الأزمات الدولية تتساءل.. كيف تبدو عدن بعد أربع سنوات من تحريرها من قبضة الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)

[ مطعم في منطقه صيرة بعدن ، 25 آذار/مارس 2019 (الأزمات الدولية) ]

سلطت «مجموعة الأزمات الدولية» الضوء على ما آلت اليه الاوضاع في العاصمة المؤقتة عدن، (جنوب اليمن)، وذلك بعد مضي أربع سنوات من تحريرها حيث مؤخرا قام فريق تابع للمجموعة الدولية، بزيارة المدينة مؤخرا.
 
وقال التقرير - الذي أعده الخبير البارز والمتخصص في الشأن اليمني بيتر ساليزبري - أنه "وبعد أربع سنوات من وصول الحرب إلى عدن وتعريضها للدمار، ها هي المدينة اليمنية الجنوبية الساحلية التي منذ البداية كانت المعركة لأجلها حاسمة في الصراع اليمني في عام 2015، تشهد أخيرًا حالة من الازدهار الهش".
 
وأضاف التقرير الذي ترجمة "يمن شباب نت" بأنه جرى تحويل عدن إلى مدينة اشباح من خلال معارك الشوارع والقصف والغارات الجوية التي تسببت في تخريب البنية التحتية للمدينة. وتم طرد الحوثيين في نهاية المطاف من المحافظات الجنوبية في اليمن، غير أن عدن عانت في وقت لاحق من عمليات تسلل ملحوظة لتنظيم القاعدة، بالإضافة الى الاقتتال بين الميليشيات المتنافسة، وضعف الحكومة هناك".
 
ولدى عودة الكاتب برفقة فريق من مجموعة الازمات الدولية في مارس 2019، قال "بأنه وفريقه لاحظوا أن الأمن في عدن قد تحسن بشكل ملحوظ منذ زياراتهم السابقة على مدى السنوات الثلاث الماضية".
 
وأشار "أن هناك مؤشرات مختلفة تدل على اقتصاد محلي ينتعش، غير أنه قيل لهم ايضا بأن تلك المكاسب الأخيرة مبنية على أسس هشة، بالنظر الى أن الهدنة وتعزيز التعاون بين القوات المدعومة اماراتيا وخصومها في تلك المدعومة من قبل الحكومة والتي اقتتلت فيما بينها في عدن في يناير 2018، ومنحة وقود سعودية بقيمة 60 مليون دولار، هي أمور قد تنهار في أي لحظة".
 
وأظهر التقرير المرفق بالصور لمحات عن الأسواق التي بدأت تعود إلى الحياة، وعائلات تستمتع بالنزهات إلى الشواطئ، وشباب يزورون مركز تسوق تجاري جرى افتتاحه مؤخرًا، ويمارسون لعبة البولينغ الرائعة. ومع ذلك فتلك الصور لا تمثل مجمل الحياة في عدن حاليا، فلا يزال الفقر متفشيًا، ولا يزال صوت إطلاق النار جزءًا من ضجيج يسمع في الخلفية، أسبوعيًا على الأقل، لكنها ايضا تبرز بعضا من بريق الأمل الذي بات اليمن يمنحه اليوم.
 
ونظرًا لأن الاقتصاد يعاني انتعاشا هش، فقد زاد الطلب على الأسماك وبات ممكننا رؤية عدد متزايد من الزوارق على الساحل.
 
ويرى التقرير بأنه وبعد أربع سنوات من حالة اللااستقرار، بات العدنيون يتمتعون الآن بتطورات في الحالة الأمنية، الامر الذي عزاه الكاتب جزئياً إلى "التعاون المتزايد بين حكومة هادي وقوات الأمن المحلية التي تدعمها الإمارات حيث في السابق، ساهم التنافس بين الاثنين في دفع حالة عدم الاستقرار متسببا بنشوب قتال شوارع في يناير من عام 2018".
 
ويلفت الى أن عدد نقاط التفتيش في جميع أنحاء المدينة انخفض بشكل كبير خلال العام الماضي، واستولت قوات نظامية على العديد من الميليشيات القديمة (على الرغم من أن بعضها لا تزال نشطة وتعد جهات غير حكومية). كما تحولت نقاط التفتيش من مصدر خوف للسائقين إلى مصدر ازعاج أو مظاهر شكلية.
 
ويمضي التقرير بالقول بإنه "وعقب سلسلة من البدايات الخاطئة، أصبح مقر البنك المركزي اليمني، الذي تم نقله إلى عدن من قبل الحكومة في عام 2017، مركزًا مهمًا لتحسين البيئة الاقتصادية في عدن حيث سجل الريال اليمني أدنى مستوياته في سبتمبر 2018، لكن قيمته ارتفعت منذ ذلك الحين بشكل كبير ليصب ذلك في مصلحة جميع اليمنيين".
 
ويستدرك بالقول بأن البنك الدولي لا يزال يقدر أن التضخم بلغ 55 ? في عام 2018، وتكلفة المعيشة قد زادت بأكثر من الضعف منذ عام 2015. كما لا تزال الوظائف شحيحة، لا سيما في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث يقع أكبر تركيز سكاني في البلاد.
 
 بالنسبة للكاتب، يبدوا العدنيون أفضل حالًا من معظم اليمنيين الاخرين، لكن أعدادًا كبيرة لا تزال تكافح من أجل الحصول على عمل أو ما يكفي من الطعام. ويعاني أكثر من 10 ملايين شخص على مستوى البلاد من مستويات الجوع الشديدة.
 
كمالا تزال عدن تعج بالجدران المليئة بأثار الرصاص والمباني المكسرة وغيرها مما يذكر بالقتال الوحشي الذي شهدته شوارع المدينة في عام 2015. كما يظهر علم الدولة اليمنية الجنوبية المستقلة قبل عام 1990، وهو رمز للنزعة الانفصالية في جميع أنحاء المدينة.
 
ولهذا يحذر الكاتب بأنه "يجب على المجتمع الدولي ألا يتجاهل مثل هذه المشاعر في الجنوب، لا سيما بين أجهزة الأمن المحلية، مضيفا "إذا لم يأخذ الحل السياسي بعين الاعتبار تلك المظالم الجنوبية بشكل كافٍ، فسوف تتطور تلك المشاعر الانفصالية لتزرع بدورها بذور تجدد الصراع".
 
عدد من الشركات اليمنية الكبيرة عادت إلى عدن، بعد أن عملت في الخارج معظم فترة الحرب. ويظهر الاقتصاد علامات على الانتعاش، مدفوعًا بتحسن إمدادات الكهرباء التي تم تأمينها بفضل منحة وقود بقيمة 60 مليون دولار من المملكة العربية السعودية منذ أكتوبر 2018. لكن استمرار المنحة غير مضمون، حيث تتجه عدن لمواجهة أشهر الصيف الحارة عندما يصل الطلب على الكهرباء إلى ذروته حيث يصبح التكييف والمراوح ضرورة.
 
أما أثرياء عدن فيجدون طرقًا جديدة للاستفادة من دخلهم المتاح. وقد فتح رواد الأعمال المحليون مقاهي جديدة، بالرغم من تباطؤ عدد الزبائن في بعض الأحيان. وغالبا ما تتناقض التصميمات الجديدة المصقولة في الداخل مع ندوب اثار الحرب على جدران المباني في الخارج.
 
ويريد معين سعيد عبد الملك، رئيس الوزراء الجديد المعين في أكتوبر 2018، البناء على التطورات الأخيرة في الاقتصاد وتقديم الخدمات. وخلال مأدبة غداء في منطقة صيرة في عدن، يطلع معين ضيوفه من مجموعة الازمات الدولية بمن فيهم نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أبريل لونغلي والرئيس والمدير التنفيذي روبرت مولي على خططه.
 
التقرير يذكر بأن إعادة بناء المدينة "لا تزال في مرحلة مبكرة حيث ان فندق عدن الشهير، الذي كان في السابق مكان الإقامة الوحيد من فئة 5 نجوم وتعرض عام 1992 لواحدة من أولى محاولات هجمات القاعدة على هدف غربي، لا يزال في حالة خراب".
 
ويؤكد بالقول بإن الانتعاش الحالي في عدن مرحب به وقد تأخر كثيرا عن موعده، كما هو الحال بعد أربع سنوات تقريبًا من طرد القوات المتحالفة مع الحوثيين من عدن. لكن في جلسات بعد الظهر حيث يمضغ القات (اقل ما يقال عنه كونه ورقة مخدرة)، وفي اجتماعات أخرى، أخبرنا العديد من المحاورين أن التطور بعدن مبني على أسس هشة.
 
ووفقًا للبعض، كلما كان رئيس الوزراء الجديد عبد الملك انجح، زاد احتمال بذل محاولات لتقويضه من جانب فصيل أو أكثر حيث يشمل الخصوم الحوثيين والانفصاليين الذين يرون أن المدينة هي عاصمة المستقبل لجنوب مستقل، وحتى أعضاء آخرين في حكومة هادي، التي كانت تعاني من الخلاف الداخلي والصراعات على السلطة طوال الحرب.
 
وبات ينظر إلى الانفراج المحلي الحالي بين قوات الأمن والقوات المسلحة المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة والقوات المسلحة المتحالفة مع حكومة هادي على أنه هدنة مؤقتة أكثر من كونه حل طويل الأمد لـ "ميليشيا" عدن والجنوب الأوسع.
 
في عدن، ترى مجموعات من الرجال والنساء وهم يلعبون البولينج في عدن مول، وهو مركز تسوق راقي يأمل أصحابه أن يساعدوا في تحويل المدينة إلى وجهة سياحية وتسويقية جذابة كما كانت قبل الحرب. وأعيد افتتاح المركز التجاري في يناير 2019، ويعد تذكيرا بطموحات الشركات اليمنية الكبرى بالنسبة لعدن، التي كانت ذات يوم واحدة من أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم، لكنها الآن متخلفة كثيرًا عن القوى الإقليمية مثل دبي.
 
ويرى كاتب التقرير "إن التحسن في الأمن بعدن يعني أنه بات بإمكان العائلات القيام بنزهات على طول الساحل، حتى في وقت متأخر من الليل حيث وحتى وقت قريب، كان الخوف من الاشتباكات بين الجماعات المسلحة المتنافسة قد دفع الكثير من العدنيين إلى التزام منازلهم بعد فترة الغسق".
 
ويختتم بالتذكير بأنه يمر ما يقرب من ثلث الشحن العالمي عند مصب البحر الأحمر القريب، مما يجعل من عدن منطقة إستراتيجية لعدة قرون، لافتا بأنه " إذا استمر تعافي المدينة الذي طال انتظاره، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة ثقة اليمنيين بقدرة الحكومة على إدارة البلاد، مما قد يضغط على الحوثيين للتوصل إلى تسوية سياسية.
 
أما التراجع فسيمثل خطر حقيقي حيث ان نشوب اقتتال بين الفصائل المتنافسة من النوع الذي أغلق عدن لعدة أيام في يناير 2018، يمكن أن يؤدي إلى تقويض احتمالات السلام القابلة للحياة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر