وسط وعود حكومية متكررة.. لماذا ترفض الإمارات تشغيل مطار الريان؟ (تقرير خاص)

[ مطار الريان بمدينة المكلا- ساحل حضرموت شرقي اليمن، تحول إلى قاعدة عسكرية وسجن سري للإمارات/ أرشيف ]


أربع سنوات مضت على خروج مطار الريان الدولي عن الخدمة العامة، عقب سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا، العاصمة الإدارية لمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، في أبريل/ نيسان 2015، ليستمر تعطل المطار حتى بعد طرد التنظيم الإرهابي، دون أن تفلح الوعود الحكومية المتكررة بإعادته إلى الخدمة حتى الأن !!
 
ففي 25 أبريل 2016، أي بعد عام واحد فقط، تمكنت قوات الجيش الوطني من طرد تنظيم القاعدة بدعم ومساندة التحالف السعودي – الإماراتي في اليمن. لتتحول السيطرة الفعلية على المدينة إلى يد الإمارات، التي وبدلا من إعادة تأهيل وتشغيل المطار، استحوذت عليه واتخذته قاعدة عسكرية وسجن سري تابعين لها.
 
وخلال هذه السنوات الثلاث الأخيرة، شهدنا وعودا متكررة على لسان مسئولين في الدولة، تبشر بقرب افتتاح المطار الدولي، من حين إلى آخر، متحججة بوجود أعمال صيانة وتأهيل للمطار؛ غير أن تلك الوعود الكثيرة والمتكررة لم تجد طريقها إلى أرض الواقع، حتى اليوم.
 
 وجاءت معظم تصريحات المسئولين ووعودهم تلك مع تصاعد الدعوات الشعبية المشفوعة بضغوطات من منظمات المجتمع المدني، المحلية والدولية، بسرعة إعادة فتح مطار الريان، للتخفيف من كثافة الازدحامات على مطاري عدن وسيئون، المنفذين الوحيدين حاليا في تنظيم الرحلات الجوية..
 
وكان مطار الريان، في معيار الحركة الملاحية، يعد ثالث أكبر مطار دولي في اليمن بعد مطاري صنعاء وعدن. فإلى جانب الرحلات الداخلية بين المدن، كان يعتمد عليه في تسيير الرحلات الدولية إلى عدد من الدول الإقليمية.
 


تصريحات المسئولين: "قريبا"

في العام 2016، الذي تم فيه طرد تنظيم القاعدة من العاصمة المكلا، وبسط الإمارات يدها على مطار الريان الدولي، قال رئيس الوزراء اليمني السابق، أحمد عبيد بن دغر إن "العمل جارٍ على قدم وساق مع دول التحالف العربي، لإعادة فتح مطار الريان بمدينة المكلا" وفي شهر أغسطس/ آب من العام نفسه، عزز محافظ حضرموت السابق اللواء، أحمد سعيد بن بريك، تصريحات رئيس الوزراء، بتصريح مشابه، أكد فيه أن "العمل والتجهيزات تجري بسرعه لإعادة افتتاح مطار الريان بعد الانتهاء من الأعمال الفنية والمعمارية". بل أن المحافظ حدد في تصريحه أن الافتتاح سيكون في نهاية العام ذاته (2016).
 
وتاليا، جاء محافظ حضرموت الجديد اللواء الركن فرج سالمين البحسني، قائد المنطقة العسكرية الثانية، ليحدد افتتاح المطار بنهاية يونيو/ حزيران 2018. وبعد مرور الموعد المحدد دون افتتاح، عقد المحافظ لاحقا، في أوائل يوليو/ تموز 2018، مؤتمرا صحفيا، أرجع فيه أسباب تأخر افتتاح مطار الريان الدولي عن الموعد الذي كان حدده سابقا إلى "أن العمل ما يزال جار فيه"، ووعد بإعلان الموعد الجديد "في القريب بإذن الله".
 
ثم جاء وزير النقل صالح الجبواني، ليؤكد في مؤتمر صحفي عقده أواخر شهر فبراير/ شباط 2019، على أن وزارته بصدد إعادة فتح مطار الريان في منتصف مارس/ آذار، حيث سينتهي تأهيله بشكل كامل.
 
وها هو شهر مارس لم يتبقى سوى ثلاثة أيام على نهايته، دون وجود أي مؤشرات، ولو بسيطة، على أن المطار سيتم افتتاحه حتى بعد أشهر...!!
 

لماذا ترفض الامارات تشغيل المطار؟
مع تكرارها دون أي نتائج على الأرض، أصبح الحديث عن عودة مطار الريان للعمل (قريبا)، يثير المزيد من السخرية، وبشكل خاص عند أبناء المكلا، كونهم يدركون جيدا صعوبة ذلك لما يلمسونه على أرض الواقع من حقائق تتجاوز، في معظمها، تلك التصريحات والوعود.  
 
يأتي ذلك، في الوقت الذي يؤمن فيه أبناء المكلا، بداية، أن المطار لم يتضرر كثيرا من المواجهات الخفيفة والسريعة التي حدثت أثناء عملية تحرير المكلا من أيدي تنظيم القاعدة. ومع ذلك إلاّ أن المطار ظل مغلقاً حتى الآن، بذريعة إصلاحه وإعادة تأهيله. وهي، في نظرهم، مبررات غير حقيقية.
 
وذكر سكان محليون بالمكلا لـ"يمن شباب نت"، أن مطار الريان الدولي كان قد بدأ يشهد رحلات جوية بشكل شبه يومي، وذلك بعد أشهر قليلة من بسط الإمارات يدها عليه وتحويله إلى قاعدة عسكرية لها.
 
 إلا أن تلك الرحلات، كما يؤكد السكان، كانت مخصصة في نطاق محدود: رحلات عسكرية، داخلية وخارجية، خاصة بالإماراتيين وحلفاؤهم الأمريكيين؛ أو لاستقبال ومغادرة مسؤولين يمنيين، عسكريين وحكوميين، موالين ومحسوبين على أبو ظبي؛ أو شخصيات مدنية أخرى وخبراء، يمنيين وأجانب، من الذين يعملون معها ولحسابها.
 
وإلى جانب استخدامه كقاعدة عسكرية، كشفت تقارير دولية ومحلية متواترة وموثوقة، استخدام الإمارات لجزء من المطار كسجن سري. وعقب انكشاف ذلك، ادعت أبو ظبي أنها تحتجز "إرهابيين" في تلك السجون. في حين أكدت معظم التقارير وجود مناوئين سياسيين لتوجهاتها، خصوصا من أبناء حضرموت، تودعهم في سجونها السرية تلك.
 
وفي حين يُعتقد أن ما سبق، كافيا لتمسك أبو ظبي بالبقاء في المطار، إلا أن ثمة أسباب أخرى تدعوها إلى التمسك به أكثر، بما في ذلك موقعه الاستراتيجي الهام. حيث كان بإمكانها، إذا أرادت، أن تحصل بسهولة على أماكن أخرى كثيرة، وذات مساحة أكبر، لنقل قاعدتها العسكرية إليها في إطار محافظة حضرموت التي تتمتع بمساحة جغرافية هي الأكبر على الإطلاق من بين كافة المحافظات الأخرى (تحتل حضرموت نسبة 36% من مساحة اليمن)، إلا أن الإمارات ترفض كل ذلك متمسكة بإبقاء قاعدتها العسكرية في المطار لموقعه الاستراتيجي الهام.
 
وعلى ضوء كل ما سبق، يتضح جليا لماذا ترفض الأمارات الاستغناء عن مطار الريان حتى الأن، برغم كل تلك الضغوطات والتصريحات؟
 
ويعتقد كثيرون هنا، أنه طالما وأن الإمارات هي المسيطر الفعلي على مدينة المكلا، فإن تحجج المسئولين اليمنيين المستمر بالحديث عن صيانة وإعادة تأهيل وتجهيز المطار، ليس أكثر من مجرد حديث استهلاكي لا يمكن التعويل عليه.
 
أضف إلى ذلك، أنّه قد مرت فترة زمنية طويلة، منذ تحرير المكلا من تنظيم القاعدة وسيطرة الإمارات عليها، في حين كان يكفي عاما واحدا منها بالكثر، أو أقل من ذلك، لإعادة تأهيل المطار، بل وتحويله إلى أفضل مطار دولي في اليمن، إذا كانت النية موجودة.

 

للحالات الإنسانية على الأقل

قرابة الأربع سنوات مرت، ولا يزال مطار الريان الدولي بالمكلا مغلقاً حتى الآن في وجه المسافرين المدنيين، ما جعل معاناة سكان المدينة تتفاقم أكثر.
 
وطالب أبناء المحافظة مرارا وتكرارا- وما زالوا- بضرورة إعادة افتتاح مطار الريان لتسهيل حركة السفر، ولو على الأقل أمام الحالات المرضية الصعبة وكبار السن.
 
جاءت آخر تلك المطالبات، حتى الأن، في الـ 10 من فبراير/ شباط الماضي. حيث جدد مؤتمر حضرموت الجامع مطالباته بافتتاح المطار من أجل إنهاء معاناة المرضى بشكل خاص، والمواطنين عموما.
 
وفي الغالب يضطر المريض، أو المسافر من دولة إلى أخرى، وخصوصاً سكان مدينة المكلا، إلى التنقل والسفر عبر مطار سيئون بوادي حضرموت، الذي يتطلب الوصول إليه، من العاصمة المكلا، قطع أكثر من 300 كيلو متر.
 
ولسوء الطريق وبعدها، يستغرق منهم السفر إلى مطار سيئون حوالي خمس ساعات. الأمر الذي يزيد من سوء الحالات المرضية الخطيرة، ويضفي أعباء كبيرة على الأطفال والنساء وكبار السن.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر