رواتب زهيدة وساعات عمل طويلة.. كيف تستغل الشركات حاجة الناس للعمل في الحرب؟ (تقرير خاص)

[ رجل يمشي مع ابنته بجوار مصنع نسيج في صنعاء ]

تستغل كثير من الشركات والمؤسسات الخاصة الأوضاع المعيشية السيئة للمواطنين بسبب الحرب للعمل لديها برواتب زهيدة جداً ولساعات طويلة، دون مراعاة ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشية الباهظة التي يعيشها الناس.
 
كثير من النساء والرجال أجبرتهم الحياة للقبول بأعمال شاقة ولساعات طويلة مقابل عائد مادي قليل لم يكونوا يتقاضوه من قبل الحرب ولم يتخيلوا أنفسهم أنهم سيعملون بجهد مضاعف ومرهق، لكن الأوضاع تجعل الكثير يستحملون كل الجهد من اجل توفير الجزء اليسير من المعيشية.
 
وبين سندان الأوضاع المعيشة السيئة ومطرقة استغلال التجار وأصحاب الأعمال والشركات الكبيرة، يقف المواطنين اليمنيين عاجزين عن مواجهة متطلبات الحياة الباهظة ومجبرين على قوانين الظلم والاستغلال من قبل أرباب الأعمال، في ظل غياب كلي للدولة للاهتمام بحقوق العاملين في القطاع الخاص.
 
وضع إجباري
 
"سلمى عبد القوي" (40 عام) تعمل في شركة للمواد الغذائية في العاصمة صنعاء بدوام 12 ساعة متواصلة تبدأ من الساعة 6 صباحاً وتنتهي الساعة 6 مساء وبراتب شهري 40 ألف ريال يمني أي ما يعادل (57 دولار أمريكي) وهو ما لا يكفي للمعيشة ومتطلباتها الكثيرة وباهظة الثمن.
 
قالت سلمى في حديث لـ "يمن شباب نت" أن الساعات التي تقضيها في العمل طويلة وشاقة والراتب لا يكفي بشكل كامل، لكنه أفضل من اللاشيئ فمن خلال هذا العمل استطعت توفير الأشياء الأساسية لأولادي الثلاثة".
 
وأجبر انقطاع الرواتب لموظفي الدولة غالبية الموظفين للعمل بالقطاع الخاص ولو برواتب زهيدة يستطيعون من خلال توفير احتياجات أسرهم الأساسية من المأكل والمشرب، وقالت سلمى "أن زوجتها متوفي منذ خمس سنوات وكان موظفاَ في أحد المؤسسات الحكومية، وكان راتبه هو مصدرنا الوحيد للمعيشية وبعد انقطاعه تدهورت حياتنا إلى حين حصلت على العمل".
 
ويعد العمل للكثير من النساء فكرة إجبارية لم تكن لتحدث من قبل الحرب الجارية في البلاد حيث يعد صعب ومحرم في سياق الأسرة والمجتمع، لكن الأوضاع المعيشية جعلت الكثير من النساء تعمل إجبارياً لتوفير احتياجات أسرهن وبرواتب تصل أحيانا إلى 20 ألف ريال يمني.
 
استغلال وضع الناس

ويستغل الكثير من مالكي الشركات والمؤسسات الخاصة الظروف السيئة التي يمر بها الناس وحاجتهم للعمل، بعرض أجور زهيدة مقابل الأعمال الشاغرة لديهم، وهو ما يضطر له الكثير من الناس للموافقة على العمل رغم معرفتهم المسبقة أن المقابل المادي أقل بكثير من جهدهم عملهم الوظيفي.
 
وتتكدس ملفات طلبات الوظائف للمؤهلين في إدارة الشركات، بالإضافة إلى المئات من المواطنين الباحثين عن اعمال صغيرة يستطيعون ممارستها حيث يتسابقون للحصول عليها لحاجتهم الماسة للعمل بسبب تدهور الحياة المعيشية لليمنين خلال أربع سنوات من الحرب.
 
وقال هشام عبد العزيز وهو موظف في الموارد البشرية في مول تجاري "ان العشرات من الشباب والنساء يتقدمون للبحث عن العمل بشكل يومي ويضعون ملفاتهم وأرقام هواتفهم للتواصل معهم في حالة توفرت فرصة بأي مقابل مادي ولا أحد يطلب زيادة خوفاً من فقدانه العمل".
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" أن مالكي المتاجر الكبيرة والمولات والشركات لا يزالون محددين رواتب العمال في الوظائف الدنيا العادية على ما كانت عليه قبل 10 سنوات دون زيادة رغم تحول الأوضاع بشكل كلي وحاجة الناس للعمل والاقبال الكبير جعلهم يستغلون الناس أكثر بعائد مادي زهيد.
 
الوضع مخيف

يشكو الكثير من موظفي الشركات التجارية الخاصة من رواتبهم الزهيدة وعدم وجود زيادات مقابل هبوط الريال اليمني وارتفاع الأسعار، ورغم ان تلك الشركات لا تخسر أثناء هبوط الريال لأنها تستطيع التعويض في إجراء مماثل في رفع أسعار الخدمات، لكن ذلك لا ينعكس على حال الموظفين الذين يعملون بأجور لا تؤمن حياتهم.
 
وتقول "أم أيوب" ان الوضع السيئ بسبب الحرب وانعدام فرص العمل يجعلنا نتمسك بأعمالنا رغم أن رواتبنا أقل بكثير من الجهد الذي نقوم به خلال ساعات طويلة من النهار، لكننا مجبرين على الاستمرار للحصول على الحد البسيط من المعيشة.
 
وتعمل "أم أيوب" عشر ساعات يومياً في إحدى المستشفيات الخاصة مقابل راتب 50 ألف ريال يمني ما يعادل (72 دولار أمريكي) ورغم الأرباح الهائلة التي يجنيها المستشفى نظير الخدمات التي يقدمها للمرضى الذين يزدحمون فيه.
 
وقالت لـ "يمن شباب نت" أن الوضع سيئ جدا وفقدان العمل كابوس سيئ لا تريد أن تعيشه رغم أن عائداته قليلة لكنها أفضل بكثير من العيش بدون عمل ومال يؤمن حتى المتطلبات الأساسية.
 
وضع معيشي سيئ

وفقد الريال اليمني 44% من قيمته خلال شهر واحد فقط مما تسبب في تصاعد كبير في أسعار السلع الأساسية في اليمن والتي ارتفعت بمتوسط بلغ 30 في المئة، بحسب تقرير مركز الإعلام الاقتصادي الذي صدر في 20 أكتوبر/ تشرين اول الفائت.
 
ووفقا للتقرير "فإن الموظف اليمني فقد ثلث القيمة الحقيقية لمرتبه الشهري خلال شهر واحد وأكثر من ثلثي المرتب مقارنة ببداية اندلاع الحرب في اليمن مطلع 2015م"، في العام 2016 كشف المركز أن مليون و500 عاملاً يمنياً فقدوا أعمالهم فيما توقفت 800 شركة خاصة بالمقاولات.
 
وللعام الثاني على التوالي انقطعت رواتب موظفي الدولة في المحافظات التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي، مما تسبب بأزمة إنسانية كبيرة، ووفقا لتقارير أممية فإن 14 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر