الحوالة دون وجه حق؟!"
 
لم تتوقف تساؤلات أحمد الحانقة، عند هذا الحد، بل أستدرك مغاضبا: "ترى، هل كانت قطعة الأرض تخصهم، أم أنهم صاروا شركاء لنا في أموالنا واملاكنا، ونحن لا نعلم..؟!".‏
 
 
حتى المرتبات لم تسلم
 


مؤخرا، لم تعد هذه المشكلة تقتصر فقط على الحوالات النقدية للمواطنيين، بل وصل الأمر إلى خصم هذا الفارق من رواتب الموظفين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحوثي ويستلمون مرتباتهم من الحكومة الشرعية، بعد أن تخلت عنهم الميليشيات..
 
الموظف المتقاعد "ع. م."، تحدث لـ"يمن شباب نت" عن تفاصيل قصته عبر الهانف، بعد أن طلب منا التحفظ عن ذكر أسمه حرصاً على سلامته، كونه يعيش في صنعاء..
 
في البداية، كان "ع. م." يستلم مرتبه التقاعدي من "المؤسسة العامة للتأمينات ‏والمعاشات" في صنعاء، وفي أواخر العام 2017، سطت مليشيا الحوثي على المؤسسة وعلى حساباتها البنكية. الأمر الذي أضطره، مع ‏عدد من زملائه، النزول الى العاصمة المؤقتة عدن ليتمكنوا من استعادة صرف مرتباتهم التقاعدية عبر فرع المؤسسة ‏في عدن، التي ظلت تصرفها لهم منذ ذلك الحين بشكل منتظم كحوالات نقدية من ‏عدن إلى صنعاء عبر إحدى شركات الصرافة، التي لم تكن ‏تستقطع منها سوى مبلغ بسيط؛ من ألف إلى ثلاثة الآف ريال، كعمولة تحويل من عدن إلى صنعاء..
 
"ومنذ عدة أشهر، فقط، رفعت ‏شركة الصرافة نسبة عمولتها بشكل غير معقول، حتى وصل هذا الاستقطاع مؤخراً إلى أكثر من 25% من ‏المرتب".‏ يقول "ع. م."، مضيفا: "فقبل الإجراءات الأخيرة، كنت استلم مرتبي التقاعدي كاملاً، تقريبا، أي ‏ما يقارب 262,500 ريال، أما اليوم فإن مايصلني منه هو مبلغ ‏‏206,000 ريال فقط..!! بنقص قرابة 60 الف ريال، ‏مقابل عمولة التحويل من عدن إلى صنعاء!!".‏
 
 
إخلال بإتفاقيات حكومية
 
بل أكثر من ذلك، طالت الاستقطاعات الجديدة، الضخمة، قطاع المعلمين- أكبر قطاع في اليمن من حيث عدد الموظفيين- إلا أن المثير والغريب في هذه الحالة أن هذه الاستقطاعات تأتي بالمخالفة لإتفاقيات مبرمة مع الحكومة الشرعية..!!
 
ففي أوآخر أبريل/ نيسان الماضي، أبرم مكتب المالية بفرع محافظة تعز "عقد اتفاق" مع بنك الكريمي الإسلامي- أكبر مصرف يمني يتعامل بالحوالات النقدية بين المحافظات- وذلك لتسليم رواتب الموظفين عبره.
 
ويحدد هذا الاتفاق، في عدد من بنوده، حجم النسبة التي يتوجب على المصرف استقطاعها من رواتب الموظفيين في المديريات، سواء تلك الواقعة تحت سيطرة وإدارة الحكومة، أم تلك التي تقع تحت سيطرة وإدارة ميليشيات الحوثي الإنتقالية.
 
فمثلا، ينص البند رقم (3) من هذه الاتفاقية، على أن يلتزم بنك الكريمي "بتسليم مرتبات الموظفين في المديريات السبع خارج مدينة تعز، ومدينة القاعدة، بنسبة عمولة (2%)".
 
وللتوضيح هنا، فقد تكفلت الحكومة الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في سلك التربية والتعليم العاملين في المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، والتي يصل عددها إلى سبع مديريات، إلى جانب مدينة "القاعدة" التابعة لمحافظة "إب".. وذلك حتى تستمر العملية التعليمية في كامل مديريات المحافظة، حفاظا على مصلحة الطلاب..
 
وبحسب العقد المبرم بين الطرفيين، يستمر العمل بهذه الاتفاقية لمدة سنتين. إلا أن ما حدث مؤخرا، من قبل المصرف، يخالف نصوص هذه الاتفاقية، حيث طالت الاستقطاعات المعلمين العاملين في تلك المديريات، وبنسب تصل إلى (30%) من الراتب..!!
 

 
وقد تواصل "يمن شباب نت" عبر التلفون مع "أ.ب.ع"- وهو مدرس يعمل في مديرية ماوية التابعة لمحافظة تعز، والواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين..
 
يقول "أ.ب.ع": "بالرغم من أننا نعيش في مناطق تسيطر عليها مليشيا الحوثي، إلا أننا نستلم ‏مرتباتنا من السلطة الشرعية، حيث أن قيادة السلطة المحلية في تعز، وإبان تولي الاستاذ علي ‏المعمري قيادة المحافظة، أدرجت مرتبات المعلمين في المديريات غير المحررة ضمن مرتبات ‏المحافظة ككل، لتصلنا مرتباتنا عبر شركات الصرافة، أسوة بزملاءنا في بقية المناطق المحررة في المحافظة".‏
 
ويضيف: "وإلى ما قبل أشهر قليلة، كنا نستلم مرتباتنا بشكل كامل، حيث لم تكن شركة ‏الصرافة تستقطع منها سوى ما يقارب الألف ريال، واحياناً الألفين ريال، كعمولة تحويل، أما اليوم- كما يعرف الجميع- أصبحت هذه الشركة تستقطع ربع المرتب كعمولة تحويل!!".‏
 
وهو أمر يثير الحنق كثيرا، كما يقول "أ.ب.ع"، موضحا: "فبدلاً من أن تقوم مليشيا الحوثي بدفع مرتباتنا، كأبسط إلتزام قانوني وأخلاقي ‏تجاه الموظفين العاملين في مناطق سيطرتها، إذا بها على العكس من ذلك تماما: تسارع إلى إبتزازنا في لقمة ‏عيشنا بهذه الطريقة غير القانونية، واللّا أخلاقية..!!".‏
 
ويتساءل بمرارة: "هل سمع أحدكم عن عمولة ‏تحويل، في هذا العالم، تصل إلى ربع مبلغ الحوالة النقدية؟!"..
 
هذا إذا ما صرفنا النظر عن المسألة القانونية والأخلاقية، اللتين لا تجيز لهذه الميليشيات الانقلابية- بشكل خاص- أن تستقطع أية مبالغ، مهما كانت، وتحت أي مبرر كان، خصوصا في مثل هذه الظروف التي خلقوها هم، ثم تخلوا عن التزاماتهم القانونية مع الموظفيين..!!
 
 
‏ حسابات تتعرض للسطو ‏


 
لا تتوقف القصص والمآسي، التي خلقها قرار ميليشيات الحوثي الانقلابية، عند حد معين، بل وصلت بعضها إلى سلوك سبل أقل ما يقال عنها أنها "إجرامية"، وبلغة أخف يمكن وصفها بالـ"وقحة" في حق المواطنيين، والتجار على حد سواء..!! كما حدث- على سبيل المثال، لا الحصر- لتاجر الأدوية محمد سلطان، مع شركة الصرافة التي أفتتح حسابا مصرفيا لديها، عام 2013، في صنعاء- مركز نشاطه الرئيسي..
 
يقول سلطان لـ"يمن شباب نت"، إنه، وقبل عدة أشهر، ورد كميات من الأدوية إلى سوق مدينة التربة، وحصّل قيمتها نقداً، وحين ذهب إلى فرع شركة الصرافة في المدينة لإيداع المبلغ في حسابه، ‏تفاجئ بقيام شركة الصرافة بإستقطاع نسبة 20% من إجمالي المبلغ الذي أودعه، مباشرة دون أي مسوغات..!!‏
 
أدى هذا التصرف إلى غضب سلطان، الذي أعرب عنه بقوله: "هل تعلم؟ لقد قاموا بالسطو على حسابي وإستقطاع مبلغ غير قانوني لمصلحتهم، بمجرد ‏إيداعي مبلغا ماليا في حسابي الذي أفتتحته عندهم، في صنعاء، منذ العام 2013"..!!
 
ويتسائل: ولكن لماذا فعلوا ذلك؟!"، ليجيب ساخرا: "بحجة فارق ‏الصرف بين تعز وصنعاء..!!". وهذا يعني أنهم تعاملوا مع هذا الإيداع، على أنه "حوالة" من تعز إلى صنعاء، طالما وأن حساب التاجر الرئيسي في صنعاء، وليس في تعز..!!  ‏
 
ما الذي يمكن أن يفعله شخص في مثل هذه الحالة الغريبة، وغير المسبوقة؟! بالنسبة لسلطان، يؤكد على عزمه "التقدم بشكوى للقضاء ضد هذه الشركة، بإعتبار أن هناك اتفاقية موقعة ‏بيني وبين المصرف عند فتح الحساب"، وهذه الإتفاقية- كما يؤكد: "لاتمنح المصرف الحق ‏في مصادرة أموالي واستقطاع مبالغ بشكل غير قانوني لمصلحته، أو لأي طرف ثالث دون ‏موافقتي".‏
 
 
استغلال متجاوز للحدود 


 
الواقع الأكثر مرارة، لدى المواطنيين الذين يعيشون في المناطق المحررة، حيث تبسط الشرعية سيطرتها الشكلية، لكن دون سيطرة إدارية كاملة عليها- كما سيتضح هنا- هو أن معظم تفاصيل حياتهم أصبحت محكومة قسرا بقرار ميليشيات الحوثي الانقلابية بعدم التعامل مع العملة الوطنية الجديدة!!
 
فأهم قطاع استثماري، من حيث الحاجة والاستخدام الشعبي، كقطاع الاتصالات والانترنت، الأكثر انتشارا وجنيا للأموال، طالته هو الأخر عملية الإبتزاز تلك، لتشهد أسعار استخدامها إرتفاعاً ملحوظاً في المناطق المحررة، بنفس الذريعة والمبررات..!! ‏
 
ويقول محمد حسن- مالك محل اتصالات: إن تعرفة الاتصالات والانترنت في مدينة ‏التربة، ومديريات تعز المحررة، أرتفعت منذ عدة أشهر، نتيجة رفع شركات الصرافة والتحويل مبلغ عمولة الحوالات النقدية إلى صنعاء، حيث المركز الرئيسي الوحيد لشركات الاتصال والانترنت. الأمر الذي أضطرنا إلى إضافة هذه الزيادة إلى تعرفة الإتصالات تلقائيا..!!‏
 
وضمن تبريره لذلك، يضيف حسن، لـ"يمن شباب نت": "السبب في ذلك، هو أننا نتعامل مع وكلاء شركات الاتصالات في صنعاء عبر الحوالات النقدية، ‏وبالتالي فمن الطبيعي أن ارتفاع عمولة الحوالات النقدية قد إنعكس تلقائياً على أسعار الخدمات المقدمة من ‏مزودي خدمة الاتصالات والانترنت في مناطق سيطرة الشرعية، نتيجة فارق القيمة بين العملة القديمة والجديدة، لمصلحة الحوثيين في صنعاء.‏
 
وآثار هذا الأمر عدد كبير من الناشطين على منصات التواصل الإجتماعي، الذين أستهجنوا ما تقوم به شركات الصرافة والتحويل من إضافة فارق الصرف بين العملتين (القديمة والجديدة) إلى مبلغ التسديد عبر تطبيقاتها الألكترونية.
 
ونشر ناشطون صور إثبات لهذه التجاوزات، التقطوها من التطبيق الألكتروني لشركة الكريمي (أكبر شركة صرف وتحويل في البلاد)، إلى جانب صور لسندات التحويل لشركات أخرى، كشركة "النجم" وهي أكبر شركة صرافة تتعامل في تحويلاتها مع أكبر عدد من الشركات الصغرى في البلاد.
 
ومن الصور المنشورة على صفحات الفيسبوك، ما يؤكد أن شركة الكريمي تقوم بإضافة نسبة 30% تقريبا على عملائها الذين يستخدمون تطبيقها الألكتروني لتسديد رسوم خدمة الإنترنت من المناطق المحررة، التابعة للحكومة الشرعية.
 

 
وبرر موظفون في الشركة، علقوا على المنشور، هذه الزيادة أنها بسبب فارق قيمة العملة المحلية التي فرضها الحوثيون على المناطق المحررة لمصلحتهم..!!
 
ويقوم التطبيق الألكتروني، الخاص بالشركة، بإضافة تلك الزيادة بشكل آلي، على كل من يسدد عبره من المناطق الحكومية المحررة، على أعتبار أن التسديد يجب أن يكون إلى صنعاء مباشرة..!! وهو إجراء إعتسافي، يفرض على العميل، بشكل قسري، تسديد الرسوم إلى المؤسسة العامة بصنعاء، وليس إلى فرع المؤسسة في محافظته!! مع أنه (أي العميل) يمكنه القيام بالتسديد في محافظته دون إضافة أي فارق مالي، كما يجبره التطبيق..!!
 
 
احتيال ونصب مضاعف
 
وتتواصل العجائب التي تقوم بها شركات الصرافة والتحويل، في هذا الجانب، تنفيذا لتوجيهات ميليشيات الحوثي الانقلابية، دون النظر إلى التناقضات والمهازل التي تقع فيها، وتسيء إلى سمعتها..
 
فمن الأمور التي لاقت إثارة واستهجان، أيضا، عدم تعامل المصارف بالمثل مع تلك الحوالات التي ترد من صنعاء، أو المناطق غير المحررة، إلى المناطق المحررة..!!
 
فمثلا، نجد أن شركات الصرافة والتحويل تبرر عمليات الاستقطاع الهائلة للحوالات المالية الموجهة من مناطق الشرعية إلى مناطق الحوثيين، أنها بسبب فارق القيمة، المفروض من الحوثيين بين العملتين القديمة والحديثة- بما يعني أن ريال الحوثيين (العملة القديمة) أصبح يساوي حاليا 1,33 من ريال الشرعية..
 
لكن مع ذلك، حين يقوم شخص ما بتحويل مبلغ من صنعاء (أو أي منطقة تحت سيطرة الحوثيين)، إلى شخص في تعز (أو أي منطقة تحت سيطرة الحكومة)، لا يتم التعامل مع هذه الحوالة بالمثل!! فرغم أن المحوِّل، في صنعاء مثلا، سلّم المصرف عملة قديمة، إلا أن مستلم الحوالة في تعز، مثلا، يستلمها عملة جديدة بدون إضافة أي فارق بين العملتين..!!  
 
وتعليقا على هذا التناقض، يقول أحد الإقتصاديين لـ"يمن شباب نت"- مفضلا عدم إعلان هويته: إن هذا يثبت أن المصارف تتعامل مع العملة اليمنية على أنها عملتين- وليس عملة واحدة- عندما يتعلق الأمر بالتحويلات إلى صنعاء، لكنهم يعتبرونها عملة واحدة عندما يكون العكس..!!
 
وهذا في نظره، يعد نصبا، أو احتيالا واضحا على المواطن، فالصرافيين هنا يستفيدون بشكل مضاعف، ومن كلا الإتجاهين، ذهابا وإيابا من صنعاء وإليها، من المناطق الأخرى غير الخاضعة لسيطرة الحوثيين..
 
ويضيف: طالما وأنهم يتعاملون مع سعر الريال القديم بزيادة (أفتراضية) تساوي 1,33 ريال عن الريال الجديد، فهذا يعني أنهم يتعاملون مع عملتين مختلفتين، وبالتالي يجب عليهم أن يثتبوا هذا الفارق في كل التعاملات المالية مع هاتين العملتين.
 
وتنبهت شركة هائل سعيد أنعم (أكبر شركة تجارية وصناعية في البلاد) لهذا الأحتيال، فبعث رئيس فريق العمل بإقليم اليمن في الشركة، رسالة إلى بنك الكريمي بتاريخ 25 أغسطس الفائت، يطالبهم فيها بضرورة عكس الإجراءات المتخذة من قبلهم، فيما يتعلق بعملية تسليم رواتب موظفي الشركة المصروفة عبر البنك، في شمال الوطن وجنوبه.. (أنظر الوثيقة المرفقة أدناه)
 

 

عشرات المليارات يسرقها الحوثي.. ما الحل
 
وتفاعلا مع ما أثير عبر منصات التواصل الإجتماعي، في هذا الخصوص، كتب الصحفي عادل الاحمدي، منشورا في صفحته هاجم فيه ميليشيات الحوثي، متسائلا: "بأي ‏حق يأخذ الحوثي 25 بالمئة عن كل مبلغ محول؟!"‏. في حين أن "الناس يشتكون ويقاسون المعاناة أشكالاً وألواناً، والشكاوى المريرة تصلنا ككتاب، ‏بلا إنقطاع".‏
 
‏ وقدر الأحمدي حجم المبالغ التي تستفيد منها مليشيا الحوثي من هذه الممارسات، بعشرات المليارات: "لو عدنا إلى مقدار التحويلات اليومية التي تأتي من المناطق المحررة إلى مناطق ‏سيطرة الحوثيين لوجدنا أن مسروقات الحوثي يومياً تبلغ عشرات المليارات". ‏
 
وفي ختام منشوره، دعا الصحفي الأحمدي البنك المركزي إلى "إيجاد حلول لمنع هذا التحايل، والعمل ‏على حماية العملة، واتخاذ إجراءات مالية وإقتصادية من شأنها الحفاظ على قيمة العملة بطبعتها ‏القديمة والجديدة داخل اليمن ككل".‏
 
وهي دعوة، يتفق حولها معظم المواطنيين، تقريبا، خصوصا في ظل ما أبدته الحكومة الشرعية، حتى الأن، من عدم إكتراث لمواجهة هذه السلوكيات المدمرة، التي تمارسها مليشيا الحوثي الإنقلابية، بالتنسيق مع ‏شركات الصرافة، منذ عدة أشهر، ما جعل الميليشيات تتجرأ، وتتمادى أكثر، حتى وصل بها الأمر إلى القدرة على الإضرار بالمواطنين في مناطق سيطرة الشرعية في أكبر عملية ‏إبتزاز منظمة في تاريخ اليمن.
 
وإلى جانب ذلك، حذر مراقبون مما تشكله تلك ‏الممارسات من اختراق إقتصادي خطير، مكّن مليشيا الحوثي الإنقلابية من خلق مورد مالي لها داخل مناطق سيطرة الشرعية..
 

[أقرأ أيضا: الجوف: مليشيات الحوثي تصادر ملايين الريالات على التجار بحجة أنها طبعة جديدة]

 
وعليه، فقد شددوا على الحكومة الشرعية ضرورة التحرك العاجل، واستخدام كل ما يمكنها من أدوات- وبيدها الكثير بالتأكيد- للضغط، وردع الميليشيات الحوثية من مواصلة العبث بالوطن ومصالحه الإقتصادية، وصولا إلى الإضرار بلقمة عيش المواطن البسيط، في الوقت الذي تخلق فيه- لنفسها- المزيد من الموارد الإقتصادية..!!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر