أزمة مشتقات نفطية تخنق المواطنين في صنعاء.. من المتسبب في ذلك؟ (تقرير خاص)

[ طلاب في صنعاء يركبون على سطح هيكل باص نقل بسبب ازمة البترول منذ 15 سبتمبر 2019 ]

بعد أن قضى "نجيب العواضي" (33 سنة) ساعات طويلة أمام إحدى محطات الوقود في العاصمة اليمنية صنعاء، عله يستطيع الحصول على بعض اللترات من البترول، إلا أنه تفاجأ أن محطة الوقود أعلنت عن نفاد الكمية، ليبدأ من جديد رحلة طويلة، بحثا عن محطة أخرى والانتظار مجددا في سرب طويل من السيارات بحثاً عن وقود يزود به سيارته الأجرة التي يعول بها أفراد أسرته.
 
وتعيش العاصمة صنعاء أزمة مشتقات نفطية خانقة، أثرت كثير على حياة الناس، وخاصة أولئك الذين يعد البترول عصب حياتهم اليومية في العمل وتوفير المصروف اليومي لأسرهم، وبالتحديد سائقي الباصات وسيارات الأجرة، حيث تتضرر حياتهم كثيرا، وينعكس ذلك أيضاً على أسعار المواصلات التي ارتفعت بشكل كبير.
 
وبدأت أزمة المشتقات النفطية في منتصف سبتمبر الماضي، ومطلع الأسبوع الماضي بدأ الناس يشعرون بإنفراجة، لكنها لم تستمر سوى ثلاثة أيام تقريبا، قبل أن تعاود الأزمة مساء الأربعاء 2 أكتوبر 2019، بشكل مفاجئ، حيث ازدحمت السيارات مجددا أمام محطات الوقود في كل الشوارع الرئيسة بصنعاء ومازالت مستمرة.

 
معاناة مستمرة

يقول "العواضي" – الذي يعمل سائق أجرة - إنه استبشر خيراً حين فتحت محطات الوقود أبوابها بعد مرور أسبوعين على أزمة المشتقات النفطية؛ ولكن لم تمر سوى ثلاثة أيام حتى عادت الأزمة من جديد، لتبدأ معها معاناة المواطنين من خلال ارتفاع الأسعار والتي شملت جميع نواحي الحياة اليومية.
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" حياتنا أصبحت مخنوقة.. لا نكاد نستقر في معيشتنا بشكل جزئي، إلا وتحدث أزمة تجعلنا نعيش في جحيم الحاجة للمصروف اليومي. واستدرك: "ليس من السهولة ان نتوقف عن العمل يوم واحد، لأننا نخسر الكثير جدا من احتياجاتنا اليومية".
 
وأصبح معروفا أنه عندما تبدأ أزمة المشتقات النفطية، سرعان ما تنتشر السوق السوداء بشكل لافت. حيث وصل سعر الدبة البترول (20 ليتر) إلى نحو 20 ألف ريال (33 دولار أمريكي). وتتفاوت الأسعار من شارع إلى آخر، في الوقت الذي يعمل الحوثيون على إدارة تلك السوق وتموينها والحصول على عوائدها المادية المرتفعة.
 
وتستحوذ ميليشيا الحوثي على نحو أكثر من 20 شركة تعمل في استيراد النفط، جميعها تابعة لهم أو لموالين، ما ساعدهم على احتكار المشتقات النفطية، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة في العاصمة "صنعاء" ومناطق أخرى قابعة تحت سيطرتهم.
 

ارتفاع تكاليف المواصلات
 
لا تكاد تخلو باصات الأجرة، المتنقلة داخل شوارع العاصمة صنعاء، من المشادات الكلامية بين السائقين والركاب، جراء ارتفاع تكاليف المواصلات بنسبة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين وخصوصاً طلاب الجامعات.
 
ورصد "يمن شباب نت" بعض شكاوى المواطنين، نتيجة الاستغلال الجائر من قبل السائقين للأزمة، في ظل الظروف القاسية نتيجة انقطاع الرواتب وانعدام فرص العمل وتضييق ميليشيات الحوثي المعيشة على الناس، بمختلف فئاتهم.
 
ويؤكد "حافظ الشرفي"، وهو طالب في جامعة صنعاء، على أن تكاليف المواصلات ارتفعت بنسبة كبيرة، حيث أنه أصبح يدفع ما يقارب 1,000 ريال كل يوم، لباصات النقل العام، كتكاليف مواصلات من منزله بمنطقة دارس بشارع المطار إلى جامعة صنعاء.
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" أن أزمة الوقود فاقمت من معاناة طلاب الجامعة، وخصوصاً الذين يأتون من مسافات بعيدة، وهناك الكثير من الطلاب أصبحوا عاجزين وغير قادرين على تحمل تكاليف المواصلات الباهضة، والتي أصبحت كابوسا يلاحقهم كل صباح.
 
وأدت أزمة المشتقات النفطية إلى غياب سائقي الباصات في الشوارع، حيث تتكرر المشاهد كل يوم لأشخاص يقفون على امتداد الطرقات، يتسابقون للوصول إلى وسيلة نقل توصلهم إلى أماكن أعمالهم، أو إلى الجامعات، في ظل استمرار الأزمة، وبقاء معظم السائقين في الطوابير أمام المحطات.
 

من يقف وراء الأزمة؟

يتبادل الحوثيون والحكومة الشرعية الاتهامات بالتسبب في أزمة المشتقات النفطية. ويتهم الحوثيون التحالف العربي بإحتجاز سفن المشتقات النفطية في البحر الأحمر بأوامر من الحكومة، بينما تنفي الأخيرة ذلك، وترجع السبب الرئيسي إلى رفض الحوثيين الألتزام بالإجراءات والضوابط الحكومية المتخذة في هذا الجانب لتنظيم عملية استيراد المشتقات النفطية.
 
وتؤكد شركة النفط، التابعة للحوثيين في صنعاء، على أن عدد من السفن (12 سفينة تقريبا) تحمل مشتقات نفطية، يمنع التحالف العربي دخولها إلى ميناء الحديدة. والسبت الماضي حذرت المليشيات من كارثة إنسانية جراء توقف كافة الأنشطة الحيوية المرتبطة بحياة المواطنين في جميع القطاعات الصحية، بسبب قرب نفاذ المخزون من المشتقات النفطية.
 
وفي الوقت الذي تحذر فيه ميليشيا الحوثي الانقلابية من نفاذ المخزون، كشفت مصادر محلية، في وقت سابق، لـ"يمن شباب نت" أن ميليشيا الحوثي احتجزت في منطقة الصباحة- المدخل الغربي للعاصمة صنعاء- نحو عشرين قاطرة محملة بالوقود في داخل منشأة تابعة لشركة النفط وتم منعها من دخول صنعاء.
 
من جانبها قالت اللجنة الاقتصادية الحكومية إن "الميليشيات الحوثية تسعى، من واراء خلقها للأزمات، إلى المتاجرة بالتدهور الإنساني، الذي يتسولون به داخل أروقة المنظمات الدولية". وعزت توقف السفن المحملة بالوقود قبال ميناء الحديدة، إلى إجبار المليشيات الحوثية تجار الوقود على مخالفة قرارات الحكومة وضوابط تنظيم تجارة المشتقات النفطية.
 
وأشارت اللجنة إلى أن "جزء من أولئك التجار، قد التزموا بنفس القرارات في الموانئ المحررة، وحصلوا من اللجنة على تسهيلات، واستثناءات، ولم تتعرض شاحناتهم في تلك الموانئ لأي تأخير". وعليه، أكدت اللجنة لجميع التجار أنه في حال تم الالتزام بضوابط القرار، فإن اللجنة تتعهد بالتعجيل في إصدار وثائق الموافقة، ومناقشة التسهيلات، للتخفيف من معاناة المواطنين.
 
وما بين الاتهامات المتبادلة، يعيش المواطنين أزمة خانقة في المشتقات النفطية في عدد من المحافظات التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي، مع تفاقم أزمة النقل والمواصلات، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، والتي باتت تشكّل هاجساً يومياً لدى غالبية المواطنين.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر