التلغراف البريطانية: حرب ومجاعة والآن كورونا.. اليمن "مسكون بشبح الموت" (ترجمة خاصة)

سلطت صحيفة «The Telegraph» البريطانية الضوء على الوضع الإنساني في اليمن، مع استمرار الحرب وتوسع رقعة المجاعة في البلاد بالإضافة إلى عدد من الأوبئة والأمراض، بالتزامن مع انتشار وباء كورونا والذي يجتاح المحافظات في ظل منظومة صحية منهارة.
 
وفي التقرير الذي ترجمة - "يمن شباب نت" - نقلت الصحيفة عن طبيب أن العاصمة اليمنية صنعاء وصف الوضع بالقول "يطاردها شبح الموت" خلال الشهرين الماضيين. فقد مات المئات في المدينة جراء فيروس كوفيد 19، ومع ارتفاع عدد القتلى، تم الإعلان عن امتلاء مقبرة خزيمة الرئيسية بالكامل قبل شهر.
 
ومع ندرة اماكن الدفن، اضطرت العائلات إلى المقابر الخاصة، حيث قفز سعر مساحة المثوى الاخير من 120 جنيهًا إسترلينيًا إلى حوالي 315 جنيهًا إسترلينيًا، (الجنية يصل سعر 730 ريال يمني، بمناطق سيطرة الحوثيين.(
 

إقرأ ايضا..
"صنعاء".. موتى بلا مقابر ومواطنون بلا حيلة موجعون بالفقدان وصعوبة الدفن (تقرير خاص)


وبما أن الطبيب كان يعمل على علاج داء المرضى، فقد شاهد زملائه بأنفسهم مستسلمين للوباء، واحدًا تلو الآخر.  حيث لقي ما لا يقل عن 46 طبيبا وممرضا وموظفا حتفهم، من بينهم أربعة في مستشفاه العام الذي يعمل فيه.
 
وأوضح أن "معظم الذين أصيبوا بالفيروس ماتوا في منازلهم، لأن 80 في المائة من المستشفيات كانت مغلقة بسبب نقص معدات الوقاية الشخصية ونقص معدات الاختبار".
 
لكن الطبيب يرفض ذكر اسمه عند سرد الظروف الصادمة عبر الهاتف، لأنه رسميا لم يحدث هنالك أي شيء.  وبحسب المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال اليمن، فإن الفيروس لم ينتشر ولا توجد حالات وفاة تقريباً.

وقد تعين على كل دولة أن تعالج الوباء وفقاً لظروفها الخاصة، ولم تلق أي من هذه الحالات بداية أسوأ تعاملا من تلك التي يشهدها اليمن.
 
 قبل وقت طويل من اكتشاف فيروس كورونا المستجد، حولت الحرب والمجاعة والمرض البلاد التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة إلى ما تسميه الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
 
إذ يحتاج حوالي أربعة من أصل خمسة من مجموع السكان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ويواجه 16 مليون شخص نقصًا حادًا في الغذاء.  كما يعاني قرابة مليوني طفل وأكثر من مليون امرأة حامل أو أم حديثة الولادة من سوء التغذية الحاد.



في غضون ذلك، أدى القتال بين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من السعودية إلى انهيار النظام الصحي، وإعاقة توزيع المساعدات وتقسيم البلاد إلى قسمين.

وقد عادت الأمراض التي يُعتقد أنها غزت البلاد منذ فترة طويلة، مثل الدفتيريا والكوليرا وشلل الأطفال، مع تعثر حملات الرعاية الصحية والتحصين.

اليوم، يضاف فيروس كوفيد 19 إلى هذه الصورة القاتمة.  فعدد الوفيات الرسمي في جميع أنحاء البلاد يزيد قليلاً عن 1300 حالة اصابة و351 حالة وفاة، لكن هذه الأرقام ضئيلة وغير دقيقة، بل إن خلفها عدد هائل من الضحايا.

ومن الصعب إجراء الاختبارات في الجنوب الخاضع لسيطرة الحكومة، ووصمة الإصابة بالمرض تعني أن القليل منهم يريدون الفحص.
 
في هذه الأثناء، من بين حوالي 70 في المائة ممن يعيشون تحت سيطرة الحوثيين، يتم قمع الإبلاغ عن الحالات بشكل فعلي. ولم تقدم حركة الحوثيين أرقاما منذ 16 مايو عندما قالت إن هناك أربع حالات اصابة وحالة وفاة واحدة.
 
والشهر الماضي، توقعت نماذج المسوحات الممولة من المملكة المتحدة والتابعة لمعهد لندن للصحة والطب الاستوائي، أن يكون عدد الوفيات الحقيقي في جميع أنحاء البلاد أقرب إلى مليون إصابة، مع ذروة غير متوقعة حتى أواخر يوليو.  وفي ظل أسوأ توقعات النموذج، يمكن أن تصل الوفيات إلى 85000.
 
وقال طبيب بمستشفى عام آخر في العاصمة، - رفض أيضا ذكر اسمه - "يموت عشرات الأشخاص في صنعاء كل يوم، وقد انتشر الوباء في أنحاء المدينة بسرعة كبيرة، واصيب به آلاف السكان". 
 
وأضاف: "أصيب معظم السكان الذين يعيشون في جواري بالفيروس، وقد عانى أفراد أسر بأكملها من الأعراض، بدءًا بالحمى والسعال الجاف وصعوبات في التنفس، وفي بعض المنازل فقد جميع أفراد الأسرة حاسة الشم والتذوق في آن واحد".
 


وقالت الدكتورة إشراق السبيعي، المتحدثة باسم اللجنة الوطنية لمكافحة كوفيد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، "إن المتمردين الحوثيين كانوا يخفون عمدا معلومات تفشي الفيروس".
 
وقالت" لدي زملاء وأصدقاء يعملون في المستشفيات العامة في صنعاء والمحافظات الأخرى التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، وأخبرني زميل يعمل في مركز للحجر الصحي في المدينة أن سلطات الحوثيين صادرت هواتفهم المحمولة وحذرتهم من الكشف عن أي معلومات تتعلق بعدد الحالات المسجلة في الحجر الصحي أو عدد الوفيات هناك".
 
لكن تفشي المرض لم يقتصر على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.  ففي عدن الجنوبية، تضاعف معدل الوفيات ثلاث مرات في ظل الوفيات غير المبررة في مايو.  حيث يعتقد أن معظمهم كانوا من الوفيات التي لم يتم تشخيصها.
 
 في مدينة تعز، قال عمال المقبرة هذا الأسبوع إنهم اضطروا إلى استئجار حفارات ميكانيكية لأن حفاري القبور لم يتمكنوا من مواكبة الطلب.
 
وقال تامونا سابادزي، رئيس وكالة الإغاثة التابعة للجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إنه تم اتخاذ القليل من الاحتياطات لوقف انتشار المرض.
 
وأضافت بالقول "لا توجد قيود على الحركة والمحلات التجارية ومراكز التسوق والأسواق، كل شيء مفتوح.  لا يوجد تباعد اجتماعي، وسائل النقل العام تتحرك بحرية. لا توجد تدابير وقائية يمكنها بالفعل منع انتشار الفيروس، ولن يختفي الفيروس من تلقاء نفسه".
 
ويتزايد الفقر لأن التحويلات المالية من اليمنيين المهاجرين في الخليج جفت خلال فترة الإغلاق. ووسط كل ذلك، لا تزال الحرب محتدمة.
 
وبعد سنوات من الاحتجاجات والأزمات السياسية التي تصاعدت لتتحول إلى اشتباكات عنيفة، اتخذ الصراع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية منعطفًا حاسمًا في 8 يوليو 2014.
 
هزم المتمردون الحوثيون القادمون من الشمال القوات الحكومية بشكل شامل في معركة مدينة عمران شمال صنعاء. وفتح هذا الفوز الطريق أمام المتمردين الحوثيين للسيطرة على العاصمة، ولكن بتكلفة بشرية مروعة، حيث غرق الملايين من اليمنيين في الجوع في نهاية المطاف.
 
تدهور الوضع الإنساني منذ تدخل المملكة العربية السعودية في مارس 2015، بقيادة تحالف لدعم القوات الحكومية ضد المتمردين، الذين يدعمون بدورهم خصم الرياض اللدود، إيران. وقتل عشرات الآلاف من المدنيين، بمن فيهم مئات الأطفال، في غارات جوية.

بعد هذه الاضطرابات العنيفة، فقط نصف عيادات ومستشفيات البلاد لازالت تعمل بشكل كامل، ولا يمكن أن تعمل إلا بمساعدة دولية.  هناك أيضًا مخاوف من أن العديد ممن يحتاجون إلى المساعدة في حالات أخرى يتجنبون الآن المراكز الصحية خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا.


وقال وزير شؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية، جيمس كليفيرلي، لصحيفة التلغراف: "إنني قلق للغاية بشأن تهديد فيروس كورونا لليمن، مع وجود ما لا يقل عن مليون حالة اصابة في البلاد".
 
وتابع قائلا "نحن بحاجة إلى إجراء عاجل لمنع تفاقم كارثة إنسانية".

لم تكن هذه الدعوات كافية لتحفيز المجتمع الدولي، في الوقت الذي تنزلق فيه العديد من تلك الدول نفسها إلى الركود الناجم عن فيروس كورونا.

التبرعات في مؤتمر تعهدات المساعدات الأخيرة بلغت 800 مليون جنيه إسترليني عن هدف قدر ب 1.9 مليار جنيه إسترليني. وقد منحت بريطانيا 160 مليون جنيه استرليني.
 
ومن المحتمل أن يظل الفقر المدقع والأمراض الأخرى أكبر تهديد لليمن، على الرغم من التسارع في حالات الاصابة بمرض كوفيد. غير أنه مع تواصل القتال، فلا يمكن معالجة أي من مشاكل البلاد بسهولة.

وقالت السيدة ساباتزي "لكي نتمكن من الاستجابة للوضع العام في اليمن، نحن حقا بحاجة إلى السلام ووقف القتال، ووقف إسقاط القنابل، ووقف استهداف المدنيين حتى نتمكن من الوصول إلى المناطق وخلق شعور من الاستقرار لدى الشعب اليمني".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر