فشل أممي وتكرار للأخطاء.. معهد أمريكي: اتفاق استوكهولم بعد عام "مجرد تقدم وهمي" (ترجمة خاصة)

استعرض معهد أمريكي ما تحقق من "اتفاق استوكهولم" وقال "منذ أكثر من عام بقليل، ابتهج المجتمع الدولي بإحياء عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن بإبرام اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والتمرد الحوثي، الذي توسط فيه المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث.
 
وأضاف معهد الشرق الأوسط -في تقرير ترجمه "يمن شباب نت"- وعلى الرغم من أن الاتفاق كان بمثابة أول اختراق سياسي في عملية السلام منذ انهيار محادثات جنيف والكويت في عهد سلف غريفيث، إلا أن العقبات التي أعقبت التنفيذ لم تكن تعني أن الآمال في نجاح الاتفاق لم تدم طويلاً.
 
وقال: "وإذا ما كان هناك أي شيء واضح فيما حدث خلال عام، فهو أن مصير الملايين من اليمنيين لا يزال على المحك وأن الأمم المتحدة قد فشلت في التعلم من أخطاء الماضي".
 
وعند تقييم التقدم المحرز بشأن العناصر الثلاثة الرئيسية للاتفاق -وهي تبادل الأسرى، والحديدة، وتعز- سرعان ما يتضح أن الحقيقة البديهية القائلة بأن تنفيذ اتفاقات السلام أكثر أهمية وصعوبة، من إبرامها لا يزال صحيحاً. وفقاُ للتقرير.
 


تبادل السجناء
 
في السويد في 11 ديسمبر 2018، وافق وفدا الحكومة اليمنية والحوثيين على تبادل أكثر من 15000 سجين بحلول العشرين من الشهر التالي، بعد أن تبادلوا القوائم بالفعل. لم يفوت الطرفان الموعد النهائي فحسب، لكنهما أخفقا في تحقيق الاتفاق إجمالاً، على الرغم من قيام كل منهما بإطلاق سراح مئات السجناء منذ ذلك الحين، وفقًا للأمم المتحدة.
 
بين إبريل وأغسطس 2019، تم إطلاق سراح 31 قاصراً بعد احتجازهم في المملكة العربية السعودية؛ فيما أفرج المتمردون الحوثيون عن 290 معتقلاً في سبتمبر، وأطلقت المملكة العربية السعودية سراح 128 محتجزًا من الحوثيين في نوفمبر/ تشرين الثاني.
 
وفي رأس السنة الميلادية، أطلق المتمردون الحوثيون سراح ستة معتقلين سعوديين آخرين.  وعلى الرغم من أن هذه الخطوات أدت بلا شك إلى شعور بالارتياح للعديد من الأسر، إلا أن الثقة بين أطراف النزاع لا تزال محدودة، حيث تم الإفراج عن أقل من 5 بالمائة من السجناء المنصوص عليهم في الاتفاق.
 
هناك عقبة أخرى تتمثل في التمييز بين المحتجزين أنفسهم.  فحتى الآن، يتعرض الخط الفاصل بين الآليات العسكرية وتلك المدنية للتحريفات إلى حد كبير، وهي مسألة يتعين على الاطراف -المجتمع المدني، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات الإنسانية- تسويتها بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
 
 توجد خلافات حادة حول أسرى الحرب والمعتقلين التعسفيين والرهائن السياسيين، حيث فشل اتفاق ستوكهولم في تحقيق عملية عادلة في هذا الصدد، مما أدى إلى انتهاكات للقوانين الإنسانية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
 
وفي غياب تسوية سياسية متوقعة على مستوى البلاد، ينبغي للأمم المتحدة ولجنة الصليب الأحمر الدولية والاطراف الآخرين إعادة تقييم الآلية الحالية ووضع تدابير لبناء الثقة وتحفيز عمليات تبادل الأسرى.
 
ونظرًا لأن العديد من العائلات تعتبر هذه الصفقة "الشيء الوحيد" الذي سيضمن الإفراج عن أحبائهم -على الرغم من التقدم المتواضع الذي تم إحرازه، والتعقيد الذي ينطوي عليه الأمر، والعدد الهائل من السجناء الذين لم يتم إطلاق سراحهم- فإن عملية تنفيذ تدريجية ولكن محدودة من المرجح أن تستمر في الأشهر المقبلة.


 
اتفاق الحديدة
 
كان التقدم في الحديدة ضئيلًا وثبت أنه اختبار صارم للأمم المتحدة طوال عام 2019.
 
أولاً، لم ينجح غريفيث في تحقيق "التقدم الكبير" الذي وعد بتقديمه شهريًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال النصف الأول من العام، كما أن ما يسمى وقف إطلاق النار في المدينة لم يصمد فعلياً.

ففي الشهر الماضي، اتهم متحدث باسم القوات المشتركة في المخا الحوثيين بارتكاب ما لا يقل عن 13000 انتهاكًا منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 18 ديسمبر 2018، مدعيا أن التحالف نفذ هجمات انتقامية محدودة فقط. ووفقا للمتحدث الرسمي، فإن حوالي 1567 من الانتهاكات تمثل أعمالاً حربية.
 
ثانياً، تهدف الأمم المتحدة إلى تطبيع الوضع الراهن عن طريق تسهيل إعادة نشر القوات الحكومية والحوثية على مرحلتين خلال 21 يومًا، بدلاً من الضغط على الحوثيين للانسحاب من الحديدة وموانئها الثلاثة وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 (2015).

وبعد الفشل في إعادة نشر القوات المشتركة وميليشيا الحوثيين بعد عام، على عكس الـ 21 يومًا المنصوص عليها في الاتفاق، عقدت لجنة تنسيق إعادة الانتشار أكثر من سبعة اجتماعات مشتركة والعديد من الاجتماعات أحادية الجانب لمناقشة الجوانب العملياتية من إعادة الانتشار.
 
وفي محاولة لإظهار التقدم، أعلنت الأمم المتحدة عن إنشاء مركز عمليات مشترك في سبتمبر لمراقبة جهود التصعيد وسهلت إنشاء أربعة مراكز مراقبة مشتركة في أواخر أكتوبر، بعد أن تولى أبهيجيت جها دوره كرئيس ثالث في عام من مهمة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة.
 
وعلى الرغم من أن هذه الخطوات قد قللت من الحوادث الأمنية في المدينة بحوالي 80 في المئة، وفقا لغريفيث، إلا أنها فشلت في منع الحوثيين من استهداف وفد يمني بهجوم صاروخي وطائرات بدون طيار في أواخر نوفمبر.
 
في ذلك الوقت، أعلن الحوثيون أيضًا مسؤوليتهم عن الهجوم الصاروخي القاتل الذي أدى إلى إصابة المئات من قوات التحالف بجروح في المخا، والتي تقع خارج نطاق الاتفاق.  توضح هذه الأرقام، مقارنةً ببيانات الأمم المتحدة، أن مبعوثي الأمم المتحدة قد انتقوا معلومات لإظهار النجاح، وفشلوا في الإبلاغ عن التطورات بطريقة مفصلة وشفافة.
 
ثالثًا، تبنى اثنان من رؤساء البعثة الاممية المتتاليين سياسات متناقضة من بعضهما البعض، مما قوض مصداقية الأمم المتحدة كطرف ثالث.
 
على سبيل المثال، في ديسمبر 2018، أصدر رئيسها السابق، باتريك كاميرات، بيانًا ينتقد فيه ما يُعرف باسم "كوميديا الانسحاب"، حيث سلمت قوات الحوثيين السيطرة على الموانئ إلى الموالين لها داخل خفر السواحل، فضلاً عن زملائهم من رجال الميليشيات الذين يرتدون زي خفر السواحل ثم بعد عدة أشهر، في مايو 2019، رحب خليفته، مايكل لوليسغارد، بهذه الخطوة. مثل هذه التناقضات تعمل فقط على تعميق الشك القائم في دور الأمم المتحدة كمحاور مفيد بين الأطراف اليمنية.
 
بالإضافة إلى هذه النكسات، تظل قضية من سيؤمن مدينة الحديدة ومينائها موضع نقاش. وبالنظر إلى إنشاء مراكز مراقبة مشتركة، فإن فكرة وجود قوات حفظ سلام محلية مشتركة لتحقيق الاستقرار في الحديدة قد تكون ممكنة.
 
وبخلاف ذلك، هناك احتمال للتصعيد في الأشهر المقبلة إذا حصلت القوات المشتركة المدعومة من الإمارات بقيادة العميد طارق صالح على ضوء أخضر، أو إذا ما وسع الحوثيون عملياتهم العسكرية على الساحل الغربي، خاصة بالنظر إلى الحكومة اليمنية وضع ضعيف في المناطق المحررة.
 



وأخيراً، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة، في استعراضه للتقدم المحرز في اتفاق ستوكهولم، إن الأطراف قد وافقت على "إيداع إيرادات الميناء في حساب خاص في فرع البنك المركزي في الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة".
 
ويبدو أن هذا الأمر مضلل.  حيث يرفض البنك المركزي اليمني الذي يتخذ من عدن مقراً له، والذي حل محل بنك صنعاء من حيث الواجبات والوظائف المحلية والدولية منذ عام 2016، ترتيبات المشاركة التي تقوض استقلال البنك وسيادته.
 
هذا يعني أنه على الرغم من إيداع 17 مليار ريال يمني في الحساب الخاضع لمراقبة الأمم المتحدة -وهي عائدات الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر على المشتقات النفطية- فإنه لا توجد آلية متفق عليها بعد لدفع الرواتب على أساس الإيرادات المتحققة من موانئ الحديدة.  وتواجه الأمم المتحدة خيارًا بين دعم بناء الدولة في اليمن أو تقسيم مؤسساتها، مثلما قسمتها عملية السلام في ستوكهولم.
 
تفاهمات تعز
 
كانت النتيجة المتوقعة للتفاهمات المتعلقة بتعز هي تقديم تقرير عن "عمل اللجنة المشتركة في المشاورات المقبلة". هذه المهمة الغامضة لم تضع الأساس لجهود الحد من التصعيد مقارنة ببعثة الحديدة، ولم تطبق الأمم المتحدة ما يكفي منها بخصوص الضغط لرفع الحصار عن تعز لتحسين الوضع الإنساني والظروف القاسية هناك.
 
وقبيل عيد الميلاد مباشرة، زار فريق من الأمم المتحدة تعز، داعياً الأطراف إلى التعاون في إنهاء الحصار. حيث لا تزال المدينة "أكثر المحافظات دموية في اليمن"، وكانت الأكثر إغفالاً قبل وقت طويل من إجراء المفاوضات في السويد.
 
حقق اتفاق استكهولم أقل بكثير مما ذكرت الأمم المتحدة وما توقعه الكثير من المراقبين الغربيين.  فلا يزال أكثر من 95 في المائة من السجناء المدرجين في القائمة رهن الاحتجاز، وقد أظهر الوضع في الحديدة مدى قلة ما تستطيع الأمم المتحدة تحقيقه، وما زالت تعز عالقة في الوسط بلا حل.
 
وقد أدى عدم إحراز تقدم في الاتفاق إلى تعزيز الوضع الراهن في جميع أنحاء اليمن وتمهيد الطريق لمزيد من التفتيت بدلاً من الاستقرار. من المرجح أن يكون حل هذه المعضلة التي صنعتها الأمم المتحدة عملية مطولة إلى أن تمضي محادثات السلام الشاملة إلى الأمام أو يقرر الطرفان التصرف بشكل مختلف.
 
وإذا ما كان هناك أي شيء واضح، فهو أن مصير الملايين من اليمنيين لا يزال على المحك وأن الأمم المتحدة قد فشلت في التعلم من أخطاء الماضي.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر