تعز.. هل يؤثر إحالة مسؤولين بقضايا فساد إلى النيابة على زخم الحراك الشعبي؟ (تقرير خاص)

[ من أحتجاجات تعز ضد الفساد- أكتوبر 2019 - مواقع التواصل الإجتماعي ]

 على وقع احتجاجات شعبية متزايدة بمدينة تعز (جنوبي غرب اليمن) ضد الفساد وتردي الخدمات العامة، أعلنت السلطة المحلية بالمحافظة عن إحالة ثلاثة مسؤولين إلى التحقيق بتهم وقضايا فساد. في سابقة هي الأولى منذ ثورة 11 فبراير 2011، والحرب الداخلية التي أعقبتها في سبتمبر 2014، وما زالت حتى الأن.
 
والمسئولين الثلاثة، وفقا لوكالة الأنباء اليمنية الحكومية (سبأ)، هم مدراء: مكتب النقل محمد النقيب، ومدير نادي تعز السياحي مروان المقطري، ومدير عام مديرية المظفر سمير عبدالاله.
 
وعلم "يمن شباب نت" أن هناك أربعة مسئولين آخرين أحيلت ملفاتهم أيضا إلى نيابة الأموال العامة تمهيدا لإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم بتهم فساد وعبث بالمال العام، كما أن هناك ملفات لمسئولين آخرين يتم العمل على استكمالها.


الشعب يقرع الأجراس

 



وتعاني مدينة تعز من تدهور متزايد في الخدمات العامة لمختلف الجوانب المعيشية، بما في ذلك انتشار مستفحل للأمراض المختلفة بين المواطنيين في ظل عجز المنظومة الصحية بالمحافظة عن التعافي نتيجة الحرب واستمرار الحصار. في حين استمرت مرتبات الجيش والأمن وموظفي صندوق النظافة بالإنقطاع منذ أشهر.
 
يأتي ذلك، فيما لا يزال محافظ تعز نبيل شمسان متغيبا عن ممارسة مهامة، منذ غادر المحافظة قبل أشهر إلى العاصمة المصرية (القاهرة) التي ما زال يقيم فيها حتى اليوم، ويتحكم من هناك بالميزانية المخصصة للمحافظة والمقدرة بمائة مليون ريال شهريا، تاركا المدينة تعاني من تكدس المخلفات وتردي الخدمات.
 
ومطلع الأسبوع الفائت، شهدت مدينة تعز احتجاجات شعبية غاضبة ضد تردي الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات العامة، مطالبة بإقالة مسئولي السلطة المحلية نتيجة استشراء الفساد والعبث بالمال العام، وتعيين مسئولين أكفاء ونزهاء بعيدا عن المحاصصة السياسية التي اتسمت بها تعز طوال الفترة الماضية من الحرب.
 
وعلى إثر تلك الإحتجاجات الشعبية، عقد الوكيل الأول لمحافظة تعز الدكتور عبد القوي المخلافي، الثلاثاء الماضي، إجتماعا عاجلا بمسئولي المالية والشئون القانونية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالمحافظة، ووجه بإحالة المسئولين الثلاثة، المذكورين أعلاه، إلى التحقيق بتهم فساد.
 
وخلال الاجتماع، أيضا، وجه المخلافي مدراء المالية والموارد المالية والشؤون القانونية بالرفع بالمكاتب والمديريات التي تعاني من الفساد إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومنه إلى الجهات القضائية، محذرا الجميع من أن "السلطة المحلية لن تتساهل مع العابثين بالمال العام، وإقالتهم ومحاكمتهم وفقا للقانون".


 
ملفات فساد أخرى
 

وكشفت مصادر مطلعة لـ"يمن شباب نت" أن السلطة المحلية أحالت أيضا ملفات بقضايا فساد لعدد آخر من مدراء المكاتب التنفيذية- بينهم مسؤولين سابقين، إلى نيابة الأموال العامة تمهيدا لإحالتهم إلى المحكمة.
 
وذكرت المصادر أربعة مسئولين أخرين، تمت إحالة ملفاتهم إلى النيابة، هم: مدير عام الواجبات حسن المجاهد، ومدير مكتب الأشغال العامة والطرقات عبدالحكيم الشميري، ومدير عام المسالخ السابق محمد الشوافي، ومدير مكتب صندوق النظافة والتحسين السابق حسين المقطري. 
 
وأشارت المصادر إلى أن السلطة تعتزم يوم غد الأحد أيضا رفع قائمة إضافية تشمل عدد آخر من مسؤولي المكاتب التنفيذية في المحافظة، إلى جهاز الرقابة للبدء في تنفيذ الإجراءات القانونية تجاههم.
 
وكان وكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالمحافظة علي محمد العيزري قد أكد في اجتماع الثلاثاء، مع وكيل أول المحافظة، على وجود تقارير تتضمن وثائق ومعلومات حول عدد من المكاتب والمؤسسات والمديريات ومخالفات كبيرة. وأشار إلى أن جهات (لم يسمها) تعبث بالموارد المالية وتمارس التلاعب في عملية التحصيل مما يتسبب بهدر الملايين خارج الخزينة العامة.
 
وحاول "يمن شباب نت" التأكد من هذه المعلومات والحصول على المزيد من التوضيحات من مصدر رسمي، وتواصل معد التقرير مع وكيل الجهاز "العيزري"، إلا أنه لم يرد.
 
غير أن مصدرا موثوقا في نيابة الأموال العامة أكد لـ" يمن شباب نت" إحالة قضايا وملفات فساد متعلقة بمسؤولين إلى النيابة، إلى جانب أن هناك تقارير يتم الإعداد لها.
 

 الاحتجاجات مستمرة



ورغم مرور أربعة أيام على توجيه وكيل أول محافظة تعز، عبد القوي المخلافي، بإحالة المسؤولين الثلاثة- المذكورين سابقاً- إلى القضاء، إلا أن المتظاهرون يستعدون لتسيير تظاهرة جديدة حاشدة صباح اليوم السبت، لضمان "الحياة الكريمة وعدم تفاقم الفساد"- وفقا للمحامي عمر الحميري رئيس اللجنة التحضيرية للاحتجاجات.
 
وقال الحميري لـ"يمن شباب نت"، إن توجيه السلطة المحلية بإحالة ثلاثة مسؤولين إلى القضاء بتهم فساد "لا يؤثر على مسار الاحتجاجات، لأن حجم الفساد كبير، وكبير جدا، والسلطة المحلية متورطة فيه بدء من المحافظ وانتهاء بالمكاتب التنفيذية والمديريات"، مؤكد على استمرار الحراك الجماهيري حتى تحقيق المطالب الأساسية والرئيسية للمواطن.
 
وأشار إلى أن مطالب المحتجين تتمثل في "إقالة الفاسدين، وتحقيق مبدأ المحاسبة والمراقبة، وإلغاء منظومة المحاصصة الحزبية على الوظيفة العامة، وأيضاً سرعة توفير مستحقات الجرحى، وصرف رواتب عمال النظافة والتربويين، وتوفير كافة الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى المطلب الرئيسي وهو فك الحصار وتحرير تعز".

 
توجيهات "شكلية" لن تؤثر
 


وأوضح رئيس اللجنة التحضيرية للاحتجاجات أن "المواطن في تعز كان يخرج بشكل مستمر ولكن لقضايا جزئية، واليوم حين عرف وتأكد من تواجد فساد ومنظومة تمنع تحقيق هذه المطالب، لجأ إلى القضية الأم (الفساد)".
 
وعليه، فقد اعتبر أن إحالة ثلاث قضايا إلى القضاء هي "محاولة للتغرير على الشارع بأن هناك اهتمام بقضايا فساد، ومحاولة اقناعه بوجود جهاز رقابة ومحاسبة"، مشددا "إذا كانت هناك جدية لدى السلطة، فعليها أن تقوم بإحالة جميع ملفات قضايا الفساد".
 
وأعرب عن استغرابه من توقيت السلطة المحلية لهذه الخطوة بإحالة مثل تلك القضايا "رغم أنها تعلم وتُصرح عن هذه القضايا من قبل ولم تتحرك حينها.. وهذا يعتبر بحد ذاته مخالفة" حد قوله.
 
وعلى النسق ذاته، يصف الحقوقي صلاح أحمد غالب تجاوب السلطة المحلية مع مطالب المتظاهرين بـ "الشكلي والإعلامي"، وأن توجيهاتها بإحالة قضايا وملفات فساد إلى القضاء، "لن تُحدث أي تأثير على الحراك الشعبي"..
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": إنها لا تعدوا على أن تكون أكثر من مسكنات، ولا يمكن تصديقها"، فالسلطة- حسب قوله "فقدت مصداقيتها، والكلام عن احالة فاسدين الى القضاء قبل اقالتهم هو ضحك على الدقون، فالفاسد يجب أن يجرد من السلطة قبل المحاسبة".
 

من يقف وراء الحراك؟
 
ومع خروج المئات في احتجاجات شعبية السبت الفائت، برزت تساؤلات حول ما إذا كانت هناك جهات تقف وراء تسيير التظاهرات وتهدف لتحقيق مصالح سياسية معينة، خصوصا بعد الفشل الذريع الذي منيت به أياد داخلية لتحويل تعز كمحافظة تابعة سياسيا لأطراف خارجية، كما أصبح عليه حال محافظات أخرى جنوبية، وبعض مناطق تعز الساحلية.
 
لكن رئيس اللجنة التحضيرية للإحتجاجات، المحامي الحميري، ينفي وجود أي أطراف سياسية  تقف وراء الحراك الشعبي، لافتاً إلى أن شعار المتظاهرين "يكفي صمت" ولا يستثني أحد.
وقال إن اللجنة التحضيرية التي أعلن عنها قبيل تظاهرة السبت الماضي كان "هدفها بسيط ومحدد، وهو التنظيم للخروج في التظاهرة"، منوها إلى أن اللجنة هي "جزء من الشارع..وكل مواطن اليوم معني بالخروج ضمن هذه الاحتجاجات".
 
وأوضح الحميري أن مطالب الشارع "لا تقف عند أحد، وتستثني آخر؛ بل تستهدف جميع الأطراف السياسية باعتبارها شريكة في الفساد الحاصل".
 
ولذلك- يضيف- ستجد أن شعارات المحتجين تسهتدف "منظومة المحاصصة التي شاركت فيها جميع الأحزاب، وكذا تستهدف أيضا السلطة المحلية بدون استثناء، وكذا القيادات المشاركة في الفساد الذي عم جميع مرافق الدولة، سواء في الجانب المدني أم العسكري".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر