التحول البريطاني في اليمن.. بحثا عن السلام أم عودة إلى الحرب؟ (تقرير خاص)

[ جيرمي هنت- وزير الخارجية البريطاني في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن/ 3 مارس 2019/ يحذر من فشل اتفاق ستوكهولم ويطالب المتمردين الحوثين الانسحاب من الحديدة ]

 في خطوة مفاجئة، وصل يوم الأحد الماضي (3 مارس/آذار) وزير الخارجية البريطاني "جيرمي هنت" إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، التقى خلالها بعدد من المسؤولين في الحكومة اليمنية، وأطلق تصريحات محذرة من فشل تنفيذ اتفاقية ستوكهولم، المتعذرة حتى الأن، بشأن الحديدة.
 
ويُعد "هنت" أول وزير خارجية بريطاني يصل عدن منذ العام 1996، وهو كذلك أول وزير خارجية غربي يزور اليمن منذ اندلاع الحرب فيها في مارس/آذار 2015. وأثارت زيارته هذه والتصريحات التي أطلقها ردود أفعال عديدة، تعرض خلالها لهجوم واتهامات من قبل قيادات حوثية بارزة.
 

 
وقبل وصوله عدن، التقى السيد هنت في الرياض بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كما التقى أيضا بالناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام في مسقط. وذلك في إطار جولة للمنطقة التقى خلالها أيضا بكل من السلطان قابوس في سلطنة عمان، ووزير الخارجية السعودي العساف في الرياض، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في أبو ظبي.
 
وقال موقع الخارجية البريطانية إن هذه اللقاءات تأتي "في سياق حملة دبلوماسية بريطانية مستمرة لدعم عملية السلام بقيادة الأمم المتحدة".
 
وتعتبر بريطانيا هي حاملة قلم اليمن في مجلس الأمن الدولي. وكافحت مؤخرا لإقناع أعضاء المجلس تبني القرار رقم 2451، الصادر في 21 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بشأن دعم تنفيذ اتفاقية ستوكهولم التي افضت إليها مشاورات السويد (6 – 13 ديسمبر/ كانون أول 2018) حول مدينة الحديدة. وهو الاتفاق الذي تعرقل تنفيذه حتى الأن، ما وضع فرصة تحقق عملية السلام برمتها في مهب الريح.
 
ومن خلال هذه الجولة، وتلك التصريحات التي أطلقها المسئول البريطاني، يرى مراقبون أن بريطانيا ربما تكون قررت أن ترمي بكل ثقلها في الملف اليمني، بعد استمرار تعثر جهود المجتمع الدولي السابقة في إيجاد حل للأزمة اليمنية، التي تضاعف معاناة اليمنيين يوما بعد آخر.


 
تصريحات مثيرة
 
ولدى وصوله عدن، ظهر هنت في مقطع فيديو قال فيه: "أمامنا الآن آخر فرصة بالنسبة لعملية السلام في ستوكهولم". وأضاف "كان من المفترض إخلاء ميناء الحديدة من الميليشيات ليكون تحت سيطرة محايدة بحلول بداية شهر يناير"، محذرا بالقول إن "هذه العملية يمكن أن تُكتب نهايتها في غضون أسابيع إن لم يمتثل كلا الجانبين لالتزاماتهما في ستوكهولم".
 

[لمشاهدة الفيديو على صفحة الخارجية البريطانية بتويتر باللغة العربية]

 
وأثارت زيارة هنت وتصريحاته ردود أفعال متباينة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين.كما اثارت تساؤلات وتفسيرات مختلفة وسط المراقبين في الداخل والخارج.
 
ففي حين رحب المسئولون اليمنيون، على رأسهم وزير الخارجية خالد اليماني، بالزيارة وموقف بريطانيا بشكل عام، فقد تعرضت الأخيرة لنقد وهجوم من قبل قيادات حوثية، كان أبرزها ما أعلنه ناطق الحوثيين محمد عبد السلام من رفض جماعته التعامل معها كوسيط، بحجة أن بريطانيا تعد ضمن ما وصفه بـ"دول العدوان".
 
وكان هنت، عقب لقائه بناطق الحوثيين الجمعة الماضية في مسقط، نشر تغريده في صفحته بالإنجليزية أرفقها بصورته مع عبد السلام، قال فيها "أرحب بالتقدم المحرز في مناقشات ميناء الحديدة، لكن من الضروري أن تنسحب قوات الحوثي قريباً للحفاظ على الثقة في اتفاق ستوكهولم، والسماح بفتح قنوات إنسانية حيوية".
 

 
أما ناطق حكومة الجماعة ضيف الله الشامي، فقد أعتبر زيارة هنت لعدن بأنها تكريس لدور بريطانيا "القذر" في حرب اليمن- حد وصفه. بينما اتهم رئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية للجماعة" محمد علي الحوثي، وزير الخارجية البريطاني بالتسويق لفشل اتفاق ستوكهولم لتكرار معركة الحديدة.
 

انكشاف الحوثي
 
وفي الجانب الأخر من ردود الفعل المجتمعية، أعتبر الكاتب والصحفي اليمني أمجد خشافة تلك الزيارات التي قام بها هنت أنها "تأتي في إطار إنعاش اتفاقية السويد بشأن الحديدة، بعد أن وصلت إلى حد النتائج الصفرية" كما قال.
 
وأضاف خشافة لـ"يمن شباب نت" أن تلك التحركات تعني أن لندن هي المسؤولة الأولى عن إنجاح اتفاق السويد بعد أن تراجع التحالف العربي من الواجهة. وبالتالي فإن "انهيار الاتفاق، يعني إخفاق الدبلوماسية البريطانية في احتواء الحرب، وتنفيذ تفاصيل ما تم التوصل إليه في ستوكهولم".
 
وفي تفسيره لسبب تركيز المسئول البريطاني في تصريحاته على دعوة الحوثيين إلى ضرورة تنفيذ الاتفاق، قال خشافة "إن لندن في بداية المحادثات كانت أكثر مرونة مع الحوثيين، ولكن بعد أن عرفوا تعنت الجماعة، ظهرت تصريحات هنت الواضحة من عدن، بأنه لابد من إخراج جميع المليشيا من الحديدة، وأن هذا الاتفاق يعتبر آخر فرصة للسلام في اليمن".
 
وهو ما يتفق معه الناشط السياسي اليمني براء شيبان، من حيث أن البريطانيين بدأوا يتوصلون إلى ذات النتيجة التي سبق وأن وصل لها التحالف العربي والحكومة، بشأن عدم جدية الحوثيين بالتوصل لاتفاق سياسي.
 
وأشار شيبان، في حديثه لـ"يمن شباب نت"، إلى وجود تغير بالمزاج العام في بريطانيا منذ نهاية العام الماضي، مضيفا "إذ كان يُعتقد أن لندن إذا تدخلت في الملف اليمني بشكل أقوى، فإن ذلك قد يُعطي بعض الثقة للحوثيين للتقدم أكثر في ملف المفاوضات، وهو ما لم يحدث. ما جعل لندن تنظر إليهم بشكل متململ نتيجة لعدم تنفيذ اتفاق السويد".
 


التصعيد البريطاني.. إلى أين؟

ويختلف كل من خشافة وشيبان في التوصل إلى النتيجة المتوقعة من تصريحات وزير الخارجية هنت، التي طالبت الحوثيين بالانسحاب من الحديدة، وتحذيره من انهيار الاتفاق.
 
ففي حين لا يرى خشافة أن هذا التطور والتصعيد البريطاني، سيؤدي إلى تحقيق شيئا ملموسا على الأرض، قائلا: "لكن في الأخير، يبدو أن بريطانيا لن تحقق نجاحاً في الاتفاق نتيجة للضبابية في تفاصيل الاتفاق نفسه"، مستدركا "وإذا أخفقت، فإنها ستعيد الملف اليمني إلى مجلس الأمن ومكانه الطبيعي منذ اندلاع الحرب".
 
يعتقد شيبان أن ذلك "يعني أن العمليات العسكرية ستتصاعد، وسيعود الجانب البريطاني ليوضح للرأي العام الداخلي، أنه تدخل بشكل إيجابي لكن الحوثيون رفضوا مبادرات السلام".
 
وبمجرد وصول وزير الخارجية البريطاني إلى عدن الأحد الماضي شهدت أحياء محافظة الحديدة الشرقية والجنوبية استئنافا للقتال بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.  
 
وأتهم مسؤول حكومي يمني، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، الأحد، "المسلحين الحوثي بخرق الهدنة وقصف مواقع للقوات الحكومية في عدة أحياء، بينها 7 يوليو ومنظر، وقرب مدينة الصالح".
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر