هكذا بدت الحياة في "تعز" أول أيام عيد الفطر في ظل مخاوف متفاقمة من تفشي كورونا

[ تعز.. افتقاد فرحة العيد في ظل تفاشي وباء كورونا ]

 شوارع وأسواق مزدحمة بالناس؛ رجال ونساء وأطفال؛ باعة ومشترون؛ مركبات ودراجات نارية، يغطون معظم شوارع وأسواق مدينة "تعز" التي بدى وكأنها لم تنم ليلة عيد الفطر المبارك حتى بزوغ شمسه وغروبها..
 
 ورصد "يمن شباب نت" حركة المدينة التي انتعشت أكثر ليلة العيد، وما لحقتها من مظاهر حياة الناس في أول أيام عيد الفطر المبارك، رغما عن التحذيرات المتوالية لبدء مرحلة جديدة وخطيرة من تفشي فيروس كورونا فيها، خصوصا الأسبوع الماضي الذي ارتفعت فيه حصيلة الإصابات المسجلة إلى 15 حالة مؤكدة، بزيادة عشر حالات دفعة واحدة في يوم واحد (الأثنين: 18 مايو)..
 
ومع تحذيرات مرافقة من إحتمالية وجود إصابات أخرى غير مكتشفه، نتيجة المخالطة، الأمر الذي كان يتطلب من الجميع توخي الحذر، خصوصا خلال فترة أيام العيد، حيث تنتشر الزيارات الإجتماعية، في ظل ما تتطلبه الإجراءات الوقائية من لزوم مبدأ التباعد الإجتماعي.
 
وقد حذرت وزارة الصحة اليمنية- في بيان لها نشرته مؤخرا عبر وكالة الأنباء اليمنية سبأ- من خطورة عدم التقيد بالإجراءات الاحترازية، كونها ستزيد من انتشار الفيروس ووصوله إلى مناطق لم يصلها بعد، خصوصا مع خروج الناس من المدن إلى الأرياف.
 
 وبرغم أن الخوف من القادم المجهول جعل كثير من الأسر تعيش في قلق على مصيرها، وبشكل خاص مصير كبار السن، إلا أن كثير من العائلات قابلت كل تلك التحذيرات، على ما يبدو، بلا مبالة واضحة، ودون إلتزام بأي إجراءات احترازية وقائية من الفيروس..!!
 



مراسم صلاة العيد
 
اعتاد اليمنيون، كغيرهم من المسلمين، على أداء صلاة العيد جماعة في ساحات كبيرة مفتوحة. لكن؛ وبرغم اختلاف الوضع هذا العام بفعل المخاطر التي يكتنفها تفشي فيروس كورونا سريع الانتشار، إلا أن طقوس بعض المواطنين في اليمن لم تتغير.
 
فبرغم إعلان مكتب الأوقاف والإرشاد بتعز تعليق صلاة عيد الفطر جماعة في المساجد والمصليات العامة، في إطار تدابير التصدي لكورونا، إلا أن ثمة مساجد فتحت أبوابها لصلاة العيد، مع عدد قليل جدا من المصليات المفتوحة في بعض الأحياء. الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة، لا سيما في منصات التواصل الاجتماعي.
 
يقول "عبدالملك غالب" إنه لم يتمكن من إقناع والده الكبير بالسن عدم الخروج والأكتفاء بالصلاة في المنزل، مما اضطره مرافقته والخروج معه للبحث عن مصلى مفتوح ليكون الضرر أقل..
 
وتابع لـ"يمن شباب نت": "وجدنا مصلا صغيرا لم يكن مكتظا بالمصلين"، مضيفا: "من الواضح أن ثمة شعورا بالخوف، حتى أن معظم الناس صلوا في منازلهم، تقريبا". واستطرد: "وحين أكملنا الصلاة لم يسلم بعضنا على بعض، وسرعان ما غادر الجميع إلى منازلهم".
 

 

زيارات العيد
 
الزيارات العائلية، التي تعد أحد أهم طقوس العيد، لم يستطع الكثيرون التخلي عنها في ظل هذه الجائحة العالمية الفتاكة، التي تلزم الجميع العمل بمبدأ التباعد الإجتماعي، لمحاصرة الوباء والتقليل من فرص تفشيه..
 
"لا عيد بدون لقاء أفراد الأسرة" يقول "عبد السلام الصبري" لـ"يمن شباب نت"، مضيفا "من غير الممكن أن يمر أول أيام العيد دون أن تلتقي الأسرة في بيت الوالد"، مستدركا "هذا أمر مستحيل، مهما كانت الظروف".
 
وشكا كثيرون، بينهم عبد السلام، من عدم إكتمال أفراد الأسرة هذا العيد بسبب تعقيدات السفر بين المدن، في إطار الاجراءات الاحترازية لمنع تفشي المرض. غير أن عبد السلام يؤكد أن ذلك "لم يحُل دون اجتماع بقية أفراد الأسرة المتواجدين في تعز".
 
ومع ذلك، إلا أن بعض الأسر أجبرت نفسها، وإن على مضض، التزام مبدأ التباعد الإجتماعي برغم قساوة هذا الأمر، في العيد بشكل خاص. فقد فضلت بعض العائلات البقاء في المنازل وفقدان فرحتهم وأطفالهم بلقاءات العيد الأسرية، برغم اعتيادهم على قضاء مثل هذه المناسبات مع أهاليهم، وفي تجمعات كبيرة غالبا ما تكون في منزل كبير العائلة.
 
تقول "آسيا إسماعيل": "في كل عام نجتمع مع إخوتي وأبنائنا والأحفاد في منزل أمي، في أول أيام العيد، لكن هذا العام اكتفينا بتبادل التهاني عبر الهاتف فقط".
 
وأضافت لـ"يمن شباب نت": صحيح أني شعرت بالقلق، خصوصا وأني طوال شهر رمضان كنت أفكر في وضع أمي هذا العيد، إلا أني وإخوتي عملنا على إقناعها، بعد جهد، بأهمية بقائنا في المنزل حفاظا على حياتنا جميعا.
 
"وبالفعل استوعبت والدتنا الوضع الجديد وتقبلته، برغم صعوبته"، تقول آسيا، التي تؤكد أنها، وكثيريّن مثلها، لم يشعروا بقرب الخطر منهم "إلا حين تزايدت أعداد الإصابات بشكل كبير، ووفاة بعض من يعرفونهم خاصة في بعض القرى، أو المدن الأخرى القريبة..".
 
وتحدثت أسيا، على سبيل المثال، عن تلقيها نبأ وفاة والديّ صديقة لها، كانا كبيرين في السن، في يوم واحد في مديرية شرعب بتعز.
 
 كل تلك الأخبار المتوالية، إضافة إلى القلق من تفشي الوباء وفقدان بعض الأحبة، جعل الفرحة غائبة عن ملايين الناس في تعز، واليمن، وكل أنحاء العالم.
 
وبين تلكما الحالتيّن الشائعتّن، توجد حالة أخرى بينهما، تمثلت بتلقي الزيارات المفاجئة وغير المحسوبة..!!
 
فقد حاولت كثير من الأسر، على مدى أكثر من شهر (خصوصا في رمضان)، التوقف عن زيارة بعضهم البعض أو الخروج من المنزل، متبعين في ذلك الإجراءات الاحترازية اللازمة خوفا على حياتهم وحياة آبائهم من كبار السن في المنزل..
 
ذلك ما فعلته "مها العبسي"، التي حرصت على التزام مبدأ التباعد الإجتماعي، واكتفت بالتواصل والحديث مع أهلها عبر برامج الاتصال الشهيرة عبر الإنترنت.
 
ومع ذلك، تضيف "مها" لـ"يمن شباب نت"، إلا أنها تفاجأت بزيارات (إجبارية) من بعض أعمامها مع أبنائهم، الذين باغتوهم باكرا صباح يوم العيد لزيارتهم، الأمر الذي سبب لها "إحباط وخوف كبيرين" كما تقول.
 
وترجع "مها" ذلك الخوف والقلق إلى الوضع الصحي الحالي، غير الطبيعي، الذي تعيشه محافظة تعز، فمن يمرض هنا في ظل الإنهيار الحاصل في المنظومة الصحية للبلاد، لن يجد العلاج والعناية المطلوبين لتجاوز أبسط مراحل هذا الوباء الذي عجزت أعتى الدول في العالم على مواجهته.
 



متنزهات محدودة وومنوعة
 
قبل جائحة كورونا، كانت تعز تفتقر، في الأساس، للمتنزهات بسبب استمرار الحرب والحصار. ومع ذلك ظلت حديقة الألعاب الصغيرة والوحيدة، الواقعة وسط جنوبي شرق المدينة، ومثلها قلعة القاهرة المطلة على المدينة، تزدحمان كل عيد بالأسر والأطفال بشكل كبير جدا، يعكس رغبة السكان الكامنة في الترفيه عن أنفسهم..
 
أما اليوم، وبسبب هذه الجائحة، لم تعد تلك الأماكن متاحة للتنزه، بسبب إغلاقها في إطار الإجراءات الاحترازية التي أعلنت السلطة المحلية. وبدلا من ذلك، أختارات بعض الأسر الخروج للتنزه في أماكن مفتوحة كالأودية، خصوصا وادي الضباب (غربا)، وجبل صبر الشاهق، المطل على المدينة من جهتها الجنوبية.
 
ولم يجد كثير من اليافعين والأطفال غير أحيائهم القريبة والمفتوحة لممارسة بعض الألعاب، فيما فضل بعض الشباب، الذين لم يعيروا الإجراءات الاحترازية أي اهتمام، قضاء بعض الوقت مع أصدقائهم في عدد من المطاعم الشهيرة المناوبة، وتناول بعض الوجبات الخفيفة والسريعة.
 
 


الأطفال والعيد
 
بدأت طقوس احتفال الأطفال بالعيد منذ مساء آخر أيام رمضان، حيث لعبوا بالمفرقعات المختلفة في أحيائهم، وأطلق اليافعون منهم بعض الألعاب النارية المتوافرة من العام الماضي.
 
 وقد أكد بعض الأطفال، الذين تحدثوا لـ"يمن شباب نت"، إنعدام مثل هذه الألعاب من الأسواق هذا العام، جراء منع السلطة المحلية دخولها وبيعها، بما في ذلك ألعاب المسدسات والبنادق التي أثارت الكثير من المشاكل السنوات الماضية..
 
ورصد "يمن شباب نت"، خفوت عدد من مراسيم فرحة العيد الشائعة لدى الأطفال في بعض الأحياء، أبرزها ما تسمى "العيدية"؛ حيث يقوم بعض الأطفال في الصباح الباكر، بعمل زيارات إلى منازل الحي وهم ينشدون بعض العبارات العيدية المتداولة للحصول على "العيدية"، وهو ما يقدم لهم من مال أو شوكلاتة من بعض جيرانهم.
 
في السابق، كانت مثل هذه الطقوس العيدية الطفولية تشكل ميزة جميلة تجسد فرحة العيد، إلا أنه هذا العام أصبح مصدرا لقلق الكثيرين، وبسبب فيروس كورونا، منعت كثير من الأسر أطفالها من الخروج، فيما لم يحظى من خرجوا منهم، باستجابة سكان الحي لهم، خشية تفشي الفيروس وانتقاله..!!
 
وحتى أول أيام عيد الفطر المبارك، سجلت اليمن رسميا 222 إصابة بكورونا، بينها 42 حالة وفاة، بينما يرجح مختصون أن الأعداد الحقيقية قد تكون أكبر من ذلك بكثير، نتيجة عدم توفر المحاليل اللازمة للفحص وكشف الإصابات.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر