"أسوشيتد برس" تكشف: كيف خططت الإمارات للانقلاب وشن حرب لتمزيق اليمن إلى أجزاء صغيرة متناحرة (ترجمة خاصة)

[ إذا لم يتم معالجة الحرب في الجنوب ستهدد بتمزيق البلد إلى أجزاء صغيرة متناحره (أسوشيتد برس) ]

قالت وكالة "الأسوشيتد برس" الأمريكية "إن القتال بين الحلفاء في جنوب اليمن أدى إلى فتح جرح جديد في خاصرة التحالف السعودي ـ الإماراتي ضد متمردي الحوثي في البلاد، وإذا لم يتمكنوا من معالجته، سيهدد بتمزيق البلد إلى أجزاء صغيرة متناحره".

وأضافت الوكالة - في تقرير لها ترجمة "يمن شباب نت" - شهد الأسبوع الماضي تصعيدًا كبيراً في الاضطرابات في الجنوب، حيث قصفت الطائرات الحربية الإماراتية المقاتلين الموالين للرئيس اليمني المعترف به دولياً، عبد ربه منصور هادي - الرجل الذي يفترض أن التحالف يحاول استعادة سلطته حيث قُتل العشرات، ووضعت دولة الإمارات العربية المتحدة الملح على الجرح بوصفها قوات هادي بأنها "إرهابية".

ويصف أنصار هادي الضربات بأنها "نقطة تحول" ويتهمون الإمارات بإثارة انقلاب من قبل ميليشياتها المتحالفة للإطاحة بحكومة هادي والسعي إلى الانفصال في الجنوب.

وفي أغسطس/ آب، غزت الميليشيات عدن وغيرها من المدن الجنوبية، وطردت قوات هادي في قتال دموي.  وعندما حاولت التوسع إلى محافظة شبوة الغنية بالنفط، سارع السعوديون بإمداد قوات هادي لصدهم.
 
بعد أربع سنوات من تدخل التحالف في اليمن، لا يزال الحوثيون يسيطرون على جزء كبير من الشمال، فيما توقف القتال ضدهم. لكن القوتين الخليجيتين كان لهما أجندة متناقضة في اليمن.
 
إذ يعتقد المسؤولون اليمنيون أن الإمارات، التي أعلنت فجأة الشهر الماضي أنها ستسحب معظم قواتها من اليمن، تريد من حلفائها المحليين ضمان سيطرتها المستمرة على الجنوب.  وتنأى دولة الإمارات عن دعم هادي بسبب صلاته بعدوها، جماعة الإخوان المسلمين.
 
المملكة العربية السعودية، التي تدعم هادي، تخشى توسع السيطرة الإماراتية وتعارض انفصال الجنوب الذي سيكرس فعليا الحكم الحوثي في الشمال. تحتوي هذه الأجندة، التي تم احتواؤها منذ فترة طويلة، على مخاطر انكشاف التحالف المناهض للحوثيين مع عواقب دموية على الأرض.

 

اللاعبون

تهيمن الإمارات على الجنوب من خلال الميليشيات التي تسلحها وتمولها، والتي تدير قواعد وسلطات مستقلة عن الحكومة.  في عام 2017، اندمجت الميليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي التي تسعى إلى استعادة الدولة المستقلة التي كانت قائمة في الجنوب حتى عام 1990.
 
ومع اندلاع موجة العنف الجديدة، ينفي الانتقالي الجنوبي أنه يسعى إلى الانفصال الفوري أو إقالة هادي.  لكنه يطالب بتطهير "الإرهابيين" الذين يقول إنهم متحالفون مع هادي، في الوقت نفسه، يقود هادي البالغ من العمر 73 عاماً، إدارة ضعيفة أبعدتها الإمارات إلى حد كبير خارج الجنوب.  ويصفه المعارضون بأنه رئيس "حكومة الفنادق" لأن وزراءه غالباً ما يتواجدون في فنادق خمس نجوم بالخارج.
 
وقضى هادي معظم الحرب الأهلية في العاصمة السعودية.  وعندما حاول زيارة عدن في عام 2017، منعه المسؤولون الإماراتيون الذين يسيطرون على المطار من الهبوط. لكنه يمتلك قوات على الأرض، من بينها أجزاء من الجيش الوطني وقوة تعرف باسم الحرس الرئاسي، بقيادة نجله ناصر.

الحرب الأهلية الجديدة

تمثل أحد العوامل في الاحتكاكات السعودية ـ الإماراتية التي جرت وراء الكواليس العام الماضي.  وقال اثنان من كبار المسؤولين اليمنيين لوكالة أسوشيتيد برس إن المملكة العربية السعودية أجبرت حكومة هادي على قبول الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي أوقفت هجوم الميليشيات التي تدعمها الإمارات لاستعادة أهم ميناء في اليمن، في الحديدة، من قبضة الحوثيين.
 
وقال المسؤولون إن السعودية تخشى أن يتم استيعاب ميناء البحر الأحمر في منطقة سيطرة الإمارات المتوسعة إلى جانب الموانئ الجنوبية الرئيسية الأخرى التي تحتفظ بها.  ومثل المسؤولين الآخرين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب العلاقات الحساسة بين الحكومة والإمارات والسعوديين.
 
مؤشر الاضطراب التالي برز في الصيف، عندما بدأت الإمارات سحب معظم قواتها من اليمن.  وقال المسؤولان إنها لم تبلغ المملكة العربية السعودية بذلك مسبقاً.  وقد اكتشفت حكومة هادي الأمر فقط عندما التقى رئيس وزرائها في أبو ظبي في يونيو مع الشيخ محمد بن زايد، الشخصية الأقوى في الإمارات.
 
وقال الشيخ محمد إن سمعة دولة الإمارات العربية المتحدة تعاني من حرب اليمن وألقى باللوم على الإصلاح.  في وقت لاحق، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن الانسحاب يهدف إلى تعزيز محادثات السلام مع الحوثيين.

 

وحذرت الأجهزة الأمنية التابعة لهادي في تقرير سري حصلت عليه وكالة "الأسوشييتد برس" من أنهم في إبريل / نيسان رصدوا تحضيرات للانتقالي الجنوبي لشن انقلاب.  وقال التقرير "إن قادة الميليشيات التقوا بمسؤولين إماراتيين بشأن الخطط".
 
في يونيو، وصلت شحنات إماراتية جديدة من العربات المدرعة والأسلحة والذخيرة إلى عدن للميليشيات، وفقًا للمسؤولين. وحينها أكد الإماراتيون للحكومة أن الأسلحة كانت فقط لدعم الخطوط الأمامية ضد الحوثيين. وقال أحد المسؤولين "لقد خُدعنا جميعاً".
 
وهاجمت الميليشيات قوات هادي في عدن في 7 أغسطس / آب، وهزمتهم بعد أيام من الاشتباكات في الشوارع. حيث استولى رجال الميليشيات على معسكرات مؤيدة لهادي حول المدينة، ونهبوا القصر الرئاسي وسرعان ما طردوا القوات الحكومية من مدن الجنوب الأخرى.
 
لكنهم ذهبوا بعيداً عندما حاولوا الاستيلاء على عتق، عاصمة محافظة شبوة.  حيث تعتبر المدينة استراتيجية وتتيح الوصول إلى حقول النفط في الجنوب وتقترب صحراءها من الحدود السعودية في الشمال.

وقد سارعت المملكة العربية السعودية بتقديم الأسلحة والمركبات المدرعة إلى قوات هادي ومنعت الإماراتيين من استهدافهم بضربات جوية، وفقاً لزعماء قبائل محليين واثنين من كبار السياسيين.

بعدها تم طرد الميليشيات.  وبدأت قوات هادي معركة مضادة، فتقدمت إلى أبواب عدن - رغم التحذيرات السعودية السرية لهم من عدم التصعيد عن طريق دخول المدينة أو الاقتراب من مطارها.  حيث تعرضوا هنـاك للضربات الجوية الإماراتية في 29 أغسطس، مما أسفر عن مقتل 30 مقاتلاً على الأقل وترك آثار المركبات المحترقة.
 
وقالت الإمارات إنها ضربت "إرهابيين" هاجموا قوات التحالف" مما أغضب هادي ومسؤوليه.  ويتساءل نائب وزير الخارجية محمد الحضرمي بالقول: هل هذا يعني أن جيش هادي إرهابي؟

 

ماذا بعد..؟
 
تزايد الجمود بعد ذلك، مع عقد المسؤولون السعوديون والإماراتيون لمناقشات.  وقد أصدرت الحكومتان بيانين يدعمان الوحدة و"الشرعية"، مشيرين على الأقل إلى ما يشبه الأرضية المشتركة بينهما.
 
وتركز المحادثات على تشكيل مجلس الوزراء الجديد بما يشمل الانتقالي الجنوبي والأطراف الأخرى بالإضافة لـتراجع القوات. النقطة الشائكة هي ما إذا كانت الميليشيات ستندمج في قوات هادي أم ستبقى مستقلة.
 
وتقول حكومة هادي إنها لن تتحدث مع الانتقالي حتى ينسحب من عدن، في حين يعارض مسؤولو الانتقالي الانضمام إلى حكومة مع الإصلاح.  وقد أقـام الانتقالي يوم الخميس سلسلة من التجمعات الجماهيرية في شوارع عدن لإظهار الدعم الشعبي له.
 
كلا الجانبين يحضران لتجدد الاشتباكات.  وقد أرسل الإماراتيون الدبابات والصواريخ والذخيرة إلى الميليشيات في عدن، فيما المملكة العربية السعودية تعيد تزويد قوات هادي، على حد قول العديد من المسؤولين اليمنيين.
 
دوامة جديدة من العنف يمكن أن تقسم الجنوب إلى جيوب صغيرة، حيث تسيطر القوات الموالية لدولة الإمارات على عدن والمحافظات المجاورة، بينما سيسطر معسكر هادي على الباقي.
 
وقال العديد من السياسيين اليمنيين الذين تحدثوا إلى وكالة أسوشييتد برس إن القيادة السعودية تبدو منقسمة - وتفاجأت من تحركات الإماراتيين ولكنها أحجمت عن الانفصال عن حليفتها لخوض معركة صريحة في الجنوب.

وقد صف الكاتب السعودي سليمان العقيلي الغارات الجوية الإماراتية بأنها "جرح عميق"، محذرا على شاشة تلفزيون اليمن اليوم "لن ننسى الأمر بسهولة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر