واشنطن بوست: تصاعد حرب اليمن قد يفتح الباب أمام تنظيم القاعدة لإحياء حظوظه من جديد (ترجمة خاصة)

[ خالد باطرفي- الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ]

 خلافا لما ذهبت إليه تقارير دولية عديدة، من أن تنظيم القاعدة في اليمن أصبح أكثر ضعفا نتيجة تلقيه ضربات قاصمة خلال العامين الأخيرين، وآخرها مقتل زعيم التنظيم قاسم الريمي بضربة جوية أمريكية الشهر الماضي؛ إلا أن القلق ما زال يساور مسئولين وخبراء غربيين من قدرات التنظيم على لملمة صفوفه، لا سيما مع التصعيد الأخير للصراع في اليمن.
 
ونشرت صحيفة الـ"واشنطن بوست" الأمريكية، الثلاثاء، تقريرا لمدير مكتبها في القاهرة، سودارسان راغافان، الذي يغطي شمال أفريقيا واليمن، ناقش فيه مع مسئولين ومحللين غربيين وضع تنظيم القاعدة في اليمن بعد مقتل زعيمه قاسم الريمي الشهر الماضي، وما إذا كان القائد الجديد، خالد باطرفي، قادرا على بعث حظوظ التنظيم مجددا؟
 

"يمن شباب نت"، ينشر نص التقرير كاملا بعد ترجمته إلى العربية:

 
 بالرغــم من أن مقتل زعيم فرع القاعدة في اليمن، الشهر الماضي، في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار، قد وجه ضربة لطموحات التْنظيم، إلا أن المسؤولين والمحللين الغربيين يحذرون من أن التصعيد الأخير في الصراع اليمني، قد يسمح للتنظيم بإعادة لملمة صفوفه إلى حد ما.
 
 وقالت الباحثة في شؤون اليمن بجامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، إن "التركيبة الإيديولوجية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، ستبقى موجودة دائماً"، مضيفة: "في السابق لطالما عاد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقوة، معيداً توحيد شظاياه المبعثرة إلى كيان أيديولوجي مرة أخرى. وبالتالي فهذا ليس وقت الرضا عن النفس".
 
 وفي رسالة صوتية مدتها 16 دقيقة، مطلع الأسبوع الحالي، أكد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مقتل زعيمه قاسم الريمي. كما أعلن عن زعيمه الجديد، خالد باطرفي، وهو ناشط بارز في تنظيم القاعدة في المجال الشعري، وغالبًا ما يظهر في مقاطع فيديو تقدم إرشادات دينية حول التربية الجيدة وغيرها من الموضوعات.
 
  
وخلال العقد الماضي، استعادت القاعدة انتعاشها عدة مرات، حيث استرجعت الأراضي والمجندين من خلال الاستفادة من الفراغات الأمنية الناشئة عن الصراعات بين الفصائل العديدة المتناحرة في اليمن. والأن، وبعد فترة هدوء نسبية في الحرب، اشتد القتال في أربع محافظات على الأقل، بما في ذلك/ أو بالقرب من المناطق التي يتمتع فيها كل من تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية بوجود أو دعم من القبائل المحلية.
 
 ومنذ خمس سنوات تراوح الحرب اليمنية مكانها بين المتمردين الشيعة في الشمال المعروفين باسم الحوثيين، ضد تحالف من الدول الإسلامية السنية المدعومة من الولايات المتحدة، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي تسعى لاستعادة حكومة البلاد المعترف بها دوليا. ويحاول التحالف أيضاً منع إيران، المتحالفة مع الحوثيين، من توسيع نفوذها الإقليمي.
 
  ومؤخرا، انخرطت المملكة العربية السعودية والحوثيون في جهودهم الأكثر أهمية حتى الآن لإنهاء الحرب، والتي أسفرت عن تبادل للأسرى وأتخاذ الجانب السعودي قرارا يسمح برحلات الإجلاء الطبي من العاصمة اليمنية صنعاء. ولأكثر من ثلاثة أشهر، قلصت المملكة العربية السعودية غاراتها الجوية، وأوقف الحوثيون اعتداءاتهم بالصواريخ والطائرات بدون طيار على المملكة.
 
 لكن الاشتباكات التي استأنفت الشهر الماضي دفعت كبار مسؤولي الأمم المتحدة إلى التحذير من أن جهود السلام قد تتبعثر في الهواء، لاسيما تلك المتعلقة بمدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية. ويقول المسؤولون إن هذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي سبق وصفها بأنها الأكثر حدة في العالم.
 

[أقرأ أيضا: الحكومة اليمنية تطالب بموقف أممي واضح من تصعيد الحوثيين]


واليوم في اليمن، يحدث معظم القتال العنيف في محافظات صنعاء والجوف ومأرب وصعدة، وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة. وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ينشط في الجوف ومأرب، ولديه موالون ومتعاطفون قبليون في جميع المحافظات الأربع، وفقًا لزعماء قبائل يمنيين ومسؤولي الأمم المتحدة ومحلليين. وقد قُتل الريمي في منطقة وادي عبيده بمحافظة مأرب.
 
 وفي محافظة البيضاء المتاخمة لمأرب، يخوض تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة في جزيرة العرب تنافسا دمويا على الأرض والمجندين والنفوذ. إذ تحدث الاشتباكات والكمائن بشكل متكرر، بينما تشن المجموعتان حربًا دعائية على منتديات ووسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
 
ولسنوات، نظر المسؤولون الأمريكيون إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بإعتباره أحد فروع القاعدة الأكثر خطورة. حيث أنه يقف وراء بعض أكثر الاعتداءات جرأة ضد الغرب. كما حاول ولكن دون جدوى تفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة فوق ديترويت يوم عيد الميلاد 2009، فيما أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار المميت عام 2015 على مقر جريدة تشارلي إيبدو الساخرة في باريس.
 
وقد استولى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على مساحات شاسعة من جنوب اليمن في أعقاب ثورات الربيع العربي لعام 2011 التي أطاحت بعلي عبد الله صالح، الذي استبد بحكم البلاد لفترة طويلة.
 
ومن خلال استغلاله الحرب الأهلية التي اندلعت في أواخر عام 2014، والتي آلت في نهاية المطاف الى تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في عام 2015، اكتسب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الأراضي والمجندين وعمق نفوذه وشبكاته في أوســاط القبائل المحلية.
 
 كما أن فرع تنظيم الدولة الإسلامية هو الأخر برز من حالة الفوضى السياسية في البلاد. واليوم، بات التنظيم يضم حوالي بضع مئات من المقاتلين، وشن تمرداً عبر حرب عصابات في الجنوب، وأرسل انتحاريين للقيام بعمليات ضد جنود ومسؤولين حكوميين يمنيين.
 
 واستهدفت الغارات الجوية الأمريكية، التي بدأت في عهد إدارة أوباما واستمرت في عهد الرئيس ترامب، قادة القاعدة في جزيرة العرب ومقاتلي الدولة الإسلامية. ففي عام 2015، أسفرت غارة جوية أمريكية لطائرة بدون طيار عن مقتل ناصر الوحيشي، زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية آنذاك، الذي خلفه الريمي. وفي أكتوبر 2019، أعلن ترامب أن صانع المتفجرات البارز في التنظيم [إبراهيم عسيري] قُتل بغارة جوية لطائـرة أمريكية بدون طيار.
 
 وقال حمد وهيط، أحد زعماء القبائل في مأرب "عندما سمعنا خبر مقتل قاسم الريمي شعرنا بالارتياح"، مضيفا أن "القاعدة في جزيرة العرب تشكل تهديدا لمجتمعنا في اليمن، ونحن اليمنيون نكافح الإرهاب والقاعدة في جزيرة العرب".
 
ومع ذلك، فإنه بحلول وقت مقتل الريمي، كانت القاعدة في جزيرة العرب قد ضعفت بالفعل بسبب خسارة القادة والمقاتلين المحنكين، وكذلك بسبب الاشتباكات مع الدولة الإسلامية والحوثيين، وفقًا للمحللين. حيث تقلصت قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات ضد الغرب.
 
 
 وقال بيتر ساليزبري، المحلل  البارز في شؤون اليمن، "إن القاعدة في جزيرة العرب ركزت معظم جهودها على الحفاظ على موطئ قدم لها داخل اليمن، ومهاجمة الحوثيين والقوات المدعومة اماراتياً، مركزة في ذات الوقت على إدارة عمليات إعلامية مخفضة ركزت على العالم الخارجي تشجع على هجمات الذئاب المنفردة".
 
ووفقا لساليزبري، الخبير لدى مجموعة الأزمات الدولية "إن ذلك لم يشكل النوع ذاته من التهديد الذي كان يشكله للغرب لعدد من السنوات خلال القرن الماضي".
 
 وقال محللون إن الريمي كان شخصية مثيرة للانقسام داخل التنظيم، ولم يحظ بنفس القدر من الاحترام والهيبة التي كان يتمتع بها سلفه.
 
  وقالت اليزابيث كيندال إن "التأثير سيكون محدودا"، في إشارة إلى مقتل الريمي، مضيفة "وذلك ببساطة لأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان مفتتًا بالفعل". ولفتت إلى أن "الدلائل تشير إلى أن بقايا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، قد تتحول بشكل متزايد من محاربين يخوضون حرباً مقدسة إلى مقاتلين للإستئجار".
 
 وقال محللون إن مجموعة من مقاتلي القاعدة في جزيرة العرب، في البيضاء، أنشقوا وتحولوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، بينما انضم آخرون إلى الميليشيات والعصابات الإجرامية أو انضموا إلى القوات التي تدعمها الحكومة.
 
 وتعتقد كيندال أن "داعش على ما يبدو بات يتمتع الآن بالأفضلية على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في البيضاء".
 
وحسب المحللين، فإن السؤال الآن، هو: ما إذا كان الزعيم الجديد للقاعدة في جزيرة العرب، خالد باطرفي، سيستطيع إحياء حظوظ التنظيم؟ حيث لفت المحللون إلى أنه هرب ذات مرة من أحد السجون اليمنية- كما هو الحال مع كلا القائدين السابقيين للتنظيم- بالإضافة إلى أنه مسؤول سابق للعمليات الخارجية للقاعدة في جزيرة العرب، مما يوحي بأن التنظيم قد يعيد التركيز مرة أخرى على استهداف الغرب.
 
 وبتعيين هذه الشخصية الدينية، يمكن أن يتحول التنظيم أيضًا إلى بؤرة أكثر أيديولوجية، ربما بهدف الحصول على المجندين والمصداقية. ومع ذلك، يمكن أن ينفر مقاتلو القاعدة في جزيرة العرب الذين كانوا يفضلون قائدًا عسكريًا أو قائدًا أكثر واقعية.
 

[أقرأ أيضا: ما دلالة تنصيب "باطرفي" زعيمًا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية؟]


 غريغوري جونسن، محقق سابق في الأمم المتحدة ومؤلف كتاب "الملاذ الأخير: اليمن والقاعدة وحرب أمريكا في الجزيرة العربية"، غرد عبر حسابه بتويتر بالقول: "سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان هذا سيؤدي إلى مزيد من التشرذم داخل المجموعة".
 
 هناك مؤشرات مقلقة على أن الصراع في اليمن قد يتصاعد، مما يقلل الضغط على القاعدة في جزيرة العرب في سعيها لإعادة التجمع تحت قيادة باطرفي.
 
 وفي يوم الجمعة، قالت المملكة العربية السعودية إنها اعترضت صواريخ أطلقها الحوثيون على عدة مدن سعودية، بعد يومين من اتهام البنتاجون لإيران بنقل نوع جديد من الصواريخ المضادة للطائرات إلى الحوثيين.
 
كما أن المتمرديين الحوثيين مستمرون أيضا بنشر طائرات مسيرة أكثر فتكا، وبمحركات أكثر قوة وحمولات متفجرة، وفقًا لتقرير صدر الأسبوع الماضي من مركز بحوث التسلح في مناطق النزاع "Conflict Armament Research"، وهي مجموعة تتخذ من بريطانيا مقرا لها وتتتبع الأسلحة في مناطق الصراع.
 


- للحصول على النص الأصلي للتقرير..أضغط هنا
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر