الحوثيون في مهمة «منع الإختلاط» بصنعاء برجعية وتطرف ومبرر المؤامرة على الأخلاق (تقرير خاص)

[ حوثيون يهتفون بشعارات خلال تجمع في صنعاء في 10 سبتمبر 2018 (تصوير: محمد حويس / أ ف ب) ]

تفاجئت الطالبة "سمر محسن" (20عام) -والتي تدرس في جامعة صنعاء- بمجموعة فتيات يرتدين النقاب يتحدثن إليها بلهجة غليظة ويطلقن تحذيرات بشكل حاد من استمراراها بالتحدث إلى زملائها والاختلاط بهم في الكلية وساحات الجامعة، بالإضافة إلى سلسلة محاذير أخرى يجب أن تتجنبها. غير أنها هذا السلوك اعتادت عليه في الجامعة منذ دخولها. 
 
وعلى طريقة "داعش" بدا الحوثيون في العاصمة صنعاء منذ أسابيع حملة واسعة لضبط أخلاق المجتمع من الانحلال على حد توجههم من خلال ما أسموه "منع الاختلاط" بين الرجال والنساء في الأسواق العامة والجامعات والمطاعم والمقاهي، في محاولة لمصادر حرية الناس ضمن مسلسل جديد للانتهاكات التي تمارسها الجماعة في مناطق سيطرتها.
 
ونفذ الحوثيون حملة تحذيرية وتوعوية في جامعة صنعاء، عبارة لوحات مطبوعة تم لصقها بجوار مقاعد الاستراحة والبوفيهات وأماكن تجمع الطلاب والطالبات سموه بالإعلان الهام كتبوا بالخط العريض "نرجو من الطلاب والطالبات منع الاختلاط" وبرروا ذلك بالقول "إنه استهداف لمنظومة القيم والأخلاق والعادات والتقاليد والدين التي يتمتع بها مجتمعتا اليمني" على حد تعبير الإعلان الحوثي المنتشر في الجامعة بكثافة.
 
البدء من الجامعة

ويحاول الحوثيون منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014 أن يفرضون سطوة على مزاج الطلاب في الجامعة ومحاولة فرض سلوك معين على ممارستهم داخل الجامعة، بالإضافة إلى استقطاب الطلاب إلى صفوفهم ليكون ضمن اللجان الطلابية التي تتبعهم والتي تنتشر باسم "ملتقى الطالب الجامعي" وحلت بدلاً من اتحاد طلاب اليمن واستولت على مقره واتخذت منه مقراً لها.
 
وقالت "سمر محسن" ان الحوثيون في جامعة صنعاء يضيقون على حرية الطلاب والطالبات بمنظور ديني ضيق لم نكن نسمع بها من قبل إلى من الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش أثناء سيطرتهم على مناطق في سوريا والعراق، والحوثيون أصبحوا يمارسون نفس السلوك في التدخل في خصوصيات الناس وطريقة حياتهم.
 
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" أن التحذيرات التي تلقتها من نساء يتبعن الحوثيين كانت مفاجئة وتتعلق بلبسها وطريقة كلامها وحجابها الذي اطلقن عليه انه "غير شرعي" وكانت التحذيرات مبطنة بالتهديد بقولهن بشكل صريح "هذا تنبيه لن نكرره" وعقب ذلك بأيام شاهدنا الإعلانات بمنع الاختلاط تملأ الجامعة.
 
وعمل الحوثيون في جامعة صنعاء على تشكيل فرق من الطلاب والطالبات من المواليين لهم ومهمتهم رصد المعارضين للانقلاب والناشطين في الجامعة، ويتم مراقبتهم واختطافهم كما حدث في سبتمبر من العام الماضي مع الطالبات المتظاهرات بما سمى حينها "ثورة الجياع" حيث تعرضن للضرب والاعتقال والمطاردة إلى مساكنهن من قبل ما يطلق عليهن الزينبيات (نساء حوثيات مدربات على السلاح) حيث مارسن كل الانتهاكات بحق الطالبات في الجامعة.
 
المطاعم والأسواق
 
لم تقتصر حملة الحوثيين على جامعة صنعاء فقط بل انتشرت إلى الأسواق والمطاعم والمقاهي ومنذ سيطرة الحوثيين مارسوا عدة انتهاكات بحق المواطنين وعملوا على اغلاق مطاعم وكافيهات بتهم الاختلاط وآخرها الأسبوع الماضي حيث عملوا على اغلاق "المطعم التركي" في شارع حدة، بعد خلاف ومشادات بين فتيات زبائن في المطعم مع قيادي حوثي يعمل مسؤول في أمانة العاصمة يدعى "على السقاف".
 
ووفق ما أورد شهود عيان "فإن القيادي الحوثي وصل مع مرافقيه إلى المطعم لتناول الغداء وفجأة ودون سابق انذار اقتحم قسم العوائل وفتح الستائر على فتيات وقام بتصويرهن في هاتفة، قبل ان يدخل في مشادات مع حراسة المطعم وأهالي البنات الذي جاء أهاليهن إلى المطعم".
 
وكان القيادي الحوثي يريد من خلال التصوير إثبات الاختلاط الذي يحدث في المطعم بين الرجال والنساء، حيث اتهم إدارة المطعم أنها تعمل ضمن "الحرب الناعمة لإفساد المجتمع من خلال وجود عاملات نساء في المطعم مزينات يستقبلن الزبائن الذين هم ليسوا عوائل ولا محارم إنما أصدقاء وعشاق" على حد اتهامات المسؤول الحوثي الذي عمل لا حقاً وبعدين يومين من المشادة في المطعم على إغلاقه وكتب بوابته بالخط الأحمر "مغلق من قبل مكتب السياحة".
 
وتعد تلك الممارسات ضمن نهج الحوثيين الذين يسعون على إجبار المجتمع في العاصمة صنعاء على تقاليد وسلوكيات تتجاوز حريتهم الشخصية وتنتهك كل مناحي الحياة دون أي اكتراث لعواقب تلك التصرفات المغلقة، وهو مسار متطرف تعمل على إرسائه الجماعات الدينية المتطرفة التي تحاول ان تجبر الناس على لون واحد من الحياة وقوانين ضيقة تنتهك حرية الفرد والمجتمع بسطوة السلاح والسلطة التي حصلوا عليها بالانقلاب المسلح.
 
ممارسات حوثية ممنهجة

وتعد ممارسات ميلشيات الحوثي الانقلابية في انتهاك الحريات الخاصة والعامة للمواطنين في مناطق سيطرتها ضمن منهجيتها في التضييق على المواطنين والتدخل بكل شؤون حياتهم، وسبق أن عمل الحوثيون خلال السنوات الماضية على منع الأغاني في الاعراس واقتحام وإغلاق كافيهات بسبب الاختلاط في صنعاء ومحافظات أخرى.
 
‏وقالت الباحثة السياسية ميساء شجاع الدين "إن مشكلة الحوثي إنه يمنع الاختلاط في المطاعم والمقاهي، مشكلته إنه يعتقل الناس دون مبرر أو يعذبهم حتى الموت، مشكلة الحوثي بعض عناصره الفاسدة. هذا كلام لا معنى له، هذه مجرد نتائج للحوثي فكرا متطرفا وتركيبة مغلقة" وأضافت في منشور بصفحتها على فيسبوك "لا يمكن للحوثي أن يكون منفتح اجتماعيا أو ديمقراطيا أو نزيه وشفاف ماليا وسياسيا".
?
وسبق أن حرض زعيم ميلشيات الحوثي عبد الملك الحوثي على المقاهي ومعاهد اللغات في خطاب له أواخر شهر مارس/آذار2017 حيث تحدث عما أسماه "الغزو الفكري" الذي يهدف ضرب هذا الشعب في أخلاقه وعفته وشرفه وطهارته" مضيفاً "أن هناك حرب كبيرة ومنظمة وتشتغل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي المناطق والمدن عبر شبكات للإفساد المنظم" على حد تعبيره.
 
واتهم زعيم الحوثيين المعاهد التي تدّرس اللغات الأجنبية، بأنها تعمل على إفساد الشباب ولمح إلى إغلاقها بحجة منع الاختلاط وقال "إن هذه المعاهد يبقى نشاطها في تعليم اللغات نشاط ثانوي داخل هذه المعاهد يبدؤون ببرامج تساعد على الاختلاط الفوضوي وتعزيز الروابط خارج إطار الضوابط الشرعية".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر