عودة التوتر إلى الحديدة وانسحاب الفريق الحكومي.. ماهي الأسباب والسيناريوهات المتوقعة؟ (تقرير خاص)

عاد التوتر مجددًا بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في مدينة الحديدة (غربي اليمن)، عقب أيام من انسحاب الفريق الحكومي من لجنة إعادة الانتشار، وهو ما ينذر بانهيار مساعي البعثة الأممية في تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار في المدينة الساحلية.
 
وشهدت عدة جبهات في بمحافظة الحديدة الأسبوع الجاري معارك شرسة بين القوات الحكومية وميلشيات الحوثي، وخلال الـ 48 الساعة الماضية دارت مواجهات عنيفة في جبهات "التحيتا وحيس والدريهمي"، وقال بيان لألوية العمالقة الخميس، إن مليشيات الحوثي شنت هجومًا عنيفًا بمختلف أنواع الأسلحة على شرق مدينة الدريهمي جنوب الحديدة، مشيرًا إلى "أن القوات تصدت للهجوم".
 
يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان مقتل العقيد "عهد الشبوطي"، أركان حرب اللواء الثالث مشاه، مع اثنين من مرافقيه، بهجوم الحوثيين على الدريهمي.


الفريق الحكومي ينسحب

وتصاعدت المواجهات عقب إصابة عضو الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار العقيد محمد عبد الرب الصليحي، بطلق ناري في رأسه من قبل قناصة جماعة الحوثي، الأربعاء الفائت (11 مارس/آذار)، على إثرها أعلنت الحكومة سحب فريقها من جميع نقاط مراقبة وقف إطلاق النار التي نشرتها الأمم المتحدة في إجزاء متفرقة من مدينة الحديدة.
 
وتشترط الحكومة اليمنية عدد من الإجراءات والضمانات منها "تأمين نقاط المراقبة وإزالة الألغام الأرضية، والضغط على الحوثيين للسماح بنشر مراقبي الأمم المتحدة في جميع نقاط المراقبة"، لاستئناف فريق عملها بلجنة إعادة الانتشار في الحديدة.
 
والأربعاء، أبلغ وزير الخارجية محمد الحضرمي، سفراء روسيا وفرنسا وأمريكا وبريطانيا لدى اليمن، أن استئناف عمل الفريق الحكومي مرهون بنقل مقر بعثة الأمم المتحدة إلى موقع محايد، وإلزام الحوثيين بالسماح باستئناف عمل دوريات المتوقفة منذ شهر أكتوبر الماضي، وفتح ممرات إنسانية آمنة في الحديدة، ورفع القيود عن حركة رئيس وأعضاء بعثة الأمم المتحدة في الحديدة.
 
وقال وزير الخارجية اليمني، إنه من غير المقبول الاستمرار في المشاركة والسكوت عن هذه الانتهاكات، مضيفاً أن جماعة الحوثيين وحدها تتحمل مسؤولية انهيار اتفاق الحديدة.
 
واتهمت جماعة الحوثي في بيان لها الخميس الماضي (11 مارس/آذار)، القوات الحكومية بـ"قلب الحقائق وترحيل نتائج الصراع وتصفية الحسابات داخل فصائلها بالحديدة ونسبتها إلى قواتهم".
 
ورغم مضي أسبوع على تعليق عمل الفريق الحكومي في لجنة الانتشار بالحديدة إلا أنه لم يصدر أي توضيح أو تعليق من قبل بعثة "الأمم المتحدة" التي تتهما الحكومة اليمنية بـ"الفشل" في تحقيق أي تقدم في تنفيذ اتفاق السويد رغم النفقات التشغيلية الضخمة للبعثة الأممية.
 
وتتكون لجنة إعادة الانتشار الثلاثية في الحديدة من مراقبين من الحكومة اليمنية والحوثيين تحت إشراف رئيس البعثة الأممية التي يرأسها الجنرال الهندي أبيهيجت غوها، كبير المراقبين الدوليين لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.


تزايد الخروقات

ويرى مراقبون أن عودة التوتر إلى الحديدة، ينذر بانهيار الهدنة الهشة وفشل نقاط مراقبة وقف إطلاق النار التي نشرتها الأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
 
ومنذ توقيع الحكومة والحوثيين على اتفاق ستوكهولم منتصف ديسمبر/كانون الأول تشهد الحديدة معارك ومواجهات متقطعة بين الطرفين فضلاً عن تعرض الاتفاق لخروقات شبه يومية لكنها وتيرتها خلال الأيام الماضية.
 
وقال مصدر محلي لـ "يمن شباب نت" إن هجمات الحوثيين على مواقع القوات الحكومية في الحديدة تزايدت مؤخرًا مع التطورات العسكرية التي طرأت مطلع مارس الجاري في محافظة الجوف.
 
وأضاف المصدر: "أن عودة التوتر إلى الحديدة لم يقتصر على الاشتباكات أو القصف المتبادل بل شمل أيضًا الغارات الجوية التي اسْتُؤْنِفَت قبل أيام واستهدفت ميناء الصليف بعد مضى ثلاثة أشهر على توقفها".
 
وكانت القوات الحكومية والحوثيين توصلا قبل أقل من شهر إلى اتفاق مكون 7 نقاط، لتثبيت التهدئة بالحديدة، ويتضمن الالتزام بوقف إطلاق النار والقصف الصاروخي المتبادل في عموم جبهات الحديدة، ووقف الاعتداءات على نقاط الرقابة، ومنع أي تحليق للطيران بأنواعه وإيقاف الغارات الجوية، إضافة إلى نشر مراقبين من بعثه الأمم المتحدة.
 

ضغوطات حكومية

ويرى المحلل السياسي الدكتور نبيل الشرجبي، أن عودة التوتر بين الحكومة والحوثيين مرتبط بخسارة قوات الجيش الوطني للمعركة في نهم والجوف، مشيرًا إلى أن التوتر يأتي بعد أن "تعالت الأصوات بإعادة التفكير استراتيجيا بالمعارك وتفعيل أكثر من جبهة لمواجهة الحوثيين عسكريًا وعدم الاكتفاء بمعركة الجبهة الواحدة".
 
وقال الشرجبي في حديث لـ "يمن شباب نت" إن الحكومة الشرعية تواجه ضغوط كبرى لاتفاق على خارطة سلام مع الحوثيين من قبل الأمم المتحدة مع اتهامات قوية للشرعية بأنها الطرف المعرقل للسير في اتفاق سلام شامل.
 
واعتبر انسحاب الفريق الحكومي من لجنة إعادة الانتشار في الحديدة بأنه يأتي ضمن خيارات الحكومة الشرعية "لتخفيف الضغوط عليها وتثبت للعالم بأن الحوثيين غير جادين في تنفيذ اتفاق جزئي أجمع العالم على تنفيذه"
 
وأضاف أن "الحديث عن اتفاق سلام شامل يعد قفز عن الواقع، ومغالطة لتهرب الأمم المتحدة من ممارسة ضغوطها. وواجباتها تجاه الحرب في اليمن".
 


تحضير لمعركة جديدة

من جانبه يرى الصحفي مفيد الغيلاني، أن واقع مدينة الحديدة اليوم يبدوا أبعد ما يكون عن فرضية الاتفاق والهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة منذ 15 شهراً.
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" إن "تصاعد وتيرة القصف في مدينة الحديدة في ظل اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بشأن المتسبب في خرق الهدنة، يأتي في إطار التحضير لمعركة قادمة".
 
وتوقع الغيلاني، أن مدينة الحديدة "ستكون ساحة المعركة القادمة وليست محافظة مأرب التي يتحدث اعلام الحوثي عن تحضيره لمعركة اقتحامها بعد أن حقق انتصاراته في مدينة الجوف".
 
وأشار إلى "إن المتغيرات الميدانية تشير إلى فشل المبعوث الأممي في إقناع الحوثيين بخفض التصعيد العسكري وهو الأمر الذي تتضاءل معه فرص السلام، وتتسع رقعة الحرب".
 
وبشأن تأثير انسحاب الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار بالحديدة: استبعد المحلل السياسي الشرجبي، أن يكون الانسحاب "مقدمة لاستئناف الحرب" بل قد يكون خطوة لممارسة ضغوط أخرى، حد قوله.
 
ويؤيد الغيلاني رأي الشرجبي وقال إن انسحاب الفريق الحكومي لا يمكن أن يحدث تغير في مسار الأحداث على الأرض وأضاف قائلاً: "ربما يأتي انسحاب الفريق الحكومي في إطار تفاهمات خليجية للتمهيد لقوت طارق صالح بتولي زمام الأمور".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر