رغم استقرار الريال.. جشع التجار يُصاعد أسعار المواد الغذائية بشكل يومي (تقرير خاص)

"ما عاد نأكل شيء" هكذا صرخ مواطن وقد اغرورقت عيناه بالدمع أمام أحد التجار مستنكراً رفعه سعر علبة الزبادي أكثر من غيره من البائعين في نفس المنطقة، في فيديو تداول على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، ليعبر عن مأساة يعيشها اليمنيين جراء الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية.
 
وتتصاعد الأسعار بشكل يومي في الأسواق في ظل حالة من الفوضى والاستغلال من قبل التجار، ففي الوقت الذي استقر فيه سعر الدولار مقابل العملة الوطنية، غير أن ذلك لم يوقف الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية حيث ترتفع بشكل يومي، في ظل غياب الرقابة بشكل كلي من قبل الحكومة وسلطات الأمر الواقع بصنعاء.
 
وفي ظل هذا الوضع السيئ تتضاعف معاناة اليمنيين ويقفون عاجزين امام الارتفاع الباهظ في الأسعار غير قادرين على تأمين قوت حياتهم اليومي بشكل جيد، وتدخل يومياً أسر وعائلات جديدة إلى مربع الفقر والحاجة إلى مساعدات إنسانية في ظل التدهور المستمر في المعيشية وصعوبة تحمل الحد الأدنى من تكاليفها.
 
وجع خلف جدران المنازل

تعيش مئات الأسر مجاعة محققة خلف جدران المنازل ولا أحد يعرف عنهم شيئاً، كثيراً من أولئك كانت حياتهم جيدة قبل الحرب لكنهم الآن أصبحوا فقراء صامتون ولا يسألون الناس إلحافا، يغالبون الجوع بعفافتهم عن التسول أو إظهار الحاجة للآخرين من حولهم مفضلين الصمت عن اجتراح كرامتهم.

ظهر المواطن (لم تعرف هويته) في الفيديو عاجز ومنهار من الداخل وفيه غُصة كبيرة من ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار بشكل كبير في ذلك حيث ظهر يقول بغضب لبائع في بقالة "اشتريت الزبادي بـ 250 ريال وانت تريد بيعة ب 300 ريال" وخاطبه قائلا "يزودا عليكم 10 ريال وتزودا علينا 50 ريال ما عاد نأكل شي من حقكم الجشع اتقوا الله المواطن وين يجي" وتساقط دموعه على خديه.
 
ويعبر المواطن الباكي عجزاً في صنعاء بسبب ارتفاع الأسعار عن كثير من المواطنين الذين أصبحوا عاجزين أمام حالة انهيار معيشتهم، ومنذ بث ذلك الفيديو تصاعدت الأسعار أكثر مما كان يتحدث به المواطن فلن يجد بعد اليوم حبة الزبادي بـ 250 كما كان يتحدث أمام التاجر بل أصبحت بـ 300 ريال في معظم البقالات ويرتفع في مناطق أخرى على حسب مزاج التجار.
 
تلاعب التجار

بالإمكان لأي شخص ان يكتشف تلاعب التجار في الأسعار ما بين الحين والآخر من خلال السؤال عن أسعار بعض المواد الغذائية في أكثر من سوق تجاري أو بقالة حيث تختلف الفوارق من حي إلى آخر، ولا تتوقف عند سعر معين بل تتصاعد بشكل يومي رغم حالة الاستقرار في سعر الريال اليمني مقابل الدولار.
 
تقول "أم أبرار" أن ما التجار يمارسون الاستغلال بحق المواطنين بسبب عدم وجود رقابة من مؤسسات الدولة والتي تغيب بشكل كلي عن فرض رقابتها على الأسعار في السوق مما جعل المزاج الربحي الأكبر هو من يحدد السعر لدى كل تاجر.
 
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" لم نعد قادرين على تحمل كل هذه الأعباء المعيشية التي تتوالى علينا من كل مكان، فكل يوم نرى الأسعار تتزايد ولا تتوقف عن التصاعد رغم ان الريال اليمني توقف عن الانهيار خلال الأسابيع الماضية.
 
ويواجه المواطنين سلسلة من الصعوبات اليومية والتي تجعلهم غير قادرين على التعامل معها، ففي الوقت الذي يعيش معظم موظفي القطاع العام بلا رواتب وتتفاقم الأزمة الإنسانية يهبط الريال اليمني ومعه ترتفع الأسعار تلقائيا، لكن ذلك الارتفاع لا يقف عند حاجز معين بل يستغله التجار فيحددون أسعار على مزاجهم.
 
الجشع وغياب الرقابة

لا يوجد سلطات تضبط الأسعار في السوق وتفرض رقابة شديدة للحد من الاستغلال الجاري لمعاناة الناس وتهديد معيشتهم اليومية، حيث لا تكترث سلطات الحوثيين في صنعاء للمأساة التي يعيشها المواطنون في منازلهم، وتشاركهم الحكومة الشرعية في المحافظات التي تسيطر عليها نفس السلوك حيث ترتفع الأسعار على حد سواء في معظم المحافظات اليمنية.
 
ويبرر تجار التجزئة ارتفاع الأسعار الغير مبرر من عند المستوردين وتجار الجملة الذين يوزعون عليهم البضائع، وذلك أحد الأسباب التي تفرض على السوق الأسعار الباهظة، غير أن ذلك قد لا يكون السبب الوحيد حيث يمارس تجار التجزئة نفس العملية يرفعون الأسعار بشكل مضاعف لكسب ربح أكبر مما ينبغي، ويكشف ذلك من خلال اختلاف الأسعار في نفس المناطق الأسواق.

ويقول "نصر المسعودي" وهو موزع ألبان في العاصمة صنعاء "أعمل على توزيع الألبان على معظم البقالات في عدد من الأحياء والشوارع بسعر محدد، على أن يباع على المستهلك بسعر واحد لكن هذا لا يحدث دائما للأسف".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" بعض أصحاب البقالات يستغل تواجده الوحيد في حي معين فيرفع ربحه أكثر من اللازم فيظهر الاختلاف في الأسعار من منطقة إلى أخرى بحسب ضمير التجار".
 
المجاعة تتوسع

ووفقا لإحصائيات أممية فإن ملايين اليمنيين على شفا المجاعة، حذر المفوض الأممي للشؤون الإنسانية مارك لووكوك من احتمال ان تضرب مجاعة اليمن وربما تتسبب في "خسائر كبيرة في الأرواح"، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي ارتفعت بنسبة 30%.
 
وقال المتحدّث باسم برنامج الأغذية العالمي هيرفيه فير هوزل في 15 أكتوبر الجاري في مؤتمر صحفي "أن اليمن بات على مشارف أكبر مجاعة في العالم أن 18 مليون يمني لا يعرفون من أين سيؤمنون وجبتهم التالية وأن 8 مليون يمني باتوا على مشارف مجاعة".
 
وحذرت الامم المتحدة من أن اليمن قد يواجه "أسوأ مجاعة في العالم منذ 100 عام" إذا استمر القتال، قالت ليز غراند، منسقة الأمم المتحدة في اليمن "إن ما يصل إلى 13 مليون مدني قد يموتون من الجوع إذا لم يوقف القتال".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر