فقدان للأبناء ومسؤولية مضاعفة.. "الأم اليمنية" تدفع ثمناً باهضاً للحرب للعام الرابع للتوالي (تقرير خاص)

في عيد الأم، تتجدد أحزان الأم اليمنية وهي تواجه كثير من المشقات خلال سنوات الحرب، فهي إما أم قتيل، أو أم مختطف في السجون والأقبية المختلفة، والا محرومة من أبناءها المشردين والنازحين داخل البلاد وخارجها أو نازحة في الخيام، أو أم لأطفال صغار فقدوا أباهم وعائلهم، فتضاعفت مهمتها في الحياة أكثر.
 
اوجعت الحرب الأمهات أكثر من غيرهن،وحولت الحرب حياتهن ما بين الخوف والرجاء على حافة الوجع يقفن في مواجهة العواصف لحماية ابنائهن، فتنهار قواهن في الأيام الطويلة للحرب والتي تمتد بلا أفق، وينتظرن لساعات طويلة لحظات سماع صوت أبنائهن الغائبين والمشردين بشغف كل مساء، لتغذية عاطفتهن وطول انتظارهن الطويل.
 
تحتضن "أم عبد الرحمن" صورة حفيدها العشريني المختطف لدى الحوثيين منذ نحو أربع سنوات، وكلها حزن وشوق لحفيديها الأول من ابنها البكر الذي يعاني هو الآخر من مرض مزمن أقعده منذ أشهر في المنزل، وكل تلك الأوجاع تتراكم فوق الأم الستينية والتي تحاول أن تتماسك لمواجهة كل هذه القساوة التي تطول في حياتها.
 
أمهات على "أبواب السجون"

وعلى أبواب السجون في عدد من المحافظات اليمنية تقف الأمهات، بشكل يومي للبحث عن ابنائهن المختطفين أو المخفيين قسرا، في مناشدات يومية للإفراج عنهم أو السماح برؤيتهم، وتقف خلف تلك الأمهات عشرات الأسر العاجزة عن إيجاد حل للحصول على معلومات تكشف عن حالة اولادهن الصحية وكيف يعيشون؟ وتلك أسئلة موجعة لدى الأمهات.
 
"ام عبد الرحمن" تقول إنها تعرف مكان سجن حفيدها، لكن زيارتها له معقدة وصعبة للغاية حيث يفرض الحوثيين بصنعاء إجراءات معقدة وصعبة لرؤية المختطفين لديها وفي أيام معدودة خلال العام. وذكرت "أحيانا نظل أشهر لا نعرف شيء عن ابننا ونذهب إلى باب السجن المعتاد ويقولون لنا أنه ليس موجود ولا يعرفون أين تم نقله".
 
وأضافت في حديث لـ "يمن شباب نت" أن حفيدها لايزال شاب في مقتبل العمر تم اختطافه بعد تخرجه من الجامعة بأشهر من العاصمة صنعاء، بعد سيطرة الحوثيين عليها، وقالوا انه مع السعودية، وانه يعمل ضدهم، والحقيقة انه إنسان عادي بس اختطفوه لأنه كان عضو في حزب الإصلاح ويعارض الحوثيين.
 
وفي عيد الام تتمنى "أم عبد الرحمن" ان يخرج حفيدها من السجن بأقرب وقت، وأن يعود لحياته الطبيعة ليبحث عن مستقبلة ويتزوج ويبني اسرته، وتطمئن على حياته فهو حفيدها الأول وقالت بزفرة حزينة العبارة الشهيرة متسائلة "من أغلي من الولد؟ ولد الولد" في إشارة إلى حفيدها المختطف لدى الحوثيين منذ يونيو 2015.
 
وكشف رابطة أمهات المختطفين قيام ميلشيات الحوثي بإخفاء عشرات المختطفين من أبنائها في سجون سرية بصنعاء خلال الأشهر الماضية، ونقلهم إلى سجون أسموها "بيوت التبادل" وهي منازل غير معروفة. وبعضهم مخفي منذ أربعة سنوات، ولم تعرف عائلاتهم عنهم أي شيء حتى اليوم. ورصدت «230» حالة إخفاء قسري لمواطنين.
 
 
أم وأب بنفس الوقت

"أم ليان" (37 عام) معلمة في صنعاء، تمارس دور الام والأب في اسرتها الصغيرة المكونة من 3 أطفال بعد ان توفى والدهم قبل نحو عامين جراء حادث مروري وهو عائد من محافظة تعز، تحولت المسؤولية الكاملة عليها في توفير المعيشية لأبنائها الذين فقدوا والدهم ولايزالون أطفال أكبرهم عمره نحو 13 عام.
 
تقول في حديث لـ يمن شباب نت" أن مصاعب الامومة تضاعفت عليها بشكل كبير حي أصبحت لا تقوى على تحمل كل هذه المسؤولية الكبيرة، وخاصة بعد وفاة زوجها الذي كان يتحمل كل ما يخص الأسرة من مصاريف، لكن الآن لا أحد سواي يتحمل كل ما يخص الأطفال".
 
الأم الثلاثينة، لم تعد بتلك الصورة الأنيقة التي عهدت نفسها طوال سنين عمرها، حيث بدا عليها الإرهاق والمتاعب وقسوة الأيام والمعيشية السيئة، قالت "تشعر انها أصبحت أكبر من عمرها الحقيقي بكثير، بسبب المتاعب التي واجهتها خلال العاميين الماضيين" لكنها وكأي أم تقول بتفاؤل "أتمنى أن يعيش أولادي أفضل من معيشتي القاسية".
 
وذكرت أم ليان "قبل ان يتوفى زوجها انقطع راتبه وراتبها أيضاً ولا يزلان مقطوعان إلى حد الآن، مما اضطرها للبحث عن عمل آخر طوال ساعات النهار، في جهد مضاعف أرهقها بشكل كبير وأبعدها عن رعاية أطفالها بشكل كبير".
 
الحرب والأمهات

وخلفت الحرب خلال السنوات الماضية خلفت الحرب مأساة إنسانية لدى الآلاف من الأسر اليمنية، ونالت الأمهات النصيب الأكبر من هذه المعاناة ولا زالت تحصد وتقدم تضحيات كبيرة، حيث فقدت كثير من الأمهات أبنائهن وازواجهن وأقاربهن في الحرب، سواء في جبهات القتال المختلفة، أو بالقتل العشوائي الذي يقتل اليمنيين في كل مكان.
 
وفقدت بعض الأمهات منازلهن وتحولن إلى نازحات بعيداً عن أهاليهن في عدد من المحافظات اليمنية، ودفعت الأمهات ثمناً باهظاً للحرب المشتعلة في البلاد، وكبدهن التشرد من منازلهن كثير من الفقدان وتدهور حالتهن الصحية، وخاصة أنهن بحاجة إلى رعاية صحية خاصة، وبحسب تقرير أممي فإن ما يقارب 144,000 امرأة حامل تواجه مضاعفات في الحمل قد تسبب في وفاتها.
 
وفي الجانب الآخر من الانتهاكات ضد الأمهات، تقف "أمهات المختطفين" منذ أربع سنوات أمام السجون المختلفة في عدد من المحافظات، يطالبن بالإفراج عن أبنائهن، وبعضهن يحلمن بزيارة فقط، في الوقت الذي تتجاهل السلطات مطالبهن سواء في مناطق سيطرة الحكومة او ميلشيات الحوثي الانقلابية.
 
وقال رابطة الأمهات في بيان لهن اليوم الخميس "يحتفل العالم اليوم بعيد الأم، فيما العشرات من أمهات المختطفين والمخفيين قسراً والمعتقلين تعسفياً يقفن أمام السجون والمعتقلات بحثا عن فلذات أكبادهن الذين غيبتهم السجون دون وجه حق".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر