باحث بريطاني لـ"يمن شباب نت": انسحاب الامارات من اليمن يشبه انسحابات روسيا المتكررة من سوريا

سربت وسائل إعلام دولية خلال الأيام الماضية معلومات عن انسحاب جزئي للقوات الإماراتية من اليمن، وآخر تلك التسريبات الصحفية، ما نشرته وكالة "فرانس برس" اليوم الإثنين حيث أعلن مسؤول إماراتي "أنّ هناك خفضا في عديد قوات بلاده في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة "إعادة انتشار" لأسباب "استراتيجية وتكتيكية".
 
وتثير تلك الدعاية الإمارتية للانسحاب من اليمن، شكوك كثير من المراقبين حيث أنها لم تصدر إلى الآن بشكل رسمي من قبل "أبو ظبي"، وظلت محصورة على تسريبات صحفية في وكالتي "رويترز" و "فرانس برس"، وكون تلك التسريبات تأتي عقب حملة يمنية واسعة ضد انتهاكات الامارات في اليمن في دعم ميلشيات مسلحة تعمل على تقويض سلطة الحكومة الشرعية.
 
قال الباحث البريطاني البارز صامويل راماني "إن الانسحاب الاماراتي من اليمن لا يمثل خروجا ًلـ "أبو ظبي" من الصراع". ووصف انسحاب الإمارات من اليمن بأنه يبدو أكثر فأكثر مماثلاً للانسحابات الروسية المتعددة، المعلنة من سوريا يومًا بعد يوم".
 
في حديث خاص لـ "يمن شباب نت" لفت الدكتور صامويل - الباحث في العلاقات الدولية بجامعة اكسفورد البريطانية - بأن "صمت المجلس الانتقالي الجنوبي إزاء الخطوة يعكس معرفته بأن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تزال منخرطة بنشاط كبير في اليمن. وذلك من حيث الدعم المادي الذي تقدمه أبو ظبي للانفصاليين اليمنيين الجنوبيين، التي تعزز من نفوذ الانتقالي الجنوبي".
 
هل تريد الإمارات الانسحاب؟

بالنسبة لليمنيين يعني انسحاب الإمارات من اليمن، ان تكف عن تدخلها في تقويض سلطة الحكومة الشرعية، وإيقاف الدعم المسلح والمالي للانفصاليين في جنوب اليمن المتمثل في "المجلس الانتقالي" والقوات التابعة لها والتي تم انشاؤها خلال السنوات الماضية في عدد من المحافظات.
 
وقال الباحث لبريطاني صامويل "أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يرى في الانسحاب الاماراتي من اليمن على أنه دليل على فك الامارات للشراكة معهم".

 [إقرأ ايضا: مصدر حكومي يكشف لـ"يمن شباب نت" عن بدء السعودية باستلام الساحل الغربي باليمن]

ويعتقد الباحث بأن انسحاب الإمارات من اليمن لا يمثل خروجاً فعلياً لأبو ظبي من الصراع.  معتبراً "أن تلك الخطوة الاماراتيةً جاءت كاستجابة للانتقادات المتزايدة داخل الولايات المتحدة وأوروبا (بالطبع مع استثناء الدائرة الداخلية لترامب)، للكلفة الإنسانية المرتبطة بتدخل الإمارات". بالإضافة لكون الخطوة نتيجة لمخاوف إماراتية داخلية من أن تكون أبو ظبي "تخوض حربا بلا نهاية في اليمن".
 
 وأشار صامويل الى "أن الإعلان عن الانسحاب الاماراتي من اليمن سيمكن أبو ظبي من إظهار بعض النجاح المتمثل بهزيمة الحوثيين كمنافس رئيسي للسلطة في جنوب اليمن، وإثبات التزامها بالمشاركة في أي حل دبلوماسي للحرب الأهلية اليمنية".
 
خلافات أبو ظبي والرياض

ويرى مراقبون أن خلاف بين السعودية والإمارات في اليمن، بدأ يظهر من خلال الانسحاب الأحادي للإمارات من بعض المعسكرات في الوقت الذي لاتزال السعودية تهددها مخاطر كبيرة من قبل الحوثيين في هجمات صاروخية على مناطق سعودية، بالإضافة إلى المعارك المستمرة في الحد الجنوبي.
 
غير أن الباحث البريطاني في حديث لـ "يمن شباب نت" عبر عن شكوكه إزاء ما قال إنها "شائعات" حول حدوث خلاف بين الإمارات والسعودية حول اليمن، معتبراً بأن تلك الخلافات "مبالغ فيها".  وقال: بأن شرعية هادي "لاتزال نقطة شائكة"، مستدركاً بالقول بأن تقسيم العمل ـ بحيث تكون الإمارات في الجنوب والسعودية في المناطق الحدودية في شمال اليمن - "مسألة ترسخت منذ بداية النزاع".
 
[للمزيد إقرأ: مسؤول إماراتي يؤكد نية بلاده سحب قواتها من اليمن]

وكان الباحث "صامويل" قال في وقت سابق "تزامناً مع بدء الإمارات تقليص تدخلها العسكري في اليمن، أشاد مارتن غريفيث بأسلوب أبو ظبي في الصراع، وذلك ـ وفق تقديره ـ "يطرح تساؤلات" حول ما إذا كان محمد بن زايد سيحاول إعادة لعب دور دبلوماسي في اليمن، كما فعل في ليبيا.
 
وقال "إن تصريح لمسؤول إماراتي رفيع المستوى حول السحب المعلن للقوات الإماراتي من اليمن، والذي قال فيه "صحيح أنه كان هناك تحريك للقوات، ولكن ليس إعادة انتشار من اليمن"، حيث علق بالقول بأن ذلك يشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة "تتبنى استراتيجية دمج القوة العسكرية والناعمة في اليمن".
 
ويضع الباحث البريطاني، صامويل راماني ما قال إنه أحد الاختبارات البسيطة لمعرفة ما إذا كان انسحاب الإمارات من اليمن "حقيقيًا" تمثل حسب قوله "بتكرار ضربات الطائرات الحوثية المسيرة على السعودية".
 
وقال "إذا ما كانت دولة الإمارات تنسحب فعلاً من اليمن، فتوقع المزيد من هجمات الطائرات الحوثية بدون طيار بهدف حث محمد بن سلمان على أن يحذوا حذوا بن زايد". مضيفاً " أما إن لم يكن الأمر كذلك، فستظل ضربات الطائرات الحوثية المسيرة متقطعة".
 
استراتيجية تكتيكية

وأعلن مسؤول إماراتي كبير أن الانسحاب من اليمن ضمن خطة "إعادة انتشار" لأسباب "استراتيجية وتكتيكية"، موضحا أنّ أبو ظبي تعمل على الانتقال من "استراتيجية القوة العسكرية" إلى خطّة "السلام أوّلا". وقال المسؤول "هناك خفض في عديد القوات لأسباب استراتيجية في الحديدة (غرب اليمن) وأسباب تكتيكية في مناطق أخرى". بحسب ما نقلت "فرانس برس".
 
وأكّد مسؤول عسكري في الحكومة أنّ الإمارات "أخلت معسكر الخوخة جنوب الحديدة تماما وسلّمته قبل أيام لقوات يمنية، وسحبت جزءا من أسلحتها الثقيلة" وتابع "لكنّ القوات الامارتية تدير الوضع العسكري في الساحل الغربي بشكل كامل مع القوات اليمنية ضمن عمليات التحالف بقيادة السعودية".
 
وكان مصدر حكومي لـ"يمن شباب نت"، كشف اليوم الاثنين، عن بدء القوات السعودية باستلام الساحل الغربي باليمن. وقال المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن هويته-، إن "القوات السعودية بدأت فعليا الأسبوع الماضي، باستلام ملف الساحل الغربي من القوات الإماراتية، التي بدأت بالانسحاب تدريجيا".


 *الباحث البريطاني صامويل راماني: باحث في العلاقات الدولية بجامعة اكسفورد البريطانية، ومتخصص في شؤون الشرق الاوسط وروسيا. ويكتب في صحف في الواشنطن بوست والمونيتور الامريكي ومجلة "ذا دبلومات".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر