موقع أمريكي يكشف عن تجدد الصراع بين الحكومة اليمنية والإمارات في جزيرة "سقطرى" (ترجمة خاصة)

[ شجرة دم الاخوين (التنين) الشهيرة في جزيرة سقطرى ]

كشف موقع «Lobe Log» الأمريكي، عن تجدد الصراع  بين الحكومة اليمنية وأبو ظبي في "جزيرة سقطرى"، والممارسات المستمرة من أجل بسط النفوذ على الجزيرة الثرية بالنباتات النادرة، وكيف تسعى الإمارات ضمن أجندتها الخاصة إلى تقسيم اليمن ودعم الإنفصاليين.
 
وقال التقرير - الذي ترجمه "يمن شباب نت" - إن الإجراءات الإماراتية تجاه سقطرى تكشف الكثير عن كيف أن إستراتيجيات أبو ظبي المتعلقة بالسياسة الخارجية الأعمق تضع الإمارات في مواجهة حليفها الوثيق، المملكة العربية السعودية.
 
وأضاف "فها هي أبو ظبي على استعداد لاتخاذ إجراءات جريئة تقوض مواقف الرياض دون النظر إلى رغبة السعودية في الحفاظ على وحدة اليمن.  هذا الصراع على السلطة، الذي يدور أيضاً في محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن، سيجعل من الصعب على المملكة العربية السعودية الحفاظ على حتى ما يشبه تحالفا موحدا عن بعد".
 
 
نص التقرير الذي ترجمة "يمن شباب نت"
 
طوال الحرب الأهلية اليمنية، ظلت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والإمارات حليفتان ظاهريا فقط. ومع ذلك، فإن العلاقات بين الاثنين بقيت، وعلى أقل تقدير، متوترة بسبب رؤى الدولتان المتضاربة لمستقبل اليمن بمجرد انقشاع غبار الحرب عنه.
 
فالإمارات تدعم الانفصاليين الجنوبيين في اليمن الذين يهددون الوحدة بين الشمال والجنوب، والتي يسعى هادي إلى الحفاظ عليها، حتى أن اشتباكات دارت بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الحكومية اليمنية. وبالإضافة إلى ذلك، تعاون هادي أيضًا مع حزب الاصلاح، والتي تسعى أبو ظبي إلى مواجهته بطرق مختلفة، بما في ذلك عمليات الاغتيال الممنهجة.
 
ويعد أرخبيل سقطرى اليمنية ذات الكثافة السكانية المنخفضة - حيث أربع جزر ذات حياة نباتية مميزة جعلت منها موقعًا للتراث الطبيعي العالمي لليونسكو في عام 2008 - نقطة لتجاذبات جيوسياسية بين حكومة اليمن المعترف بها دوليا وأبو ظبي. 
 
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أدانت إدارة هادي الإماراتيين لإرسالهم نحو 100 من الانفصاليين اليمنيين المسلحين إلى سقطرى من عدن التي تسيطر عليها الإمارات. رداً على ذلك، وصف وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش الاتهام بأنه "أخبار مزيفة".
 
ومثلّت مسألة السيادة على سقطرى محور خلاف بين الحكومتين من ذي قبل. وفي العام الماضي، نشرت الإمارات دبابات وقوات في حديبو (عاصمة سقطرى حيث ميناءها الرئيسي)، بينما كان رئيس وزراء اليمن (آنذاك) أحمد عبيد بن دغر يقوم بزيارة إلى الأرخبيل حيث أدان بن دغر تحرك أبو ظبي وطالب الجماهير اليمنية بالتعبير عن معارضتها لذلك أيضًا.  واستجابة لذلك، نظم المواطنون تجمعات في باقي اليمن، مطالبين بتأكيد السيادة اليمنية على سقطرى في مواجهة محاولات اماراتية متصورة لاستعمار الجزر.
 
عقب ذلك، أحالت حكومة هادي القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتضطر أبو ظبي، نتيجة لذلك الى التراجع وإعلان اعترافها بالأرخبيل كإقليم يمني ذي سيادة. 
 
وبهدف إحباط تصاعد التوتر بين قوات الحكومة اليمنية والإماراتيين، نشرت السعودية قواتها في سقطرى فيما رحلت القوات الإماراتية. وعلى الرغم من أن ذلك منع اندلاع العنف، إلا أن التسوية التي كانت قائمة في العام الماضي كانت لاتزال هشة.  ففي الواقع، ومنذ سلسلة الاحداث تلك، بقيت القوات الإماراتية في سقطرى بصفتها عضوا في التحالف حيث ووفقًا لبعض المصادر، لاتزال الإمارات تسيطر على الميناء والمطار الرئيسي للأرخبيل.
 
الجغرافيا السياسية الإقليمية
 
على الرغم من أن سقطرى استطاعت حتى الآن النجاة من الفوضى العنيفة التي بلي بها معظم البر الرئيسي في اليمن منذ عام 2014، إلا أنها لا تزال مصدرا لخلاف بين القوى المختلفة التي تكافح لضمان نفوذها على الجزر. ويُبرز التصعيد الأخير للإماراتيين حول سقطرى كيف أن الأزمة السياسية في اليمن هي محرك آخر للانقسام العميق داخل مجلس التعاون الخليجي المشلول.
 
وليس فقط الإماراتيون والسعوديون هم من لا يوافقون على حياد سلطنة عمان في حرب التحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين، لكن الرؤية الاماراتية بخصوص سقطرى وغيرها من الأراضي في جنوب اليمن باتت تضع أبو ظبي ضد الرياض ايضا.
 
في هذا الصدد، تتفق إدارة هادي مع المملكة على ضرورة الحفاظ على الوحدة بين الشمال والجنوب، الأمر الذي يتعارض مع أجندة الانفصاليين الجنوبيين الذين ترعاهم أبو ظبي.
 
لقد حرضت قضية سقطرى اليمنيين ضد بعضهم البعض، حيث على الرغم من مواجهة الرئيس هادي لمشاكل مع محافظي سقطرى السابقين من الذين رحبوا بفكرة الشراكة مع الإمارات، فإن محافظ سقطرى الحالي، رمزي محروس، منضوٍ مع هادي في الرفض القوي لتشكيل الإمارات للمليشيات المسلحة في الجزر.  وعلى الرغم من أن المحافظ محروس تعهد بمواجهة الإماراتيين بشأن سقطرى، إلا أنه ليس من الواضح بعد ما الذي سيترتب على ذلك؟
 
حاليا، يحاول المسؤولون في دائرة هادي إقناع الإمارات بالتركيز على محاربة المتمردين الحوثيين، بدلاً من احتلال أو ضم الأرخبيل اليها: نظرا لأنه لا يوجد هنالك حضور حوثي أو تهديد متصور في الجزيرة.
 
لم يتدخل السعوديون هذه المرة لمنع أي تصعيد للتوترات بين أبو ظبي وحكومة هادي. أنقرة أيضًا، لم تدن أبو ظبي حتى الآن، على الرغم من أن التنافس بين تركيا والإمارات العربية المتحدة آخذ في التزايد.
 
مقاومة "التمدد" الإماراتي
 
في مايو 2017، وصف هادي الإمارات بـ "قوة احتلال" في اليمن.  وهو ما يعكس كيف يرى عدد كبير من رفقائه اليمنيين الدور الإماراتي في حربهم الأهلية.  في الواقع، قبيل اندلاع النزاع الحالي، كان لدى اليمن مخاوف من سعي أبو ظبي المتصوَّر للسيطرة على طرق الملاحة المارة عبر عدن وباب المندب.  ومن المحتمل أن تفسر هذه المخاوف السبب الحقيقي لإلغاء اليمن لصفقة موانئ دبي العالمية لتشغيل الميناء في عدن في عام 2012 على الرغم من أن الفساد شكل السبب الرسمي.
 
ويشتبه العديد من اليمنيين في أن الإماراتيين أرادوا إضعاف قدرات عدن باعتبارها مدينة ساحلية كبرى في شبه الجزيرة العربية يمكن أن تتنافس مع دبي في يوم من الأيام.  ليوم. ومع سيطرة دولة الإمارات بحكم الواقع على أجزاء من اليمن، بما في ذلك عدن، ازدادت حدة تلك المخاوف.
 
وتكشف الإجراءات الإماراتية تجاه سقطرى الكثير عن كيف أن إستراتيجيات أبو ظبي المتعلقة بالسياسة الخارجية الأعمق تضع الإمارات في مواجهة حليفها الوثيق، المملكة العربية السعودية. فها هي أبو ظبي على استعداد لاتخاذ إجراءات جريئة تقوض مواقف الرياض دون النظر إلى رغبة السعودية في الحفاظ على وحدة اليمن.  هذا الصراع على السلطة، الذي يدور أيضاً في محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن، سيجعل من الصعب على المملكة العربية السعودية الحفاظ على حتى ما يشبه تحالفا موحدا عن بعد.
 
وعلى الرغم من العمل مع كل من المملكة وحكومة هادي ابتداء من عام 2015 لمحاربة تمرد الحوثيين، فإن لقيادة الإمارات العربية المتحدة مصالح في اليمن تمتد إلى أبعد من الجهود الرامية لسحق الحوثيين المتحالفين مع إيران. حيث تتعلق هذه المصالح بأهداف أبو ظبي الجيوسياسية طويلة المدى فيما يتعلق بـمطامعها في المنطقة وشرق إفريقيا والمحيط الهندي الأكبر.  إن تعزيز هذه المصالح يتطلب من الإمارات، التي ليس لديها البحر الأحمر أو البحر العربي أو خليج عدن أو ساحل المحيط الهندي، تأمين موطئ قدم استراتيجي لها في جنوب اليمن (بما في ذلك سقطرى) والقرن الأفريقي.
 
وتقع سقطرى في موقع أقرب إلى أفريقيا منه الى شبه الجزيرة العربية، وقد انعزلت إلى حد ما عن الحرب الأهلية في اليمن على مدى السنوات القليلة الماضية.  ومع ذلك، فإن التوترات بين قوى القومية اليمنية ودولة الإمارات العربية المتحدة المتزايد اصرارها بشأن سيادة سقطرى تتفاقم في أنحاء أخرى من البلاد.
 
ومع استمرار أجندة السياسة الخارجية "التوسعية" لأبو ظبي في اليمن، فإن صراع السلطة هذا سوف يضع المزيد من الضغوط على اليمنيين للاختيار بين إخوانهم المواطنين الذين يقاومون سلوك الإمارات في اليمن، وبين الميليشيات المتحالفة مع أبو ظبي التي تقاتل من أجل إعادة تأسيس جنوب اليمن كدولة قومية.
 
 

avatar*كاتب التقرير:جورجيو كافيير
المدير التنفيذي ومؤسس شركة جلف ستيت أناليتيكس، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر الجيوسياسية ومقرها واشنطن العاصمة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر