واشنطن بوست: بعد بيروت.. ناقلة نفط يمنية مهجورة تبعث مخاوف وقوع انفجار كارثي آخر (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة الواشنطن بوست "إن سفينة كبيرة مليئة بالمواد المتفجرة ظلت عاجزة لسنوات في الماء، دق الخبراء جرس الإنذار مرارًا وتكرارًا، محذرين من كارثة كبيرة يمكن الوقاية منها، ومع ذلك تم تجاهل التحذيرات".
 
وأضافت الصحيفة – في تقرير لها ترجمه "يمن شباب نت" – "يبدو الامر وكأننا نعيش في الفترة التي سبقت انفجار ميناء بيروت القاتل الذي حدث هذا الأسبوع واعتبر أسوأ كارثة في لبنان منذ عقود، الاستثناء هنا هو أن هذا السيناريو يتكشف قبالة الساحل الغربي لليمن، مما يهدد بإحداث أسوأ تسرب نفطي على الإطلاق في العالم بالإضافة إلى أضرار بيئية لا توصف".
 
أثار الدمار والقتلى في بيروت جددت مخاوف بشأن كارثة مماثلة ربما تحدث في اليمن، مع عواقب وخيمة محتملة على أفقر دولة في العالم العربي، التي وقعت في شرك حرب أهلية، وأزمة إنسانية حادة، وفق الصحيفة.
 
ومنذ عام 2015، عندما اشتد الصراع في اليمن، توقفت ناقلة النفط "صافر" في البحر الأحمر، ويصدأ على متنها ما يقرب من 1.1 مليون برميل من النفط. وتقول الأمم المتحدة إن حالتها تتدهور يوميًا، مما يزيد من فرص حدوث تسرب للنفط إذا ما تمزق أي من صهاريجها. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، بدأت مياه البحر تتسرب بالفعل إلى السفينة.
 

إقرأ أيضاً..
على غرار كارثة انفجار "مرفئ بيروت".. هل ينتظر العالم الصعقة الأخرى بانفجار "خزان صافر" في البحر الأحمر؟


وفي حالة وقوع كارثة، يمكن أن تطلق الناقلة اليمنية أربعة أضعاف كمية النفط الخام المتسربة في كارثة إكسون فالديز عام 1989. وهذا من شأنه أن يضر بالحياة البحرية ويعطل ممرات الملاحة الحيوية في البحر الأحمر، ويدمر الاقتصادات الإقليمية.
 
الناقلة صافر تمثل أيضا قنبلة محتملة، مثل المخزونات الكبيرة من نترات الأمونيوم المتفجرة التي جلبتها سفينة روسية إلى بيروت ثم وُضعت لاحقًا في مستودع في مينائها، فإن النفط المخزن في الناقلة لسنوات، دون تهوية، يشكل تهديدًا كبيرًا للانفجار، كما يقول الخبراء.
 
وقال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة I.R. Consilium - وهي شركة استشارية للأمن البحري - كتبت على نطاق واسع عن الناقلة صافر "التحذيرات بشأن نترات الأمونيوم في بيروت ظلت مجرد افكار غير محسوسة للناس".
 
واضاف "لم يكن لديهم إحساس بما سيبدو عليه هذا النوع من الانفجار أو كيف سيتم الشعور به، ولم يدركوا العواقب الهائلة للتقاعس عن العمل والرضا عن ذلك الوضع".
 
وتابع قائلا "الامر مشابه جدًا لما كان يحدث مع الناقلة صافر".
 
 وقد بقي مخزون ضخم من المواد المتفجرة في بيروت لسنوات على الرغم من التحذيرات المتكررة.
 

للمزيد إقرأ أيضا..
مجلة أمريكية: عناد الحوثيين وتهورهم في قضية الناقلة صافر قد يكلفهم خسائر سياسية وعسكرية (ترجمة خاصة)


ولسنوات، كانت الأمم المتحدة تحاول إجراء تقييم تقني لحالة الناقلة وإجراء إصلاحات خفيفة، وهي خطوة أولى لتفريغ النفط في نهاية المطاف، وسحب السفينة إلى مكان آمن للفحص والتفكيك. لكن السفينة، التي تبعد حوالي 37 ميلاً شمال غرب مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، لازالت راسية في المياه بالقرب من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في شمال اليمن.
 
واليوم، لا تزال الأمم المتحدة تنتظر الإذن من المتمردين الحوثيين لزيارة السفينة. وفي الشهر الماضي، أخبر مارك لوكوك، أكبر مسؤول إنساني في الأمم المتحدة، مجلس الأمن أن الحوثيين وافقوا أخيرًا على السماح لبعثة تابعة للأمم المتحدة بتفتيش السفينة، لكن لوكوك أشار أيضًا إلى أن المتمردين الحوثيين فقط منحوا الإذن في أغسطس 2019 قبل أن يلغوا المهمة في الليلة التي سبقت موعدها.
 
ووفقًا لرالبي ونشطاء حقوق الإنسان، يسعى الحوثيون لبيع النفط على متن السفينة، الذي تقدر قيمته بما يصل إلى 40 مليون دولار في وقت ما، على الرغم من أن رالبي ومحللين آخرين يقولون إن قيمة الشحنة باتت أقل بكثير الآن، بسبب وباء فيروس كورونا بالإضافة لحالة التخمة العالمية في النفط الخام وخمس سنوات من البقاء في خزانات متآكلة. 
 
بدلاً من ذلك، يأمل المتمردون الحوثيون في استخدام النفط كأداة مساومة ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والجهة الداعمة الابرز لهم، وهو تحالف تقوده السعودية تدعمه الولايات المتحدة ويقاتل الحوثيين منذ أكثر من خمس سنوات.
 
وكما يقول النشطاء، فهذا هو المكان الذي ينتهي فيه أي تشابه بين بيروت واليمن.
 
من جانبه، قال جيري سيمبسون، مدير الأزمات والنزاع في هيومن رايتس ووتش: "في حالة الحوثيين، فإنهم يعرضون حياة 30 مليون شخص وسبل عيشهم ورفاهيتهم للخطر لأسباب استراتيجية وعسكرية وسياسية".  أما "في حالة سلطات بيروت، فيبدو الأمر وكأنه إهمال محض".
 
وأضاف أن "الحوثيين ليس لديهم أي مصلحة على الإطلاق في التخلي عن المزايا الاستراتيجية في حربهم ضد السعوديين"، موضحا بالقول "الناقلة هي أداة تفاوض للوصول إلى نتائجها الاستراتيجية".



في الشهر الماضي، أعرب كل من الحكومة البريطانية وكبار مسؤولي الأمم المتحدة عن مخاوفهم بخصوص الناقلة صافر، لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
 
وقال إنغر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: "إذا خرج الوضع عن السيطرة، فسيؤثر بشكل مباشر على ملايين الأشخاص في بلد يعاني بالفعل من أكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم"، مضيفا بأن ذلك "سوف يدمر أنظمة بيئية بأكملها لعقود من الزمان وسيتجاوز الحدود".

ومن المؤكد أنه سيؤثر على حياة 28 مليون يمني على الأقل، يعانون بالفعل من الجوع والمرض وانتشار فيروس كورونا. وقال رالبي "إن الكثيرين يعتمدون على موارد البحر الأحمر لكسب عيشهم، ومن شأن التسرب النفطي الهائل أن يدمر "فرص الصيد والتنمية الساحلية لأجيال".
 
كما وجدت دراسة اجريت بتكليف من الأمم المتحدة أن تسرب النفط يمكن أن يضر بمصايد الأسماك على طول ساحل البحر الأحمر اليمني، ويؤدي إلى زيادات حادة في أسعار الوقود والغذاء، ويسبب خسائر في المحاصيل ويلوث الآلاف من آبار المياه.
 
كما ستتدمر النظم البيئية للبحر الأحمر، وهو مجال تنوع بيولوجي مهم.  وسيقتل اي تسرب نفطي مئات الأنواع من الثدييات البحرية والسلاحف البحرية والطيور البحرية، بالإضافة إلى تدمير الشعاب المرجانية التي لم تطالها يد الانسان من ذي قبل.

وقال أندرسن: "في هذه الصورة القاتمة، هناك نقطة مضيئة واحدة". وهي أن  "هذه الكارثة يمكن تفاديها تمامًا ، إذا تصرفنا بسرعة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر