ما وراء التصعيد العسكري بعد التصعيد الدولي لإنهاء الحرب في اليمن (تقرير خاص)

[ القوات الحكومية اليمنية بمساعدة التحالف العربي تستأنف معركة تحرير محافظة الحديدة بالتزامن مع دعوات دولية مكثفة لإيقاف الحرب واستئناف العملية السياسية/ صورة ارشيفية من الحديدة ]

بالتزامن مع الدعوات الدولية لاستئناف العملية السياسية وإنهاء الحرب اليمنية، شهدت عدد من الجبهات القتالية تصعيداً عسكرياً بين قوات الجيش الوطني وجماعة الحوثي التي انقلبت منذ أربع سنوات على السلطة الشرعية المعترف بها دوليا.
 
ودعا وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، الأسبوع الفائت، إلى خفض التصعيد العسكري في اليمن، وكافة أطراف الصراع إلى استئناف العملية السياسية خلال الشهر الجاري (نوفمبر/ تشرين الثاني). وهي الدعوة التي ايدتها عدد من الدول الأوروبية والغربية.
 
وأعلنت قوات الجيش الوطني، يوم الجمعة الفائت، استئناف العمليات العسكرية في الساحل الغربي بمحافظة الحديدة، ومثلها بمحافظة البيضاء- وسط البلاد. وبالتزامن، اشتدت وتيرة المواجهات المسلحة في محافظات: صعدة (شمالاً)، وحجة (شمال غرب)، والجوف (شرقا). حيث أعلن الجيش تحقيقه انتصارات كبيرة في جميعها خلال الأيام الثلاثة الماضية.
 
ترحيب وتصعيد

وفيما أعلن جانب الحكومة اليمنية الشرعية ترحيبه بتلك الدعوات الدولية لخفض التصعيد وعقد جولة جديدة من المشاورات لكن وفقا للمرجعيات الثلاث الرئيسية (المبادرة الخليجية، مخرجات الحوار الوطني، قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة)، فقد قللت مليشيات الحوثي من جدوى الدعوة الأمريكية، وأعتبرتها نوع من "المزايدة من أجل الدخول في مرحلة جديدة من الحرب".
 
وبرغم ذلك، رحب الناطق باسم مليشيات الحوثي الانقلابية "محمد عبد السلام"، في تصريحات صحفية السبت الماضي، بالجهود الدولية والأممية لحل الأزمة. لكنه نفى أن تكون جماعته قد تلقت أي اتصال أو دعوة من الأمم المتحدة لإجراء مشاورات جديدة.
 
وجاء ذلك، على ما يبدو، كرد غير مباشر على تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن "مارتن غريفيث"، أطلقها عقب الدعوات الأمريكية الأخيرة، وأكد فيها أنه يعمل على ترتيب استئناف العملية السياسية نهاية الشهر الجاري.  
 
وفي ضوء الانتصارات التي حققها الجيش الوطني في كل من الحديدة وصعدة على وجه الخصوص، جدد الرئيس عبدربه منصور هادي، عزمه رفع علم اليمن في مران بمحافظة صعدة، معقل زعيم مليشيات الحوثي الانقلابية.
 
وقال هادي، في تغريدة له على صفحته في تويتر، يوم السبت: "قريباً سُيرفع علم الجمهورية في قمم جبال مران"، متوعدا في الوقت ذاته بتحرير العاصمة صنعاء. وقال "إن هذه العمليات العسكرية النوعية ستتواصل حتى تحرير العاصمة صنعاء، وتحقيق حلم أبناء الشعب اليمني في الدولة المدنية الاتحادية الحديثة".
 
تزامنت هذه التصريحات مع وصول نائب الرئيس الفريق الركن علي محسن صالح، في اليوم ذاته، إلى محافظة مأرب وأجتمع، مع رئيس هيئة الأركان العامة، بعدد من رؤساء الهيئات ومدراء الدوائر بوزارة الدفاع وقادة المناطق العسكرية للاطلاع على المستجدات ومناقشة سير العمليات العسكرية الجارية.
 
استثمار المهلة
 
ويرى مراقبون أن التصعيد العسكري في هذا التوقيت، عقب دعوات إيقاف الحرب تمهيدا لاستئناف جولة مشاورات جديدة، يهدف إلى محاولة الطرفين السيطرة على مواقع ومناطق استراتيجية تمكنهم من نقاط القوة خلال المفاوضات المزمعة.
 
ويعتقد المحلل السياسي، ياسين التميمي، أن هذا التصعيد العسكري يعبر عن جدية الضغط الذي تمارسه الإدارة الأمريكية باتجاه إنهاء الحرب. وأن التحالف ربما يريد أن يستثمر مهلة الشهر لتحقيق اختراق ميداني يسمح بإعادة توجيه المشاورات المقترحة.
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": وبالنسبة للحوثيين، فإن أي عملية سلام بدون تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية للجيش الوطني والتحالف على الأرض، قد تساعدهم على فرض شروطهم بما يسمح بترسيخ وجودهم في اليمن بنفس التأثير الذي يمارسه حزب الله في لبنان.
 
وحول فرص نجاح وقف إطلاق النار والذهاب إلى المشاورات يرى، التميمي، أن "الأمر يتوقف على جدية المجتمع الدولي في الضغط على الأطراف من اجل وقف كامل لإطلاق النار"، معتبراً ذلك أنه الأمل الذي يتعين أن يوفره المجتمع الدولي لليمنيين ليحفزهم على الانخراط في العملية السياسية بذهنية منفتحة وبرغبة حقيقية في سلام حقيقي وعادل.
 
ابتزاز وضجيج دولي
 
أما المحلل السياسي اليمني، عبدالهادي العزعزي، فيرى- من جهته- أن التصعيد العسكري في هذا التوقيت بمثابة رد عملي على الابتزاز والضجيج الدولي الذى ظل يعمل على ابتزاز وافشال تحركات الشرعية اليمنية والتحالف العربي بشكل دائم.
 
وعليه، يضيف في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن "الشرعية والتحالف يعملون تحت ضغط كسر المعادلة على الأرض، استعداد للتعاطي مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من منطق من يمتلك المبادرة والقوة، شريطة استمرار هذا العمل بقوة وعلى نفس الوتيرة دون توقف".
 
ويتهم العزعزي، واشنطن بالتغطية على جرائم الحوثي وانتهاكاته ومده بالبقاء عبر منظمات الامم المتحدة، التي تعد قوة الضغط المحلية على دول الخليج.
 
وعلى هذا النحو، فهو يرى أن التصعيد العسكري له تأثير وانعكاسات على الدعوات الدولية لإنهاء الحرب. من حيث أنه "سينقل المبادرة الى يد التحالف بدلاً من الامريكان أنفسهم"، والذين- بحسب وصفه "هم من يتحكم بالمعلومات اللوجستية أولاً، وهم من يحافظ على بقاء الحوثي وتماسكه، باعتباره أحد أدواتهم". كما يقول.
 
ويتوقع، العزعزي، أن استئناف المشاورات السياسية لن تكون قبل أقل من شهر ونصف، بل ربما تكون خلال شهرين. مع تأكيده على أن الدعوات الدولية ذاتها لا تريد الحل للأسباب الحقيقية "والمتمثلة أساسا بانقلاب الحوثي على الشرعية".

وكانت تقارير دولية أشارت إلى أن الدعوة الأمريكية لإنهاء الحرب في اليمن، جاءت للهروب من الضغوطات المتزايدة على إدارة ترمب فيما يتعلق بقضية مقتل الصحفي السعودي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي، قبل أكثر من شهر في القنصلية السعودية بأسطنبول- تركيا. بالتزامن مع استعدادات خوض انتخابات التجديد النصفية الأمريكية. 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر