كيف استفاد الحوثيون بصنعاء من انقلاب "الانتقالي الإماراتي" على الشرعية في عدن؟ (تقرير خاص)

[ حوثيون بصنعاء ]

أعلنت ميلشيات الحوثي أمس السبت 24 أغسطس تطوير 4 منظومات دفاع جوية، اثنتان منها دخلتا خط المواجهة، إلى جانب ذلك تشن بشكل مكثف هجمات صاروخية وطائرات مُسيرة إلى الأراضي السعودية خلال الأيام الماضية، في الوقت الذي تدعم الإمارات انقلاب على الحكومة الشرعية في عدد من المحافظات الجنوبية.
 
وبعد مرور أسابيع على انقلاب الانتقالي الإماراتي في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، تظهر سلسلة من الأحداث بشكل واضح المكاسب التي حصل عليها الحوثيون في صنعاء، في الوقت الذي بدا فيه التحالف العربي بقيادة السعودية أكثر ضعفاً ومعه الحكومة الشرعية.
 
واستطاعت ميلشيات الانتقالي الإماراتي خلال أربعة أيام من المعارك في مدينة عدن السيطرة على مؤسسات الدولة ومنها قصر المعاشيق (مقر الحكومة) عقب إعلان القيادي السلفي "هاني بن بريك" المدعوم من الإمارات مطلع أغسطس الجاري النفير العام والتمرد على الحكومة، وسيطرت على محافظة أبين وتوجهت خلال الأيام الماضية لتدشين معركة جديدة في محافظة شبوة (شرق اليمن).

 [إقرأ أيضاً.. موقع أمريكي: انقلاب عدن لم يهدد وحدة اليمن فحسب بل سحق آمال السعودية في هزيمة الحوثيين]

ورغم دعوات السعودية للحوار والانسحاب من المقرات الحكومية أعلن الانتقالي الإماراتي خطوة تصعيدية في بيان حدد مبادئ وأسس للانفصال، ومضيه في سيناريو الانقلاب وكذلك السعي للسيطرة على بقية المحافظات الجنوبية، وذلك يعزز انقلاب صنعاء خصوصاً وأن الانقلابين يخدمان أجندات إقليمية تسعى لتقسيم اليمن، وخلق صراعات طويلة الأمد.
 
خدمة الحوثيين
 
بدا انقلاب "الانتقالي الإماراتي" على الشرعية في مدينة عدن، والمدعوم من سلطات أبو ظبي، امتداد للتقارب الإيراني الإماراتي، والذي بدا أنه بداية للتخلي عن التحالف العربي لدعم الشرعية، حيث أعلن مسؤول إيراني عقب لقاءات مع الإماراتيين في طهران "أن أبو ظبي تعتزم تخفيف حدة حربها في اليمن" في إشارة الى مناوئة الحوثيين.
 
وتحاول مليشيات الحوثي استثمار الغضب الشعبي على ممارسات التحالف العربي وضعف الحكومة الشرعية خلال سنوات الحرب، وجاء انقلاب الانتقالي الإماراتي بعدن ثغرة جديدة تعزز انقلاب الحوثيين في صنعاء، والذي جاء بسيناريو مشابهة لما حدث في صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
 
وبدا تدفق مئات من الأسر من مدينة عدن إلى محافظات تسيطر على ميلشيات الحوثي خدمة سهلة تعزز سطوة انقلاب ميلشيات الحوثي، عقب قيام عناصر الانتقالي بطرد العمال والمواطنين المنتمين للمحافظات الشمالية ونهب أموالهم، بينهم مواطنين قضوا عشرات السنين في عدن ومستثمرين تعرضوا لخسارات فادحة.
 
واستغل الحوثيين حالة النزوح الجماعية من عدن للترويج الإعلامي من خلال دعوات قيادتهم لسلطاتهم ونقاطهم الأمنية لتسهيل مرور النازحين من أبناء الشمال الذين شردهم الانتقالي الإماراتي عبر ميلشيات "الحزام الأمني"، وظهرت حالة المساندة الكلية من قبل انقلابيين عدن لرفاقهم بصنعاء، تعزز قناعات اليمنين بأجندات "أبو ظبي" لتقسيم اليمن وتمديد أمد الصراع.

 [للمزيد إقرأ.. تقرير أمريكي: الانتقالي لا يمثل كافة الجنوبيين وانقلابه في عدن يخدم الحوثي والقاعدة ويطيل الحرب في اليمن]

والخميس الماضي 22 أغسطس الجاري، التقى المبعوث الأممي "غريفيث" بقيادات حوثية في صنعاء، ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر مقرب من الجماعة "أن الحوثيين طالبوا من المبعوث الأممي بعض المطالب ومنها استقلال قرارهم المصرفي على ضوء التطورات في عدن"، في إشارة إلى سيطرة الانتقالي الجنوبي على مفاصل العاصمة المؤقتة.
 
انقلاب عدن والسعودية

عزز انقلاب الانتقالي الإماراتي في عدن استرخاء ميلشيات الحوثي في تنفيذ هجمات متتاليات على الأراضي السعودية وتعزيز جبهاتهم لقتال السعودية في الحد الجنوبي، وفي خطوة تصعيدية أعلن الحوثيون السبت 17 أغسطس الجاري استهداف حقل نفطي ومصفاة في السعودية، بعشر طائرات مسيرة استهدفت "مصفاة الشيبة" التابعة لشركة "أرامكو بعملية أطلقوا عليها "توازن الردع الأولى".
 
ورصد "يمن شباب نت" تنفيذ الحوثيين نحو 13 عملية قصف على الأراضي السعودية منذ انقلاب الانتقالي الإماراتي في العاصمة المؤقتة عدن، وحاولت استهداف مواقع حساسة ومهمة أبرزها القواعد العسكرية، ومنشآت نفطية، قبل أن يتم التصدي لها بحسب تصريحات لمتحدث التحالف العربي.
 
حالة استرخاء الحوثيين وعدم تعرضهم لأي تهديدات يعد من أبرز الفوائد التي يجنوها من انقلاب الانتقالي الإماراتي، وبدل أن تنشغل السعودية بقتال الحوثيين أصبحت منشغلة بالانتقالي الإماراتي الذي قرر الانقلاب على شرعية الرئيس هادي والسيطرة على أجهزة الدولة في بداية اغسطس الجاري بدعم من أبو ظبي.
 
وقال الباحث السعودي سلمان الأنصاري "إن خلط الأوراق الذي حدث في عدن وجنوب اليمن بلا تنسيق مع قيادة التحالف ما هو والله إلا خيانة صريحة مكتملة الأركان؛ وطعن حقيقي في الظهر". في اشاره إلى الإمارات الحليفة الكبيرة للسعودية والتي دعمت وخططت للانقلاب.
 
وأضاف - في تغريدة بحسابة على موقع "تويتر"- وسيخسر خسارة فادحة جدا كل من كان وراءه على المدى المتوسط والبعيد (الداعمين للانقلاب بعدن أي الامارات) فالسعودية قد تسامح بحكمتها وعلو شأنها متى رأت ذلك؛ ولكنها لا تنسى". على حد تعبيره.
 
وخلال الأيام الماضية عبر كثير من المحللين والباحثين السعوديين عن غضبهم من ممارسات الانتقالي الجنوبي والدعم الإماراتي المقدم لهم واعتبروه "نسف لجهود التحالف بقيادة السعودية من أجل هزيمة الحوثيين". بالإضافة إلى أن دعوات التقسيم الإماراتية لليمن تهدد الأمن القومي السعودي بشكل مباشر باعتبارها مرتبطة باليمن بحدود جغرافية كبيرة.
 
الشرعية والانقلابين

كان إعلان التحالف العربي في مارس 2015 مساندته العسكرية للحكومة الشرعية قرار عربي شجاع وجريء، لكن بعد نحو خمسة أعوام من الحرب، تحول التحالف إلى جزء من المشكلة من خلال دعم انقلاب على الحكومة بعدن من قبل ميلشيات الانتقالي المدعومة من الإمارات. في تعزيز جديد للحوثيين وإضعاف للحكومة الشرعية.
 
وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد "ان انقلاب الانتقالي في عدن بدعم طرف في التحالف العربي وهي الامارات يعطي مشروعية لانقلاب الحوثيين في صنعاء".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" أن انقلاب عدن يعد انكشاف قانوني للتحالف الذي تم استدعائه لدعم سلطة الدولة ضد انقلاب وايس المزيد من الانقلابات ثم انه اعلان فشل ذريع للتحالف في اليمن في تحقيق أهدافه.
 
وأشار عبد السلام "ان انقلاب عدن كشف ان هناك اهداف لا تتعلق بهدف التحالف وقد تصب في مصالح الشركاء وتصطدم مع مصالح اليمنيين، وكشف الضعف لدى الشرعية التي تتكئ على حلفاء استغلوا وضعها مقارنة بالحوثيين الذين اتكئو على إيران التي لم تغدر بهم وتعمل لصالح أهدافها وأهدافهم".
 
ولفت "فِي المجمل كشف انقلاب عدن ان هناك تصادم في المصالح بين التحالف والشرعية ما يعني ان عودة الدولة وانهاء الانقلاب لم بكن سوى مبرر للتدخل فقط".

[إقرأ أيضاً.. ‏كاتب بريطاني: القبول بـ"انقلاب" الانفصاليين يعزز سيطرة الحوثي على الشمال ويعقد الحل السياسي]

واتهمت الحكومة الشرعية رسميا الإمارات المنضوية في التحالف العربي لدعم الشرعية، بدعم ميلشيات الانتقالي بعدن، وحملتها المسؤولية الكاملة عن أحداث التمرد المسلح الذي نفذته ميليشياتها، وقال مندوب اليمن في الأمم المتحدة السفير السعدي في كلمة أمام مجلس الأمن "ما حدث في عدن هو انقلاب مسلح على الحكومة الشرعية نفذه ما يسمى بالانتقالي وميليشيا الحزام الأمني بدعم عسكري ومالي وإعلامي من دولة الإمارات".
 
سيناريو مشابه للحوثيين
 
بعد أن كان البعض يضن أن انقلاب الحوثي أوشك على الانهيار، حتى شهدت عدن انقلابا آخر والعامل المشترك بينهما هو استهداف الحكومة الشرعية والدولة اليمنية بشكل عام، وبعد نحو خمسة أعوام من انقلاب الحوثيين بصنعاء، يعود الانقلاب إلى عدن بنفس المبررات والأسلوب الذي اتبعه الحوثيين.
 
وتبرز تُهم الإرهاب، وحزب الإصلاح، والحكومة الفاسدة، كأهم مبررات للانقلابيين في صنعاء وعدن، والتي يتم التمهيد لها من خلال دعاية واسعة بوسائل الإعلام، ومن خلالها يبرر الانقلابيين لأنفسهم السيطرة على المدن والمؤسسات الحكومية بقوة السلاح.
 
وثمة تشابه بين الانقلابيين في الممارسات الميلشاوية في نهب أسلحة الدولة وافراغ المعسكرات، بنفس ما حدث بصنعاء في عملية نقل دبابات وآليات ومدافع معسكرات "صنعاء" الى صعدة إبان الانقلاب الحوثي. بالإضافة إلى اقتحام المنازل والمؤسسات الحكومية ونهبها من قبل الميلشيات بطريقة همجية.
 
وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لعمليات النهب التي تمت لمؤسسات الدولة ومنازل المعارضين للميلشيات بعدن، والتي تشبه بشكل متطابق ما قام به الحوثيون بصنعاء في 21 سبتمبر 2014، عقب سيطرتهم على العاصمة والمؤسسات الحكومة.
 
وفي الوقت الذي كانت الجهود تتركز على انقلاب الحوثيين في صنعاء من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، فإن الإمارات حولت هذا الهدف إلى معارك جديدة يجب ان تخوضها الحكومة الشرعية لإنهاء انقلابيين، ومعها تتحمل السعودية العبء الأكبر باعتبارها الأكثر تضرراً من الصراع في اليمن ومحاولة تقسيم البلاد.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر