كيف حول "الانتقالي الإماراتي" مدينة عدن إلى ساحة مفتوحة للإعدامات والجرائم المناطقية؟ (تقرير خاص)

[ نفذت ميلشيات "الإنتقالي الإماراتي" إعدامات ميدانية للجرحى في المستشفيات بعدن وأبين ]

قتل بالهوية، وعمليات نهب واسعة، واختطافات، واعتداءات متنوعة. كل هذا يحدث في مدينة عدن العاصمة المؤقتة (جنوب اليمن)، من قبل ميلشيات الانتقالي الإماراتي منذ سيطرتها في مطلع أغسطس الفائت، غير ان حدتها زادت أكثر خلال الأيام الماضية عقب محاولة الجيش استعادة المدينة.
 
وفي غضون أيام تحولت مدينة عدن إلى مدينة مغلقة عن الإعلام والمنظمات الحقوقية، حيث تستمر ميلشيات "الانتقالي الإماراتي" في ممارسة مختلف الجرائم بطريقة وحشية بحق المعارضين لسطوتهم الأمنية، بالإضافة إلى المواطنين والتجار المنتمين إلى المحافظات الشمالية.
 
تنوعت تلك الانتهاكات ما بين القتل والسحل ومداهمة المنازل ومصادرة الممتلكات والفرز بالهوية والترحيل والتعذيب وقتل جرحى وغيرها، عقب تمرد "الانتقالي" المدعوم إماراتيا على الحكومة، وتشبه تلك الممارسات ما قامت به مليشيات الحوثي عقب دخولها محافظات يمنية بالقوة، بدافع الانتقام وترهيب الخصوم وتشكيل صورة ذهنية عنيفة عنها لدى المواطنين.
 
تصفيات بالهوية

أن تحمل بطاقة شخصية فهذا يعني أنك ستكون فريسة لمليشيات "الانتقالي الإماراتي" المنتشرة في كثير من النقاط الأمنية بالعاصمة المؤقتة عدن، كما هو الحال مع الكثيرين الذين لقوا حتفهم طوال الأيام الماضية.
 
الانتهاكات طالت الجميع حتى النساء، ولن تكون محظوظا إن كنت تحمل بطاقة عسكرية توضح انتماءك لألوية عسكرية تابعة للجيش اليمني، خاصة إن كنت من محافظتي عدن أو أبين، ويجري الفرز بالهوية بشكل عشوائي ولا يقتصر على النقاط الأمنية فقط، بل تعدى ذلك إلى اقتحام المنازل.
 
ولم تقصر جرائم القتل والإعدامات الميدانية على العسكريين التابعين للحكومة الشرعية وأقاربهم أو من له صله بهم فقط، بل تعدى ذلك لمواطنين ينتمون إلى المحافظات الشمالية عابرين سبيل، بين المحافظات الجنوبية، حيث مورست جرائم قتل عمد مناطقية.
 
وتداول ناشطون، صورا لجثتي شخصين وهما "عزيز أحمد على الزور" و" ماجد أحمد ملاطف الزور" من أبناء محافظة صنعاء أعدمتهما ميليشيا الانتقالي الإماراتي في محافظة لحج (جنوب اليمن)، بعد أن اعترضت طريقهما أثناء عبورهما على متن شاحنة نقل (دينا) ونهبهما.
 
وعثر سكان محليون على جثتيهما خلف "محطة السعيدي" بالقرب من مقر الحزام الأمني واللواء الخامس التابع للانتقالي الإماراتي بمحافظة لحج، وأظهرت الصور أن الميليشيات أعدمتهما بالرصاص من مسافة صفر، لتقوم بالتمثيل بجثتيهما من خلال طعنها بآلات حادة.
 
انتهاكات موثقة
 
ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بإخراج جرائم مليشيات الانتقالي، وتم تداول عديد من الفيديوهات التي ظهرت فيها تلك القوات وهي تقوم بتنفيذ إعدامات أو السحل ومداهمة المنازل، من أشهر تلك المقاطع التي تم تداولها على نطاق واسع، كان تسجيل مصور للعقيد "حسن القملي" الذي ينتمي للجيش، وهو يتعرض للسحل والتمثيل بجثته والشتائم.
 
وطالت تلك الممارسات غير القانونية كذلك ناشطين وصحفيين كان آخرهم الإعلامي أبو سعد الميسري الذي قتل بعد مداهمة منزله وإطلاق الرصاص الذي أودى بحياة المواطن صفوان جلال، واضطر كثير منهم لمغادرة عدن خوفا على حياتهم وأسرهم.
 
ويعيش أبناء المحافظات الشمالية في عدن في خوف شديد بعد عمليات الترحيل التي طالت كثير منهم، والتضييق عليهم، ويقول المواطن محمد – الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا على حياته - إنه نزح مع أسرته إلى منزل أحد أصدقائه العدنيين بعد أن هددهم صاحب المنزل بالطرد لأنه ينتمي لمحافظة تعز.
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب" نشعر بالخوف والقلق، ونمنع أبناءنا من الخروج من المنزل، ولولا حاجتنا للعمل والمال لما بقينا هنا. وأشار "أنه يفكر بالعودة إلى تعز، لكنه سينتظر ريثما تتضح الأمور أكثر في عدن، وسيقرر عقبها ما سيقوم به، لأن أبناءه مرتبطين بالجامعات والمدارس هناك".
 
الإنتهاكات بالأرقام
 
لم تصدر بعد إحصائية واضحة نتيجة لاستمرار الانتهاكات بحق المواطنين والعسكريين حتى اليوم في بعض محافظات الجنوب، لكن "المرصد اليمني الأمريكي لحماية حقوق الإنسان" أصدر مؤخرا تقريرا، كشف فيه عن رصد الفرق الميدانية التابعة لهم نحو سبعة آلاف انتهاك ضد المدنيين في عدن وأبين وشبوة منذ بدء انقلابها في العاشر من الشهر الفائت.
 
وقال التقرير "إن مليشيات المجلس الانتقالي قتلت مائتين وتسعا وثمانين حالة، بينهم ثمانية وأربعين مدنيا بعضهم أطفال ونساء" وذكر "أن تلك المليشيات المدعومة إماراتيا قامت بتصفية 132 عسكريا داخل المستشفيات، وكذا إعدام 109 جندي ينتمون لقوات الحماية الرئاسية كانوا أسرى لديهم".
 
وكانت الحكومة اليمنية طالبت المجتمع الدولي التدخل لإيقاف الجرائم والانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الانتقالي الإماراتي في محافظتي عدن وأبين، وقال وزير الإعلام معمر الإرياني "التقارير الميدانية والأرقام الواردة من عدن وأبين عن جرائم وانتهاكات ارتكبتها مليشيا الانتقالي خلال الأيام الماضية مفزعة وتنذر بكارثة إنسانية مروعة".
 
وأضاف "هذه الجرائم الإرهابية والانتهاكات البشعة التي وثقتها مقاطع الفيديو تنم عن حقد دفين وتكشف الوجه الحقيقي لمليشيا المجلس الانتقالي والمشروع التدميري الذي تحمله لأبناء المحافظات الجنوبية" وأشار "إن جرائم حرب لا تسقط بالتقادم وسيلاحق كافة المسئولين عنها".
 
من جانبها دعت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان – مقرها إمستردام - إلى سرعة وقف موجة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب في حق مدنيين بمحافظتي عدن وأبين، وطالبت المجتمع الدولي سرعة التدخل العاجل لوقف هذه الموجة من الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين الذين طالتهم حملات الاعتقالات والتصفيات الجسدية.
 
جرائم حرب

لم تصدر حتى الآن سوى البيانات المنددة بتلك الممارسات، ولا أحد يوقف تلك الانتهاكات. لكن الصحفي والناشط الحقوقي أحمد الصهيبي قال "أن جرائم الإعدامات الميدانية للجرحى وتصفية الأسرى بعد تعذيبهم والتنكيل بهم وإهانتهم، تمثل تجاوزاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وتعد جرائم حرب يتعين تقديم مرتكبيها للمحاكمة".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" إن التقارير والبيانات المختلفة تؤكد وحشية تلك الممارسات التي شهدتها عدن، وهي جرائم في حال إثبات جميعها بالأدلة أمام السلطات القضائية، فإنها لا تسقط بالتقادم.
 
وأشار الصهيبي "لابد من توقف تلك الانتهاكات البشعة وأن يُسمح للجهات الحقوقية بالنزول والرصد الميداني لما حصل، مالم فإن الجهات المتحكمة بالمدينة حالياً - ميلشيات الانتقالي الإماراتي - تتحمل مسؤولية إخفاء الجريمة وتفاصيلها والتستر عليها".
 
وما بين مطرقة الانتهاكات والجرائم المتواصلة، وسندان التكتم الإعلامي والحقوقي عن تلك الجرائم، يعيش المواطنون في مدينة عدن حالة من الرعب والخوف من استمرار سطوة الانتقالي الإماراتي على المدينة، حيث تتوسع الجرائم بشكل أكبر ويزداد الضحايا بشكل يومي.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر