بين تصعيد "الانتقالي" وخيارات "الشرعية".. هل تنزلق "عدن" إلى مواجهة عسكرية؟

[ صورة لتحركات عسكرية ونشر قوات وآليات عسكرية في عدن على إثر التصعيد الأخير للمجلس الإنتقالي (مواقع التواصل الاجتماعي) ]

 تمضي العاصمة المؤقتة عدن بخطى متسارعة نحو مزيد من الفوضى. على إثر التصعيد الذي دعا إليه ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، مسنودا بتصريحات شديدة اللهجة على لسان عدد من قياداته، وتحركات ميدانية لقوات عسكرية موالية له مع نشر عدد من الآليات العسكرية في أماكن استراتيجية.
 
واستاءت العلاقة أكثر؛ بين قيادة المجلس الانتقالي- المدعوم من الإمارات والداعي إلى الانفصال؛ وبين الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، عقب ما عُرف حينها بالمحاولة الانقلابية التي نفذها المجلس والقوات العسكرية التابعة والداعمة له. حيث نشبت اشتباكات مسلحة بين الجانبين، راح ضحيتها عدد من الجنود والمدنيين، قبل ان تنتهي بوساطة سعودية. لكن التوتر ظل قائما ولم ينتهِ.  
 
 ومؤخرا، صَعّدَ "المجلس الانتقالي"، من تصريحاته وتحركاته الداعية إلى الانقلاب على الحكومة الشرعية. فقد تحدث عن "انتفاضة شعبية"، ودعا القوات الجنوبية إلى الاستنفار والجاهزية استعدادا لمواجهة من وصفهم بـ"مثيري العبث والفساد". في إشارة إلى الحكومة، التي دعا أيضا إلى طرد مسئوليها، واصفا إياهم بـ"الفاسدين". وفقاً لبيان صادر عنه.
 
استغلال الغضب الشعبي
 


واستغل المجلس الانتقالي تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، حيث وصل فيها انهيار العملية المحلية مستويات غير مسبوقة، تجاوز فيها سعر الدولار الواحد حاجز الـ700 ريال، حتى وصل إلى 800 ريال. ما أثار غضب الشارع اليمني في معظم المحافظات. وشبه البعض التصعيد الحاصل بعدن، بما جرى أثناء إسقاط مليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء. ما حدى بالحكومة إلى التأكيد على أنه مفتعل ويهدف إلى إضعافها.
 
ورد رئيس الوزراء بن دغر على ذلك التصعيد بتوجيه الاتهام إلى ثلاثة أطراف هي الحوثي والانفصاليين والإرهابيين. وقال، في اجتماعه مع مجلس الوزراء في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، "إن الأسباب التي أدت لانهيار الريال، هي انقلاب الحوثي، وأسباب سياسية مستجدة على المشهد اليمني، تناغم فيها الحوثيون والانفصاليون والارهابيون، ومن يقف خلفهم".
 
وأضاف: "لكن موقفنا من الدفاع عن مصالح شعبنا العليا لن يتزحزح قيد أنملة، سنحافظ على يمن موحد، يمن اتحادي، يمن جديد.. مشروع الرئيس عبدربه منصور هادي، والقوى الوطنية والغالبية الساحقة من أبناء اليمن، وسندافع عن نظام سبتمبر المجيدة وأكتوبر العظيمة".
 
الإمارات وراء الأكمة
 

كما أن تصعيد المجلس الانتقالي بعدن، جاء، أيضا، عقب أيام من لقاء المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، "مارتن غريفيث" بقيادات المجلس، وإبلاغهم- كما قيل- باستثنائهم من المشاورات السياسية كطرف رئيسي. ما جعل مراقبون يتوقعون أن التصعيد الأخير للانتقالي جاء في سياق الضغط، ولفرض أنفسهم كطرف قوي في أي مشاورات قادمة.
 
وهو ما يذهب إليه الصحفي والمحلل السياسي فؤاد مسعد- من أبناء عدن. وقال، في رده على سؤال "يمن شباب نت"، حول ما إذا كان تحرك الانتقالي بالجنوب يأتي في إطار مساعي الانفصال: "إنها على الأغلب، في الوقت الحالي على الأقل، ضغوطا تمارس على الحكومة، تستفيد منها الإمارات، سواء في الموانئ والمطارات وبقاء التشكيلات العسكرية التابعة لها، إضافة إلى سقطرى والجزر المهمة الأخرى".
 
وتقوم الإمارات بتوسيع رقعة نفوذها في المحافظات الجنوبية. واتجهت مؤخرا إلى شرق البلاد وأحكمت سيطرتها على عدد من الموانئ اليمنية، تتقاسمه معها المملكة العربية السعودية في محافظات شرقية أخرى، أبرزها المهرة وشبوة وحضرموت وجزيرة سقطرى.
 
وكان وزير النقل صالح الجبواني، أكد في وقت سابق أن تصعيد المجلس الانتقالي ضد الحكومة، "جاء تلبية لرغبة الراعي الممول". في إِشارة إلى الإمارات. وأضاف: لكن الشعب سيدافع عن الحكومة كونها آخر قلاع اليمن، وسيدافع عنها كرمز لسيادته ومشروعه الاتحادي.
 
غير أن استمرار زخم التصعيد، على ذلك النحو المريب، مع تحركات عسكرية ميدانية، جعل مراقبون يتوقعون انفجار الأوضاع بشكل عنيف، وتكرار أحداث يناير/كانون الثاني الماضي، التي اندلعت خلالها معارك عسكرية بين الجيش الوطني والقوات الخارجة عن إطاره التي شكلتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
وسيطرت، مؤخرا، قوة من الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي والممول إماراتيا، على معسكر الدفاع الجوي بمديرية المنصورة، الذي كان خاويا نتيجة لتعرضه للنهب في وقت سابق.
 
وثمة استعدادات للمواجهة، تظهر بين الحين والأخر وبشكل متصاعد، من خلال تصريحات معلنة وخطوات غير معلنة، بينها استحداث قوة تابعة للمجلس الانتقالي، موقعا عسكريا في أحد المرتفعات المقابلة لمنطقة معاشيق، التي يبدو أنها الهدف الأبرز لهم. كما أكد فؤاد مسعد لـ"يمن شباب نت". 
 
وعن استعدادات القوات الحكومية سواء في ألوية الحماية أو غيرها، قال مسعد إنها لم تكشف عن أي خطوة مقابلة إزاء تصعيد الانتقالي، لكن المرجح إنها تعد نفسها للمواجهة، ما يعني أن المدينة ربما تشهد موجة صدام قد تكون أكثر عنفا من مواجهات يناير/كانون الثاني الماضي.
 
 غير أن الباحث في الشئون الاستراتيجي والمحلل العسكري "علي الذهب"، يرى أن قيام القوات الموالية للرئيس هادي بأي عمل عسكري، "لن يحسم الأمر لمصلحتها".
 
وعلل ذلك، في حديثه لـ"يمن شباب نت"، إلى أن تلك القوات الشرعية واقعة تحت حصار بري، وجوي، وبحري، غير معلن من قبل التحالف والقوات التي أنشأها تحت مسميات كثيرة، خاصة القوات التي تخضع للقيادة العسكرية الإماراتية بعدن.
 
وهو يعتقد، أيضا، أن "المرونة الزائدة عن حدها، التي يتبعها الرئيس هادي، أفقدته وستفقده الكثير، وقد تصل إلى فقدان السلطة، ولكن ليس الآن".
 
خيارات الشرعية والقوى المؤيدة

 

وبالنظر إلى الفرص التي أمام الرئيس هادي للخروج إلى مربع الفاعلية، ذكر "الذهب" أن بإمكانه تكوين تحالفات مع قوى الحراك المناوئة للمجلس الانتقالي، للتخفيف من الضغط الواقع عليه، وإعادة ترتيب قواته على نحو يجعلها مهيأة للمقاومة أكثر ما يمكن، فيما لو تعرضت لاستهداف جوي تحت أي مبرر، وذلك على نحو سوابق معروفة وقعت في عدن طوال الفترة الماضية.
 
ومن المعروف أن هناك بالعاصمة المؤقتة عدن من يؤيد الوحدة والشرعية. كما أن هناك مجلس الحراك الثوري الذي يعد من أبرز فصائل الحراك الجنوبي المناهضة للدور الإماراتي الذي تقوم به والقوى التي تدعمها. إضافة إلى فصائل حراكية وقوى سياسية في الجنوب، ترفض تصرفات وتحركات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، واستلاب قراره من قبل الإماراتيين.
 
وفي هذا السياق، حذر الائتلاف الوطني الجنوبي، في بيان له يوم الأحد الماضي، من محاولات بعض ما أسماها "القوى المأزومة" في الجنوب، من استغلال الأزمة الاقتصادية، والحالة الإنسانية الصعبة للناس، لتنفيذ أجندة سياسية هدفها تحويل مسار المعركة الرئيسية من مربع الصراع بين الشرعية والانقلاب إلى مربعات صراع جنوبية داخلية جديدة.
 
واستنكر الائتلاف، المكون من 12 فصيلا جنوبيا وقوة سياسية، الزج باسم المقاومة الجنوبية في حلبة الخلاف السياسي. ودعا كافة القطاعات العسكرية والأمنية في جميع محافظات الجنوب إلى احترام شرف المهنة العسكرية والاصطفاف تحت إمرة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعدم الالتفات إلى أصوات الفتنة التي تحاول تحويل المؤسسة العسكرية إلى مليشيات حزبية ومناطقية.
 
من جهتها، أيضا، توعدت وزارة الداخلية اليمنية بمواجهة الانفصاليين، معلنة عن رفضها البيان الصادر عنهم الذي وصفته بـ"غير المسؤول، والداعي إلى الفتنة والفوضى تحت غطاء شعبي وسلمي وهمي".
 
وشددت على أن أجهزتها الأمنية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي أعمال فوضى وتخريب، تحت أي غطاء، او مبرر. كما دعت دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات إلى تحمل المسؤولية القانونية، عن تأمين وسلامة الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن، وعموم المحافظات المحرر?.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر